إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منظومة إنتاج السكر تدفع فاتورة "عدم التزام" ديوان التجارة؟

تونس الصباح

تواجه تونس منذ نحو التسعة أشهر أزمة واضحة في توفر مادة السكر، وفضلا عن الإشكاليات والتأخير الذي يواجهها فيما يتعلق بوصول شحنات التوريد..، يبدو أن منظومة الإنتاج الوطنية بدورها تعاني من مشاكل وصعوبات، فمعمل السكر بباجة المسؤول عن توفير ما بين 40 و50 % من حجم الاستهلاك الوطني للسكر، خرج في عطلة صيانة منذ يوم 5 أوت وكان من المنتظر أن يعود للعمل مع بداية شهر سبتمبر، حسب تصريحات رسمية، لكنه لم يستأنف نشاطه بعد. كما أن معمل السكر ببنزرت الموجه إنتاجه للتصدير متوقف عن الإنتاج منذ فترة وحتى  شركة بن بشير للسكر المستخرج من اللفت السكري في جندوبة (ginor) كانت فترة نشاطها هذا العام محدودة ولم تنتج الكميات المنتظرة من السكر.

وفي علاقة بمعمل السكر بباجة، يوضح احمد الوحيشي عضو نقابة الشركة التونسية للسكر بباجة، أن فترة الصيانة إلى غاية الآن عادية وسنويا يأخذ المعمل فترتي صيانة الأولى تكون قصيرة ما بين شهري شهر مارس وافريل، أما الثانية فتكون أطول وعموما يتم أخذها خلال أوت وقد تمتد إلى غاية منتصف سبتمبر. هذا العام بدا الأمر غير عادي لان المعمل وأمام كثافة الاستهلاك التي واجهها خلال الأشهر السابقة لم يجهز أي مخزون استراتيجي وكل ما تم إنتاجه تم توزيعه في السوق المحلية عبر الديوان التونسي للتجارة.

وذكر الوحيشي أن معمل السكر بباجة، هو معمل حكومي أنشئ سنة 1960، انطلق في العمل في سنواته الأولى في تخصصين، تكرير السكر وإنتاج السكر من "البتراف"، ليتم في سنوات التسعينات الاقتصار على نشاط التكرير.

والمعمل يشتغل بطاقة إنتاج بين 150 و160 ألف طن من السكر المكرر الذي تستورده تونس كمواد خام من البرازيل وبدرجة اقل من الهند، حيث تراجعت معدلات توريدنا من البرازيل عند تسجيل ارتفاع عالمي في أسعار الطاقة أين وجهت هذه الأخيرة جزء من منتوجها من القصب السكري لإنتاج الطاقة البديلة البيولوجية. وبهذه الكمية يوفر معمل السكر بباجة (الشركة التونسية للسكر) نصف حاجيات السوق التونسية من السكر الصناعية منها والأسرية والمقدرة في السنة بنحو الـ 360 ألف طن أي بمعدل ألف طن في اليوم.

ويكرر معمل السكر بباجة المواد الخام ويبيعها للديوان التونسي للتجارة مقابل حصوله على منحة التكرير التي من المفروض أنها تغطي كلفة الأجور والتكرير والصيانة. لكن ومنذ سنوات أفاد عضو نقابة الشركة التونسية للسكر تأخر ديوان التجارة في مراجعة سعر التكرير مما تسبب في تسجيل عجز مالي بين كلفة التكرير الحقيقية وما ينص عليه العقد الممضي بين المعمل والديوان.

وذكر أن الديوان بصدد اعتماد عقد قديم ينص على قيمة 160 دينارا للطن من السكر المكرر في الوقت الذي يكلف الطن من السكر المكرر اليوم في حدود الـ 240 دينارا. فكلفة الإنتاج زادت بصفة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، والديوان التونسي للتجارة ليس بصدد خلاص القيمة الحقيقية لتكلفة تكرير السكر حتى بالمراجعة المبرمجة منذ سنة 2020 ولم تصدر بعد ليتم الإبقاء على مشكل الفارق بين الكلفة وقيمة الخلاص. 

ويعود تأخر عودة النشاط داخل معمل السكر بباجة، إلى عدم وصول قطع الغيار الخاصة بالصيانة من ناحية وعدم وصول شحنة السكر الخام بعد. وأفاد احمد الوحيشي أن الديوان التونسي للتجارة قد وعد بعدم تجاوز تاريخ 23 سبتمبر الجاري وبالتالي يمكن للمعمل أن يعود إلى العمل مع بداية شهر أكتوبر القادم. مع العلم انه ووفقا لمعطيات جمعتها "الصباح" إن آخر عملية تجديد للمعدات بمعمل السكر بباجة كانت في التسعينات. وخضع المعمل آنذاك إلى عملية تسريح كبيرة في إطار عملية التطهير الاجتماعي ليتراجع عدد عماله من نحو النصف ليبلغ اليوم 346 عاملا وعاملة.

أما بخصوص معمل السكر بنزرت، فهو مؤسسة "اوف شور" منتصبة في المنطقة الحرة ببنزت، منتوجها موجه بنسبة 100% للتصدير وحتى في حال اقتنى منها ديوان التجارة كميات تكون بالعملة الصعبة بما أنها مؤسسة أوف شور.

وتشكو المؤسسة تذبذبا في الإنتاج، كما تعاني منذ أكثر من سنة من صعوبات ومشاكل مهنية واجتماعية هددت ديمومة العمل داخلها وتعلقت في جزء كبير منها بالمستثمر الليبي، الذي يبدو أنه يريد التخلي على المعمل وتسريح عماله.

وبالوصول إلى المصنع الثالث للسكر في تونس وهو شركة بن بشير للسكر المستخرج من اللفت السكري في جندوبة (ginor)، فيبقى إنتاجها للسكر محدودا ويقتصر على فترة تمتد على ثلاثة أشهر فقط من السنة في علاقة مباشرة وأساسية بإنتاجنا من "البتراف" (اللفت السكري)، وهو مصنع كان على ملك الدولة مختص في صناعة السكر والخميرة تم التفويت فيه للخواص بعد أن أغلق لسنوات.

ويواجه أيضا معمل بن بشير في جندوبة إشكاليات مالية على خلفية عدم حصوله على مستحقاته كاملة من الديوان التونسي للتجارة باعتباره يحتكر توزيع مادة السكر في تونس وكامل إنتاج المصنع يقتنيه الديوان.

وعلى خلفية ما تم عرضه، يمكن القول أن أزمة تزويد السوق التونسية بالسكر (50% من حاجياتنا صناعية ونفس النسبة موجهة لاستهلاك الأسر)  والمشاكل التي تواجهها المصانع المختصة في المواد الغذائية على خلفية فقدان هذه المادة والتي وصلت حد تهديد عمالها ببطالة تقنية، تعود في جزء كبير منها إلى الأزمة المالية التي يواجهها الديوان التونسي للتجارة الذي يحتكر توريد وتوزيع مادة السكر، ويتخلف عن تسديد ديونه ويتأخر في مراجعة عقوده وفي صيانة معمل السكر بباجة.

وللإشارة تعترف وزارة التجارة بالإشكاليات والمشاكل التي يواجهها ديوان التجارة، وتعتبر انه بصدد تسجيل خسارة كبيرة على خلفية ارتفاع كلفة توريد كل من السكر والشاي والقهوة والأرز.

ريم سوودي  

 منظومة إنتاج السكر تدفع فاتورة "عدم التزام" ديوان التجارة؟

تونس الصباح

تواجه تونس منذ نحو التسعة أشهر أزمة واضحة في توفر مادة السكر، وفضلا عن الإشكاليات والتأخير الذي يواجهها فيما يتعلق بوصول شحنات التوريد..، يبدو أن منظومة الإنتاج الوطنية بدورها تعاني من مشاكل وصعوبات، فمعمل السكر بباجة المسؤول عن توفير ما بين 40 و50 % من حجم الاستهلاك الوطني للسكر، خرج في عطلة صيانة منذ يوم 5 أوت وكان من المنتظر أن يعود للعمل مع بداية شهر سبتمبر، حسب تصريحات رسمية، لكنه لم يستأنف نشاطه بعد. كما أن معمل السكر ببنزرت الموجه إنتاجه للتصدير متوقف عن الإنتاج منذ فترة وحتى  شركة بن بشير للسكر المستخرج من اللفت السكري في جندوبة (ginor) كانت فترة نشاطها هذا العام محدودة ولم تنتج الكميات المنتظرة من السكر.

وفي علاقة بمعمل السكر بباجة، يوضح احمد الوحيشي عضو نقابة الشركة التونسية للسكر بباجة، أن فترة الصيانة إلى غاية الآن عادية وسنويا يأخذ المعمل فترتي صيانة الأولى تكون قصيرة ما بين شهري شهر مارس وافريل، أما الثانية فتكون أطول وعموما يتم أخذها خلال أوت وقد تمتد إلى غاية منتصف سبتمبر. هذا العام بدا الأمر غير عادي لان المعمل وأمام كثافة الاستهلاك التي واجهها خلال الأشهر السابقة لم يجهز أي مخزون استراتيجي وكل ما تم إنتاجه تم توزيعه في السوق المحلية عبر الديوان التونسي للتجارة.

وذكر الوحيشي أن معمل السكر بباجة، هو معمل حكومي أنشئ سنة 1960، انطلق في العمل في سنواته الأولى في تخصصين، تكرير السكر وإنتاج السكر من "البتراف"، ليتم في سنوات التسعينات الاقتصار على نشاط التكرير.

والمعمل يشتغل بطاقة إنتاج بين 150 و160 ألف طن من السكر المكرر الذي تستورده تونس كمواد خام من البرازيل وبدرجة اقل من الهند، حيث تراجعت معدلات توريدنا من البرازيل عند تسجيل ارتفاع عالمي في أسعار الطاقة أين وجهت هذه الأخيرة جزء من منتوجها من القصب السكري لإنتاج الطاقة البديلة البيولوجية. وبهذه الكمية يوفر معمل السكر بباجة (الشركة التونسية للسكر) نصف حاجيات السوق التونسية من السكر الصناعية منها والأسرية والمقدرة في السنة بنحو الـ 360 ألف طن أي بمعدل ألف طن في اليوم.

ويكرر معمل السكر بباجة المواد الخام ويبيعها للديوان التونسي للتجارة مقابل حصوله على منحة التكرير التي من المفروض أنها تغطي كلفة الأجور والتكرير والصيانة. لكن ومنذ سنوات أفاد عضو نقابة الشركة التونسية للسكر تأخر ديوان التجارة في مراجعة سعر التكرير مما تسبب في تسجيل عجز مالي بين كلفة التكرير الحقيقية وما ينص عليه العقد الممضي بين المعمل والديوان.

وذكر أن الديوان بصدد اعتماد عقد قديم ينص على قيمة 160 دينارا للطن من السكر المكرر في الوقت الذي يكلف الطن من السكر المكرر اليوم في حدود الـ 240 دينارا. فكلفة الإنتاج زادت بصفة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، والديوان التونسي للتجارة ليس بصدد خلاص القيمة الحقيقية لتكلفة تكرير السكر حتى بالمراجعة المبرمجة منذ سنة 2020 ولم تصدر بعد ليتم الإبقاء على مشكل الفارق بين الكلفة وقيمة الخلاص. 

ويعود تأخر عودة النشاط داخل معمل السكر بباجة، إلى عدم وصول قطع الغيار الخاصة بالصيانة من ناحية وعدم وصول شحنة السكر الخام بعد. وأفاد احمد الوحيشي أن الديوان التونسي للتجارة قد وعد بعدم تجاوز تاريخ 23 سبتمبر الجاري وبالتالي يمكن للمعمل أن يعود إلى العمل مع بداية شهر أكتوبر القادم. مع العلم انه ووفقا لمعطيات جمعتها "الصباح" إن آخر عملية تجديد للمعدات بمعمل السكر بباجة كانت في التسعينات. وخضع المعمل آنذاك إلى عملية تسريح كبيرة في إطار عملية التطهير الاجتماعي ليتراجع عدد عماله من نحو النصف ليبلغ اليوم 346 عاملا وعاملة.

أما بخصوص معمل السكر بنزرت، فهو مؤسسة "اوف شور" منتصبة في المنطقة الحرة ببنزت، منتوجها موجه بنسبة 100% للتصدير وحتى في حال اقتنى منها ديوان التجارة كميات تكون بالعملة الصعبة بما أنها مؤسسة أوف شور.

وتشكو المؤسسة تذبذبا في الإنتاج، كما تعاني منذ أكثر من سنة من صعوبات ومشاكل مهنية واجتماعية هددت ديمومة العمل داخلها وتعلقت في جزء كبير منها بالمستثمر الليبي، الذي يبدو أنه يريد التخلي على المعمل وتسريح عماله.

وبالوصول إلى المصنع الثالث للسكر في تونس وهو شركة بن بشير للسكر المستخرج من اللفت السكري في جندوبة (ginor)، فيبقى إنتاجها للسكر محدودا ويقتصر على فترة تمتد على ثلاثة أشهر فقط من السنة في علاقة مباشرة وأساسية بإنتاجنا من "البتراف" (اللفت السكري)، وهو مصنع كان على ملك الدولة مختص في صناعة السكر والخميرة تم التفويت فيه للخواص بعد أن أغلق لسنوات.

ويواجه أيضا معمل بن بشير في جندوبة إشكاليات مالية على خلفية عدم حصوله على مستحقاته كاملة من الديوان التونسي للتجارة باعتباره يحتكر توزيع مادة السكر في تونس وكامل إنتاج المصنع يقتنيه الديوان.

وعلى خلفية ما تم عرضه، يمكن القول أن أزمة تزويد السوق التونسية بالسكر (50% من حاجياتنا صناعية ونفس النسبة موجهة لاستهلاك الأسر)  والمشاكل التي تواجهها المصانع المختصة في المواد الغذائية على خلفية فقدان هذه المادة والتي وصلت حد تهديد عمالها ببطالة تقنية، تعود في جزء كبير منها إلى الأزمة المالية التي يواجهها الديوان التونسي للتجارة الذي يحتكر توريد وتوزيع مادة السكر، ويتخلف عن تسديد ديونه ويتأخر في مراجعة عقوده وفي صيانة معمل السكر بباجة.

وللإشارة تعترف وزارة التجارة بالإشكاليات والمشاكل التي يواجهها ديوان التجارة، وتعتبر انه بصدد تسجيل خسارة كبيرة على خلفية ارتفاع كلفة توريد كل من السكر والشاي والقهوة والأرز.

ريم سوودي  

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews