إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تنظيف‭ ‬المداخن‭ ‬قبل‭ ‬الشتاء‭ ‬القادم

يكتبها: محمد المعمري

لا يذهب بكم الظن أنني أقوم بإشهار لشركة تونسية أو أجنبية مختصة في تنظيف المداخن لأن الأمر لا يعنينا وليس من تقاليدنا التونسية وجود مواقد فحمية تستحق مداخن لتتخلص من الدخان وننعم بالدفء في الشتاء، ونقوم في الخريف بتنظيف المدخنة مما علق بها من أتربة حتى تقوم بدورها بفاعلية عندما نحتاجها، بل سأتحدث عن مفهوم تنظيف المدخنة من منظور تحليل النفس الفرويدي نسبة إلى أيقونة علم النفس سيغموند فرويد، ولن أدعي تناول ذلك بالدقة الأكاديمية المطلوبة بل سأستعير المفهوم للحديث عن واقعنا التونسي .

فقد أكد عديد المختصين في علم النفس وعلم الاجتماع أن المواطن التونسي يعيش حالة من الضغط وفقدان الأمل غير مسبوقة نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها والتي كانت لها انعكاسات اجتماعية ترجمتها حركة الهجرة غير النظامية التي عرفها صيف 2022 ، وارتدادات نفسية تمثلت في تصاعد منسوب العنف بشكل كبير وهو ما يلاحظ مثلا في حركة السير اليومية عند الاكتظاظ المروري حيث يشنف الكثيرون آذاننا بمعسول العبارات لمجرد خطأ بسيط، فإذا كنت رجلا تنال ما طاب ولذّ من الكلمات النابية وإن كنت امرأة فالأمر سيتضاعف وستنالين من العبارات والحركات ما يبكي العين ويكدر النفس وهو ما يعكس حالة من التوتر كبيرة يعيشها التونسيون .

حالة من التوتر قد تتزايد حدتها مع العودة المدرسية التي ستزيد في إثقال كاهل المواطن بمصاريف إضافية خاصة أمام الارتفاع الكبير لأثمان مستلزمات الدراسة ،وقد شاهدت بعيني وسط هذا الأسبوع أمّا تدخل فى  حالة هستيرية أمام طلبات طفلتها في اقتناء بعض الأدوات المدرسية ،ونتيجة إلحاح الطفلة في الطلب كان رد فعل الأم صادما وعنيفا ،فقامت أمام الجميع بصفع ابنتها ،صفعة أسالت دموع الطفلة وأفاضت بحور الحزن داخل أمها التي تشعر بعجز يمنعها من تلبية طلبات ابنتها .مشهد أكد لي رغم يقيني المسبق بأننا نعيش حالة اختلال نفسي بسبب ضغوط الحياة اليومية .

ضغوط تتطلب من السلطة التفكير جديا في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي نعيشها علّها بذلك تساعد فى التخفيف من هذه الضغوط ،ولا أظن أن الزيادة التي اتفقت عليها الحكومة مع الاتحاد العام التونسي للشغل بقادرة على تخفيف هذه الضغوط إذا لم ترافقها رؤية اقتصادية واضحة وقدرة على التحكم في مسالك التوزيع وضرب المحتكرين فعلا لا قولا .

وفى انتظار ذلك أرجو أن يساعد الإعلام التونسي وخاصة المرئي منه في التخفيف من عبء هذه الأزمة النفسية من خلال الاستعانة بمختصين في علم النفس يقدمون تمارين تساعد التونسيين والتونسيات على تنظيف مداخنهم النفسية التي علق بها في السنوات الأخيرة الكثير من الغبار والأتربة ،وهو واحد من الأدوار الهامة التي يمكن أن تقوم بها وسائل الإعلام للتخفيف عن المواطن الذي بات بين المطرقة والسندان مطرقة الأسعار والأزمة الخانقة وسندان عدم وضوح الرؤية والأمل المفقود فى غد أحسن وأجمل يليق بنا كذوات بشرية ،وإن لم يتحقق ذلك فنحن ولا شك مقبولون على حالة من الاختناق الجماعي ستكون من تمظهراتها ارتفاع معدلات الجريمة مثلما يحصل الآن في بلد شقيق مثل لبنان .

لا تستهتروا بالحالة النفسية للتونسيين والتونسيين وامنحوهم بعض الأمل، فالأمل هو أوكسجين الحياة ودونه سنتحول إلى أموات نفسيين حتى وإن ظللنا أحياء بيولوجيين ولعل الموت النفسي هو الخطر فالموت البيولوجي نهاية طبيعية وحتمية لكل كائن حيّ أما الموت النفسي فهو اذان بخراب قادم نسأل الله أن يحمي بلادنا منه.. رجاء امنحوا الأمل للتونسيين والتونسيات حتى تستقيم الحياة حياة.

تنظيف‭ ‬المداخن‭ ‬قبل‭ ‬الشتاء‭ ‬القادم

يكتبها: محمد المعمري

لا يذهب بكم الظن أنني أقوم بإشهار لشركة تونسية أو أجنبية مختصة في تنظيف المداخن لأن الأمر لا يعنينا وليس من تقاليدنا التونسية وجود مواقد فحمية تستحق مداخن لتتخلص من الدخان وننعم بالدفء في الشتاء، ونقوم في الخريف بتنظيف المدخنة مما علق بها من أتربة حتى تقوم بدورها بفاعلية عندما نحتاجها، بل سأتحدث عن مفهوم تنظيف المدخنة من منظور تحليل النفس الفرويدي نسبة إلى أيقونة علم النفس سيغموند فرويد، ولن أدعي تناول ذلك بالدقة الأكاديمية المطلوبة بل سأستعير المفهوم للحديث عن واقعنا التونسي .

فقد أكد عديد المختصين في علم النفس وعلم الاجتماع أن المواطن التونسي يعيش حالة من الضغط وفقدان الأمل غير مسبوقة نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها والتي كانت لها انعكاسات اجتماعية ترجمتها حركة الهجرة غير النظامية التي عرفها صيف 2022 ، وارتدادات نفسية تمثلت في تصاعد منسوب العنف بشكل كبير وهو ما يلاحظ مثلا في حركة السير اليومية عند الاكتظاظ المروري حيث يشنف الكثيرون آذاننا بمعسول العبارات لمجرد خطأ بسيط، فإذا كنت رجلا تنال ما طاب ولذّ من الكلمات النابية وإن كنت امرأة فالأمر سيتضاعف وستنالين من العبارات والحركات ما يبكي العين ويكدر النفس وهو ما يعكس حالة من التوتر كبيرة يعيشها التونسيون .

حالة من التوتر قد تتزايد حدتها مع العودة المدرسية التي ستزيد في إثقال كاهل المواطن بمصاريف إضافية خاصة أمام الارتفاع الكبير لأثمان مستلزمات الدراسة ،وقد شاهدت بعيني وسط هذا الأسبوع أمّا تدخل فى  حالة هستيرية أمام طلبات طفلتها في اقتناء بعض الأدوات المدرسية ،ونتيجة إلحاح الطفلة في الطلب كان رد فعل الأم صادما وعنيفا ،فقامت أمام الجميع بصفع ابنتها ،صفعة أسالت دموع الطفلة وأفاضت بحور الحزن داخل أمها التي تشعر بعجز يمنعها من تلبية طلبات ابنتها .مشهد أكد لي رغم يقيني المسبق بأننا نعيش حالة اختلال نفسي بسبب ضغوط الحياة اليومية .

ضغوط تتطلب من السلطة التفكير جديا في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي نعيشها علّها بذلك تساعد فى التخفيف من هذه الضغوط ،ولا أظن أن الزيادة التي اتفقت عليها الحكومة مع الاتحاد العام التونسي للشغل بقادرة على تخفيف هذه الضغوط إذا لم ترافقها رؤية اقتصادية واضحة وقدرة على التحكم في مسالك التوزيع وضرب المحتكرين فعلا لا قولا .

وفى انتظار ذلك أرجو أن يساعد الإعلام التونسي وخاصة المرئي منه في التخفيف من عبء هذه الأزمة النفسية من خلال الاستعانة بمختصين في علم النفس يقدمون تمارين تساعد التونسيين والتونسيات على تنظيف مداخنهم النفسية التي علق بها في السنوات الأخيرة الكثير من الغبار والأتربة ،وهو واحد من الأدوار الهامة التي يمكن أن تقوم بها وسائل الإعلام للتخفيف عن المواطن الذي بات بين المطرقة والسندان مطرقة الأسعار والأزمة الخانقة وسندان عدم وضوح الرؤية والأمل المفقود فى غد أحسن وأجمل يليق بنا كذوات بشرية ،وإن لم يتحقق ذلك فنحن ولا شك مقبولون على حالة من الاختناق الجماعي ستكون من تمظهراتها ارتفاع معدلات الجريمة مثلما يحصل الآن في بلد شقيق مثل لبنان .

لا تستهتروا بالحالة النفسية للتونسيين والتونسيين وامنحوهم بعض الأمل، فالأمل هو أوكسجين الحياة ودونه سنتحول إلى أموات نفسيين حتى وإن ظللنا أحياء بيولوجيين ولعل الموت النفسي هو الخطر فالموت البيولوجي نهاية طبيعية وحتمية لكل كائن حيّ أما الموت النفسي فهو اذان بخراب قادم نسأل الله أن يحمي بلادنا منه.. رجاء امنحوا الأمل للتونسيين والتونسيات حتى تستقيم الحياة حياة.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews