إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مزدوجي الجنسية جزء من جسد المجتمع التونسي، ولن نَسمح بِبَترِه!

بقلم: خديجة توفيق معلّى

بعد الصعقة الكهربائية التي أسداها لنا الفصل الخامس من دستور 2022، ها نحن نُصعق مرَّة ثانية بالفصل 19 جديد، الذي ينصُّ على أن: "الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكلّ: ـ ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية مولود لأب تونسي ولأم تونسية وغير حامل لجنسية أخرى بالنسبة إلى الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي"، من "المرسوم عدد 55 لسنة 2022، المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 والمتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه".

والسؤال الذي يجب أن يطرح هو: كيف يُمكن لأي مُشرِّع في تونس أن يسمح لنفسه بإقتراح فصل تمييزي بإمتياز، يقرر أن يقصي جزء يمثل 15% من مجموع السكان، أي ما يعادل سكان ولاية صفاقس مثلا. هل يحاول هذا المُشرّع تناسي أو التغافل عن أن ما تُقدِّمه جاليتنا التونسية في الخارج، لا يقتصر على مساهمتهم المالية فقط، بل هم يساهمون في كل المجالات وعلى جميع الأصعدة، وخاصة منها الثقافية، والرياضية. وبالتالي إستبعادهم من الانتخابات العامة المقبلة،يمثل تمييزا غير منطقي وغير مسموح به، علاوة على أنه يتعارض مع الحقوق الإنسانية الكونية المُضمنة في كل المعاهدات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الدولة التونسية.

ويجدر التذكير بأن مساهمة هذه الشريحة من المجتمع بالعملة الأجنبية في الاستثمار والادخار، والتي تحتل المرتبة الأولى في المساهمة بالعملة الأجنبية،والتي أصبحت تَحُلُّ محل قطاع السياحة الذي كان يشغلها، قبل إنتفاضة 2011، والتي سمحت الوصول إلى السلطة، خلال العشرية الأخيرة،أشخاص لا يفقهون في الحوكمة الرشيدة إلا المصطلح، وفي صياغة الدساتير إلا التنكيل بالعقد الاجتماعي والعبث بالتماسك المجتمعي والوحدة الوطنية، والتي كانت من أول مشاغل الزعيم صبيحة الإستقلال!

إن نسيان ذلك أو التقليل من دور مزدوجي الجنسية في دعم البلاد، والذين لا نتذكرهم إلا حين نحتاج لمساهماتهم المالية، يمكن أن يرتقي إلى الخيانة العظمى ضد جزء من أفراد المجتمع، لا يُمكن لأي وطني في تونس أن يَسمح به!ودعنا نتخيل اليوم الذي تعيش فيه تونس وضعا اقتصاديا كارثيا، لو تُقرر كل جاليتنا التونسية ألا تُرسل أي مساهمة مالية مهما كان نوعها ومقدارها، كردّة فعل طبيعية لجحود مشرِّع إختار إقصائهم بجرّة قلم.

جاليتنا بالخارج ومزدوجي الجنسية الذين إختاروا العودة والعيش على أرض الوطن، ليسوا أقل وطنية من الذين يحملون الجنسية التونسية فقط! واعتبارهم أنصاف مواطنين، هو أكبر إهانة ليس فقط لهم بل لكل الشعب التونسي الذي لن يقبل هاته الإهانة، ويمكن أن نخشى أن يردُّ بأقوى منها.

وشاءت الأقدار والفرص أن دَعوتُ هذا الخميس 15 سبتمبر، في حلقتي الأسبوعية على القناة الإذاعية الدولية، مع الإعلامية القديرة دنيا الشاوش، السيد لطفي حمادي، وهو من الوطنيين الأحرار الذين، بعد العيش في فرنسا والعمل في كندا، قرّر العودة إلى وطنه الأم، ومساعدة أهل موطنه بأحسن وأقوى وأنجع الطرق وذلك خلال هاته السنوات العشر. وهو حاليا أحسن مُواطن لتمثيل ولايته، والدفاع عن متساكنيها، مثلا، فكيف يُمكن حرمانه من ذلك، وهو الذي ترجم حبه لجهته بالأفعال وليس بالشعارات الزائفة والخطب الرنانة، بتعلة إمتلاكه لجنسية أخرى، شاءت الأقدار أن يمتلكها حين قرر والديه الهجرة لفرنسا، وكان عمره سنتين فقط.

وأعتبر مقالي هذاموافقة وتكملة لكل ما كُتب لنقد هذا المرسوم وخاصة كل ما كتب وقيل في شأن إقصاءالمرأة التونسية، في الانتخابات المقبلة، وأيضا الزج بالشعب التونسي في نفق القبلية والعروشية المقيتة والتي تضرب بمفهوم الدولة الحديثة عرض الحائط.

يقول المثل الشعبي: "ضربتين في الراس توجع"، (الذي يمثلهم الفصل الخامس من الدستور والفصل 19 من هذا المرسوم)، وأملي أن تُساهم هاتين الضربتين في مساعدة الجميع للاستفاقة من السبات العميق، لأن تونس "العجوزة" والشابة في نفس الوقت، "هزّهها الواد"، والفاهم يفهم!

 

مزدوجي الجنسية جزء من جسد المجتمع التونسي، ولن نَسمح بِبَترِه!

بقلم: خديجة توفيق معلّى

بعد الصعقة الكهربائية التي أسداها لنا الفصل الخامس من دستور 2022، ها نحن نُصعق مرَّة ثانية بالفصل 19 جديد، الذي ينصُّ على أن: "الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكلّ: ـ ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية مولود لأب تونسي ولأم تونسية وغير حامل لجنسية أخرى بالنسبة إلى الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي"، من "المرسوم عدد 55 لسنة 2022، المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 والمتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه".

والسؤال الذي يجب أن يطرح هو: كيف يُمكن لأي مُشرِّع في تونس أن يسمح لنفسه بإقتراح فصل تمييزي بإمتياز، يقرر أن يقصي جزء يمثل 15% من مجموع السكان، أي ما يعادل سكان ولاية صفاقس مثلا. هل يحاول هذا المُشرّع تناسي أو التغافل عن أن ما تُقدِّمه جاليتنا التونسية في الخارج، لا يقتصر على مساهمتهم المالية فقط، بل هم يساهمون في كل المجالات وعلى جميع الأصعدة، وخاصة منها الثقافية، والرياضية. وبالتالي إستبعادهم من الانتخابات العامة المقبلة،يمثل تمييزا غير منطقي وغير مسموح به، علاوة على أنه يتعارض مع الحقوق الإنسانية الكونية المُضمنة في كل المعاهدات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الدولة التونسية.

ويجدر التذكير بأن مساهمة هذه الشريحة من المجتمع بالعملة الأجنبية في الاستثمار والادخار، والتي تحتل المرتبة الأولى في المساهمة بالعملة الأجنبية،والتي أصبحت تَحُلُّ محل قطاع السياحة الذي كان يشغلها، قبل إنتفاضة 2011، والتي سمحت الوصول إلى السلطة، خلال العشرية الأخيرة،أشخاص لا يفقهون في الحوكمة الرشيدة إلا المصطلح، وفي صياغة الدساتير إلا التنكيل بالعقد الاجتماعي والعبث بالتماسك المجتمعي والوحدة الوطنية، والتي كانت من أول مشاغل الزعيم صبيحة الإستقلال!

إن نسيان ذلك أو التقليل من دور مزدوجي الجنسية في دعم البلاد، والذين لا نتذكرهم إلا حين نحتاج لمساهماتهم المالية، يمكن أن يرتقي إلى الخيانة العظمى ضد جزء من أفراد المجتمع، لا يُمكن لأي وطني في تونس أن يَسمح به!ودعنا نتخيل اليوم الذي تعيش فيه تونس وضعا اقتصاديا كارثيا، لو تُقرر كل جاليتنا التونسية ألا تُرسل أي مساهمة مالية مهما كان نوعها ومقدارها، كردّة فعل طبيعية لجحود مشرِّع إختار إقصائهم بجرّة قلم.

جاليتنا بالخارج ومزدوجي الجنسية الذين إختاروا العودة والعيش على أرض الوطن، ليسوا أقل وطنية من الذين يحملون الجنسية التونسية فقط! واعتبارهم أنصاف مواطنين، هو أكبر إهانة ليس فقط لهم بل لكل الشعب التونسي الذي لن يقبل هاته الإهانة، ويمكن أن نخشى أن يردُّ بأقوى منها.

وشاءت الأقدار والفرص أن دَعوتُ هذا الخميس 15 سبتمبر، في حلقتي الأسبوعية على القناة الإذاعية الدولية، مع الإعلامية القديرة دنيا الشاوش، السيد لطفي حمادي، وهو من الوطنيين الأحرار الذين، بعد العيش في فرنسا والعمل في كندا، قرّر العودة إلى وطنه الأم، ومساعدة أهل موطنه بأحسن وأقوى وأنجع الطرق وذلك خلال هاته السنوات العشر. وهو حاليا أحسن مُواطن لتمثيل ولايته، والدفاع عن متساكنيها، مثلا، فكيف يُمكن حرمانه من ذلك، وهو الذي ترجم حبه لجهته بالأفعال وليس بالشعارات الزائفة والخطب الرنانة، بتعلة إمتلاكه لجنسية أخرى، شاءت الأقدار أن يمتلكها حين قرر والديه الهجرة لفرنسا، وكان عمره سنتين فقط.

وأعتبر مقالي هذاموافقة وتكملة لكل ما كُتب لنقد هذا المرسوم وخاصة كل ما كتب وقيل في شأن إقصاءالمرأة التونسية، في الانتخابات المقبلة، وأيضا الزج بالشعب التونسي في نفق القبلية والعروشية المقيتة والتي تضرب بمفهوم الدولة الحديثة عرض الحائط.

يقول المثل الشعبي: "ضربتين في الراس توجع"، (الذي يمثلهم الفصل الخامس من الدستور والفصل 19 من هذا المرسوم)، وأملي أن تُساهم هاتين الضربتين في مساعدة الجميع للاستفاقة من السبات العميق، لأن تونس "العجوزة" والشابة في نفس الوقت، "هزّهها الواد"، والفاهم يفهم!

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews