إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منجي الخماسي الأمين العام لحزب الخضر للتقدم: المعارضة لم تتخط مرحلة الفشل.. والديبلوماسية الاقتصادية مازالت تتخبّط

 

تونس- الصباح

قال الأمين العام لحزب "الخضر للتقدم" منجي الخماسي في حوار لـ"الصباح" أن حزبه سيشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة، باعتبار انه لم يتخلف منذ تأسيسه عن المشاركة في كل المحطات الانتخابية.

واعتبر الخماسي أن الأوضاع الحالية في حاجة أكيدة وسريعة للنظر في حاجيات المواطن، وايلاء الأهمية الأكبر لمقدرته الشرائية في ظل غلاء المعيشة والتطورات المتسارعة.

وفي سياق متصل أكد الخماسي أن الاستفادة من  قمة "تيكاد8" يبقى رهين متابعة الاتفاقيات المبرمة وكيفية التسويق لهذه الدورة، مؤكدا أن الديبلوماسية الاقتصادية، بقيت تتخبط، ومازالت حبيسة حسابات حزبية ضيقة، وفق قوله.

الخماسي الذي تحدث عن الأزمة الديبلوماسية بين تونس والمغرب وتطورات المشهد السياسي تحدث كذلك عن عديد الملفات من خلال الحوار التالي:

 

حاوره: محمد صالح الربعاوي

  • لو نسألك بداية عن تقييمك لقمة "تيكاد8" التي كثر حولها الكلام، ومدى استفادة تونس؟

-أولا علينا أن نعطي بعض التوضيحات حول دورة "تيكاد8" التي شاركت فيها مجمل دول الاتحاد الإفريقي، والتي اعتبرها ناجحة من حيث الاستقبال وحسن الضيافة والتنظيم، إضافة إلى أهمية الحضور في هذه الدورة في ظل مشاركة 300 رجل أعمال من تونس واليابان وإفريقيا وسبقتها دورة سنة 201 ببروكسل في إطار انفتاح إفريقيا على أوروبا.

وتبقى الاستفادة من هذه القمة رهين كيفية التسويق لهذه الدورة والتي لم تأخذ حظها كما يجب بتقصير من الديبلوماسية التونسية التي عرفت انكماشا حتى لا نقول تقصيرا في الأداء من ناحية الديبلوماسية الاقتصادية، التي بقيت تتخبط، ومازالت حبيسة حسابات حزبية ضيقة معلنة وغير معلنة، ولها تأثير مباشر وغير مباشر على نسيجنا الاقتصادي وجلب الاستثمار والمستثمرين من الخارج أي الأجانب وحتى التونسيين منهم الذين يعدون بالمئات بل قل بالآلاف، حيث لا حظنا أن هناك عجزا ديبلوماسيا في التفاعل معهم وتوجيههم إلى ارض الوطن.

وفي وقت كان لمنظمة الأعراف الدور الهام لجلب الاستثمار لم تكن مساهمتها فاعلة بالقدر المطلوب قبل الدورة بأشهر بل قل غائبة وكأن الدورة لا تعنيها.

كما أن الإعلام لم يسوق لهذه الدورة بما يجعلها فرصة للاستثمار وجلبا لمستثمرين أفارقة أو يابانيين بما لدينا من مزايا للمستثمر الأجنبي للانتصاب، وهي كلها عوامل جعلت الاستفادة من هذه القمة محتشمة، وهذا لا ينفي القول أن احتضان تونس لهذه الدورة بحضور 500 صحفي على الأقل جعل من تونس منصة لحسن الاستقبال والضيافة والتنظيم مما أثار حفيظة المغرب الشقيق لأسباب نجهلها، وهنا تتحمل الدبلوماسية التونسية في المغرب نسبيا عدم التوصل إلى حل ورأب الصدع إن كان موجودا بقطع النظر عن المنافسة غير المسبوقة لتونس من طرف المغرب الشقيق خصوصا وتونس تمر بمرحلة دقيقة وصعبة وهذا ما نعيبه على إخوتنا في المغرب.

  • الأزمة الديبلوماسية مع المغرب التي نشبت على هامش قمة "تيكاد".. إلى أي حد تبدو لك مفتعلة؟

-نعم مقاطعة المغرب لهذه الدورة في تونس غير حميدة وتعتبر أزمة ديبلوماسية وهي ليست الأولى وتذكرنا حتى بقطع العلاقات سابقا أيام الرئيس بورقيبة بخصوص موقف تونس من موريتانيا. ونتمنى ألا يحصل ذلك حول جبهة البوليساريو بسبب حضور رئيسها في تونس، خصوصا أن الدعوات الرسمية موكولة إلى الاتحاد الإفريقي، والحق لكل البلدان الأعضاء المشاركة، كما أن رئيس جبهة البوليساريو العضو في الاتحاد الإفريقي من المؤسسين لهذا الاتحاد وكان حاضرا  من قبل في العديد من الدورات والندوات بحضور إخواننا المغاربة، ثم إن الصحراء الغربية مدرجة على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1963. ومن خلال هذه المعطيات نستنتج أن افتعال هذه الأزمة الديبلوماسية من طرف المغرب والأسباب تبقى مجهولة بينما يبقى الموقف التونسي سليما، كبلد مضيف ومشارك لا غير، كما أن موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد سليم باستقباله رؤساء دول وهو في بلده المضيف بل من واجبه ذلك، فتونس بلد الضيافة ومنذ عقود كانت مدرسة للديبلوماسية وحسن الاستقبال.

وبالمناسبة ندعو أولي الأمر من البلدين إلى طي صفحة الماضي والكف عن إشعال نار الفتنة من طرف بعض الفضائيات والإعلاميين بعودة العلاقات بعد هذا التوتر الذي غذاه العديد من الفاعلين السياسيين وقلة من النخب والمعارضين سامحهم الله.

  • من يتحمل مسؤولية ما حدث؟

-سبق أن قلت أن موقف الرئيس سعيد سليم من حيث المبدإ ومقاطعة المغرب لهذه الدورة من المؤكد أن أسبابها معقدة لا نعلمها بعد بقطع النظر عن حضور رئيس الصحراء الغربية من عدمه، وبالتالي اللوم يبقى قائم على من ادعى ولم يقبل الدعوة في بلد شقيق علاقتنا جيدة معه بقطع النظر عن عنصر المنافسة القائم منذ عقود.

كما يتحمل الإعلام جانبا من المسؤولية في إشعال الفتيل والجنوح إلى المزايدات السياسوية من طرف البعض بتعلات أحيانا واهية وليس لها أي مبرر. وما حدث ليس بالأمر الخطير ويمكن بشيء من العقلانية وتفعيل الديبلوماسية أن ترجع الأمور إلى نصابها عاجلا أم آجلا.

  • مواقف بعض الأطراف من المعارضة التي ناصرت المغرب وعمدت إلى توظيف هذه الأزمة واستثمارها، كيف تنظر إليها؟

-هذه الأطراف حرة في مواقفها وإن كانت تونسية فهذا لا يليق بها. بلادي وإن جارت علي ومهما كانت المبررات فاعتبرها مواقف مهينة وتدخل في إطار الحسابات السياسوية الضيقة التي لا تخدم مصلحة الوطن لا حاليا ولا مستقبلا.

ونقول لهؤلاء الأطراف إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وهنا النصر لمن أحب وطنه ودافع عنه وقت المحن فالمناصرة أولا لتونس ثم المغرب إن استوجب الأمر واذكر هنا قضية سبتة ومليلة التي مازالت تحت السيطرة الاسبانية وأنا من مناصري المغرب في هذه القضية بينما أناصر وطني تونس في ما حدث في قمة "تيكاد8".

  • بعد كل هذه التطورات كيف تنظر إلى المشهد السياسي في تونس؟

-المشهد السياسي حاليا منقسم إلى مساند ومعارض ويلفه بعض الغموض بعد ما عاشه خلال الفترة الماضية من انقسامات وتقلبات، وفي الأثناء وبعد النسبة التي حازها الدستور الجديد بما يقرب 95 بالمائة من مجمل الأصوات المشاركة وخصوصا بعد 25 جويلية 2021 وما جاء في كلمة رئيس الجمهورية من طمأنة زادت في مريديه. ومن جهة أخرى الطرف المعارض يبدو قلقا ومتخوفا واغلبهم ممن حكموا تونس في العشرية السوداء وفشلوا. ولكن الطرفان سواء المؤيدين أو المعارضين على حد السواء مازالت لم تتضح لهم معالم الخطوات المقبلة التي سيقدم عليها رئيس الجمهورية بما له من صلوحيات في نظام رئاسي وفي جمهورية ثالثة وبدستور جديد في انتظار المحكمة الدستورية وقانون انتخابي جديد، ومجلس نيابي جديد تفرزه انتخابات 17 ديسمبر 2022.

  • وسط الانتقادات وتبادل الاتهامات، هل انحرف رئيس الجمهورية قيس سعيد عن المسار مثلما يتهمه خصومه أم انه في المسار الصحيح؟

-كما سبق أن ذكرت انه علينا أن لا ننسى فوز قيس سعيد الساحق في الانتخابات الرئاسية 2019 ولا ننسى كذلك خروج أنصاره ومؤيديه من الشعب في 25 جويلية 2021 بمناسبة الخطاب المطمئن والواعد الذي ألقاه، وأخيرا الدستور الجديد الذي يسلط الضوء على مشروعه دستوريا في ما يتضمنه في التوطئة وفصول بأهم الملامح الأساسية والكبرى وما ينوي وضعه في مخططاته المستقبلية في اغلب مناحي حياة المواطن بينما الخصوم والمعارضين عاجزين عن معارضة موحدة باعتبارهم متباعدين ومتنافسين بينهم، واكتفت ما يسمى بجبهة الخلاص بفتح مشاورات عاجلة، وهذا هو حال تونس بين مساند ومعارض.

  • في ظل هذا الوضع المتردي وتواصل الصراعات والتجاذبات، إلى أي مدى تعتقد أن المعارضة فشلت في طرح البديل؟

-إلى حد اليوم المعارضة لم تتخط مرحلة الفشل لإيجاد البديل، وبقيت متشظية ومتباعدة وأحيانا متنافسة إلى حد الصراع فيما بينها، وحتى إن وجدت أخرى فاكتفت بالدعوة لإسقاط المسار دون تحديد طريقة وبرنامج بديل بعد الإسقاط. يبقى طرفين في المعادلة يتصدران استطلاعات الرأي للفوز بالاستحقاق الانتخابي المقبل، واعتقد أن ذلك غير مضمون مستقبلا، وبعد صدور المجلة الانتخابية قد يتضح أكثر المشهد المنتظر.

  • لكن المعارضة مازالت تشكك في الاستفتاء وتنتقد الدستور وتقول إن سعيد في عزلة؟

-لها ما تقول والعهدة على من روى..، اليوم تونس فيها دستور جديد بعد استفتاء بنسبة مشاركة لحوالي 30 بالمائة من الناخبين و95 بالمائة من المدلين بأصواتهم بنعم. وحسب اعتقادي ومتابعتي اليومية كمواطن ألاحظ أن الرئيس سعيد ليس في عزلة كما يتصور البعض ولكن هناك بعض الغموض في بعض المسائل لا غير، ثم إن نشاطه مع الحكومة وأعضائها نلاحظه يوميا تقريبا، كما انه يتواصل باستمرار مع رؤساء الدول ويستقبل كبار مسؤولي الدول الكبرى، دون أن ننسى ما قام به من زيارات إلى الخارج إضافة إلى تلقيه عديد الدعوات من رؤساء دول كبرى.

  • كيف تقيم حكومة نجلاء بودن التي تباينت حيالها المواقف؟

-بالنسبة لرئيسة الحكومة أحيي فيها أقدامها على توليها هذا المنصب، ومن المؤكد أنها وجدت ملفات حارقة على طاولة مكتبها، واعتبر ذلك إقدام على تركة ثقيلة مليئة بالتعقيدات والاكراهات دامت عقدا من الزمن.

شخصيا اعتبر أن تونس سباقة في العديد من المبادرات التي راهن عليها بناة دولة الاستقلال لايلاء المرأة مسؤولية في أعلى هرم السلطة لامرأة تكاد تكون الأولى لتولي رئاسة حكومة على مستوى المنطقة إقليميا وحتى دولية خصوصا أنها أثبتت جدارتها في إدارة الحكومة ولخلق توازن على مستوى فريقها الحكومي وانضباطها في المسؤولية أمام رئيس الدولة، والجانب الأهم ما لاحظناه من استقرار نسبي مقارنة بمن سبقها في هذه المسؤولية في العشرية المظلمة الفارطة من 2010 إلى2020 والتي أفسدت البيئة عموما بمفهومها الشامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

لكن هذا لا ينفي القول أن الأوضاع حاليا في حاجة ملحة وأكيدة وسريعة للنظر في حاجيات المواطن من عدة نواحي منها أساسا المسائل المعيشية والغلاء المشط للأسعار، وايلاء الأهمية الأكبر للمقدرة الشرائية للمواطن ومعالجتها للجوانب الاجتماعية للعديد من الشرائح الاجتماعية ومحدودي الدخل، كما الجانب الصحي للمواطن في كيفية تلقيه للعلاج والذي يجد نفسه عاجزا عن المداواة بل أن الكثير يموت بعلته لافتقاره لأبسط وسائل العلاج العمومي والمداواة كما النقص غير المسبوق في الأدوية في وقت تونس تصنع اغلب أنواع الأدوية.

ومن ناحية أخرى تبقى انتعاشة الاقتصاد غير المأمول والمنشود لكثرة التعقيدات وكثرة الوثائق المطلوبة التي أرهقت كاهل الجميع سواء باعثين شبان أو مستثمرين. كما بقيت ترسانة القوانين في البعض منها راجعة إلى عقود مضت غير متناغمة مع الوضع الحالي وبنسق متفاوت، دون أن ننسى بعض التشريعات المجحفة في حق المستثمر والمواطن على حد سواء.

  • البعض دعا إلى ضرورة رحيل وجوه سياسية حان وقت تقاعدها السياسي مثل الغنوشي والشابي وحمة الهمامي وغيرهم، ما هو تعليقك؟

-على حد علمي أن رحيل السياسي يبقى صعبا والتقاعد ليس موجودا في قاموس السياسيين ولكن استراحة المحارب خاصة إذا فشل مطلوبة لاستعادة الأنفاس والانطلاق من جديد على الأقل لمدة زمنية تضاهي الدورة الانتخابية.

  • هل سيشارك حزبك في الانتخابات التشريعية؟

-أولا هو ليس حزبي بل هو وسيلة للدفاع عن بيئة سليمة ومحيط نظيف حتى وإن صح التعبير فحزب الخضر للتقدم هو آلية بأدبيات ورؤى لكل من له نوايا صادقة للتحسيس بالثقافة البيئية لدى الناشئة وفي المجتمع عموما وفي بيئة نظيفة. وهو كذلك حزب كل من هو شغوف بأهدافه النبيلة والراقية والإنسانية حفاظا على ثرواتنا الطبيعية ومحيطنا والتعويل على اقتصاد أخضر وعلى ثرواتنا المائية والتي انطلقت شرارة الحرب حولها في عدة أماكن في العالم منها سد النهضة بين إثيوبيا ومصر.

كما أن المحافظة وحماية محمياتنا الطبيعية الممثلة في 17 محمية والتي تتميز عن بقية دول الجوار وتثمين النظم البيئية والتنوع البيولوجي الذي تزخر به تونس من الجنوب إلى الشمال. إضافة إلى التصدي لكل ما من شانه إفساد الذوق العام من بناء عشوائي والتعدي على جمالية شواطئنا وسواحلنا سواء بالبناء العشوائي والانتصاب العشوائي الذي طال حتى أطراف الأحياء الراقية.

أعود وأقول إجابة عن سؤالك من عدمها في الانتخابات التشريعية، نحن مناضلي حزب الخضر للتقدم اتخذنا قرارنا منذ النشأة والتأسيس أن نشارك في كل المحطات الانتخابية وفي كل المجالس المنتخبة ولم نتخلف عن أي موعد انتخابي منذ حصولنا على التأشيرة القانونية برغم تجفيف المنابع الذي مورس علينا في العشرية الفارطة. وبحكم الإمكانيات المادية المفقودة وبعد صدور المجلة الانتخابية سوف يقر المجلس الوطني للحزب المشاركة في الانتخابات إن أمكن وبما يتوفر لدينا من إرادة وإمكانيات وما توفيقنا إلا بالله خدمة للمصلحة العامة والبيئة وما الحزب إلا وسيلة لا غير للتواجد على الساحة السياسية والمشاركة في الشأن العام.

واختم هذا اللقاء بأية قرآنية "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

  

منجي الخماسي الأمين العام لحزب الخضر للتقدم:  المعارضة لم تتخط مرحلة الفشل.. والديبلوماسية الاقتصادية مازالت تتخبّط

 

تونس- الصباح

قال الأمين العام لحزب "الخضر للتقدم" منجي الخماسي في حوار لـ"الصباح" أن حزبه سيشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة، باعتبار انه لم يتخلف منذ تأسيسه عن المشاركة في كل المحطات الانتخابية.

واعتبر الخماسي أن الأوضاع الحالية في حاجة أكيدة وسريعة للنظر في حاجيات المواطن، وايلاء الأهمية الأكبر لمقدرته الشرائية في ظل غلاء المعيشة والتطورات المتسارعة.

وفي سياق متصل أكد الخماسي أن الاستفادة من  قمة "تيكاد8" يبقى رهين متابعة الاتفاقيات المبرمة وكيفية التسويق لهذه الدورة، مؤكدا أن الديبلوماسية الاقتصادية، بقيت تتخبط، ومازالت حبيسة حسابات حزبية ضيقة، وفق قوله.

الخماسي الذي تحدث عن الأزمة الديبلوماسية بين تونس والمغرب وتطورات المشهد السياسي تحدث كذلك عن عديد الملفات من خلال الحوار التالي:

 

حاوره: محمد صالح الربعاوي

  • لو نسألك بداية عن تقييمك لقمة "تيكاد8" التي كثر حولها الكلام، ومدى استفادة تونس؟

-أولا علينا أن نعطي بعض التوضيحات حول دورة "تيكاد8" التي شاركت فيها مجمل دول الاتحاد الإفريقي، والتي اعتبرها ناجحة من حيث الاستقبال وحسن الضيافة والتنظيم، إضافة إلى أهمية الحضور في هذه الدورة في ظل مشاركة 300 رجل أعمال من تونس واليابان وإفريقيا وسبقتها دورة سنة 201 ببروكسل في إطار انفتاح إفريقيا على أوروبا.

وتبقى الاستفادة من هذه القمة رهين كيفية التسويق لهذه الدورة والتي لم تأخذ حظها كما يجب بتقصير من الديبلوماسية التونسية التي عرفت انكماشا حتى لا نقول تقصيرا في الأداء من ناحية الديبلوماسية الاقتصادية، التي بقيت تتخبط، ومازالت حبيسة حسابات حزبية ضيقة معلنة وغير معلنة، ولها تأثير مباشر وغير مباشر على نسيجنا الاقتصادي وجلب الاستثمار والمستثمرين من الخارج أي الأجانب وحتى التونسيين منهم الذين يعدون بالمئات بل قل بالآلاف، حيث لا حظنا أن هناك عجزا ديبلوماسيا في التفاعل معهم وتوجيههم إلى ارض الوطن.

وفي وقت كان لمنظمة الأعراف الدور الهام لجلب الاستثمار لم تكن مساهمتها فاعلة بالقدر المطلوب قبل الدورة بأشهر بل قل غائبة وكأن الدورة لا تعنيها.

كما أن الإعلام لم يسوق لهذه الدورة بما يجعلها فرصة للاستثمار وجلبا لمستثمرين أفارقة أو يابانيين بما لدينا من مزايا للمستثمر الأجنبي للانتصاب، وهي كلها عوامل جعلت الاستفادة من هذه القمة محتشمة، وهذا لا ينفي القول أن احتضان تونس لهذه الدورة بحضور 500 صحفي على الأقل جعل من تونس منصة لحسن الاستقبال والضيافة والتنظيم مما أثار حفيظة المغرب الشقيق لأسباب نجهلها، وهنا تتحمل الدبلوماسية التونسية في المغرب نسبيا عدم التوصل إلى حل ورأب الصدع إن كان موجودا بقطع النظر عن المنافسة غير المسبوقة لتونس من طرف المغرب الشقيق خصوصا وتونس تمر بمرحلة دقيقة وصعبة وهذا ما نعيبه على إخوتنا في المغرب.

  • الأزمة الديبلوماسية مع المغرب التي نشبت على هامش قمة "تيكاد".. إلى أي حد تبدو لك مفتعلة؟

-نعم مقاطعة المغرب لهذه الدورة في تونس غير حميدة وتعتبر أزمة ديبلوماسية وهي ليست الأولى وتذكرنا حتى بقطع العلاقات سابقا أيام الرئيس بورقيبة بخصوص موقف تونس من موريتانيا. ونتمنى ألا يحصل ذلك حول جبهة البوليساريو بسبب حضور رئيسها في تونس، خصوصا أن الدعوات الرسمية موكولة إلى الاتحاد الإفريقي، والحق لكل البلدان الأعضاء المشاركة، كما أن رئيس جبهة البوليساريو العضو في الاتحاد الإفريقي من المؤسسين لهذا الاتحاد وكان حاضرا  من قبل في العديد من الدورات والندوات بحضور إخواننا المغاربة، ثم إن الصحراء الغربية مدرجة على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1963. ومن خلال هذه المعطيات نستنتج أن افتعال هذه الأزمة الديبلوماسية من طرف المغرب والأسباب تبقى مجهولة بينما يبقى الموقف التونسي سليما، كبلد مضيف ومشارك لا غير، كما أن موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد سليم باستقباله رؤساء دول وهو في بلده المضيف بل من واجبه ذلك، فتونس بلد الضيافة ومنذ عقود كانت مدرسة للديبلوماسية وحسن الاستقبال.

وبالمناسبة ندعو أولي الأمر من البلدين إلى طي صفحة الماضي والكف عن إشعال نار الفتنة من طرف بعض الفضائيات والإعلاميين بعودة العلاقات بعد هذا التوتر الذي غذاه العديد من الفاعلين السياسيين وقلة من النخب والمعارضين سامحهم الله.

  • من يتحمل مسؤولية ما حدث؟

-سبق أن قلت أن موقف الرئيس سعيد سليم من حيث المبدإ ومقاطعة المغرب لهذه الدورة من المؤكد أن أسبابها معقدة لا نعلمها بعد بقطع النظر عن حضور رئيس الصحراء الغربية من عدمه، وبالتالي اللوم يبقى قائم على من ادعى ولم يقبل الدعوة في بلد شقيق علاقتنا جيدة معه بقطع النظر عن عنصر المنافسة القائم منذ عقود.

كما يتحمل الإعلام جانبا من المسؤولية في إشعال الفتيل والجنوح إلى المزايدات السياسوية من طرف البعض بتعلات أحيانا واهية وليس لها أي مبرر. وما حدث ليس بالأمر الخطير ويمكن بشيء من العقلانية وتفعيل الديبلوماسية أن ترجع الأمور إلى نصابها عاجلا أم آجلا.

  • مواقف بعض الأطراف من المعارضة التي ناصرت المغرب وعمدت إلى توظيف هذه الأزمة واستثمارها، كيف تنظر إليها؟

-هذه الأطراف حرة في مواقفها وإن كانت تونسية فهذا لا يليق بها. بلادي وإن جارت علي ومهما كانت المبررات فاعتبرها مواقف مهينة وتدخل في إطار الحسابات السياسوية الضيقة التي لا تخدم مصلحة الوطن لا حاليا ولا مستقبلا.

ونقول لهؤلاء الأطراف إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وهنا النصر لمن أحب وطنه ودافع عنه وقت المحن فالمناصرة أولا لتونس ثم المغرب إن استوجب الأمر واذكر هنا قضية سبتة ومليلة التي مازالت تحت السيطرة الاسبانية وأنا من مناصري المغرب في هذه القضية بينما أناصر وطني تونس في ما حدث في قمة "تيكاد8".

  • بعد كل هذه التطورات كيف تنظر إلى المشهد السياسي في تونس؟

-المشهد السياسي حاليا منقسم إلى مساند ومعارض ويلفه بعض الغموض بعد ما عاشه خلال الفترة الماضية من انقسامات وتقلبات، وفي الأثناء وبعد النسبة التي حازها الدستور الجديد بما يقرب 95 بالمائة من مجمل الأصوات المشاركة وخصوصا بعد 25 جويلية 2021 وما جاء في كلمة رئيس الجمهورية من طمأنة زادت في مريديه. ومن جهة أخرى الطرف المعارض يبدو قلقا ومتخوفا واغلبهم ممن حكموا تونس في العشرية السوداء وفشلوا. ولكن الطرفان سواء المؤيدين أو المعارضين على حد السواء مازالت لم تتضح لهم معالم الخطوات المقبلة التي سيقدم عليها رئيس الجمهورية بما له من صلوحيات في نظام رئاسي وفي جمهورية ثالثة وبدستور جديد في انتظار المحكمة الدستورية وقانون انتخابي جديد، ومجلس نيابي جديد تفرزه انتخابات 17 ديسمبر 2022.

  • وسط الانتقادات وتبادل الاتهامات، هل انحرف رئيس الجمهورية قيس سعيد عن المسار مثلما يتهمه خصومه أم انه في المسار الصحيح؟

-كما سبق أن ذكرت انه علينا أن لا ننسى فوز قيس سعيد الساحق في الانتخابات الرئاسية 2019 ولا ننسى كذلك خروج أنصاره ومؤيديه من الشعب في 25 جويلية 2021 بمناسبة الخطاب المطمئن والواعد الذي ألقاه، وأخيرا الدستور الجديد الذي يسلط الضوء على مشروعه دستوريا في ما يتضمنه في التوطئة وفصول بأهم الملامح الأساسية والكبرى وما ينوي وضعه في مخططاته المستقبلية في اغلب مناحي حياة المواطن بينما الخصوم والمعارضين عاجزين عن معارضة موحدة باعتبارهم متباعدين ومتنافسين بينهم، واكتفت ما يسمى بجبهة الخلاص بفتح مشاورات عاجلة، وهذا هو حال تونس بين مساند ومعارض.

  • في ظل هذا الوضع المتردي وتواصل الصراعات والتجاذبات، إلى أي مدى تعتقد أن المعارضة فشلت في طرح البديل؟

-إلى حد اليوم المعارضة لم تتخط مرحلة الفشل لإيجاد البديل، وبقيت متشظية ومتباعدة وأحيانا متنافسة إلى حد الصراع فيما بينها، وحتى إن وجدت أخرى فاكتفت بالدعوة لإسقاط المسار دون تحديد طريقة وبرنامج بديل بعد الإسقاط. يبقى طرفين في المعادلة يتصدران استطلاعات الرأي للفوز بالاستحقاق الانتخابي المقبل، واعتقد أن ذلك غير مضمون مستقبلا، وبعد صدور المجلة الانتخابية قد يتضح أكثر المشهد المنتظر.

  • لكن المعارضة مازالت تشكك في الاستفتاء وتنتقد الدستور وتقول إن سعيد في عزلة؟

-لها ما تقول والعهدة على من روى..، اليوم تونس فيها دستور جديد بعد استفتاء بنسبة مشاركة لحوالي 30 بالمائة من الناخبين و95 بالمائة من المدلين بأصواتهم بنعم. وحسب اعتقادي ومتابعتي اليومية كمواطن ألاحظ أن الرئيس سعيد ليس في عزلة كما يتصور البعض ولكن هناك بعض الغموض في بعض المسائل لا غير، ثم إن نشاطه مع الحكومة وأعضائها نلاحظه يوميا تقريبا، كما انه يتواصل باستمرار مع رؤساء الدول ويستقبل كبار مسؤولي الدول الكبرى، دون أن ننسى ما قام به من زيارات إلى الخارج إضافة إلى تلقيه عديد الدعوات من رؤساء دول كبرى.

  • كيف تقيم حكومة نجلاء بودن التي تباينت حيالها المواقف؟

-بالنسبة لرئيسة الحكومة أحيي فيها أقدامها على توليها هذا المنصب، ومن المؤكد أنها وجدت ملفات حارقة على طاولة مكتبها، واعتبر ذلك إقدام على تركة ثقيلة مليئة بالتعقيدات والاكراهات دامت عقدا من الزمن.

شخصيا اعتبر أن تونس سباقة في العديد من المبادرات التي راهن عليها بناة دولة الاستقلال لايلاء المرأة مسؤولية في أعلى هرم السلطة لامرأة تكاد تكون الأولى لتولي رئاسة حكومة على مستوى المنطقة إقليميا وحتى دولية خصوصا أنها أثبتت جدارتها في إدارة الحكومة ولخلق توازن على مستوى فريقها الحكومي وانضباطها في المسؤولية أمام رئيس الدولة، والجانب الأهم ما لاحظناه من استقرار نسبي مقارنة بمن سبقها في هذه المسؤولية في العشرية المظلمة الفارطة من 2010 إلى2020 والتي أفسدت البيئة عموما بمفهومها الشامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

لكن هذا لا ينفي القول أن الأوضاع حاليا في حاجة ملحة وأكيدة وسريعة للنظر في حاجيات المواطن من عدة نواحي منها أساسا المسائل المعيشية والغلاء المشط للأسعار، وايلاء الأهمية الأكبر للمقدرة الشرائية للمواطن ومعالجتها للجوانب الاجتماعية للعديد من الشرائح الاجتماعية ومحدودي الدخل، كما الجانب الصحي للمواطن في كيفية تلقيه للعلاج والذي يجد نفسه عاجزا عن المداواة بل أن الكثير يموت بعلته لافتقاره لأبسط وسائل العلاج العمومي والمداواة كما النقص غير المسبوق في الأدوية في وقت تونس تصنع اغلب أنواع الأدوية.

ومن ناحية أخرى تبقى انتعاشة الاقتصاد غير المأمول والمنشود لكثرة التعقيدات وكثرة الوثائق المطلوبة التي أرهقت كاهل الجميع سواء باعثين شبان أو مستثمرين. كما بقيت ترسانة القوانين في البعض منها راجعة إلى عقود مضت غير متناغمة مع الوضع الحالي وبنسق متفاوت، دون أن ننسى بعض التشريعات المجحفة في حق المستثمر والمواطن على حد سواء.

  • البعض دعا إلى ضرورة رحيل وجوه سياسية حان وقت تقاعدها السياسي مثل الغنوشي والشابي وحمة الهمامي وغيرهم، ما هو تعليقك؟

-على حد علمي أن رحيل السياسي يبقى صعبا والتقاعد ليس موجودا في قاموس السياسيين ولكن استراحة المحارب خاصة إذا فشل مطلوبة لاستعادة الأنفاس والانطلاق من جديد على الأقل لمدة زمنية تضاهي الدورة الانتخابية.

  • هل سيشارك حزبك في الانتخابات التشريعية؟

-أولا هو ليس حزبي بل هو وسيلة للدفاع عن بيئة سليمة ومحيط نظيف حتى وإن صح التعبير فحزب الخضر للتقدم هو آلية بأدبيات ورؤى لكل من له نوايا صادقة للتحسيس بالثقافة البيئية لدى الناشئة وفي المجتمع عموما وفي بيئة نظيفة. وهو كذلك حزب كل من هو شغوف بأهدافه النبيلة والراقية والإنسانية حفاظا على ثرواتنا الطبيعية ومحيطنا والتعويل على اقتصاد أخضر وعلى ثرواتنا المائية والتي انطلقت شرارة الحرب حولها في عدة أماكن في العالم منها سد النهضة بين إثيوبيا ومصر.

كما أن المحافظة وحماية محمياتنا الطبيعية الممثلة في 17 محمية والتي تتميز عن بقية دول الجوار وتثمين النظم البيئية والتنوع البيولوجي الذي تزخر به تونس من الجنوب إلى الشمال. إضافة إلى التصدي لكل ما من شانه إفساد الذوق العام من بناء عشوائي والتعدي على جمالية شواطئنا وسواحلنا سواء بالبناء العشوائي والانتصاب العشوائي الذي طال حتى أطراف الأحياء الراقية.

أعود وأقول إجابة عن سؤالك من عدمها في الانتخابات التشريعية، نحن مناضلي حزب الخضر للتقدم اتخذنا قرارنا منذ النشأة والتأسيس أن نشارك في كل المحطات الانتخابية وفي كل المجالس المنتخبة ولم نتخلف عن أي موعد انتخابي منذ حصولنا على التأشيرة القانونية برغم تجفيف المنابع الذي مورس علينا في العشرية الفارطة. وبحكم الإمكانيات المادية المفقودة وبعد صدور المجلة الانتخابية سوف يقر المجلس الوطني للحزب المشاركة في الانتخابات إن أمكن وبما يتوفر لدينا من إرادة وإمكانيات وما توفيقنا إلا بالله خدمة للمصلحة العامة والبيئة وما الحزب إلا وسيلة لا غير للتواجد على الساحة السياسية والمشاركة في الشأن العام.

واختم هذا اللقاء بأية قرآنية "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

  

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews