إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع التأخير الحاصل في مسار المفاوضات... قانون المالية التكميلي مرتهن بفرضية اتفاق الصندوق والحكومة في مأزق إيجاد البديل

تونس-الصباح

كشفت مصادر "الصباح" المطلعة أن وزارة المالية انطلقت منذ فترة في الإعداد لمشروع قانون المالية الجديد لسنة 2023 بالتزامن مع استكمال بعض التعديلات في فصول قانون المالية للسنة الجارية والذي من المنتظر أن يصدر في الأسابيع القليلة القادمة في شكل قانون تعديلي يتعبه مباشرة القانون الأصلي للمالية للسنة الجديدة، حسب الآجال الدستورية المتعارف عليها..

لكن الثابت هذه السنة، أن الظرف الذي تتنزل فيه عملية إعداد ميزانية الدولة وقانون المالية العمومية يختلف كثيرا عن السنوات السابقة، بدءا بالمسار التشريعي في ظل غياب البرلمان الجهة التي كان يمر بها للمصادقة على القانونين، مرورا بالظرف الاستثنائي الذي تعيش عل وقعه البلاد، وصولا إلى المؤشرات الاقتصادية التي وصلت إليها المالية العمومية...

كل هذه المؤشرات تجعل الدولة أمام تحد صعب،  وهي ملاحقة بجملة من الشكوك المحلية والخارجية  في ما يتعلق بمدى قدرتها على الإيفاء بتعهداتها الدستورية من جهة والمالية من جهة ثانية، حيث أكدت العديد من المؤسسات المالية المانحة أن الأرقام التي ضبطتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2022 تتطلب تعديلات مشروطة بإصلاحات...

كما ذهب عدد هام من المتدخلين في الشأن الاقتصادي إلى أن الحكومة اليوم غير قادرة على تعديل الفرضيات التي حددتها في القانون المالية لسنة 2022 في قانون جديد تعديلي، بل أنها في حرج كبير لإتمام عملية التعديل باعتبار أن الفارق في المؤشرات والإحصائيات بين التي وضعتها والواقع الذي تردت إليه اليوم يعتبر فارقا شاسعا بما سيفقدها ثقة التونسيين في الداخل وشركائها في الخارج.

وهذا ما كشفه الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن الحكومة لم تلجأ إلى قانون مالية تكميلي إلى غاية اليوم رغم تغّير كل الفرضيات التي بنيت على أساسها الميزانية الأصلية، مرده أنها خائفة من الإفصاح عن الأوضاع  والأرقام الحقيقية للاقتصاد التونسي والمالية العمومية التونسية، مضيفا أن تونس تشتغل دون ميزانية لان الميزانية التي تمت المصادقة عليها في ديسمبر 2021 تجاوزها الزمن من خلال  كل الجوانب سواء فيما يتعلق بسعر برميل النفط أو سعر العملة أو نسبة النمو.....

واعتبر سعيدان انه وفي ظل غياب البرلمان، الدستور التونسي يخول لرئيس الجمهورية قيس سعيد المصادقة على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2022 بأمر رئاسي، ويبقى الحرج أمام الدولة كيفية تعديل الفرضيات وهي التي ضبطت ميزانية لهذا العام في حدود 57 مليار دينار، بجملة موارد اقتراض داخلي وخارجي بـ 20 مليار دينار ما يمثل أكثر من ثلث الميزانية.

كما قدر الاقتراض الخارجي لوحده بحوالي 12,6 مليار دينار واقتراض داخلي  زهاء الـ  7 مليارات دينار ، وبعجز في الميزانية بـ 8.5  مليار دينار  وفي حدود الـ 4 آلاف مليون دينار وبسعر تم ضبطه لبرميل النفط في حدود الـ 75 دولارا ...

لكن كل هذه الأرقام تغيرت في الفترة الأخيرة، بما سيضطر الدولة إلى تعديلها وسط  تطورات جيوسياسية في الخارج بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت سلبا على اقتصاد البلاد، فاليوم عرفت  نفقات الأجور ارتفاعا بنسبة 5.3 بالمائة لتتجاوز 10.5 مليارات دينار وزادت كلفة الدعم الحكومي لتصل إلى 5 مليار دينار خلال كامل السنة الجارية، فضلا عن توسع العجز ليتجاوز الـ 9 مليار دينار والتي قد تصل قريبا إلى 10 مليارات حسب تقديرات البنك الدولي.

والتحدي الأخطر الذي تواجهه الدولة اليوم لا يتوقف فقط عند تعديل الفرضيات والأرقام التي انبنى عليها قانون المالية وميزانية الدولة لهذا العام، بل يكمن بالأساس في مدى قدرتها على تعبئة موارد مالية لتغطية الهوة التي ستخلقها كل الفوارق في هذه الأرقام وهي التي تجد صعوبة في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول قرض قد يخرجها من هذا المأزق..

اتفاق الصندوق الفرضية المثيرة للجدل

 

هذا الاتفاق الذي في الحقيقة يعد من ابرز الفرضيات التي انبت عليها ميزانيتها للسنة الحالية وهي الأولى بالتعديل في بقية الفرضيات التي وضعتها من قبيل سعر الصرف وسعر برميل النفط ونسبة النمو...

ولقيت هذه الفرضية جدلا واسعا بين الأوساط التونسية باعتبار انه لا يمكن التعويل على مثل هذه الحلول  كما لا يمكن ارتباط الاتفاق مع الصندوق بسد الثغرات الحاصلة بميزانية الدولة العمومية، والحال أن وضع البلاد اجتماعيا وسياسيا لا يسمح بالوصول إلى هذا الاتفاق...

   واليوم، تجد الحكومة صعوبة كبيرة في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي من اجل تعبئة موارد مالية بما يناهز الـ 12 مليار دينار في شكل برنامج قرض عل مدى 4 سنوات مقابل جملة من الإصلاحات التي من المفروض تفعيلها من قبل الدولة التونسية.

وعدم عودة المفاوضات بين الحكومة والصندوق مرده بالأساس إلى اختلاف وجهات النظر بين الحكومة وشركائها الاجتماعيين والحال أن الاتفاق بين هذه الأطراف  هو شرط وضعه الصندوق لعودة مسار المفاوضات، ومن ثمة الاتفاق حول برنامج القرض وما يشمله من إصلاحات...

وبالرغم من اللقاء الأخير الذي جمع رئيسة الحكومة نجلاء بودن  والأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الأعراف سمير ماجول، إلا أن العديد من المراقبين الاقتصاديين يؤكدون أن اتفاق الحكومة مع الصندوق لن يحصل هذه الفترة وقد تعود المفاوضات على الأرجح مع مطلع السنة المقبلة.

هذه التوقعات المطروحة على الساحة الوطنية تبرر حقيقة تأخر الحكومة في إصدار قانون المالية  التعديلي لسنة 2022 باعتبار أنها تجد صعوبة في تعديل ابرز فرضيات القانون الأصلي وهي الاتفاق مع الصندوق، وهو ما جعل العديد من المنظمات المدنية والجهات الرسمية تطالب بالتسريع في إصدار قانون مالية تكميلي لسنة 2022، للحفاظ على مختلف التوازنات المالية للدولة، بعد تغير عديد الفرضيات التي بُني عليها قانون المالية لسنة 2022 ولا سيما ارتفاع سعر برميل البترول وتراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية، خاصة الدولار في الفترة الأخيرة...

تعديلات وإصلاحات منتظرة

وأمام هذا المأزق الذي وجدت فيه الحكومة اليوم، من المنتظر أن تكون المراجعات قاسية لتعويض فرضية اتفاق الصندوق والتي ستأتي في شكل إجراءات في عدد منها في  فصول قانون المالية التعديلي للسنة الجارية والبقية في قانون المالية لسنة 2023، والتي من المنتظر أن تشمل رفعا نهائيا للدعم خاصة على المحروقات ومواصلة وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية والتقليص من حجم كتلة الأجور والترفيع في بعض الاداءات والمعاليم الجبائية باعتبار أن الجباية هي المصدر الوحيد تقريبا الذي عرف ارتفاعا في الآونة الأخيرة.

وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد اقترحت جملة من الإجراءات العاجلة ضمن ميزانية 2023، للتحكم في كتلة الأجور وترشيدها من خلال تجميد الانتدابات وحصرها في الحاجيات المتأكدة.

واعتبرت الحكومة، في منشور حول إعداد ميزانية الدولة للسنة المقبلة وجهته إلى الوزراء ورؤساء الهياكل والهيئات الدستورية المستقلة والولاة ورؤساء البرامج، أن نفقات الأجور، وصلت إلى مستوى قياسي خلال سنة 2022 في حدود 15,6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 10 بالمائة سنة 2010 وهو ما قلص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.

ويعد التخفيض من كتلة الأجور، أحد ابرز الإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي تونس حتى تتمكن من إبرام اتفاق معه والحصول على تمويلات، إلى جانب الحد من نفقات الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية وإصلاح المنظومة الجبائية.

واقترحت الحكومة في ميزانية 2023، حصر الانتدابات في الحاجيات المتأكدة وذات الأولوية القصوى مع التخفيض التدريجي في عدد خريجي مدارس التكوين خاصة بالنسبة إلى وزارات الدفاع والداخلية والعدل ويتم ضبط تراخيص التكوين والعدد الجملي للانتدابات للفترة 2023-2025 من قبل مجلس وزاري يعقد للغرض.

كما تتمثل الإجراءات المقترحة كذلك في "تحديد نسبة الترقيات العادية بـ20 بالمائة إلى جانب عدم تعويض الشغورات والسعي إلى تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة، فضلا عن مزيد التحكم في ساعات العمل الإضافية وإسناد استراحة تعويضية في حالة القيام فعليا بساعات إضافية".

وسيتم، حسب الوثيقة إعداد روزنامة لتطبيق مقتضيات اتفاقية 6 فيفري 2021 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بالإضافة إلى انتداب 6000 عون في إطار برنامج تسوية القسط الثاني لعملة الحضائر.

كذلك تضمنت إجراءات الحكومة اعتماد برامج مستحدثة للتقليص من عدد الأعوان في الوظيفة العمومية من خلال مواصلة اعتماد البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية طبقا للفصل 14 من قانون المالية لسنة 2022.

وفاء بن محمد

مع التأخير الحاصل في مسار المفاوضات... قانون المالية التكميلي مرتهن بفرضية اتفاق الصندوق والحكومة في مأزق إيجاد البديل

تونس-الصباح

كشفت مصادر "الصباح" المطلعة أن وزارة المالية انطلقت منذ فترة في الإعداد لمشروع قانون المالية الجديد لسنة 2023 بالتزامن مع استكمال بعض التعديلات في فصول قانون المالية للسنة الجارية والذي من المنتظر أن يصدر في الأسابيع القليلة القادمة في شكل قانون تعديلي يتعبه مباشرة القانون الأصلي للمالية للسنة الجديدة، حسب الآجال الدستورية المتعارف عليها..

لكن الثابت هذه السنة، أن الظرف الذي تتنزل فيه عملية إعداد ميزانية الدولة وقانون المالية العمومية يختلف كثيرا عن السنوات السابقة، بدءا بالمسار التشريعي في ظل غياب البرلمان الجهة التي كان يمر بها للمصادقة على القانونين، مرورا بالظرف الاستثنائي الذي تعيش عل وقعه البلاد، وصولا إلى المؤشرات الاقتصادية التي وصلت إليها المالية العمومية...

كل هذه المؤشرات تجعل الدولة أمام تحد صعب،  وهي ملاحقة بجملة من الشكوك المحلية والخارجية  في ما يتعلق بمدى قدرتها على الإيفاء بتعهداتها الدستورية من جهة والمالية من جهة ثانية، حيث أكدت العديد من المؤسسات المالية المانحة أن الأرقام التي ضبطتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2022 تتطلب تعديلات مشروطة بإصلاحات...

كما ذهب عدد هام من المتدخلين في الشأن الاقتصادي إلى أن الحكومة اليوم غير قادرة على تعديل الفرضيات التي حددتها في القانون المالية لسنة 2022 في قانون جديد تعديلي، بل أنها في حرج كبير لإتمام عملية التعديل باعتبار أن الفارق في المؤشرات والإحصائيات بين التي وضعتها والواقع الذي تردت إليه اليوم يعتبر فارقا شاسعا بما سيفقدها ثقة التونسيين في الداخل وشركائها في الخارج.

وهذا ما كشفه الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن الحكومة لم تلجأ إلى قانون مالية تكميلي إلى غاية اليوم رغم تغّير كل الفرضيات التي بنيت على أساسها الميزانية الأصلية، مرده أنها خائفة من الإفصاح عن الأوضاع  والأرقام الحقيقية للاقتصاد التونسي والمالية العمومية التونسية، مضيفا أن تونس تشتغل دون ميزانية لان الميزانية التي تمت المصادقة عليها في ديسمبر 2021 تجاوزها الزمن من خلال  كل الجوانب سواء فيما يتعلق بسعر برميل النفط أو سعر العملة أو نسبة النمو.....

واعتبر سعيدان انه وفي ظل غياب البرلمان، الدستور التونسي يخول لرئيس الجمهورية قيس سعيد المصادقة على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2022 بأمر رئاسي، ويبقى الحرج أمام الدولة كيفية تعديل الفرضيات وهي التي ضبطت ميزانية لهذا العام في حدود 57 مليار دينار، بجملة موارد اقتراض داخلي وخارجي بـ 20 مليار دينار ما يمثل أكثر من ثلث الميزانية.

كما قدر الاقتراض الخارجي لوحده بحوالي 12,6 مليار دينار واقتراض داخلي  زهاء الـ  7 مليارات دينار ، وبعجز في الميزانية بـ 8.5  مليار دينار  وفي حدود الـ 4 آلاف مليون دينار وبسعر تم ضبطه لبرميل النفط في حدود الـ 75 دولارا ...

لكن كل هذه الأرقام تغيرت في الفترة الأخيرة، بما سيضطر الدولة إلى تعديلها وسط  تطورات جيوسياسية في الخارج بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت سلبا على اقتصاد البلاد، فاليوم عرفت  نفقات الأجور ارتفاعا بنسبة 5.3 بالمائة لتتجاوز 10.5 مليارات دينار وزادت كلفة الدعم الحكومي لتصل إلى 5 مليار دينار خلال كامل السنة الجارية، فضلا عن توسع العجز ليتجاوز الـ 9 مليار دينار والتي قد تصل قريبا إلى 10 مليارات حسب تقديرات البنك الدولي.

والتحدي الأخطر الذي تواجهه الدولة اليوم لا يتوقف فقط عند تعديل الفرضيات والأرقام التي انبنى عليها قانون المالية وميزانية الدولة لهذا العام، بل يكمن بالأساس في مدى قدرتها على تعبئة موارد مالية لتغطية الهوة التي ستخلقها كل الفوارق في هذه الأرقام وهي التي تجد صعوبة في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول قرض قد يخرجها من هذا المأزق..

اتفاق الصندوق الفرضية المثيرة للجدل

 

هذا الاتفاق الذي في الحقيقة يعد من ابرز الفرضيات التي انبت عليها ميزانيتها للسنة الحالية وهي الأولى بالتعديل في بقية الفرضيات التي وضعتها من قبيل سعر الصرف وسعر برميل النفط ونسبة النمو...

ولقيت هذه الفرضية جدلا واسعا بين الأوساط التونسية باعتبار انه لا يمكن التعويل على مثل هذه الحلول  كما لا يمكن ارتباط الاتفاق مع الصندوق بسد الثغرات الحاصلة بميزانية الدولة العمومية، والحال أن وضع البلاد اجتماعيا وسياسيا لا يسمح بالوصول إلى هذا الاتفاق...

   واليوم، تجد الحكومة صعوبة كبيرة في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي من اجل تعبئة موارد مالية بما يناهز الـ 12 مليار دينار في شكل برنامج قرض عل مدى 4 سنوات مقابل جملة من الإصلاحات التي من المفروض تفعيلها من قبل الدولة التونسية.

وعدم عودة المفاوضات بين الحكومة والصندوق مرده بالأساس إلى اختلاف وجهات النظر بين الحكومة وشركائها الاجتماعيين والحال أن الاتفاق بين هذه الأطراف  هو شرط وضعه الصندوق لعودة مسار المفاوضات، ومن ثمة الاتفاق حول برنامج القرض وما يشمله من إصلاحات...

وبالرغم من اللقاء الأخير الذي جمع رئيسة الحكومة نجلاء بودن  والأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الأعراف سمير ماجول، إلا أن العديد من المراقبين الاقتصاديين يؤكدون أن اتفاق الحكومة مع الصندوق لن يحصل هذه الفترة وقد تعود المفاوضات على الأرجح مع مطلع السنة المقبلة.

هذه التوقعات المطروحة على الساحة الوطنية تبرر حقيقة تأخر الحكومة في إصدار قانون المالية  التعديلي لسنة 2022 باعتبار أنها تجد صعوبة في تعديل ابرز فرضيات القانون الأصلي وهي الاتفاق مع الصندوق، وهو ما جعل العديد من المنظمات المدنية والجهات الرسمية تطالب بالتسريع في إصدار قانون مالية تكميلي لسنة 2022، للحفاظ على مختلف التوازنات المالية للدولة، بعد تغير عديد الفرضيات التي بُني عليها قانون المالية لسنة 2022 ولا سيما ارتفاع سعر برميل البترول وتراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية، خاصة الدولار في الفترة الأخيرة...

تعديلات وإصلاحات منتظرة

وأمام هذا المأزق الذي وجدت فيه الحكومة اليوم، من المنتظر أن تكون المراجعات قاسية لتعويض فرضية اتفاق الصندوق والتي ستأتي في شكل إجراءات في عدد منها في  فصول قانون المالية التعديلي للسنة الجارية والبقية في قانون المالية لسنة 2023، والتي من المنتظر أن تشمل رفعا نهائيا للدعم خاصة على المحروقات ومواصلة وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية والتقليص من حجم كتلة الأجور والترفيع في بعض الاداءات والمعاليم الجبائية باعتبار أن الجباية هي المصدر الوحيد تقريبا الذي عرف ارتفاعا في الآونة الأخيرة.

وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد اقترحت جملة من الإجراءات العاجلة ضمن ميزانية 2023، للتحكم في كتلة الأجور وترشيدها من خلال تجميد الانتدابات وحصرها في الحاجيات المتأكدة.

واعتبرت الحكومة، في منشور حول إعداد ميزانية الدولة للسنة المقبلة وجهته إلى الوزراء ورؤساء الهياكل والهيئات الدستورية المستقلة والولاة ورؤساء البرامج، أن نفقات الأجور، وصلت إلى مستوى قياسي خلال سنة 2022 في حدود 15,6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 10 بالمائة سنة 2010 وهو ما قلص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.

ويعد التخفيض من كتلة الأجور، أحد ابرز الإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي تونس حتى تتمكن من إبرام اتفاق معه والحصول على تمويلات، إلى جانب الحد من نفقات الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية وإصلاح المنظومة الجبائية.

واقترحت الحكومة في ميزانية 2023، حصر الانتدابات في الحاجيات المتأكدة وذات الأولوية القصوى مع التخفيض التدريجي في عدد خريجي مدارس التكوين خاصة بالنسبة إلى وزارات الدفاع والداخلية والعدل ويتم ضبط تراخيص التكوين والعدد الجملي للانتدابات للفترة 2023-2025 من قبل مجلس وزاري يعقد للغرض.

كما تتمثل الإجراءات المقترحة كذلك في "تحديد نسبة الترقيات العادية بـ20 بالمائة إلى جانب عدم تعويض الشغورات والسعي إلى تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة، فضلا عن مزيد التحكم في ساعات العمل الإضافية وإسناد استراحة تعويضية في حالة القيام فعليا بساعات إضافية".

وسيتم، حسب الوثيقة إعداد روزنامة لتطبيق مقتضيات اتفاقية 6 فيفري 2021 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بالإضافة إلى انتداب 6000 عون في إطار برنامج تسوية القسط الثاني لعملة الحضائر.

كذلك تضمنت إجراءات الحكومة اعتماد برامج مستحدثة للتقليص من عدد الأعوان في الوظيفة العمومية من خلال مواصلة اعتماد البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية طبقا للفصل 14 من قانون المالية لسنة 2022.

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews