إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جملة اعتراضية.. يكرمون الممثل بدل صاحب الدور الحقيقي !!

 لبلبة هي فنانة مصرية لطيفة. قدمت العديد من الأدوار الفنية الخفيفة في السينما والدراما المصرية وهي من الوجوه المألوفة في عالم التمثيل والاستعراض الفني ورغم أنها لم تكن من بطلات الصف الأول مقارنة بنجمات أخرى من جيلها ( من مواليد 1946)، غير أن حفاظها على مظهرها الشاب وعلى رشاقتها وعلى حيويتها، جعلها تستمر في احتلال موقع هام في الساحة الاعلامية وتحظى بقبول جيد من الجمهور.

وقد أكرمت وزارة التربية المصرية مؤخرا الممثلة لدور قدمته في مسلسل بث في رمضان المنقضي بعنوان " دايما عامر" وقد تقمصت لبلبة فيه دور مديرة مدرسة ينادونها ب" ميس زهرة". واعتبرت وزارة التربية أن الممثلة قدمت عملا فنيا يجل القيم التربوية ويعترف بجهود المدرسة في النهوض بالمجتمع. فقد تقمصت لبلبة شخصية امرأة ضحت بحياتها الخاصة من اجل عملها بالمدرسة. وفعلا نوه النقاد المصريون بدور لبلبة واعتبروه دورا ايجابيا وناجعا ومحفزا على طلب العلم والمعرفة.

لكن مع ذلك، فإن في الموضوع اشكالا. فلبلبة تبقى ممثلة وهي تتقمص دورا ولئن اجتهدت ونجحت في اقناع جمهور المشاهدين، فإنها في النهاية ليست مديرة مدرسة وليست مربية وما هي إلا نسخة مقلدة. بمعنى آخر أن الجديرين بالتكريم من وزارة التربية هم المربون الذين جلنا يعرف معاناة هؤلاء في البلدان العربية التي تواجه مشاكل الفقر والتخلف والتطرف. ففي هذه البلدان تتفاقم معاناة المربي الذي لا يجد أحيانا الضروريات لممارسة عمله في ظروف عادية كي لا نقول في ظروف جيدة، وليس خافيا ان اغلب المدراس العمومية في بلداننا المتعبة، ولا نستثني منها تونس طبعا، بلا صيانة وتفتقر للمعدات اللازمة ولم تصلها التكنولوجيا مما يعني أنها ظلت بدائية مقارنة مع ما يشهده العالم من تطور ومع تشهده التكنولوجيا من تقدم. وعن معاناة المدرسين بالأرياف فحدث ولا حرج. فمن أحق في مثل هذه الظروف بالتكريم والتتويج من وزارة للتربية في بلد مثل مصر أو بلد عربي يشترك معهما في نفس الظروف، على الأقل فيما يخص القطاع التربوي، هل هو المربي المكافح ميدانيا والذي يمارس مهنة شاقة واحيانا تقابل جهوده بالجحود وبعدم الاعتراف، أم من يمارس مهنة التمثيل؟

إننا نخشى أن تكون مجتمعاتنا قد انساقت مع كل ما هو افتراضي وصارت لا تميز بين النسخة والأصل، بل هي تحبذ كل ما هو غير اصلي ومقلد وسطحي وخال من العمق. فمن المفروض أن الممثل لا يفتقر إلى التكريمات وهو محل تكريم وتبجيل في كل المناسبات، في المهرجانات وفي الاحتفالات وفي جل التظاهرات والمناسبات وأحيانا يتم تكريمه بدون مناسبة ، أما رجال التعليم فهم رغم دورهم في تكوين الأجيال، ورغم مشاق المهنة والأهم من ذلك رغم حاجة المجتمع لهم، يعملون دائما- الا ما ندر طبعا- في تعتيم كامل.

قد تكون الحركة التي قامت بها وزارة التربية المصرية حركة عفوية ورغبة في الاعتراف لاحدى النجمات الفاعلات لدورها في التشجيع على احترام المربي، ولكنها تبقى قابلة للنقاش خاصة في ظروف طغت عليها السطحية والاستسهال. فنحن وبدون مبالغة في عصر انقلبت فيه المفاهيم حتى صار ما يسمون بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي ( اغلبهم بلا تجارب أو معارف تخول لهم القيام بدور قيادي ومؤثر في المجتمع)، مبجلين أكثر بكثير من الفاعلين الحقيقيين في المجتمع من علماء ومبدعين ومربين وغيرهم من أصحاب النبيلة. ولم يكن ينقصنا سوى أن ينساق القطاع التربوي مع الموضة الجديدة وان يبحث هو بدوره عن "البوز" وعن الاثارة !!

حياة السايب

 

جملة اعتراضية..  يكرمون الممثل بدل صاحب الدور الحقيقي !!

 لبلبة هي فنانة مصرية لطيفة. قدمت العديد من الأدوار الفنية الخفيفة في السينما والدراما المصرية وهي من الوجوه المألوفة في عالم التمثيل والاستعراض الفني ورغم أنها لم تكن من بطلات الصف الأول مقارنة بنجمات أخرى من جيلها ( من مواليد 1946)، غير أن حفاظها على مظهرها الشاب وعلى رشاقتها وعلى حيويتها، جعلها تستمر في احتلال موقع هام في الساحة الاعلامية وتحظى بقبول جيد من الجمهور.

وقد أكرمت وزارة التربية المصرية مؤخرا الممثلة لدور قدمته في مسلسل بث في رمضان المنقضي بعنوان " دايما عامر" وقد تقمصت لبلبة فيه دور مديرة مدرسة ينادونها ب" ميس زهرة". واعتبرت وزارة التربية أن الممثلة قدمت عملا فنيا يجل القيم التربوية ويعترف بجهود المدرسة في النهوض بالمجتمع. فقد تقمصت لبلبة شخصية امرأة ضحت بحياتها الخاصة من اجل عملها بالمدرسة. وفعلا نوه النقاد المصريون بدور لبلبة واعتبروه دورا ايجابيا وناجعا ومحفزا على طلب العلم والمعرفة.

لكن مع ذلك، فإن في الموضوع اشكالا. فلبلبة تبقى ممثلة وهي تتقمص دورا ولئن اجتهدت ونجحت في اقناع جمهور المشاهدين، فإنها في النهاية ليست مديرة مدرسة وليست مربية وما هي إلا نسخة مقلدة. بمعنى آخر أن الجديرين بالتكريم من وزارة التربية هم المربون الذين جلنا يعرف معاناة هؤلاء في البلدان العربية التي تواجه مشاكل الفقر والتخلف والتطرف. ففي هذه البلدان تتفاقم معاناة المربي الذي لا يجد أحيانا الضروريات لممارسة عمله في ظروف عادية كي لا نقول في ظروف جيدة، وليس خافيا ان اغلب المدراس العمومية في بلداننا المتعبة، ولا نستثني منها تونس طبعا، بلا صيانة وتفتقر للمعدات اللازمة ولم تصلها التكنولوجيا مما يعني أنها ظلت بدائية مقارنة مع ما يشهده العالم من تطور ومع تشهده التكنولوجيا من تقدم. وعن معاناة المدرسين بالأرياف فحدث ولا حرج. فمن أحق في مثل هذه الظروف بالتكريم والتتويج من وزارة للتربية في بلد مثل مصر أو بلد عربي يشترك معهما في نفس الظروف، على الأقل فيما يخص القطاع التربوي، هل هو المربي المكافح ميدانيا والذي يمارس مهنة شاقة واحيانا تقابل جهوده بالجحود وبعدم الاعتراف، أم من يمارس مهنة التمثيل؟

إننا نخشى أن تكون مجتمعاتنا قد انساقت مع كل ما هو افتراضي وصارت لا تميز بين النسخة والأصل، بل هي تحبذ كل ما هو غير اصلي ومقلد وسطحي وخال من العمق. فمن المفروض أن الممثل لا يفتقر إلى التكريمات وهو محل تكريم وتبجيل في كل المناسبات، في المهرجانات وفي الاحتفالات وفي جل التظاهرات والمناسبات وأحيانا يتم تكريمه بدون مناسبة ، أما رجال التعليم فهم رغم دورهم في تكوين الأجيال، ورغم مشاق المهنة والأهم من ذلك رغم حاجة المجتمع لهم، يعملون دائما- الا ما ندر طبعا- في تعتيم كامل.

قد تكون الحركة التي قامت بها وزارة التربية المصرية حركة عفوية ورغبة في الاعتراف لاحدى النجمات الفاعلات لدورها في التشجيع على احترام المربي، ولكنها تبقى قابلة للنقاش خاصة في ظروف طغت عليها السطحية والاستسهال. فنحن وبدون مبالغة في عصر انقلبت فيه المفاهيم حتى صار ما يسمون بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي ( اغلبهم بلا تجارب أو معارف تخول لهم القيام بدور قيادي ومؤثر في المجتمع)، مبجلين أكثر بكثير من الفاعلين الحقيقيين في المجتمع من علماء ومبدعين ومربين وغيرهم من أصحاب النبيلة. ولم يكن ينقصنا سوى أن ينساق القطاع التربوي مع الموضة الجديدة وان يبحث هو بدوره عن "البوز" وعن الاثارة !!

حياة السايب

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews