إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بسبب غربال التوجيه الجامعي.. آلاف الطلبة تتحطم أحلامهم ويغادرون مدرج الكلية قبل الأوان

 

 

تونس- الصباح

يسدل اليوم الستار على عمليات التوجيه الجامعي للناجحين في امتحان الباكالوريا لسنة 2022، حيث منحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الطلبة الجدد الذين لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم المتعلقة بإعادة التوجيه الجامعي أجلا لا يتجاوز منتصف ليلة اليوم الأحد 4 سبتمبر لتقديم مطالب لإعادة النظر بصفة حصرية في ملفاتهم ومن حقهم هذه المرة تعمير اختيار وحيد يتوفر فيه شرط مجموع النقاط على أن تتولى الإدارة العامة للشؤون الطالبية دراسة مطالب إعادة النظر والإجابة عنها في حدود ما تسمح به طاقة الاستيعاب، ومن المنتظر أن يتم الرد على المطالب عبر موقع التوجيه الجامعي.

وأعلنت الوزارة أول أمس عن نتائج دورة إعادة التوجيه الجامعي لحاملي بكالوريا 2022 من أصحاب المواهب وحاملي البكالوريا الأجنبية في الشعب التي تتطلب اختبارات، وأعلنت مساء يوم الأربعاء الماضي عن نتائج دورة إعادة التوجيه بالنسبة إلى الحالات العادية والاجتماعية والصحية، وهناك من تم قبول مطالبهم في حين لم تحظ مطالب آخرين بالموافقة، وهو ما سيجعل أصحابها يواجهون صعوبات كبيرة في دراستهم الجامعية لاحقا، وربما لن يكون مصيرهم أفضل من مصير آلاف الطلبة الذين تحطمت أحلامهم بسبب توجيههم إلى شعب لا تتناسب مع مؤهلاتهم ولا تستجيب لرغباتهم مما أدى إلى رسوب متكرر وإخفاق في الدراسة ومغادرة لمؤسساتهم الجامعية مبكرا و قبل الحصول على شهادات التخرج..

ففي هذا السياق أشار عبد القادر ميغري المستشار الأول في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والناشط في الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني إلى أن عمليات التوجيه تتم أحيانا بكثير من الاعتباطية وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على مستقبل الطلبة، وبين أنه عند النظر إلى الإحصائيات المتعلقة بأصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل نجد أن من بين هؤلاء هناك آلاف المعطلين الوافدين من اختصاصات العربية والفلسفة والتاريخ والجغرافيا والفرنسية وغيرها من الاختصاصات صعبة الإدماج في سوق الشغل لكن في المقابل مازالت وزارة التعليم العالي توجه سنويا أدفاقا جديدة من الناجحين الجدد في الباكالوريا لهذه الشعب، وهناك الكثير من الطلبة يتم توجيههم إلى اختصاصات لا يحبذونها مطلقا أو إلى اختصاصات لا تتناسب مع مؤهلاتهم وهو ما يؤدي لاحقا إلى إخفاقهم، وهناك من يرسب ثلاث مرات في السنة الأولى وهناك من يغادر الجامعة في السنة الأولى أو السنة الثانية جراء عدم القدرة على استيعاب الدروس وهناك الكثير ممن لا يتمكنون من الحصول على الشهادة العليا أي شهادة التخرج، وهو ما يعد هدرا للطاقات وللموارد كان بالإمكان تلافيه بسهولة لو كانت عملية التوجيه الجامعي أفضل.

ولاحظ المستشار غياب الإحصائيات المتعلقة بعدد الطلبة الذين يغادرون الجامعة قبل التخرج بسبب سوء التوجيه الجامعي وأضاف أن غياب الإحصائيات لا يساعد على معالجة الظاهرة. وذكر أن هناك معضلة أخرى لا تقل أهمية وهي ناجمة عن عدم توفر هيكل مسؤول عن التنسيق بين وزارات التعليم العالي والتربية والتكوين المهني، لأنه من المفروض أن وزارة التشغيل تعرف متطلبات سوق الشعل في غضون خمس أو عشر سنوات وعلى هذا الأساس تتم عمليات التوجيه المدرسي والتوجيه الجامعي والتوجيه المهني وعلى هذا الأساس تتولى وزارة التعليم العالي فتح شعب جديدة في الاختصاصات المطلوبة في سوق الشغل وتتولى وزارة التكوين المهني توفير دورات تكوينية في الاختصاصات التي يحتجها سوق الشغل وبين أنه بوجود هذا الهيكل سيتم وضع حد للتسرب الدراسي في الجامعات وسيتم الحد من نسبة البطالة.

تغيير القاعدة

ولاحظ عبد القادر ميغري أن منظومة التوجيه الجامعي في الوقت الراهن تقوم على قاعدة لكل طالب مقعد ولكن المطلوب تغييرها بقاعدة لكل مقعد طالب أي أنه يجب تمكين كل طالب من مقعد في الجامعة في الاختصاص الذي يريده هو والذي يطلبه سوق الشغل، وذكر أن الدول المتقدمة ترصد ميولات التلاميذ منذ المرحلة الابتدائية وتعمل على تنمية مواهبهم ومهاراتهم وعند بلوغهم المرحلة الثانوية تتضح أمامهم الرؤية وكل واحد منهم يعرف ما هو المسار الدراسي والتكويني والمهني المناسب له. وأشار محدثنا إلى أن مستشاري الإعلام والتوجيه في تونس يعملون على مرافقة التلميذ بداية من السنة الأولى ثانوي ويساعدونه على بناء مشروعه الدراسي والمهني ويقدمون له معلومات حول خصوصيات كل شعبة من الشعب المتوفرة في الجامعات وآفاق التشغيل لكن القرار النهائي في التوجيه يعود إلى التلميذ. ولاحظ أن التلاميذ المتميزين في الدراسة وعددهم قليل هم فقط من يحسنون الاختيار أما البقية فإن توجيههم يتم بصفة اعتباطية، وذكر أنه من المفارقات في التوجيه المدرسي هو أن هناك تلاميذ يرفضون الالتحاق بشعبة الاقتصاد والتصرف ويختارون شعبة الرياضيات وشعبة العلوم ولكن بعد نجاحهم في الباكالوريا يتوجهون نحو شعب الاقتصاد والتصرف.

 وفسر ميغري أن التوجيه الجامعي في تونس يتم في إطار أربع دورات، إذ هناك دورة توجيه المتفوقين، وهناك دورة رئيسية وهي تعني جميع الحاصلين على شهادة الباكالوريا سواء الناجحين في الدورة الرئيسية أو في دورة المراقبة، وهناك دورة نهائية يتم خلالها، في إطار طاقة الاستيعاب المتبقية، توجيه الطلبة الذين لم يقع توجيههم بعد لعديد الأسباب، ثم تأتي دورة إعادة التوجيه الجامعي وهي تهم أربعة أصناف أولها إعادة التوجيه لأسباب عادية، والثانية لأسباب صحية وتتم على أساس الملفات، والثالثة لأسباب اجتماعية وتتم على أساس الملفات، أما الصنف الرابع فيتعلق بأصحاب المواهب في الموسيقى أو المسرح وتتم إعادة التوجيه على أساس الملفات. وإضافة إلى هذه الدورات هناك مناظرة إعادة التوجيه الجامعي التي تتم في شهر مارس من كل سنة ويكون ذلك على أساس عدد البقاع المتوفرة في كل كلية وهي تجري حسب الاختبارات.

إرباك منظومة التوجيه

 وذكر عبد القادر ميغري أنهم كمستشارين في الإعلام والتوجيه يستغربون من التطبيقة التي وضعتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لفائدة الطلبة الجدد الراغبين في إعادة التوجيه نظرا إلى أنه بإمكان أي كان النفاذ إلى هذه التطبيقة وإدخال المعطيات التي يرغب فيها وهو ما من شأنه أن يتسبب في إرباك العملية وفي إدخال بلبلة على منظومة التوجيه الجامعي التي تعد من أفضل المنظومات الموجودة في الدول العربية.

وفي نفس السياق تجدر الإشارة إلى أنه بعد الانتهاء من موسم التوجيه الجامعي لسنة 2022 والإعلان عن نتائج إعادة التوجيه عبرت الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني في بيان أصدرته يوم غرة سبتمبر الجاري عن استغرابها من حجب بعض الشعب في التعليم العالي من الشعب التي لا تتطلب اختبارات في مناظرة إعادة التوجيه والنقلة وحرمان العشرات ممن لديهم مجموع نقاط يفوق مجموع نقاط آخر موجه إليها بصفة غبر مبررة لأن هذا الإجراء الاعتباطي على حد وصفها لم يأخذ بعين الاعتبار عدد المغادرين لهذه الشعب نحو مسالك أخرى دون تعويضهم بعدد يوازيهم ممن يرغبون في الالتحاق بها. وأبدت الجمعية عدم تفهمها لاستثناء الشعب التي تتطلب اختبارات خصوصية من إعادة توجيه ونقلة والحال أن المؤسسات المعنية ستفتح المجال أمام الذين أعيد توجيههم في إطار ملفات أصحاب المواهب والمهارات الاستثنائية..

كما أشارت الجمعية إلى أن طاقة الاستيعاب المعلنة بعد انتهاء جميع عمليات التوجيه وإعادة التوجيه والتي تم الاستناد إليها في الموافقة على مطالب آلاف الطلبة الجدد من عدمها هي طاقة استيعاب غير معبرة عن الشغورات الممكنة لأنها لا تراعي العدد المهول من الطلبة الجدد الذين تحصلوا على توجيه أولي واختاروا التعليم العالي الخاص، أو التكوين المهني في مستوى التقني السامي أو الدراسة بالخارج وذلك بالإضافة إلى بقاء المئات من الطلبة الجدد خارج جهاتهم الأصلية رغم توفر شرط مجموع النقاط أو لديهم ملفات اجتماعية وصحية جدية..

وعبرت الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني عن استغرابها من عدم تكفل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالرد على تهديدات عمادة المهندسين بعد ترسيم المتخرجين من مدارس الهندسة العمومية والخاصة مما احدث ارتباكا كبيرا في صفوف الطلبة الجدد وغيرهم من الطلبة، ولم تخف الجمعية انزعاجها من قابلية اختراق التطبيقة التي وضعتها الوزارة على ذمة الطلبة الجدد الذين لم تقع الاستجابة إلى مطالب إعادة توجيههم أو نقلهم إذ تبين أنه يمكن لأي كان الولوج إلى هذه التطبيقة ووضع معطيات وهمية ويتم قبول مطالبهم وأكدت الجمعية أن لديها إثباتات في الغرض وهو حسب وصفها أمر خطير ينسف مكتسبات الدولة التونسية في المجال ويعرض المعطيات الشخصية للطلبة إلى الاختراق والتلاعب.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أكدت في بلاغ لها صدر أول أمس بعد الإعلان عن نتائج إعادة التوجيه الجامعي لحاملي شهادة باكالوريا 2022 على أنه وقعت الاستجابة إلى مطالب إعادة التوجيه لأسباب عادية حسب توفر شرط مجموع النقاط في حدود ما سمحت به طاقة استيعاب المؤسسات الجامعية، كما بينت أنه تمت دراسة مطالب إعادة التوجيه لأسباب اجتماعية وصحية من قبل لجان مختصة قامت بتحديد مجموعة من المقاييس والضوابط الموضوعية التي أفضت إلى تصنيف الملفات حسب درجة الأولوية وهي الملفات ذات الأولوية العالية جدا أو ذات الأولوية العالية أو ذات الأولوية المتوسطة وهو ما ساهم في الاستجابة إلى الوضعيات الأكثر أحقية من غيرها مع مراعاة فارق معين في مجموع النقاط بالنسبة إلى جميع الحالات التي حظيت بموافقة إحدى اللجان وحسب ما سمحت به طاقة الاستيعاب. وأفادت وزارة التعليم العالي في نفس البلاغ الطلبة المعنيين بإعادة التوجيه الجامعي أنه تمت دراسة مطالب إعادة توجيه أصحاب المواهب والمهارات الاستثنائية من قبل لجنة قامت بالنظر في جدية الوثائق المقدمة والتثبت من فارق مجموع النقاط وإحالة ملفات المقبولين بصفة مبدئية للمؤسسات المعنية لإجراء الاختبار الخاص بالشعبة المختارة.

مراجعة قانون التوجيه

وفي علاقة بالتوجيه الجامعي تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العام لطلبة تونس وجه يوم 4 أوت الماضي مراسلة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وإلى رؤساء الجامعات ضمنها تقرير المنظمة حول بعض المسائل والمطالب ودعوته إلى عرضها على اجتماع مجلس الجامعات ومن بين هذه المطالب هناك ما تعلق بالتوجيه الجامعي، حيث دعا الاتحاد إلى إعادة النظر في قانون التوجيه الجامعي وتمكين الطلبة من ثلاث فرص إعادة توجه وعدم الاقتصار على دورة مارس وذلك حتى يتمكنوا من دراسة الشعب التي يريدوها ومن ثمة يلتحقون بالمهن التي يحلمون بها. وأكد الاتحاد في نفس المراسلة على أن العديد من الطلبة تقدموا له بهذا المطلب بعد فشلهم في اختبار مناظرة إعادة التوجيه الجامعي سواء تلك التي تمت في مارس 2021 أو في مارس 2022 وعدم تمكنهم من النجاح في الالتحاق بالشعب التي تناظروا من اجل الالتحاق بها بفارق يقل عن نصف نقطة فقط مقارنة بالطلبة المقبولين. أما بالنسبة إلى إعادة التوجيه بالملفات فإن الاتحاد العام لطلبة تونس لاحظ في تقريره المرفوع لوزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات عدم تمكن الطالب الذي لديه عدد 2 ترسيمات وسنة بيضاء من القيام بإعادة التوجيه وذلك بعد تأكده من عدم قدرته على دراسة الشعبة السابقة لأن قانون التوجيه الجامعي يشترط فقط سنتين اثنتين لا ترسيمين اثنين ويحرم الطالب الذي أمضى سنة بيضاء من الحق في إعادة التوجيه.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 بسبب غربال التوجيه الجامعي..  آلاف الطلبة تتحطم أحلامهم ويغادرون مدرج الكلية قبل الأوان

 

 

تونس- الصباح

يسدل اليوم الستار على عمليات التوجيه الجامعي للناجحين في امتحان الباكالوريا لسنة 2022، حيث منحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الطلبة الجدد الذين لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم المتعلقة بإعادة التوجيه الجامعي أجلا لا يتجاوز منتصف ليلة اليوم الأحد 4 سبتمبر لتقديم مطالب لإعادة النظر بصفة حصرية في ملفاتهم ومن حقهم هذه المرة تعمير اختيار وحيد يتوفر فيه شرط مجموع النقاط على أن تتولى الإدارة العامة للشؤون الطالبية دراسة مطالب إعادة النظر والإجابة عنها في حدود ما تسمح به طاقة الاستيعاب، ومن المنتظر أن يتم الرد على المطالب عبر موقع التوجيه الجامعي.

وأعلنت الوزارة أول أمس عن نتائج دورة إعادة التوجيه الجامعي لحاملي بكالوريا 2022 من أصحاب المواهب وحاملي البكالوريا الأجنبية في الشعب التي تتطلب اختبارات، وأعلنت مساء يوم الأربعاء الماضي عن نتائج دورة إعادة التوجيه بالنسبة إلى الحالات العادية والاجتماعية والصحية، وهناك من تم قبول مطالبهم في حين لم تحظ مطالب آخرين بالموافقة، وهو ما سيجعل أصحابها يواجهون صعوبات كبيرة في دراستهم الجامعية لاحقا، وربما لن يكون مصيرهم أفضل من مصير آلاف الطلبة الذين تحطمت أحلامهم بسبب توجيههم إلى شعب لا تتناسب مع مؤهلاتهم ولا تستجيب لرغباتهم مما أدى إلى رسوب متكرر وإخفاق في الدراسة ومغادرة لمؤسساتهم الجامعية مبكرا و قبل الحصول على شهادات التخرج..

ففي هذا السياق أشار عبد القادر ميغري المستشار الأول في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والناشط في الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني إلى أن عمليات التوجيه تتم أحيانا بكثير من الاعتباطية وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على مستقبل الطلبة، وبين أنه عند النظر إلى الإحصائيات المتعلقة بأصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل نجد أن من بين هؤلاء هناك آلاف المعطلين الوافدين من اختصاصات العربية والفلسفة والتاريخ والجغرافيا والفرنسية وغيرها من الاختصاصات صعبة الإدماج في سوق الشغل لكن في المقابل مازالت وزارة التعليم العالي توجه سنويا أدفاقا جديدة من الناجحين الجدد في الباكالوريا لهذه الشعب، وهناك الكثير من الطلبة يتم توجيههم إلى اختصاصات لا يحبذونها مطلقا أو إلى اختصاصات لا تتناسب مع مؤهلاتهم وهو ما يؤدي لاحقا إلى إخفاقهم، وهناك من يرسب ثلاث مرات في السنة الأولى وهناك من يغادر الجامعة في السنة الأولى أو السنة الثانية جراء عدم القدرة على استيعاب الدروس وهناك الكثير ممن لا يتمكنون من الحصول على الشهادة العليا أي شهادة التخرج، وهو ما يعد هدرا للطاقات وللموارد كان بالإمكان تلافيه بسهولة لو كانت عملية التوجيه الجامعي أفضل.

ولاحظ المستشار غياب الإحصائيات المتعلقة بعدد الطلبة الذين يغادرون الجامعة قبل التخرج بسبب سوء التوجيه الجامعي وأضاف أن غياب الإحصائيات لا يساعد على معالجة الظاهرة. وذكر أن هناك معضلة أخرى لا تقل أهمية وهي ناجمة عن عدم توفر هيكل مسؤول عن التنسيق بين وزارات التعليم العالي والتربية والتكوين المهني، لأنه من المفروض أن وزارة التشغيل تعرف متطلبات سوق الشعل في غضون خمس أو عشر سنوات وعلى هذا الأساس تتم عمليات التوجيه المدرسي والتوجيه الجامعي والتوجيه المهني وعلى هذا الأساس تتولى وزارة التعليم العالي فتح شعب جديدة في الاختصاصات المطلوبة في سوق الشغل وتتولى وزارة التكوين المهني توفير دورات تكوينية في الاختصاصات التي يحتجها سوق الشغل وبين أنه بوجود هذا الهيكل سيتم وضع حد للتسرب الدراسي في الجامعات وسيتم الحد من نسبة البطالة.

تغيير القاعدة

ولاحظ عبد القادر ميغري أن منظومة التوجيه الجامعي في الوقت الراهن تقوم على قاعدة لكل طالب مقعد ولكن المطلوب تغييرها بقاعدة لكل مقعد طالب أي أنه يجب تمكين كل طالب من مقعد في الجامعة في الاختصاص الذي يريده هو والذي يطلبه سوق الشغل، وذكر أن الدول المتقدمة ترصد ميولات التلاميذ منذ المرحلة الابتدائية وتعمل على تنمية مواهبهم ومهاراتهم وعند بلوغهم المرحلة الثانوية تتضح أمامهم الرؤية وكل واحد منهم يعرف ما هو المسار الدراسي والتكويني والمهني المناسب له. وأشار محدثنا إلى أن مستشاري الإعلام والتوجيه في تونس يعملون على مرافقة التلميذ بداية من السنة الأولى ثانوي ويساعدونه على بناء مشروعه الدراسي والمهني ويقدمون له معلومات حول خصوصيات كل شعبة من الشعب المتوفرة في الجامعات وآفاق التشغيل لكن القرار النهائي في التوجيه يعود إلى التلميذ. ولاحظ أن التلاميذ المتميزين في الدراسة وعددهم قليل هم فقط من يحسنون الاختيار أما البقية فإن توجيههم يتم بصفة اعتباطية، وذكر أنه من المفارقات في التوجيه المدرسي هو أن هناك تلاميذ يرفضون الالتحاق بشعبة الاقتصاد والتصرف ويختارون شعبة الرياضيات وشعبة العلوم ولكن بعد نجاحهم في الباكالوريا يتوجهون نحو شعب الاقتصاد والتصرف.

 وفسر ميغري أن التوجيه الجامعي في تونس يتم في إطار أربع دورات، إذ هناك دورة توجيه المتفوقين، وهناك دورة رئيسية وهي تعني جميع الحاصلين على شهادة الباكالوريا سواء الناجحين في الدورة الرئيسية أو في دورة المراقبة، وهناك دورة نهائية يتم خلالها، في إطار طاقة الاستيعاب المتبقية، توجيه الطلبة الذين لم يقع توجيههم بعد لعديد الأسباب، ثم تأتي دورة إعادة التوجيه الجامعي وهي تهم أربعة أصناف أولها إعادة التوجيه لأسباب عادية، والثانية لأسباب صحية وتتم على أساس الملفات، والثالثة لأسباب اجتماعية وتتم على أساس الملفات، أما الصنف الرابع فيتعلق بأصحاب المواهب في الموسيقى أو المسرح وتتم إعادة التوجيه على أساس الملفات. وإضافة إلى هذه الدورات هناك مناظرة إعادة التوجيه الجامعي التي تتم في شهر مارس من كل سنة ويكون ذلك على أساس عدد البقاع المتوفرة في كل كلية وهي تجري حسب الاختبارات.

إرباك منظومة التوجيه

 وذكر عبد القادر ميغري أنهم كمستشارين في الإعلام والتوجيه يستغربون من التطبيقة التي وضعتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لفائدة الطلبة الجدد الراغبين في إعادة التوجيه نظرا إلى أنه بإمكان أي كان النفاذ إلى هذه التطبيقة وإدخال المعطيات التي يرغب فيها وهو ما من شأنه أن يتسبب في إرباك العملية وفي إدخال بلبلة على منظومة التوجيه الجامعي التي تعد من أفضل المنظومات الموجودة في الدول العربية.

وفي نفس السياق تجدر الإشارة إلى أنه بعد الانتهاء من موسم التوجيه الجامعي لسنة 2022 والإعلان عن نتائج إعادة التوجيه عبرت الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني في بيان أصدرته يوم غرة سبتمبر الجاري عن استغرابها من حجب بعض الشعب في التعليم العالي من الشعب التي لا تتطلب اختبارات في مناظرة إعادة التوجيه والنقلة وحرمان العشرات ممن لديهم مجموع نقاط يفوق مجموع نقاط آخر موجه إليها بصفة غبر مبررة لأن هذا الإجراء الاعتباطي على حد وصفها لم يأخذ بعين الاعتبار عدد المغادرين لهذه الشعب نحو مسالك أخرى دون تعويضهم بعدد يوازيهم ممن يرغبون في الالتحاق بها. وأبدت الجمعية عدم تفهمها لاستثناء الشعب التي تتطلب اختبارات خصوصية من إعادة توجيه ونقلة والحال أن المؤسسات المعنية ستفتح المجال أمام الذين أعيد توجيههم في إطار ملفات أصحاب المواهب والمهارات الاستثنائية..

كما أشارت الجمعية إلى أن طاقة الاستيعاب المعلنة بعد انتهاء جميع عمليات التوجيه وإعادة التوجيه والتي تم الاستناد إليها في الموافقة على مطالب آلاف الطلبة الجدد من عدمها هي طاقة استيعاب غير معبرة عن الشغورات الممكنة لأنها لا تراعي العدد المهول من الطلبة الجدد الذين تحصلوا على توجيه أولي واختاروا التعليم العالي الخاص، أو التكوين المهني في مستوى التقني السامي أو الدراسة بالخارج وذلك بالإضافة إلى بقاء المئات من الطلبة الجدد خارج جهاتهم الأصلية رغم توفر شرط مجموع النقاط أو لديهم ملفات اجتماعية وصحية جدية..

وعبرت الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني عن استغرابها من عدم تكفل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالرد على تهديدات عمادة المهندسين بعد ترسيم المتخرجين من مدارس الهندسة العمومية والخاصة مما احدث ارتباكا كبيرا في صفوف الطلبة الجدد وغيرهم من الطلبة، ولم تخف الجمعية انزعاجها من قابلية اختراق التطبيقة التي وضعتها الوزارة على ذمة الطلبة الجدد الذين لم تقع الاستجابة إلى مطالب إعادة توجيههم أو نقلهم إذ تبين أنه يمكن لأي كان الولوج إلى هذه التطبيقة ووضع معطيات وهمية ويتم قبول مطالبهم وأكدت الجمعية أن لديها إثباتات في الغرض وهو حسب وصفها أمر خطير ينسف مكتسبات الدولة التونسية في المجال ويعرض المعطيات الشخصية للطلبة إلى الاختراق والتلاعب.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أكدت في بلاغ لها صدر أول أمس بعد الإعلان عن نتائج إعادة التوجيه الجامعي لحاملي شهادة باكالوريا 2022 على أنه وقعت الاستجابة إلى مطالب إعادة التوجيه لأسباب عادية حسب توفر شرط مجموع النقاط في حدود ما سمحت به طاقة استيعاب المؤسسات الجامعية، كما بينت أنه تمت دراسة مطالب إعادة التوجيه لأسباب اجتماعية وصحية من قبل لجان مختصة قامت بتحديد مجموعة من المقاييس والضوابط الموضوعية التي أفضت إلى تصنيف الملفات حسب درجة الأولوية وهي الملفات ذات الأولوية العالية جدا أو ذات الأولوية العالية أو ذات الأولوية المتوسطة وهو ما ساهم في الاستجابة إلى الوضعيات الأكثر أحقية من غيرها مع مراعاة فارق معين في مجموع النقاط بالنسبة إلى جميع الحالات التي حظيت بموافقة إحدى اللجان وحسب ما سمحت به طاقة الاستيعاب. وأفادت وزارة التعليم العالي في نفس البلاغ الطلبة المعنيين بإعادة التوجيه الجامعي أنه تمت دراسة مطالب إعادة توجيه أصحاب المواهب والمهارات الاستثنائية من قبل لجنة قامت بالنظر في جدية الوثائق المقدمة والتثبت من فارق مجموع النقاط وإحالة ملفات المقبولين بصفة مبدئية للمؤسسات المعنية لإجراء الاختبار الخاص بالشعبة المختارة.

مراجعة قانون التوجيه

وفي علاقة بالتوجيه الجامعي تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العام لطلبة تونس وجه يوم 4 أوت الماضي مراسلة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وإلى رؤساء الجامعات ضمنها تقرير المنظمة حول بعض المسائل والمطالب ودعوته إلى عرضها على اجتماع مجلس الجامعات ومن بين هذه المطالب هناك ما تعلق بالتوجيه الجامعي، حيث دعا الاتحاد إلى إعادة النظر في قانون التوجيه الجامعي وتمكين الطلبة من ثلاث فرص إعادة توجه وعدم الاقتصار على دورة مارس وذلك حتى يتمكنوا من دراسة الشعب التي يريدوها ومن ثمة يلتحقون بالمهن التي يحلمون بها. وأكد الاتحاد في نفس المراسلة على أن العديد من الطلبة تقدموا له بهذا المطلب بعد فشلهم في اختبار مناظرة إعادة التوجيه الجامعي سواء تلك التي تمت في مارس 2021 أو في مارس 2022 وعدم تمكنهم من النجاح في الالتحاق بالشعب التي تناظروا من اجل الالتحاق بها بفارق يقل عن نصف نقطة فقط مقارنة بالطلبة المقبولين. أما بالنسبة إلى إعادة التوجيه بالملفات فإن الاتحاد العام لطلبة تونس لاحظ في تقريره المرفوع لوزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات عدم تمكن الطالب الذي لديه عدد 2 ترسيمات وسنة بيضاء من القيام بإعادة التوجيه وذلك بعد تأكده من عدم قدرته على دراسة الشعبة السابقة لأن قانون التوجيه الجامعي يشترط فقط سنتين اثنتين لا ترسيمين اثنين ويحرم الطالب الذي أمضى سنة بيضاء من الحق في إعادة التوجيه.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews