إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وسط المؤشرات السلبية والتحذيرات.. "العجز" عنوان المرحلة بامتياز

تونس-الصباح

يبدو "العجز عن الفعل" عنوان المرحلة بامتياز في ظل عدم قدرة السلطة على مواجهة التحديات المتفاقمة ومحدودية قدرة المعارضة على تغيير المعادلة.

ووسط تبادل تحميل المسؤوليات والإلقاء بكرة المسؤولية والفشل في مرمى الطرف المقابل بين رئيس الجمهورية الماسك اليوم بزمام المبادرة والقرار لكنه يخير دائما في خطابه الإشارة إلى غرف المؤامرات وأعداء الشعب مقابل معارضيه الذين يصعدون اليوم بخطاب اعتبار "سلطة الانقلاب" على حد وصفهم المسؤولة على ما آلت إليه الأوضاع دون القدرة على التغيير أو الإقناع بالبدائل.

مؤشرات الأزمة

 

بين هذا وذاك تتعمق أزمة البلاد في غياب أفق واضحة، كما تتسع بمرور الوقت الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد. وأحد مؤشرات هذه الأزمة تتجسد في تسارع نسب التضخم، فقد أعلن المعهد الوطني للإحصاء أمس عن ارتفاع نسبة التضخم في شهر أوت المنقضي إلى مستوى 8.6 بالمائة بعد أن كانت 8.2 بالمائة في الشهر السابق و8.1 بالمائة في شهر جوان و7.8 بالمائة في شهر ماي.

وأرجع المعهد في بيان صادر عنه حول مؤشر الاستهلاك العائلي لشهر أوت 2022 نشره على موقعه هذا الارتفاع بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات (من 11% في جويلية إلى 11,9% في أوت) وأسعار الأثـاث والـتـجـهـيزات والخدمات الـمـنـزلـيـة (من 10,6% في جويلية إلى 11,3% في أوت) وأسعار مواد وخدمات التعليم (من 9,8% في جويلية إلى 10% في أوت).

وتؤكد جملة هذه المؤشرات "عجز" الدولة عن التحكم في التسارع الجنوني لنسب التضخم وانفلات الأسعار والتحديات المطروحة بشان انهيار المقدرة الشرائية للتونسيين.

 

تحذيرات

 

تصاعدت أيضا وتيرة التحذيرات من مزيد تفاقم الأزمة المركبة التي قد تعصف بالسلم الاجتماعية وصدرت عن الأحزاب المساندة لمسار 25 جويلية على غرار ما ورد أول أمس في بيان "حركة تونس إلى الأمام"  الذي اعتبر أن الحكومة تستمر في "عدم اعتماد مصارحة الشّعب بحقيقة ما يجري في التّفاوض مع صندوق النّقد الدولي وماَلاته رغم ما تمرّ به ميزانية الدولة من مصاعب ورغم تدنّي معدّل النموّ وارتفاع نسب التضخم"، وأشار أيضا إلى "الضبابية وعدم الوضوح في أفاق السياسة المالية في ظلّ تأخّر إعداد قانون الميزانية التّكميلي وقانون المالية لسنة 2023".

وتضمن بيان حركة تونس إلى الأمام الإشارة إلى "ضعف أداء الحكومة وتعثّرها في اعتماد برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي يُضبط في ضوء الأولويات وخاصة في المجال الاجتماعي، الأمر الذي أدّى إلى اهتراء غير مسبوق للطاقة الشّرائية والعجز عن مقاومة المضاربة والاحتكار وعن مراقبة مسالك التّوزيع".

المعارضة على الخط

 

حذرت بدورها المعارضة من تجاوز المؤشرات المالية والاقتصادية كل الخطوط الحمراء محملة المسؤولية إلى رئيس الجمهورية وفي بيان مشترك لأحزاب المعارضة (العمل والقطب  والتيار والتكتل والجمهوري) أكدت "أن حكومة قيس سعيّد أثبتت منذ توليها السلطة في ظل الحكم الفردي المطلق، عجزها وعدم أهليتها لمواجهة التحديات المطروحة"، واعتبرت في بيانها أمس أن "الأوضاع الخطيرة التي تمر بها تونس، ستزداد خطورة في الأشهر القادمة وذلك كنتيجة حتمية للسياسات المتبعة منذ عقود، تتحمل منظومة الحكم بكل فرقها المتوالية قبل الثورة وبعدها وصولًا إلى قيس سعيّد اليوم، مسؤوليتها وما سينجر عنها في المستقبل".

وجاء في البيان المشترك أن "قيس سعيّد الذي اختار تركيز كل اهتماماته على سبل الاستيلاء على الحكم والتفرّد بالنفوذ، يتحمل لوحده تبعات ما ستؤول إليه أوضاع البلاد من عجز وانهيار وفوضى في ظل عدم امتلاكه للكفاءة والقدرة على قيادة عملية إنقاذ البلاد من المخاطر التي تتهددها".

 

حكومة إنقاذ

كما جددت الأحزاب الخمسة، "الدعوة للقوى السياسية والمدنية المنحازة إلى مطالب الشعب التونسي ومطامحه للعمل بصفة مشتركة من أجل صياغة آلية وتمشٍ لإنقاذ البلاد من الكارثة المحدقة بها".

وعادت هذه الأطراف إلى المطالبة بحكومة إنقاذ فقد دعا أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي، في تصريح أمس  إلى “ضرورة العودة إلى المسار الديمقراطي للاتفاق على تكليف حكومة إنقاذ وطني تمتلك برنامجًا واضحًا لإخراج البلاد من هذا المأزق”.

وفي تقدير الشابي فإن تونس "تدخل منعطفًا خطيرًا قد يهدد بالانفجار الاجتماعي، خاصة أن نسبة التضخم بلغت رقما غير مسبوق، ما يعكس عدم قدرة الحكومة على التحكم في الأسعار".

مضيفا أن "المؤسسات المالية أصبحت غير قادرة على تمويل الواردات الضرورية للسوق التونسية، إذ بات من المألوف اليوم أن ترسو البواخر في الموانئ لعدم قدرة الدولة على عدم دفع ثمن تلك المواد من المحروقات والقمح وغيرها".

لكن السؤال المطروح هنا: على ارض الواقع هل أن المعارضة قادرة على فرض تغيير المعادلة وإجبار الرئيس على التراجع وتعديل مساره وخياراته؟

 إلى حد الآن وبمنطق موازين القوى والقدرة على تحريك الشارع..، لا تبدو المعارضة قادرة على ذلك.

لكن هل السلطة قادرة على الفعل والانجاز والاستجابة لتطلعات المواطنين والحد من حالة الانهيار؟

الجواب قطعا لا..، والواضح أن السلطة تكاد تستنزف مخزون خطاب "المؤامرات" رغم إصرار بعض مساندي مسار 25 جويلية على ذلك فقد أكد القيادي في حركة الشعب "بدر الدين القمودي" في تصريح أمس "أن الدولة العميقة مازالت تتحكم في المشهد السياسي وتحكم مع قيس سعيد عبر أذرعها وهي وراء مختلف المطبات التي تعترض مسار 25 جويلية".

مشيرا إلى أن" الموانئ التونسية ممر آمن للتهريب كما أن القضاء لم يلعب دوره في مقاومة الفساد".

بدوره دعا رئيس الجمهورية خلال لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن أول أمس إلى مزيد بذل الجهود لمقاومة مظاهر الاحتكار والترفيع في الأسعار.

م.ي

وسط المؤشرات السلبية والتحذيرات..  "العجز" عنوان المرحلة بامتياز

تونس-الصباح

يبدو "العجز عن الفعل" عنوان المرحلة بامتياز في ظل عدم قدرة السلطة على مواجهة التحديات المتفاقمة ومحدودية قدرة المعارضة على تغيير المعادلة.

ووسط تبادل تحميل المسؤوليات والإلقاء بكرة المسؤولية والفشل في مرمى الطرف المقابل بين رئيس الجمهورية الماسك اليوم بزمام المبادرة والقرار لكنه يخير دائما في خطابه الإشارة إلى غرف المؤامرات وأعداء الشعب مقابل معارضيه الذين يصعدون اليوم بخطاب اعتبار "سلطة الانقلاب" على حد وصفهم المسؤولة على ما آلت إليه الأوضاع دون القدرة على التغيير أو الإقناع بالبدائل.

مؤشرات الأزمة

 

بين هذا وذاك تتعمق أزمة البلاد في غياب أفق واضحة، كما تتسع بمرور الوقت الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد. وأحد مؤشرات هذه الأزمة تتجسد في تسارع نسب التضخم، فقد أعلن المعهد الوطني للإحصاء أمس عن ارتفاع نسبة التضخم في شهر أوت المنقضي إلى مستوى 8.6 بالمائة بعد أن كانت 8.2 بالمائة في الشهر السابق و8.1 بالمائة في شهر جوان و7.8 بالمائة في شهر ماي.

وأرجع المعهد في بيان صادر عنه حول مؤشر الاستهلاك العائلي لشهر أوت 2022 نشره على موقعه هذا الارتفاع بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات (من 11% في جويلية إلى 11,9% في أوت) وأسعار الأثـاث والـتـجـهـيزات والخدمات الـمـنـزلـيـة (من 10,6% في جويلية إلى 11,3% في أوت) وأسعار مواد وخدمات التعليم (من 9,8% في جويلية إلى 10% في أوت).

وتؤكد جملة هذه المؤشرات "عجز" الدولة عن التحكم في التسارع الجنوني لنسب التضخم وانفلات الأسعار والتحديات المطروحة بشان انهيار المقدرة الشرائية للتونسيين.

 

تحذيرات

 

تصاعدت أيضا وتيرة التحذيرات من مزيد تفاقم الأزمة المركبة التي قد تعصف بالسلم الاجتماعية وصدرت عن الأحزاب المساندة لمسار 25 جويلية على غرار ما ورد أول أمس في بيان "حركة تونس إلى الأمام"  الذي اعتبر أن الحكومة تستمر في "عدم اعتماد مصارحة الشّعب بحقيقة ما يجري في التّفاوض مع صندوق النّقد الدولي وماَلاته رغم ما تمرّ به ميزانية الدولة من مصاعب ورغم تدنّي معدّل النموّ وارتفاع نسب التضخم"، وأشار أيضا إلى "الضبابية وعدم الوضوح في أفاق السياسة المالية في ظلّ تأخّر إعداد قانون الميزانية التّكميلي وقانون المالية لسنة 2023".

وتضمن بيان حركة تونس إلى الأمام الإشارة إلى "ضعف أداء الحكومة وتعثّرها في اعتماد برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي يُضبط في ضوء الأولويات وخاصة في المجال الاجتماعي، الأمر الذي أدّى إلى اهتراء غير مسبوق للطاقة الشّرائية والعجز عن مقاومة المضاربة والاحتكار وعن مراقبة مسالك التّوزيع".

المعارضة على الخط

 

حذرت بدورها المعارضة من تجاوز المؤشرات المالية والاقتصادية كل الخطوط الحمراء محملة المسؤولية إلى رئيس الجمهورية وفي بيان مشترك لأحزاب المعارضة (العمل والقطب  والتيار والتكتل والجمهوري) أكدت "أن حكومة قيس سعيّد أثبتت منذ توليها السلطة في ظل الحكم الفردي المطلق، عجزها وعدم أهليتها لمواجهة التحديات المطروحة"، واعتبرت في بيانها أمس أن "الأوضاع الخطيرة التي تمر بها تونس، ستزداد خطورة في الأشهر القادمة وذلك كنتيجة حتمية للسياسات المتبعة منذ عقود، تتحمل منظومة الحكم بكل فرقها المتوالية قبل الثورة وبعدها وصولًا إلى قيس سعيّد اليوم، مسؤوليتها وما سينجر عنها في المستقبل".

وجاء في البيان المشترك أن "قيس سعيّد الذي اختار تركيز كل اهتماماته على سبل الاستيلاء على الحكم والتفرّد بالنفوذ، يتحمل لوحده تبعات ما ستؤول إليه أوضاع البلاد من عجز وانهيار وفوضى في ظل عدم امتلاكه للكفاءة والقدرة على قيادة عملية إنقاذ البلاد من المخاطر التي تتهددها".

 

حكومة إنقاذ

كما جددت الأحزاب الخمسة، "الدعوة للقوى السياسية والمدنية المنحازة إلى مطالب الشعب التونسي ومطامحه للعمل بصفة مشتركة من أجل صياغة آلية وتمشٍ لإنقاذ البلاد من الكارثة المحدقة بها".

وعادت هذه الأطراف إلى المطالبة بحكومة إنقاذ فقد دعا أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي، في تصريح أمس  إلى “ضرورة العودة إلى المسار الديمقراطي للاتفاق على تكليف حكومة إنقاذ وطني تمتلك برنامجًا واضحًا لإخراج البلاد من هذا المأزق”.

وفي تقدير الشابي فإن تونس "تدخل منعطفًا خطيرًا قد يهدد بالانفجار الاجتماعي، خاصة أن نسبة التضخم بلغت رقما غير مسبوق، ما يعكس عدم قدرة الحكومة على التحكم في الأسعار".

مضيفا أن "المؤسسات المالية أصبحت غير قادرة على تمويل الواردات الضرورية للسوق التونسية، إذ بات من المألوف اليوم أن ترسو البواخر في الموانئ لعدم قدرة الدولة على عدم دفع ثمن تلك المواد من المحروقات والقمح وغيرها".

لكن السؤال المطروح هنا: على ارض الواقع هل أن المعارضة قادرة على فرض تغيير المعادلة وإجبار الرئيس على التراجع وتعديل مساره وخياراته؟

 إلى حد الآن وبمنطق موازين القوى والقدرة على تحريك الشارع..، لا تبدو المعارضة قادرة على ذلك.

لكن هل السلطة قادرة على الفعل والانجاز والاستجابة لتطلعات المواطنين والحد من حالة الانهيار؟

الجواب قطعا لا..، والواضح أن السلطة تكاد تستنزف مخزون خطاب "المؤامرات" رغم إصرار بعض مساندي مسار 25 جويلية على ذلك فقد أكد القيادي في حركة الشعب "بدر الدين القمودي" في تصريح أمس "أن الدولة العميقة مازالت تتحكم في المشهد السياسي وتحكم مع قيس سعيد عبر أذرعها وهي وراء مختلف المطبات التي تعترض مسار 25 جويلية".

مشيرا إلى أن" الموانئ التونسية ممر آمن للتهريب كما أن القضاء لم يلعب دوره في مقاومة الفساد".

بدوره دعا رئيس الجمهورية خلال لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن أول أمس إلى مزيد بذل الجهود لمقاومة مظاهر الاحتكار والترفيع في الأسعار.

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews