إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النظرية العامة للانتخاب 3/3 .. " تغيير قواعد التصويت في الانتخابات التشريعية لسنة 2022 "

 بقلم : الحبيب الذوادي(*)

 إن الاقتراع  على الأفراد هو أحد  الأنظمة  المعتمدة  في عديد  التجارب  حول العالم ، ومن مصلحة  تونس اليوم المضي إلى الأمام و تصحيح  مسار  الثورة ، وإطلاق الإصلاحات العميقة  سياسيا واجتماعيا واقتصاديا  ، ودستوريا وذلك على اثر دخول  الدستور الجديد حيز النفاذ  بعد أن تم  الإعلان  النهائي  على نتائج الاستفتاء بهدف بناء  جمهورية جديدة  تحقق  انتظارات  الجميع وفي ظل نظام  ديمقراطي  يدعم المؤسسات الديمقراطية ، ويحمي الحريات الفردية  وحقوق  الإنسان، و بالتأكيد  إن هذا النوع  من الأنظمة  الانتخابية المعتمد على اعتماد قانون انتخابي عو المحبذ أن يشارك في إعداد هذا القانون الانتخابي الجديد الهياكل والإطارات المختصة  بما أنه قانون له صبغة فنية موكولة  لأهل الاختصاص مع مراعاة المناخ السياسي، ويتعين  تطويره ليكون آلية لإصلاح الوضع السياسي في تونس وفي تناغم مع الدستور الجديد وليس عبر طبيعة الانتخاب فحسب  وإنما يتناول شروط الترشح  والجرائم الانتخابية ...، لذا فيستخلص أن الاقتراع على الأفراد له  مزايا  وسلبيات  في آن واحد ، فمن مزايا هذا النظام  أنه يخول  النائب اختيار  الشخص مباشرة  وليس على القائمة الحزبية  أو المستقلة  وهو ما  يفسح  المجال  للناخب  لمحاسبة  الشخص الذي صوت له ، بما أن الأمر متعلقا  باقتراع  على الأفراد  القائم على ترشحات فردية   يتنافس   فيها المترشحون  على مقعد وحيد  في كل دائرة انتخابية ، فإذا  حصل الشخص  المترشح على 50% من الأصوات  فانه يعتبر فائزا  بالمقعد، وإذا  لم يبلغ  المترشحون النصاب  المطلوب  يمر المترشحان  الحاصلان على أعلى عدد من الأصوات  إلى دورة انتخابية ثانية  فميزة  هذا النظام أنه يقرب النائب  المنتخب  من  المواطن وذلك بعد  أن  حان الوقت  كي  يعرف التونسيون  لمن صوتوا  من خلال الكشف  عن المترشحين وانتخابهم  مباشرة  عكس نظام الانتخابات  على القوائم، فما يهمنا اليوم هو انطلاقة  فكرة الاقتراع  على الأفراد  في دوائر  صغرى قابلة  للسيطرة  أي سيطرة الناخبين على المنتخبين  و ذلك  باطلاعهم  على المترشحين  قبل انتخابهم  مع إمكانية  سحب الوكالة منهم بعد إجراء انتخابات تنطلق  من المحلي نحو المركزي  يكون كل  نائب مسؤولا أمام منتخبيه لا أمام حزبه  وبالتالي يتم  تغيير  صورة البرلمان  من سلطة  موغلة في المركزية  إلى برلمان حقيقي  ينبع من الشعب ويستغل لفائدة الشعب، إلا انه  يتعين الانتباه أكثر  إلى ما يمكن أن يطرحه  هذا النظام من هنات   بحيث أن سيغرق  العملية الانتخابية بالترشحات الفردية ، كما  أن تغيير  نظام الاقتراع من القائمات إلى الأفراد  يتطلب إعادة تقسيم التراب الانتخابي  نحو تضييق الدوائر الانتخابية ، وبالتالي  سيجعل العملية الانتخابية موجهة  إلى الأشخاص  عوض البرامج والرؤى والمشاريع  التي ربما  قد  تفرز مؤسسة تشريعية  هشة وتنتج برلمان واجهات  وليس برلمان توجهات وهو ربما سيفقد  هذه المؤسسة دورها في إنتاج الأفكار والسياسات العمومية  ويحولها إلى ساحة للآراء الفردية والفردانية  حيث نجد البرلمان أكثر تشتتا  ولن تمثل  قوة موازنة مع السلطة التنفيذية خصوصا في حالة عدم   صعود نواب من صفوة القوم ،  إلى جانب التخوف من تراجع تمثيلية المرأة في البرلمان  بسبب نظام الاقتراع  لا سيما  أن نظام الاقتراع على القوائم يفرض  التناصف، كما أن إتباع  نظام الاقتراع على الأفراد ولجملة  من الاعتبارات أبرزت الأحداث  بعد الثورة  أن منطق العشائرية  لم  تنقرض  تماما  وعودته على السطح  في بعض المناطق تبقى واردة  إضافة  إلى إن  نظام الاقتراع على الأفراد قد يشجع لظواهر أخرى  كالزبونية  السياسية  وشراء الأصوات  عندما يكون  الرهان مقعدا واحدا  فهذه الظواهر قد تستفحل  في الدوائر الصغرى الشيء الذي دفع  بالعديد الى الدعوة  الى رفض اعتماد قانون  انتخابي على الأفراد  بتعلة أنه لا  يمكن نجاحه في تونس مهما كانت المبررات بل وحتى في البلدان التي فيها ديمقراطية عريقة .

لذا  يستخلص وحسب رأينا ، أن   نظام الاقتراع  على الأفراد  له مزاياه كما  بيننا سابقا ، كما أن نجاح  تطبيقه في دولة  ما لا يعني بالضرورة إمكانية  تطبيقه  في دولة أخرى، و الفشل مرتبطا أساسا بطبيعة النظام السياسي المعتمد ،  والتركيبة السكانية ، وتقسيم الدوائر  ترابيا وإداريا والثقافة السياسية  والانتخابية السائدة ، والممارسة الديمقراطية ، وطبيعة النسيج الاجتماعي وعوامل  أخرى مرتبطة بمؤشرات تنموية ّ، اقتصادية  واجتماعية  كنسب التمدرس  الدخل الفردي .... وفي تقدرينا أن الاقتراع على الأفراد يمكن له النجاح  في بلادنا  في  حالة عدم  اعتماده على  أجندات إيديولوجية أو سياسات  معدة من الخارج ، كما أن القول بخلق أفراد داخل مجلس النواب  الشعب  ليس لديهم القدرة على التجانس في كتلة واحدة  في إطار برنامج واحد  يمكن أن  يقع تجاوزه من الجميع  عندما تكون هناك أكثر روح وطنية مع الصدق   ونكران الذات  والالتزام ببرنامج جماعي  باختيار البرنامج الأفضل  للمواطنين والشعب  ولجميع  الفئات والجهات  ، فالثابت اليوم أنه لا وجود  لنظام اقتراع مثالي  أو صالح لكل زمان ومكان   فلكل خيار ايجابياته  وسلبياته التي  تختلف من مجتمع إلى آخر  وفي منظومة حزبية إلى أخرى وحتى من انتخابات إلى أخرى ،  فالاختيار مرتبط  بالإجابة عن مجموعة من الأسئلة  و بموازنة  بين مختلف الأهداف كالإنصاف والتمثيلية والاستقرار .

انتهى

(*)باحث و ناشط  في الحقل الجمعياتي 

 بمدينة بنزرت

النظرية العامة  للانتخاب  3/3 .. " تغيير قواعد التصويت  في الانتخابات  التشريعية  لسنة 2022 "

 بقلم : الحبيب الذوادي(*)

 إن الاقتراع  على الأفراد هو أحد  الأنظمة  المعتمدة  في عديد  التجارب  حول العالم ، ومن مصلحة  تونس اليوم المضي إلى الأمام و تصحيح  مسار  الثورة ، وإطلاق الإصلاحات العميقة  سياسيا واجتماعيا واقتصاديا  ، ودستوريا وذلك على اثر دخول  الدستور الجديد حيز النفاذ  بعد أن تم  الإعلان  النهائي  على نتائج الاستفتاء بهدف بناء  جمهورية جديدة  تحقق  انتظارات  الجميع وفي ظل نظام  ديمقراطي  يدعم المؤسسات الديمقراطية ، ويحمي الحريات الفردية  وحقوق  الإنسان، و بالتأكيد  إن هذا النوع  من الأنظمة  الانتخابية المعتمد على اعتماد قانون انتخابي عو المحبذ أن يشارك في إعداد هذا القانون الانتخابي الجديد الهياكل والإطارات المختصة  بما أنه قانون له صبغة فنية موكولة  لأهل الاختصاص مع مراعاة المناخ السياسي، ويتعين  تطويره ليكون آلية لإصلاح الوضع السياسي في تونس وفي تناغم مع الدستور الجديد وليس عبر طبيعة الانتخاب فحسب  وإنما يتناول شروط الترشح  والجرائم الانتخابية ...، لذا فيستخلص أن الاقتراع على الأفراد له  مزايا  وسلبيات  في آن واحد ، فمن مزايا هذا النظام  أنه يخول  النائب اختيار  الشخص مباشرة  وليس على القائمة الحزبية  أو المستقلة  وهو ما  يفسح  المجال  للناخب  لمحاسبة  الشخص الذي صوت له ، بما أن الأمر متعلقا  باقتراع  على الأفراد  القائم على ترشحات فردية   يتنافس   فيها المترشحون  على مقعد وحيد  في كل دائرة انتخابية ، فإذا  حصل الشخص  المترشح على 50% من الأصوات  فانه يعتبر فائزا  بالمقعد، وإذا  لم يبلغ  المترشحون النصاب  المطلوب  يمر المترشحان  الحاصلان على أعلى عدد من الأصوات  إلى دورة انتخابية ثانية  فميزة  هذا النظام أنه يقرب النائب  المنتخب  من  المواطن وذلك بعد  أن  حان الوقت  كي  يعرف التونسيون  لمن صوتوا  من خلال الكشف  عن المترشحين وانتخابهم  مباشرة  عكس نظام الانتخابات  على القوائم، فما يهمنا اليوم هو انطلاقة  فكرة الاقتراع  على الأفراد  في دوائر  صغرى قابلة  للسيطرة  أي سيطرة الناخبين على المنتخبين  و ذلك  باطلاعهم  على المترشحين  قبل انتخابهم  مع إمكانية  سحب الوكالة منهم بعد إجراء انتخابات تنطلق  من المحلي نحو المركزي  يكون كل  نائب مسؤولا أمام منتخبيه لا أمام حزبه  وبالتالي يتم  تغيير  صورة البرلمان  من سلطة  موغلة في المركزية  إلى برلمان حقيقي  ينبع من الشعب ويستغل لفائدة الشعب، إلا انه  يتعين الانتباه أكثر  إلى ما يمكن أن يطرحه  هذا النظام من هنات   بحيث أن سيغرق  العملية الانتخابية بالترشحات الفردية ، كما  أن تغيير  نظام الاقتراع من القائمات إلى الأفراد  يتطلب إعادة تقسيم التراب الانتخابي  نحو تضييق الدوائر الانتخابية ، وبالتالي  سيجعل العملية الانتخابية موجهة  إلى الأشخاص  عوض البرامج والرؤى والمشاريع  التي ربما  قد  تفرز مؤسسة تشريعية  هشة وتنتج برلمان واجهات  وليس برلمان توجهات وهو ربما سيفقد  هذه المؤسسة دورها في إنتاج الأفكار والسياسات العمومية  ويحولها إلى ساحة للآراء الفردية والفردانية  حيث نجد البرلمان أكثر تشتتا  ولن تمثل  قوة موازنة مع السلطة التنفيذية خصوصا في حالة عدم   صعود نواب من صفوة القوم ،  إلى جانب التخوف من تراجع تمثيلية المرأة في البرلمان  بسبب نظام الاقتراع  لا سيما  أن نظام الاقتراع على القوائم يفرض  التناصف، كما أن إتباع  نظام الاقتراع على الأفراد ولجملة  من الاعتبارات أبرزت الأحداث  بعد الثورة  أن منطق العشائرية  لم  تنقرض  تماما  وعودته على السطح  في بعض المناطق تبقى واردة  إضافة  إلى إن  نظام الاقتراع على الأفراد قد يشجع لظواهر أخرى  كالزبونية  السياسية  وشراء الأصوات  عندما يكون  الرهان مقعدا واحدا  فهذه الظواهر قد تستفحل  في الدوائر الصغرى الشيء الذي دفع  بالعديد الى الدعوة  الى رفض اعتماد قانون  انتخابي على الأفراد  بتعلة أنه لا  يمكن نجاحه في تونس مهما كانت المبررات بل وحتى في البلدان التي فيها ديمقراطية عريقة .

لذا  يستخلص وحسب رأينا ، أن   نظام الاقتراع  على الأفراد  له مزاياه كما  بيننا سابقا ، كما أن نجاح  تطبيقه في دولة  ما لا يعني بالضرورة إمكانية  تطبيقه  في دولة أخرى، و الفشل مرتبطا أساسا بطبيعة النظام السياسي المعتمد ،  والتركيبة السكانية ، وتقسيم الدوائر  ترابيا وإداريا والثقافة السياسية  والانتخابية السائدة ، والممارسة الديمقراطية ، وطبيعة النسيج الاجتماعي وعوامل  أخرى مرتبطة بمؤشرات تنموية ّ، اقتصادية  واجتماعية  كنسب التمدرس  الدخل الفردي .... وفي تقدرينا أن الاقتراع على الأفراد يمكن له النجاح  في بلادنا  في  حالة عدم  اعتماده على  أجندات إيديولوجية أو سياسات  معدة من الخارج ، كما أن القول بخلق أفراد داخل مجلس النواب  الشعب  ليس لديهم القدرة على التجانس في كتلة واحدة  في إطار برنامج واحد  يمكن أن  يقع تجاوزه من الجميع  عندما تكون هناك أكثر روح وطنية مع الصدق   ونكران الذات  والالتزام ببرنامج جماعي  باختيار البرنامج الأفضل  للمواطنين والشعب  ولجميع  الفئات والجهات  ، فالثابت اليوم أنه لا وجود  لنظام اقتراع مثالي  أو صالح لكل زمان ومكان   فلكل خيار ايجابياته  وسلبياته التي  تختلف من مجتمع إلى آخر  وفي منظومة حزبية إلى أخرى وحتى من انتخابات إلى أخرى ،  فالاختيار مرتبط  بالإجابة عن مجموعة من الأسئلة  و بموازنة  بين مختلف الأهداف كالإنصاف والتمثيلية والاستقرار .

انتهى

(*)باحث و ناشط  في الحقل الجمعياتي 

 بمدينة بنزرت

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews