إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انتخابات المحامين: لهذا فاز مزيو وتراجع بالثابت.. وغابت كتلة الإسلاميين الانتخابية

لم تكن البرامج الانتخابية لخطة عميد المحامين وحدها مقياس التصويت على المترشحين حيث شكلت التحالفات السياسية داخل جسم الهيكل واحدة من أهم دوافع اختيار هذا المترشح أو ذاك.

ولئن اشترك المترشحون في مبدأ الدفاع عن المهنة وإعادة البريق الى المحاماة بعد الضرر الحاصل في هذا الجسم، حيث لم ينس المحامي اثر تفريط عميدهم بودربالة عن مبدأ دسترة المحاماة في الدستور الجديد وإلغاء عضوية المحامين بالمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء بعد أن انخرط كليا في مسار بناء الجمهورية الجديدة لقيس سعيد.

ويعيش القطاع تحت تنوع سياسي كبير يمثله القوميون واليساريون والإسلاميون وحتى التجمعيون، غير أن الأفضلية القصوى تبقى للمحامين المستقلين الذين شكلوا عبر تاريخ المهنة خزانا للمترشحين .

وقد فهم المترشحون الخمسة لخطة العمادة أن مسألة استقلالية المحاماة عن السلطة وعن الأحزاب السياسية من النقاط الأساسية ليبقى الامتياز في هذا الخصوص للمترشح حاتم مزيو الذي اقنع عدد كبير من المستقلين وأساسا بجهة تونس وصفاقس وغيرها من الجهات بأهمية التصويت له كمستقل عن الأحزاب عكس بوبكر بالثابت ذي التوجه القومي والمحسوب سياسيا على حركة الشعب.

وقد ظهر تأثر المحامين بمنهج الاستقلالية عن الأحزاب خلال عملية التصويت بانتخاب حاتم مزيو.

ولعل عدم التصويت للأستاذ بوبكر بالثابت اكبر دليل عن تراجع الشخصيات السياسية، فكما هو معلوم فان انتماء بالثابت الى حركة الشعب والقوميين عموما شكل حاجز صد لوصول الرجل الى رأس المهنة في خطة عميد.

ويبدو تأثر المحامين بضرورة إبعاد الأحزاب عن تسيير قيادة القطاع في تناغم واضح مع الموجة الشعبية الرافضة للأحزاب والسياسة عموما.

وبعيدا عن حديث الاستقلالية فقد كان الحديث جديا أيضا بضرورة إبعاد القوميين وأساسا حركة الشعب عن قيادة القطاع.

فقد نقلت كواليس المهنة أن المترشح بالثابت لم يخف عداءه للإسلاميين ولكل أولئك الذين لم يباركوا المسار السياسي لقيس سعيد إضافة الى دفاعه المستميت عن خيارات السياسية والحقوقية لسعيد.

وإذ لم يثبت هذا الموقف بشكل واضح وبقي مجرد حديث كواليس وذلك بالنظر الى عدد الأصوات التي تحصل عليها بالثابت وبلغت 1199 صوتا ما أهله للمرور الى الدور الثاني.

غير أن سقوطه في الدور الثاني لفائدة مزيو قد يكون مدخلا لتصديق ما جاء في الكواليس.

ورغم ارتفاع عدد المصوتين له في الدور الثاني مقابل تراجع أصوات منافسه مزيو فان التخوفات الأكبر كانت من أن يمثل بالثابت صوت السلطة في القطاع حيث لن يخرج الرجل عن توجهات حزبه وعن خط العميد السابق إبراهيم بودربالة.

ولعل الملاحظ في هذه الانتخابات هو غياب المحامين ذي التوجه الإسلامي وللكتلة الانتخابية لحركة النهضة وقد أوعز بعضهم سبب ذلك لغياب الرهان على خطة العميد عكس ما عرفه القطاع حين ترشح لذلك كل من الأستاذ عامر المحرزي في 2016 أو الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني سنة 2010.

وفتح تخلف الأستاذ محمد الهادفي في الصعود للدور الثاني باب الأسئلة رغم ما يتمتع به الرجل من مصداقية وشجاعة في الدفاع عن الحقوق والحريات.

وعن أسباب غياب الهادفي عن الذهاب الى الدور الثاني أو الفوز بمنصب العميد رغم دوره الكبير في الدفاع عن واقع العدالة قال الناشط والمحامي الأستاذ شكري عزوز «الأستاذ الهادفي من المناضلين التونسيين التاريخيين ودافع عن أفكار وخيارات وطنيّة ديمقراطيّة سواء في الوسط الجامعي أو في الوسط المهني وخلال تولّيه رئاسة فرع تونس للمحامين واصل في منهج الوفاء لمبادئه وخياراته الفكريّة وتجسّم ذلك بالخصوص في دفاعه المستميت على استقلاليّة القضاء».

واستطرد بالقول «لكن بحكم التركيبة الثقافيّة للجسم الانتخابي المحاماتي خاصّة في صفوف الشباب فإنّ الدّفاع عن القيم والمبادئ لا يعني الكثير وحتّى وإن تسلّط عليها الاهتمام فهي في مرتبة ثانية بالنسبة للمشاغل الحياتيّة اليوميّة للمحامي على غرار التغطية الاجتماعيّة وظروف العمل داخل المحاكم وغيرها.»

وأضاف أن «خصال الأستاذ الهادفي لا يعرفها إلّا عدد محدود من المحامين الذين ينتمون لنفس الجيل ونفس الأفكار وهذا ما يفسّر عدم حصوله على أغلبيّة أصوات تؤهّله للمرور للدور الثاني».

وعن دور الكتلة الانتخابية النهضاويّة فقد بين عزوز أن «مشاركتها كانت محدودة جدّا بالمقارنة مع الدورات الانتخابيّة السابقة وهذا أمر مفهوم نظرا للارتباط الشديد بين وضعيّة حركة النّهضة حاليا وما تعانيه من اهتزاز داخلي وضغط خارجي وانعكاس ذلك على منتسبيها وأنصارها في المحاماة.

وأضاف أن نفس الكتلة الانتخابية «وجدوا أنفسهم بين مترشحين اثنين: أحدهما لم يصرّح بأيّ موقف واضح وصريح في خصوص ما آلت إليه الأوضاع الدّستوريّة والسياسية بعد 25 جويلية 2021 والآخر منتم تقليديّا إلى تيّار إيديولوجي يناصب الإسلاميين العداء وهو التيار القومي وحركة الشعب على وجه الخصوص والواضح بأنّ منتسبي النّهضة وأنصارها فضّلوا المشاركة بالحدّ الأدنى تفاديا لتكرار الشعور بالندم من تجارب انتخابيّة سابقة سواء في الوسط المهني أو حتّى في الوسط السياسي.»

وعن مدى التزام العميد الجديد بمبدأ استقلالية المهنة عن السلطة اعتبر المحامي شكري عزوز «حاليا لا يمكن تقييم أداء العميد حاتم المزيو بناء على لون ناخبيه أو على مجرّد تصريح مباشر أخذ عنه بعيد التصريح بالنتائج الأكيد أنّ في انتظاره جملة من التحديّات المتعلّقة خصوصا بوضعية المحامي المهنيّة والاجتماعية بالإضافة الى مراجعة قانون المهنة».

وقال أيضا» لكن انفتاحه على جميع الأطياف الفكريّة والسياسية داخل المحاماة بالإضافة الى تجربته الطويلة في التسيير في فرع صفاقس وفي مجلس الهيئة يعزز الثقة في قدرته على حلّ جزء كبير من المشاكل التي تعاني منها المحاماة وخاصّة التي ورثها من ولاية العميد السابق».

◗ خليل الحناشي

انتخابات المحامين: لهذا فاز مزيو وتراجع بالثابت.. وغابت كتلة الإسلاميين الانتخابية

لم تكن البرامج الانتخابية لخطة عميد المحامين وحدها مقياس التصويت على المترشحين حيث شكلت التحالفات السياسية داخل جسم الهيكل واحدة من أهم دوافع اختيار هذا المترشح أو ذاك.

ولئن اشترك المترشحون في مبدأ الدفاع عن المهنة وإعادة البريق الى المحاماة بعد الضرر الحاصل في هذا الجسم، حيث لم ينس المحامي اثر تفريط عميدهم بودربالة عن مبدأ دسترة المحاماة في الدستور الجديد وإلغاء عضوية المحامين بالمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء بعد أن انخرط كليا في مسار بناء الجمهورية الجديدة لقيس سعيد.

ويعيش القطاع تحت تنوع سياسي كبير يمثله القوميون واليساريون والإسلاميون وحتى التجمعيون، غير أن الأفضلية القصوى تبقى للمحامين المستقلين الذين شكلوا عبر تاريخ المهنة خزانا للمترشحين .

وقد فهم المترشحون الخمسة لخطة العمادة أن مسألة استقلالية المحاماة عن السلطة وعن الأحزاب السياسية من النقاط الأساسية ليبقى الامتياز في هذا الخصوص للمترشح حاتم مزيو الذي اقنع عدد كبير من المستقلين وأساسا بجهة تونس وصفاقس وغيرها من الجهات بأهمية التصويت له كمستقل عن الأحزاب عكس بوبكر بالثابت ذي التوجه القومي والمحسوب سياسيا على حركة الشعب.

وقد ظهر تأثر المحامين بمنهج الاستقلالية عن الأحزاب خلال عملية التصويت بانتخاب حاتم مزيو.

ولعل عدم التصويت للأستاذ بوبكر بالثابت اكبر دليل عن تراجع الشخصيات السياسية، فكما هو معلوم فان انتماء بالثابت الى حركة الشعب والقوميين عموما شكل حاجز صد لوصول الرجل الى رأس المهنة في خطة عميد.

ويبدو تأثر المحامين بضرورة إبعاد الأحزاب عن تسيير قيادة القطاع في تناغم واضح مع الموجة الشعبية الرافضة للأحزاب والسياسة عموما.

وبعيدا عن حديث الاستقلالية فقد كان الحديث جديا أيضا بضرورة إبعاد القوميين وأساسا حركة الشعب عن قيادة القطاع.

فقد نقلت كواليس المهنة أن المترشح بالثابت لم يخف عداءه للإسلاميين ولكل أولئك الذين لم يباركوا المسار السياسي لقيس سعيد إضافة الى دفاعه المستميت عن خيارات السياسية والحقوقية لسعيد.

وإذ لم يثبت هذا الموقف بشكل واضح وبقي مجرد حديث كواليس وذلك بالنظر الى عدد الأصوات التي تحصل عليها بالثابت وبلغت 1199 صوتا ما أهله للمرور الى الدور الثاني.

غير أن سقوطه في الدور الثاني لفائدة مزيو قد يكون مدخلا لتصديق ما جاء في الكواليس.

ورغم ارتفاع عدد المصوتين له في الدور الثاني مقابل تراجع أصوات منافسه مزيو فان التخوفات الأكبر كانت من أن يمثل بالثابت صوت السلطة في القطاع حيث لن يخرج الرجل عن توجهات حزبه وعن خط العميد السابق إبراهيم بودربالة.

ولعل الملاحظ في هذه الانتخابات هو غياب المحامين ذي التوجه الإسلامي وللكتلة الانتخابية لحركة النهضة وقد أوعز بعضهم سبب ذلك لغياب الرهان على خطة العميد عكس ما عرفه القطاع حين ترشح لذلك كل من الأستاذ عامر المحرزي في 2016 أو الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني سنة 2010.

وفتح تخلف الأستاذ محمد الهادفي في الصعود للدور الثاني باب الأسئلة رغم ما يتمتع به الرجل من مصداقية وشجاعة في الدفاع عن الحقوق والحريات.

وعن أسباب غياب الهادفي عن الذهاب الى الدور الثاني أو الفوز بمنصب العميد رغم دوره الكبير في الدفاع عن واقع العدالة قال الناشط والمحامي الأستاذ شكري عزوز «الأستاذ الهادفي من المناضلين التونسيين التاريخيين ودافع عن أفكار وخيارات وطنيّة ديمقراطيّة سواء في الوسط الجامعي أو في الوسط المهني وخلال تولّيه رئاسة فرع تونس للمحامين واصل في منهج الوفاء لمبادئه وخياراته الفكريّة وتجسّم ذلك بالخصوص في دفاعه المستميت على استقلاليّة القضاء».

واستطرد بالقول «لكن بحكم التركيبة الثقافيّة للجسم الانتخابي المحاماتي خاصّة في صفوف الشباب فإنّ الدّفاع عن القيم والمبادئ لا يعني الكثير وحتّى وإن تسلّط عليها الاهتمام فهي في مرتبة ثانية بالنسبة للمشاغل الحياتيّة اليوميّة للمحامي على غرار التغطية الاجتماعيّة وظروف العمل داخل المحاكم وغيرها.»

وأضاف أن «خصال الأستاذ الهادفي لا يعرفها إلّا عدد محدود من المحامين الذين ينتمون لنفس الجيل ونفس الأفكار وهذا ما يفسّر عدم حصوله على أغلبيّة أصوات تؤهّله للمرور للدور الثاني».

وعن دور الكتلة الانتخابية النهضاويّة فقد بين عزوز أن «مشاركتها كانت محدودة جدّا بالمقارنة مع الدورات الانتخابيّة السابقة وهذا أمر مفهوم نظرا للارتباط الشديد بين وضعيّة حركة النّهضة حاليا وما تعانيه من اهتزاز داخلي وضغط خارجي وانعكاس ذلك على منتسبيها وأنصارها في المحاماة.

وأضاف أن نفس الكتلة الانتخابية «وجدوا أنفسهم بين مترشحين اثنين: أحدهما لم يصرّح بأيّ موقف واضح وصريح في خصوص ما آلت إليه الأوضاع الدّستوريّة والسياسية بعد 25 جويلية 2021 والآخر منتم تقليديّا إلى تيّار إيديولوجي يناصب الإسلاميين العداء وهو التيار القومي وحركة الشعب على وجه الخصوص والواضح بأنّ منتسبي النّهضة وأنصارها فضّلوا المشاركة بالحدّ الأدنى تفاديا لتكرار الشعور بالندم من تجارب انتخابيّة سابقة سواء في الوسط المهني أو حتّى في الوسط السياسي.»

وعن مدى التزام العميد الجديد بمبدأ استقلالية المهنة عن السلطة اعتبر المحامي شكري عزوز «حاليا لا يمكن تقييم أداء العميد حاتم المزيو بناء على لون ناخبيه أو على مجرّد تصريح مباشر أخذ عنه بعيد التصريح بالنتائج الأكيد أنّ في انتظاره جملة من التحديّات المتعلّقة خصوصا بوضعية المحامي المهنيّة والاجتماعية بالإضافة الى مراجعة قانون المهنة».

وقال أيضا» لكن انفتاحه على جميع الأطياف الفكريّة والسياسية داخل المحاماة بالإضافة الى تجربته الطويلة في التسيير في فرع صفاقس وفي مجلس الهيئة يعزز الثقة في قدرته على حلّ جزء كبير من المشاكل التي تعاني منها المحاماة وخاصّة التي ورثها من ولاية العميد السابق».

◗ خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews