إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جمعية القانون الدستوري ترصد نقائص المرسوم الانتخابي الجديد ومزاياه

 

 

تونس-الصباح

لتسليط الأضواء على المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرّخ في 15 سبتمبر 2022 المتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرّخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، وما تضمنه هذا النص الجديد من إيجابيات وسلبيات، عقدت الجمعية التونسية للقانون الدستوري أمس بالعاصمة ندوة علمية شارك فيها جامعيون وخبراء في القانون وممثلون عن الهيئات المعنية بالانتخابات وقياديون في المنظمات والجمعيات المختصة في ملاحظة المسارات الانتخابية. ومن بين المحاور التي تم التطرق إليها خلال هذا اللقاء، الإشكالات المرتبطة بشروط الترشح للانتخابات التشريعية والإشكاليات المتعلقة بطريقة الاقتراع..

رئيسة الجمعية سلوى الحمروني الأستاذة بكلية العلوم السياسية والقانونية والاجتماعية قالت إن المرسوم الانتخابي جاء بعد عدة مراسيم أخرى تم من خلالها التدخل في العملية الانتخابية، وللأسف الشديد تم اتخاذ كل هذه النصوص وغيرها خارج الأطر التشاركية. وفضلا عن غياب التشاركية في إعداد المرسوم الانتخابي الجديد، أشارت الحمروني إلى مخالفته للمعايير الدولية التي تقتضي عدم المساس بتقسيم الدوائر قبل سنة من تاريخ الانتخابات.

وخلافا لما ذهبت إليه رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري أكد ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن إجراءات إعداد المرسوم الانتخابي كانت سليمة حيث قامت رئاسة الجمهورية بالاستشارة المسبقة للهيئة وأرسلت لها مشروع المرسوم لتبدي فيه الرأي وفق ما يقتضيه القانون، وتولت الهيئة تقديم ملاحظاتها بشأنه وكان انطباعها ايجابيا لأن الهيئة حسب قولة لا تنظر في الاختيارات السياسية الكبرى مثل نظام الاقتراع وإنما في الجوانب التقنية، وذكر أن الخيار السياسي غير نظام الاقتراع حيث أصبح الاقتراع بمقتضى المرسوم الجديد يتم على الأفراد في دورتين. وأضاف أن الهيئة أبدت رأيها في الصعوبات التي يمكن أن تعترضها في حال يكون الاقتراع على الأفراد في دوريتن وقد أخذت النسخة النهائية للمرسوم مقترحات الهيئة بعين الاعتبار لكن تمت إضافة أشياء أخرى لم تحبذ الهيئة تغييرها وهي الترفيع في عدد المزكين من 200 إلى 400.

وذكر الجديدي أن الهيئة ستتفاعل مع المرسوم كما صدر في الرائد الرسمي وبموجب قانونها الأساسي فالهيئة لها سلطة ترتيبية وبالتالي ستتخذ القرارات الترتيبية لتنزيل المرسوم على أرض الواقع ولتفسير بعض الجوانب ولتذليل الصعوبات والعقبات. وذكر أن المجهود الذي يجب على الهيئة بذله سيكون كبير جدا لأن نظام الاقتراع تغيير ولأن تجربة الاقتراع على الأفراد تجربة جديدة.

شروط غريبة

لدى حديثه عن شروط الترشح للانتخابات التشريعية كما جاء بها المرسوم الانتخابي الجديد، أشار الأستاذ في القانون عبد الرزاق المختار إلى وجود تطوير وتعسير وتفتيت وذكر أن هناك مسائل غريبة نسبيا في المرسوم من قبيل التنصيص على شرط التمتع بالجنسية التونسية وعدم الجمع بين الجنسية التونسية وجنسية أخرى وهو من بين النقاط السلبية في النص القانوني لأنه لا يمكن الالتزام بهذا الشرط في مجتمع متحرك كما أن الشرط المذكور لا يلاءم مع المقاصد التي جاء بها الدستور. وأضاف المختار أن نظام الترشح اتجه نحو التعسير لأن شرط التكزيات سيغرق الهيئة ويثقل كاهلها فكل مترشح مطالب بتقديم 400 تزكية وفسر أن المشكل ليس في التزكيات في حد ذاتها بل في الشروط التي صاحبتها وهي التناصف بين الإناث والذكور وتزكيات الشباب بما من شأنه أن يؤدي إلى نفور أغلب الناس من الترشح إلى الانتخابات التشريعية وفي المقابل يمكن لكل من لهم شبكة عشائرية من الترشح.

وترى الأستاذة إقبال بن موسى أن اشتراط تقديم وصل في خلاص الضّريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين بعنوان السّنة المنقضية، وشهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلديّة مسألة ايجابية وكذلك الشأن بالنسبة إلى منع الأئمة ورؤساء الجمعيات الرياضية من الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلا بعد مرور سنة عن انتهاء وظائفهم لأن الكثير من المسؤولين الرياضيين يفوزون في الانتخابات لا لشيء إلا لأنهم يتقلدون تلك المسؤولية. ولاحظت ان الترشحات الفردية يجب أن تكون مرفوقة بشروط تضمن جدية الترشحات وبالتالي فإن مسألة التزكيات مهمة لضمان جدية الترشحات أما الشروط الإضافية التي صاحبت شرط التزكيات فهي محاولة فاشلة جدا للتغطية على التخلي عن التناصف وتمثيلية الشباب.. وذكرت أنه بالتخلي عن التناصف فهي تعتقد أن عدد النساء في البرلمان القادم سيكون ضئيلا جدا وذلك بالنظر إلى نظام الاقتراع. ونبهت الجامعية إلى أن اشتراط الجنسية التونسية لا غير بالنسبة للمترشحين الذين يعيشون في تونس يخرق مبدأ المساواة بينتهم وبين المترشحين في دائرة خارج تونس.

أما الأستاذة سلسبيل القليبي فأشارت إلى أن المرور من طريقة الاقتراع على القائمات إلى طريقة الاقتراع على الأفراد، فرض إكراهات على مستوى تنظيم الانتخابات التشريعية وقدرة هيئة الانتخابات على تنظيم هذه الانتخابات، وذكرت أن مسألة التزكيات تطرح إشكالا على الهيئة لأن كل مترشح يجب أن يقدم أربع مائة تزكية وهذه التكزيات معرف بها لدى الهيئات الفرعية للانتخابات ولدى ضباط الحالة المدنية. وتعقيبا على ما قاله نائب رئيس الهيئة ماهر الجديدي بينت الجامعية أن الهيئة ترى أن مشكل التزكيات هو مشكل تقني عملي لكنها تعتبر أن المشكل هو مشكل مبدئي لأن التزكيات المطلوبة ليست وطنية والحال أن تمثيلية عضو المجلس هي تمثيلية وطنية فالانتخابات هي انتخابات لأعضاء مجلس نواب الشعب وليس لمجلس الجهات، والنائب هو نائب الأمة جمعاء وليس نائبا عن جهته. ولدى حديثها عن أوجه التضييق على الترشح في المرسوم عبرت القليبي عن استحسانها التضييق على الأئمة ورؤساء الجمعيات لكنها تساءلت لماذا لا يقع تحجير الترشح على المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي على غرار الانستغرامور" إذ يمكنهم الفوز بسهولة في الانتخابات.. وأثارت الجامعية مسألة هامة تتعلق بعدم دستورية المرسوم وقالت إنه لو كانت هناك محكمة دستورية لكانت ستنظر في وجود مخالفة صريحة للدستور وهي التمييز بين التونسيين في الداخل والتونسيين في الخارج في علاقة بشرط الجنسية..

وقالت الأساتذة منية قاري إنها لا تفهم سبب منع المدنيين الذين يقومون بخدمة عسكرية من التسجيل في سجل الناخبين لأن الخدمة العسكرية هي واجب وطني لا يمكن أن يحول دون ممارسة حق الترشح في الانتخابات وهناك غلو في المنع حسب وصفها، ولاحظت أن منع ترشح الأئمة فيه تصفية حسابات سياسية مع تيارات دينية. وذكرت أن ملامح النائب بالمرسوم الجديد تغيرت، لأنه بالشروط المجحفة والاقصاءات الكثيرة التي جاء بها المرسوم سيوجد في البرلمان القادم نواب يشبهون إبراهيم القصاص وغيره. ولاحظت قاري أن النائب لن يمثل الشعب بل سيمثل دائرته الانتخابية، لأنه سيصبح رهين الأشخاص الذين زكوه وسيعمل وسيف هؤلاء موضوعا على رقبته وأضافت أنه لا يمكن في دوائر انتخابية ضيقة جميع 400 تزكية بسهولة.

تعميق الأزمة

ولاحظت رجاء الجبري رئيسة شبكة مراقبون أن المرسوم الانتخابي الجديد لم يحمل حلولا للمشاكل الكبيرة التي كانت موجودة في القانون الانتخابي القديم بل جاء ليضرب مبدأ المساواة بين المترشحين.. وبينت أنه بسبب شرط التزكيات وإمكانية سحب الوكالة من النائب أصبح النائب رهين ناخبين في منطقة صغيرة، وبهذه الكيفية يمكن المساس بسرية الاقتراع ونبهت رئيسة الجمعية إلى أن هيئة الانتخابات ستجد صعوبات كبيرة في التثبت من صحة التزكيات والتفطن إلى التزكيات المزورة وعبرت عن استغرابها من عدم رفض الهيئة لهذا الشرط.

أما بسام معطر رئيس جمعية عتيد فعبر عن استغرابه من مضامين المرسوم الانتخابي الجديد لأن هذا المرسوم لم يستفد من المقترحات الواضحة والصريحة التي قدمها المجتمع المدني بهدف تجاوز الهنات والصعوبات التي يطرحها القانون الانتخابي والتي تم التفطن إليها خلال الانتخابات السابقة. وذكر أن المرسوم فيه تنقيحات يمكن وصفها بالتنقيحات الانفعالية من قبيل منع رؤساء الجمعيات الرياضية من الترشح وإقصاء مزدوجي. وأضاف معطر أن المرسوم يتعارض مع الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية، فالرئيس طالما تحدث عن حق الجميع في الترشح لكن المرسوم قيد الترشحات بشروط صعبة وخاصة شرط التزكيات. وبخصوص سحب الوكالة أشار معطر إلى أن سحب الوكالة موجود في تجارب قليلة في العالم لكنها تطبق في مجالس محلية لا في مجلس نواب الشعب ونبه إلى أن اعتماد هذه الآلية يمكن أن يتم في إطار التشفي من النائب من قبل السلطة الحاكمة أو حزب قوي يستطيع جمع التزكيات المطلوبة.

وحذر ممثل جمعية بوصلة من تبعات التخلي عن التمويل العمومي للحملات الانتخابية لأن ذلك سيمكن المترشحين الذين لديهم المال والنفوذ من القيام بحملات انتخابية أما البقية فلا يستطيعون تنظيم حملات انتخابية للتعريف ببرامجهم. وذكر أن الفصل المتعلق بسحب الوكالة فيه نقاط مبهمة من قبيل التقصير البين وعدم بذل العناية المطلوبة من قبل النائب، وفسر أنه لم يقع توضيح أسباب سحب الوكالة قانونيا وهو ما سيجعلها آلية عقابية وذكر ممثل جمعية بوصلة أنه يعتقد أن سحب الوكالة سيؤدي إلى تنظيم العديد من الانتخابات الجزئية وسيجعل المجلس النيابي منقوصا من الأعضاء. وأشار إلى أنه بالنظر إلى التخلي عن التناصف والتمويل العمومي فسيكون البرلمان المقبل برلمانا للرجال وليس النساء.

مراقبة الحملة

ولاحظ النوري اللجمي رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري أن الهيئة لا تعرف كيف ستشارك الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة ولا تعرف مواقف الأحزاب من المشاركة في الانتخابات وذكر أنه في ظل المرسوم الجديد ستجد الهيئة مشكلة في مراقبة تغطية الحملة الانتخابية.

في حين بينت قاضية بمحكمة المحاسبات أن هذه المحكمة تضطلع بمهمة مراقبة مشروعية تمويل الانتخابات وذلك حتى تتمكن القائمة المترشحة أو المترشح من استرجاع التمويل العمومي لكن بالمرسوم الجديد تم إلغاء التمويل عمومي. وذكرت أن تقييم قيمة إنفاق المترشح على الحملة لمعرفة مدى احترامه لسقف التمويل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار قيمة الإشهار الذي يقوم به المترشح الذي يبرز في المنابر الإعلامية وفي شبكات التواصل الاجتماعي لأن هذا البروز يؤثر على الحملة وبينت أن الدولة يمكنها أن ترصد صفحات التواصل الاجتماعي وتقيم النفقات وتمد محكمة المحاسبات بالمعطيات حتى تتمكن المحكمة من مراقبة تمويل الحملة. كما نبهت ممثلة محكمة المحاسبات إلى مسألة أخرى في علاقة بالتزكيات وبينت أن الوقت المخصص للتثبت من صحة التزكيات غير كاف.

تداعيات الاقتراع على الأفراد

وخلال نقاش الأحكام المتعلقة بنظام الاقتراع المعتمد في المرسوم الانتخابي وهو الاقتراع على الأفراد، أشار المشاركون في منتدى الجمعية التونسية للقانون الدستوري إلى أن هذا النظام لن يضمن الاستقرار السياسي خاصة في ظل وجود آلية سحب الوكالة من النائب، وبينوا أن الاقتراع على الأفراد سيكون غواصة للتيارات والأحزاب السياسة لكي تشارك في الانتخابات بصفة مقنعة وليس بوجوه مكشوفة وأشروا بالخصوص إلى أن هذا النظام له آثار سلبية على تمثيلية النساء وذكروا أنه تم خرق شرط التناصف. وشددوا بالخصوص على أن طريقة الاقتراع على الأفراد فيها نسبة كبيرة من الأصوات المهدورة كما أن هذه الطريقة ستصعد للبرلمان أصحاب الوجاهة والنفوذ والمال دون غيرهم، وهناك منهم من أشار إلى أن هذا النظام قاتل للسياسة لأنه لن يصنع السياسيين فالمرسوم لن يسمح بتجديد النخبة السياسية التي تآكلت في تونس وهناك توجه الى فردته الحياة السياسية وترذيل السياسة..

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جمعية القانون الدستوري ترصد نقائص المرسوم الانتخابي الجديد ومزاياه

 

 

تونس-الصباح

لتسليط الأضواء على المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرّخ في 15 سبتمبر 2022 المتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرّخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، وما تضمنه هذا النص الجديد من إيجابيات وسلبيات، عقدت الجمعية التونسية للقانون الدستوري أمس بالعاصمة ندوة علمية شارك فيها جامعيون وخبراء في القانون وممثلون عن الهيئات المعنية بالانتخابات وقياديون في المنظمات والجمعيات المختصة في ملاحظة المسارات الانتخابية. ومن بين المحاور التي تم التطرق إليها خلال هذا اللقاء، الإشكالات المرتبطة بشروط الترشح للانتخابات التشريعية والإشكاليات المتعلقة بطريقة الاقتراع..

رئيسة الجمعية سلوى الحمروني الأستاذة بكلية العلوم السياسية والقانونية والاجتماعية قالت إن المرسوم الانتخابي جاء بعد عدة مراسيم أخرى تم من خلالها التدخل في العملية الانتخابية، وللأسف الشديد تم اتخاذ كل هذه النصوص وغيرها خارج الأطر التشاركية. وفضلا عن غياب التشاركية في إعداد المرسوم الانتخابي الجديد، أشارت الحمروني إلى مخالفته للمعايير الدولية التي تقتضي عدم المساس بتقسيم الدوائر قبل سنة من تاريخ الانتخابات.

وخلافا لما ذهبت إليه رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري أكد ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن إجراءات إعداد المرسوم الانتخابي كانت سليمة حيث قامت رئاسة الجمهورية بالاستشارة المسبقة للهيئة وأرسلت لها مشروع المرسوم لتبدي فيه الرأي وفق ما يقتضيه القانون، وتولت الهيئة تقديم ملاحظاتها بشأنه وكان انطباعها ايجابيا لأن الهيئة حسب قولة لا تنظر في الاختيارات السياسية الكبرى مثل نظام الاقتراع وإنما في الجوانب التقنية، وذكر أن الخيار السياسي غير نظام الاقتراع حيث أصبح الاقتراع بمقتضى المرسوم الجديد يتم على الأفراد في دورتين. وأضاف أن الهيئة أبدت رأيها في الصعوبات التي يمكن أن تعترضها في حال يكون الاقتراع على الأفراد في دوريتن وقد أخذت النسخة النهائية للمرسوم مقترحات الهيئة بعين الاعتبار لكن تمت إضافة أشياء أخرى لم تحبذ الهيئة تغييرها وهي الترفيع في عدد المزكين من 200 إلى 400.

وذكر الجديدي أن الهيئة ستتفاعل مع المرسوم كما صدر في الرائد الرسمي وبموجب قانونها الأساسي فالهيئة لها سلطة ترتيبية وبالتالي ستتخذ القرارات الترتيبية لتنزيل المرسوم على أرض الواقع ولتفسير بعض الجوانب ولتذليل الصعوبات والعقبات. وذكر أن المجهود الذي يجب على الهيئة بذله سيكون كبير جدا لأن نظام الاقتراع تغيير ولأن تجربة الاقتراع على الأفراد تجربة جديدة.

شروط غريبة

لدى حديثه عن شروط الترشح للانتخابات التشريعية كما جاء بها المرسوم الانتخابي الجديد، أشار الأستاذ في القانون عبد الرزاق المختار إلى وجود تطوير وتعسير وتفتيت وذكر أن هناك مسائل غريبة نسبيا في المرسوم من قبيل التنصيص على شرط التمتع بالجنسية التونسية وعدم الجمع بين الجنسية التونسية وجنسية أخرى وهو من بين النقاط السلبية في النص القانوني لأنه لا يمكن الالتزام بهذا الشرط في مجتمع متحرك كما أن الشرط المذكور لا يلاءم مع المقاصد التي جاء بها الدستور. وأضاف المختار أن نظام الترشح اتجه نحو التعسير لأن شرط التكزيات سيغرق الهيئة ويثقل كاهلها فكل مترشح مطالب بتقديم 400 تزكية وفسر أن المشكل ليس في التزكيات في حد ذاتها بل في الشروط التي صاحبتها وهي التناصف بين الإناث والذكور وتزكيات الشباب بما من شأنه أن يؤدي إلى نفور أغلب الناس من الترشح إلى الانتخابات التشريعية وفي المقابل يمكن لكل من لهم شبكة عشائرية من الترشح.

وترى الأستاذة إقبال بن موسى أن اشتراط تقديم وصل في خلاص الضّريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين بعنوان السّنة المنقضية، وشهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلديّة مسألة ايجابية وكذلك الشأن بالنسبة إلى منع الأئمة ورؤساء الجمعيات الرياضية من الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلا بعد مرور سنة عن انتهاء وظائفهم لأن الكثير من المسؤولين الرياضيين يفوزون في الانتخابات لا لشيء إلا لأنهم يتقلدون تلك المسؤولية. ولاحظت ان الترشحات الفردية يجب أن تكون مرفوقة بشروط تضمن جدية الترشحات وبالتالي فإن مسألة التزكيات مهمة لضمان جدية الترشحات أما الشروط الإضافية التي صاحبت شرط التزكيات فهي محاولة فاشلة جدا للتغطية على التخلي عن التناصف وتمثيلية الشباب.. وذكرت أنه بالتخلي عن التناصف فهي تعتقد أن عدد النساء في البرلمان القادم سيكون ضئيلا جدا وذلك بالنظر إلى نظام الاقتراع. ونبهت الجامعية إلى أن اشتراط الجنسية التونسية لا غير بالنسبة للمترشحين الذين يعيشون في تونس يخرق مبدأ المساواة بينتهم وبين المترشحين في دائرة خارج تونس.

أما الأستاذة سلسبيل القليبي فأشارت إلى أن المرور من طريقة الاقتراع على القائمات إلى طريقة الاقتراع على الأفراد، فرض إكراهات على مستوى تنظيم الانتخابات التشريعية وقدرة هيئة الانتخابات على تنظيم هذه الانتخابات، وذكرت أن مسألة التزكيات تطرح إشكالا على الهيئة لأن كل مترشح يجب أن يقدم أربع مائة تزكية وهذه التكزيات معرف بها لدى الهيئات الفرعية للانتخابات ولدى ضباط الحالة المدنية. وتعقيبا على ما قاله نائب رئيس الهيئة ماهر الجديدي بينت الجامعية أن الهيئة ترى أن مشكل التزكيات هو مشكل تقني عملي لكنها تعتبر أن المشكل هو مشكل مبدئي لأن التزكيات المطلوبة ليست وطنية والحال أن تمثيلية عضو المجلس هي تمثيلية وطنية فالانتخابات هي انتخابات لأعضاء مجلس نواب الشعب وليس لمجلس الجهات، والنائب هو نائب الأمة جمعاء وليس نائبا عن جهته. ولدى حديثها عن أوجه التضييق على الترشح في المرسوم عبرت القليبي عن استحسانها التضييق على الأئمة ورؤساء الجمعيات لكنها تساءلت لماذا لا يقع تحجير الترشح على المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي على غرار الانستغرامور" إذ يمكنهم الفوز بسهولة في الانتخابات.. وأثارت الجامعية مسألة هامة تتعلق بعدم دستورية المرسوم وقالت إنه لو كانت هناك محكمة دستورية لكانت ستنظر في وجود مخالفة صريحة للدستور وهي التمييز بين التونسيين في الداخل والتونسيين في الخارج في علاقة بشرط الجنسية..

وقالت الأساتذة منية قاري إنها لا تفهم سبب منع المدنيين الذين يقومون بخدمة عسكرية من التسجيل في سجل الناخبين لأن الخدمة العسكرية هي واجب وطني لا يمكن أن يحول دون ممارسة حق الترشح في الانتخابات وهناك غلو في المنع حسب وصفها، ولاحظت أن منع ترشح الأئمة فيه تصفية حسابات سياسية مع تيارات دينية. وذكرت أن ملامح النائب بالمرسوم الجديد تغيرت، لأنه بالشروط المجحفة والاقصاءات الكثيرة التي جاء بها المرسوم سيوجد في البرلمان القادم نواب يشبهون إبراهيم القصاص وغيره. ولاحظت قاري أن النائب لن يمثل الشعب بل سيمثل دائرته الانتخابية، لأنه سيصبح رهين الأشخاص الذين زكوه وسيعمل وسيف هؤلاء موضوعا على رقبته وأضافت أنه لا يمكن في دوائر انتخابية ضيقة جميع 400 تزكية بسهولة.

تعميق الأزمة

ولاحظت رجاء الجبري رئيسة شبكة مراقبون أن المرسوم الانتخابي الجديد لم يحمل حلولا للمشاكل الكبيرة التي كانت موجودة في القانون الانتخابي القديم بل جاء ليضرب مبدأ المساواة بين المترشحين.. وبينت أنه بسبب شرط التزكيات وإمكانية سحب الوكالة من النائب أصبح النائب رهين ناخبين في منطقة صغيرة، وبهذه الكيفية يمكن المساس بسرية الاقتراع ونبهت رئيسة الجمعية إلى أن هيئة الانتخابات ستجد صعوبات كبيرة في التثبت من صحة التزكيات والتفطن إلى التزكيات المزورة وعبرت عن استغرابها من عدم رفض الهيئة لهذا الشرط.

أما بسام معطر رئيس جمعية عتيد فعبر عن استغرابه من مضامين المرسوم الانتخابي الجديد لأن هذا المرسوم لم يستفد من المقترحات الواضحة والصريحة التي قدمها المجتمع المدني بهدف تجاوز الهنات والصعوبات التي يطرحها القانون الانتخابي والتي تم التفطن إليها خلال الانتخابات السابقة. وذكر أن المرسوم فيه تنقيحات يمكن وصفها بالتنقيحات الانفعالية من قبيل منع رؤساء الجمعيات الرياضية من الترشح وإقصاء مزدوجي. وأضاف معطر أن المرسوم يتعارض مع الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية، فالرئيس طالما تحدث عن حق الجميع في الترشح لكن المرسوم قيد الترشحات بشروط صعبة وخاصة شرط التزكيات. وبخصوص سحب الوكالة أشار معطر إلى أن سحب الوكالة موجود في تجارب قليلة في العالم لكنها تطبق في مجالس محلية لا في مجلس نواب الشعب ونبه إلى أن اعتماد هذه الآلية يمكن أن يتم في إطار التشفي من النائب من قبل السلطة الحاكمة أو حزب قوي يستطيع جمع التزكيات المطلوبة.

وحذر ممثل جمعية بوصلة من تبعات التخلي عن التمويل العمومي للحملات الانتخابية لأن ذلك سيمكن المترشحين الذين لديهم المال والنفوذ من القيام بحملات انتخابية أما البقية فلا يستطيعون تنظيم حملات انتخابية للتعريف ببرامجهم. وذكر أن الفصل المتعلق بسحب الوكالة فيه نقاط مبهمة من قبيل التقصير البين وعدم بذل العناية المطلوبة من قبل النائب، وفسر أنه لم يقع توضيح أسباب سحب الوكالة قانونيا وهو ما سيجعلها آلية عقابية وذكر ممثل جمعية بوصلة أنه يعتقد أن سحب الوكالة سيؤدي إلى تنظيم العديد من الانتخابات الجزئية وسيجعل المجلس النيابي منقوصا من الأعضاء. وأشار إلى أنه بالنظر إلى التخلي عن التناصف والتمويل العمومي فسيكون البرلمان المقبل برلمانا للرجال وليس النساء.

مراقبة الحملة

ولاحظ النوري اللجمي رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري أن الهيئة لا تعرف كيف ستشارك الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة ولا تعرف مواقف الأحزاب من المشاركة في الانتخابات وذكر أنه في ظل المرسوم الجديد ستجد الهيئة مشكلة في مراقبة تغطية الحملة الانتخابية.

في حين بينت قاضية بمحكمة المحاسبات أن هذه المحكمة تضطلع بمهمة مراقبة مشروعية تمويل الانتخابات وذلك حتى تتمكن القائمة المترشحة أو المترشح من استرجاع التمويل العمومي لكن بالمرسوم الجديد تم إلغاء التمويل عمومي. وذكرت أن تقييم قيمة إنفاق المترشح على الحملة لمعرفة مدى احترامه لسقف التمويل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار قيمة الإشهار الذي يقوم به المترشح الذي يبرز في المنابر الإعلامية وفي شبكات التواصل الاجتماعي لأن هذا البروز يؤثر على الحملة وبينت أن الدولة يمكنها أن ترصد صفحات التواصل الاجتماعي وتقيم النفقات وتمد محكمة المحاسبات بالمعطيات حتى تتمكن المحكمة من مراقبة تمويل الحملة. كما نبهت ممثلة محكمة المحاسبات إلى مسألة أخرى في علاقة بالتزكيات وبينت أن الوقت المخصص للتثبت من صحة التزكيات غير كاف.

تداعيات الاقتراع على الأفراد

وخلال نقاش الأحكام المتعلقة بنظام الاقتراع المعتمد في المرسوم الانتخابي وهو الاقتراع على الأفراد، أشار المشاركون في منتدى الجمعية التونسية للقانون الدستوري إلى أن هذا النظام لن يضمن الاستقرار السياسي خاصة في ظل وجود آلية سحب الوكالة من النائب، وبينوا أن الاقتراع على الأفراد سيكون غواصة للتيارات والأحزاب السياسة لكي تشارك في الانتخابات بصفة مقنعة وليس بوجوه مكشوفة وأشروا بالخصوص إلى أن هذا النظام له آثار سلبية على تمثيلية النساء وذكروا أنه تم خرق شرط التناصف. وشددوا بالخصوص على أن طريقة الاقتراع على الأفراد فيها نسبة كبيرة من الأصوات المهدورة كما أن هذه الطريقة ستصعد للبرلمان أصحاب الوجاهة والنفوذ والمال دون غيرهم، وهناك منهم من أشار إلى أن هذا النظام قاتل للسياسة لأنه لن يصنع السياسيين فالمرسوم لن يسمح بتجديد النخبة السياسية التي تآكلت في تونس وهناك توجه الى فردته الحياة السياسية وترذيل السياسة..

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews