إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حذار من التصادم بين الشارع والدولة

بقلم: نوفل سلامة

منذ أشهر والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يحذر في تقاريره التي يصدرها شهريا عن حالة الوضع العام من أن البلاد مقبلة على انفجار اجتماعي وشيك.. ومنذ أشهر وهو ينبه من خطورة تعمق الأزمة الاجتماعية وتمددها ويدعو جميع الأطراف وخاصة الجانب الحكومي إلى ضرورة الالتفات إلى مصاعب الحياة التي تخنق المواطنين وإلى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تكبل البلاد و التي تولد الغضب الشعبي المفضي إلى الاحتقان وتؤجج الاحتجاجات الشارعية التي بدأ نسقها يعود إلى وضعه الطبيعي الذي كان عليه قبل الإطاحة بمنظومة الحكم المنسوبة للثورة في ظل غياب الحلول العاجلة لما يحصل من انسداد الأفق للكثير من الشباب العاطل عن العمل وغياب الأمل في حلحلة الحال المتردية والشعور بالخيبة والإحباط من تحسن الأوضاع بعد مضي أكثر من سنة عن حدث 25 جويلية 2021 الذي شكل الأمل الكبير لكل التائهين والمهمشين والغاضبين من أداء كل حكومات التي تشكلت بعد الثورة والتي يصفونها بالفاشلة في تحقيق أهدافها واستحقاقات من قام بها وهم الذين اعتقدوا أن التغيير ممكن مع الرئيس قيس سعيد غير أن بطء الانجاز وتراجع تحقيق ما كانوا يحلمون به ويأملونه وتعثر محاسبة من أساء للبلاد جعلهم يفقدون الأمل من جديد في حصول تقدم في تحسن أوضاعهم وفي القدرة على مغالبة الاكراهات والاحراجات التي كبلت كل الحكومات السباقة وهي نفسها اليوم تكبل منظومة الحكم الحالية .

إن المشكل الذي نبه إليه المنتدى الاقتصادي والاجتماعي والذي يمنع البلاد من أن تنطلق نحو أفق جديد يكون أفصل مما كان عليه الوضع قبل 25 جويلية هو في تواصل تأزم الوضع المالي والاقتصادي للدولة. فعلى المستوى المالي فقد بان اليوم بكل وضوح أن الدولة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المستلزمين العموميين ويعوزها المال لخلاص مشترياتها وما يحتاجه الشعب من سلع ومنتجات أكثرها يتم توريده من الخارج وغياب الموارد المالية هو أحد الأسباب الرئيسية لفقدان الكثير من المنتجات والسلع من الأسواق وما يحصل من اضطراب مؤثر فيها وأزمة اقتصادية هي الأخرى لم تتحسن مؤشراتها ولم تقدر الحكومة على تجاوزها من خلال رؤية تجلب الاستثمارات الضرورية لخلق الثروة وتوفير مواطن شغل ضرورية للتقليص من حدة البطالة المتزايدة من يوم إلى آخر ومع تواصل الأزمتين المالية والاقتصادية تبرز الأزمة الاجتماعية الخطيرة والتي من تداعياتها فقدان الثقة فيمن يحكم وحصول الشعور بخيبة الأمل في تحسين الاوضاع المعيشية وفي قدرة من يدير الشأن العام على التغلب على المصاعب التي بقيت تراوح مكانها دون حلول عملية ناجعة.. الخوف من حصول القناعة بأن السياسيين يواصلون في بيع الوهم للشعب وأنهم منشغلون بفض مشاكلهم السياسية وحسم معركة الشرعية والمشروعية ومعركة الحكم ومعركة الانتخابات وهو مسار سياسي على أهميته طال أكثر من اللزوم في الوقت الذي كانت فيه المسألة الاجتماعية هي في المقدمة وهي الأولى بالاهتمام من تداعيات هذا الخيار السياسي تواصل الاختناق الاجتماعي وتعثر الانفراج الذي كان ينتظره الكثير من الناس وخاصة من الذين ساندوا حراك 25 جويلية الذين تراجع سقف الأمل عندهم ومعه تراجعت الثقة في قدرة الدولة على حل المشاكل وحصول القناعة لديهم  بأن الحل لن يكون جماعيا وأن الخلاص لا يمكن في ظل هذا الوضع المأزوم أن يكون إلا فرديا وبإرادة فردية حرة.

المشكل الذي نتوقف عنده في حديث المنتدى الاجتماعي والاقتصادي في خطورة التحذير الذي وجهه للقائمين على الحكم وفي التنبيه من خطورة تواصل عدم استقرار المناخ الاجتماعي وعودة حالة الغضب والشعور بالعجز عند الكثير من الناس وهي حالة نفسية وراءها نفاذ صبر الشعب من انسداد الأفق في كل شيء ومن تعثر التحسن في كل المجالات ومن بقاء نفس الحال على ما هي عليه ومن توخي نفس الحلول التي اعتبرت فشلا في تقييم أداء حكومات ما بعد الثورة وهي حالة نفسية في طريقها إلى الانفلات وصعوبة التحكم فيها وعدم كفاية المسكنات التقليدية معها وخاصة الخطاب السياسي الذي لم يعد يستهويها ويقنعها كثيرا من نتائجها الكارثية هذه المرة عودة الصدام بين الشارع والدولة في غياب بديل سياسي وفي ذهابها نحو المجهول والغموض إذا لم تتحرك الدولة ويكون لها القدرة على احتواء هذا الصدام الذي بدأت ارهاصاته تظهر منذ مدة في التحرك الشارعي الليلي الذي جد مساء الجمعة 2 سبتمبر الجاري في منطقة دوار هيشر وحي الانطلاقة وحي التضامن وهي تحركات احتجاجية شاركت فيها فئات عمرية مختلفة رفعت مطالب اقتصادية واجتماعية وشعارات تطالب بالعيش الكريم وإنهاء حالة الفرز الاجتماعي الذي يسلط عليهم والانتهاء من حالة التهميش وانعدام التنمية وضرورة الالتفات إلى هذه الأحياء الموجودة في قلب العاصمة في تقديم حلول عاجلة للتقليل من حالة البطالة ونسبة الفقر ومعالجة ظاهرة ارتفاع منسوب الجريمة والعنف والانقطاع المدرسي .

المقلق فيما نبه إليه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في موضوع عودة مشاعر الإحباط والقلق عند الشباب ولدى الكثير من الفئات الشعبية وفي عودة الاحتجاجات الشارعية بعد أن تراجع نسقها وتقلص عددها مقارنة بفترة حكم ما قبل 25 جويلية في كونها تتزامن مع ارتفاع نسق الهجرة غير الشرعية بكيفية ملفتة حولت ظاهرة الحرقة إلى عملية مغادرة جماعية للبلاد التي لم تعد في نظر الكثيرين مكانا صالحا للعيش وبلدا يوفر الراحة والاطمئنان على المستقبل بعد أن تحولت الحرقة من سلوك فردي إلى سلوك جماعي تشارك فيه كل العائلة (حوالي 500 عائلة غادرت البلاد بطريقة غير شرعية منذ بداية السنة) وفي عودة ظاهرة الانتحار وخيار إنهاء الحياة التي لم تعد لها معنى ولا فائدة في ظل واقع مأزوم مكبل بالعجز من كل ناحية وخاصة عودتها في المناطق والجهات التي صبرت كثيرا وكان الأمل يحدوها في تغير وضعها بعد رحيل منظومة ما قبل 25 جويلية وأن وضعها سوف يكون أفضل مع منظومة حكم الشعب يريد لتصطدم بأن دار لقمان بقيت على حالها وأن السياسي بواصل في بيعها الوهم.

كل ما طالب به المنتدى ونبه إليه هو ضرورة أن تتحرك الدولة وتحاصر هذا التململ الذي بدأ يظهر عند الناس وأن تعالج حالة الغضب والقلق التي بدأ الافصاح العلني عنه يبرز بقوة وأن تلتفت الحكومة إلى المشاكل الحارقة وفي فعل كل ما تقدر عليه وأكثر للحد من ظاهرة الحرقة والانتحار والالتفات إلى الموضوع الاجتماعي برمته خاصة وأن عودة الاحتجاجات الشارعية الغاضبة هذه المرة هي عودة في غياب البديل السياسي ومن خارج الرهان الحزبي أو السياسي وهي عودة تائهة لا تعرف إلى أين تسير ولا كيف تنتهي وهي خروج مدمر للجميع نتيجته هذه المرة الذهاب نحو المجهول حيث لا أحد هذه المرة لو حصل هذا الصدام له القدرة على التكهن بالنتيجة .

حذار من التصادم بين الشارع والدولة

بقلم: نوفل سلامة

منذ أشهر والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يحذر في تقاريره التي يصدرها شهريا عن حالة الوضع العام من أن البلاد مقبلة على انفجار اجتماعي وشيك.. ومنذ أشهر وهو ينبه من خطورة تعمق الأزمة الاجتماعية وتمددها ويدعو جميع الأطراف وخاصة الجانب الحكومي إلى ضرورة الالتفات إلى مصاعب الحياة التي تخنق المواطنين وإلى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تكبل البلاد و التي تولد الغضب الشعبي المفضي إلى الاحتقان وتؤجج الاحتجاجات الشارعية التي بدأ نسقها يعود إلى وضعه الطبيعي الذي كان عليه قبل الإطاحة بمنظومة الحكم المنسوبة للثورة في ظل غياب الحلول العاجلة لما يحصل من انسداد الأفق للكثير من الشباب العاطل عن العمل وغياب الأمل في حلحلة الحال المتردية والشعور بالخيبة والإحباط من تحسن الأوضاع بعد مضي أكثر من سنة عن حدث 25 جويلية 2021 الذي شكل الأمل الكبير لكل التائهين والمهمشين والغاضبين من أداء كل حكومات التي تشكلت بعد الثورة والتي يصفونها بالفاشلة في تحقيق أهدافها واستحقاقات من قام بها وهم الذين اعتقدوا أن التغيير ممكن مع الرئيس قيس سعيد غير أن بطء الانجاز وتراجع تحقيق ما كانوا يحلمون به ويأملونه وتعثر محاسبة من أساء للبلاد جعلهم يفقدون الأمل من جديد في حصول تقدم في تحسن أوضاعهم وفي القدرة على مغالبة الاكراهات والاحراجات التي كبلت كل الحكومات السباقة وهي نفسها اليوم تكبل منظومة الحكم الحالية .

إن المشكل الذي نبه إليه المنتدى الاقتصادي والاجتماعي والذي يمنع البلاد من أن تنطلق نحو أفق جديد يكون أفصل مما كان عليه الوضع قبل 25 جويلية هو في تواصل تأزم الوضع المالي والاقتصادي للدولة. فعلى المستوى المالي فقد بان اليوم بكل وضوح أن الدولة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المستلزمين العموميين ويعوزها المال لخلاص مشترياتها وما يحتاجه الشعب من سلع ومنتجات أكثرها يتم توريده من الخارج وغياب الموارد المالية هو أحد الأسباب الرئيسية لفقدان الكثير من المنتجات والسلع من الأسواق وما يحصل من اضطراب مؤثر فيها وأزمة اقتصادية هي الأخرى لم تتحسن مؤشراتها ولم تقدر الحكومة على تجاوزها من خلال رؤية تجلب الاستثمارات الضرورية لخلق الثروة وتوفير مواطن شغل ضرورية للتقليص من حدة البطالة المتزايدة من يوم إلى آخر ومع تواصل الأزمتين المالية والاقتصادية تبرز الأزمة الاجتماعية الخطيرة والتي من تداعياتها فقدان الثقة فيمن يحكم وحصول الشعور بخيبة الأمل في تحسين الاوضاع المعيشية وفي قدرة من يدير الشأن العام على التغلب على المصاعب التي بقيت تراوح مكانها دون حلول عملية ناجعة.. الخوف من حصول القناعة بأن السياسيين يواصلون في بيع الوهم للشعب وأنهم منشغلون بفض مشاكلهم السياسية وحسم معركة الشرعية والمشروعية ومعركة الحكم ومعركة الانتخابات وهو مسار سياسي على أهميته طال أكثر من اللزوم في الوقت الذي كانت فيه المسألة الاجتماعية هي في المقدمة وهي الأولى بالاهتمام من تداعيات هذا الخيار السياسي تواصل الاختناق الاجتماعي وتعثر الانفراج الذي كان ينتظره الكثير من الناس وخاصة من الذين ساندوا حراك 25 جويلية الذين تراجع سقف الأمل عندهم ومعه تراجعت الثقة في قدرة الدولة على حل المشاكل وحصول القناعة لديهم  بأن الحل لن يكون جماعيا وأن الخلاص لا يمكن في ظل هذا الوضع المأزوم أن يكون إلا فرديا وبإرادة فردية حرة.

المشكل الذي نتوقف عنده في حديث المنتدى الاجتماعي والاقتصادي في خطورة التحذير الذي وجهه للقائمين على الحكم وفي التنبيه من خطورة تواصل عدم استقرار المناخ الاجتماعي وعودة حالة الغضب والشعور بالعجز عند الكثير من الناس وهي حالة نفسية وراءها نفاذ صبر الشعب من انسداد الأفق في كل شيء ومن تعثر التحسن في كل المجالات ومن بقاء نفس الحال على ما هي عليه ومن توخي نفس الحلول التي اعتبرت فشلا في تقييم أداء حكومات ما بعد الثورة وهي حالة نفسية في طريقها إلى الانفلات وصعوبة التحكم فيها وعدم كفاية المسكنات التقليدية معها وخاصة الخطاب السياسي الذي لم يعد يستهويها ويقنعها كثيرا من نتائجها الكارثية هذه المرة عودة الصدام بين الشارع والدولة في غياب بديل سياسي وفي ذهابها نحو المجهول والغموض إذا لم تتحرك الدولة ويكون لها القدرة على احتواء هذا الصدام الذي بدأت ارهاصاته تظهر منذ مدة في التحرك الشارعي الليلي الذي جد مساء الجمعة 2 سبتمبر الجاري في منطقة دوار هيشر وحي الانطلاقة وحي التضامن وهي تحركات احتجاجية شاركت فيها فئات عمرية مختلفة رفعت مطالب اقتصادية واجتماعية وشعارات تطالب بالعيش الكريم وإنهاء حالة الفرز الاجتماعي الذي يسلط عليهم والانتهاء من حالة التهميش وانعدام التنمية وضرورة الالتفات إلى هذه الأحياء الموجودة في قلب العاصمة في تقديم حلول عاجلة للتقليل من حالة البطالة ونسبة الفقر ومعالجة ظاهرة ارتفاع منسوب الجريمة والعنف والانقطاع المدرسي .

المقلق فيما نبه إليه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في موضوع عودة مشاعر الإحباط والقلق عند الشباب ولدى الكثير من الفئات الشعبية وفي عودة الاحتجاجات الشارعية بعد أن تراجع نسقها وتقلص عددها مقارنة بفترة حكم ما قبل 25 جويلية في كونها تتزامن مع ارتفاع نسق الهجرة غير الشرعية بكيفية ملفتة حولت ظاهرة الحرقة إلى عملية مغادرة جماعية للبلاد التي لم تعد في نظر الكثيرين مكانا صالحا للعيش وبلدا يوفر الراحة والاطمئنان على المستقبل بعد أن تحولت الحرقة من سلوك فردي إلى سلوك جماعي تشارك فيه كل العائلة (حوالي 500 عائلة غادرت البلاد بطريقة غير شرعية منذ بداية السنة) وفي عودة ظاهرة الانتحار وخيار إنهاء الحياة التي لم تعد لها معنى ولا فائدة في ظل واقع مأزوم مكبل بالعجز من كل ناحية وخاصة عودتها في المناطق والجهات التي صبرت كثيرا وكان الأمل يحدوها في تغير وضعها بعد رحيل منظومة ما قبل 25 جويلية وأن وضعها سوف يكون أفضل مع منظومة حكم الشعب يريد لتصطدم بأن دار لقمان بقيت على حالها وأن السياسي بواصل في بيعها الوهم.

كل ما طالب به المنتدى ونبه إليه هو ضرورة أن تتحرك الدولة وتحاصر هذا التململ الذي بدأ يظهر عند الناس وأن تعالج حالة الغضب والقلق التي بدأ الافصاح العلني عنه يبرز بقوة وأن تلتفت الحكومة إلى المشاكل الحارقة وفي فعل كل ما تقدر عليه وأكثر للحد من ظاهرة الحرقة والانتحار والالتفات إلى الموضوع الاجتماعي برمته خاصة وأن عودة الاحتجاجات الشارعية الغاضبة هذه المرة هي عودة في غياب البديل السياسي ومن خارج الرهان الحزبي أو السياسي وهي عودة تائهة لا تعرف إلى أين تسير ولا كيف تنتهي وهي خروج مدمر للجميع نتيجته هذه المرة الذهاب نحو المجهول حيث لا أحد هذه المرة لو حصل هذا الصدام له القدرة على التكهن بالنتيجة .

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews