إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انعكاساتها على الوضع الوطني وملف المبعوث الأممي يعمق الأزمة.. علاقة تونس بطرابلس من الفتور الى عدم اعتماد السفير الليبي !

-الخبير في الشأن الليبي غازي معلىّ لـ"الصباح": العلاقة بين البلدين تم إخضاعها إلى المزاج الشخصي والسياسي

تونس- الصباح

منذ الثورة الى اليوم تواصل الأزمة الليبية، الإلقاء بظلالها الثقيلة على الوضع في تونس.. وهذا الارتباط الوثيق بين تطورات الأحداث في الدولة الجارة والوضع الوطني الداخلي يجد أسبابه في عدة عوامل مقترنة بعلاقة الشعبين وطبيعة العلاقة بين البلدين وخاصة العلاقات الثنائية على المستوى الاقتصادي، فليبيا كانت الشريك الاقتصادي الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي وكانت تمثل سوقا واعدة ومهمة لأغلب البضائع والمنتوجات التونسية وقد أضرت ظروف الحرب والصراع الداخلي في ليبيا بهذه العلاقات الاقتصادية الرسمية وفسح ذلك المجال واسعا أمام حركة تهريب مهولة عبر المعابر الرسمية والنشيطة، كما أن الظروف الأمنية السيئة التي شهدتها ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي أجبرت آلاف الليبيين إن لم نقل ملايين الليبيين على اللجوء الى تونس وهو ما شكّل عبئا اقتصاديا واجتماعيا إضافيا تكبدته الدولة سنوات طوال وما زالت تتكبده.. وفي المقابل فانه وبإجماع المهتمين بالشأن الليبي، لم تحسن تونس الى اليوم التعامل مع الأزمة الليبية ولم تصل بعد الى حلول للتقليص من تداعيات هذه الأزمة على الوضع الداخلي .

الخبير في الشأن الليبي غازي معلى وفي تصريح لـ"الصباح" لم ينف انعكاس الأزمة الليبية وعدم الاستقرار السياسي على الوضع في تونس ولكنه أكد في المقابل انه يجب إيجاد حلول سياسية وانه يجب إخراج العلاقة الثنائية من حالة التعامل المزاجية الى علاقات أكثر عمقا واستقرارا تخدم مصلحة من في حكم كما تحكم مصلحة الشعبين .

المبعوث الأممي حلقة جديدة في الأزمة

رغم فشل كل المحاولات السابقة مازال المجتمع الدولي يواصل الرهان على العمليّة السياسية بمساريها السياسي والدستوري.. إضافة إلى المسار العسكري والأمني. في حين يجمع أغلب المهتمين بالشأن الليبي أن الحل السياسي من خلال الذهاب الى انتخابات هو حل غير منطقي بوجود انقسام في الحكم والمؤسسات والأخطر في وضع تنتشر فيه 20 مليون قطعة سلاح تمتلكها في الأغلب ميليشيات هي أقوى من الدولة والحكومات .

أول أمس التقى القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زينينغا، بالسفير التونسي لدى ليبيا الأسعد العجيلي، وفقا لوكالة الأنباء الليبية، واستعرضا وجهات النظر حول التطورات على المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية في ليبيا.

وقد أعرب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن تقديره للدور التونسي في تعزيز التوافق بين الأطراف الليبية ودعمها للحوار الليبي بقيادة ليبية، مشيدا في الوقت نفسه بدعم الحكومة التونسية المستمر لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. كما شدد الطرفان على ضرورة إنهاء مظاهر التحشيد للتشكيلات المسلحة والتوافق على مسار الانتخابات باعتباره السبيل الوحيد للخروج من المأزق السياسي الراهن في ليبيا. ولكن هل أن المسار الانتخابي كفيل فعلا بإخراج ليبيا من أزمتها. رغم حث المستشارة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الليبية "ستيفاني ويليامز" مجلسي النواب والأعلى للدولة على تقديم ما وصفتها بالتنازلات "التاريخية" وتحمل مسؤوليتهما والاتفاق على خارطة طريق للانتخابات .

وتواجه اليوم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أزمة تمثيلية حيث أعرب "ستيفان دوجاريك" المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" عن أمله في وجود مرشح مقبول من جانب الأطراف المعنية لتولي رئاسة البعثة الأممية في ليبيا. ولكن غوتيريش الذي أبعد المرشح التونسي منجي الحامدي والمرشح الجزائري صبري بوقادم وراهن على المرشح السينغالي عبد الله باتيلي واجه تحفّظا أقرب الى الرفض الصريح من حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذا المرشح الجديد لمنصب المبعوث الأممي إلى ليبيا، بعد خلاف طال كثيرا حول هذا المنصب بين الأعضاء في مجلس الأمن، ما تسبب في إحداث فراغ كبير على المستوى السياسي في ليبيا. ويعتبر المبعوث المنتظر المبعوث رقم 8 بعد الأمريكية ستيفاني وليامز والسلوفاكي يان كوبيش واللبناني غسان سلامة والألماني مارتن كوبلر، والإسباني برناردينو ليون واللبناني طارق متري والبريطاني إيان مارتن والأردني عبد الإله الخطيب.

وقد تم في وقت سابق إبعاد المرشح التونسي وهو وزير الخارجية الأسبق منجي الحامدي والذي اعتبر أن قبوله في المنصب هو دخول لتونس من الباب الكبير في الملف الليبي ولكن بعد منافسة قوية بينه وبين الجزائري صبري بوقادم قام الأمين العام للأمم المتحدة بإبعاد كلاهما وبقيت تونس مرة أخرى على هامش الأحداث في ليبيا .

أزمة وانعكاسات ..

قال الخبير في الشأن الليبي غازي معلى في تصريح لـ"الصباح" وفي تعليقه على الأزمة الراهنة اليوم في ليبيا "أولا لا بد من الإشارة الى أنه الى اليوم لم يحصل السفير الليبي المقترح على أوراق اعتماده في تونس.. ثم يجب الإشارة الى أن أزمة ليبيا اليوم ليست فقط في عدم الاستقرار السياسي أو الأمني بل كذلك في علاقة بانهيار الوضع الاقتصادي وما يترتب عن ذلك من أثر اجتماعي، فالوضع المعيشي بات صعبا جدا وحتى أغلب محلات البقالة الصغيرة هي بصدد الغلق اليوم كما أن القدرة الشرائية للمواطن الليبي تشهد انهيارا متواصلا، هذا بالإضافة الى أن قيمة الدينار الليبي بدأت في الانهيار منذ سنتين أو أكثر وباتت تلقي بظلال ثقيلة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ليبيا، فخلال كل السنوات التي تلت سقوط نظام معمر القذافي والاضطراب التي شهدته ليبيا كان المواطن الليبي يعوّل على مدخراته التي نفدت أو توشك على ذلك، سيما وان كل المشاريع التنموية والاقتصادية متوقفة اليوم في ليبيا بسبب أن حكومة الدبيبة ليس لها ميزانية مصادق عليها من البرلمان الذي لم يعد يعترف بها وبالتالي أدى ذلك الى تعطيل كل المشاريع الاستثمارية والإنتاجية التي كان يمكن أن تحقق الرفاه الاجتماعي".

ويضيف معلّى "كل تلك الأوضاع حتى ولو كانت أوضاعا ليبية داخلية فإنها تنعكس مباشرة على الوضع في تونس حيث يتقلص الطلب على العمالة التونسية حتى في الحرف والمهن البسيطة التي كانت تعيل عائلات كثيرة، ثم إن ذلك يؤثر كذلك على الشركات التونسية والمشاريع الاستثمارية التي كان مزمعا إنجازها في تونس. ثم والمشكل الأخطر هو مشكل المعابر والذي تحوّل الى ملف حساس، وأثّر على حركة المسافرين في الاتجاهين وخاصة من الجانب الليبي ونحن بدأنا نلاحظ تناقص أعداد الليبيين بتونس بسبب الظروف المعيشية هناك وذلك انعكس بشكل سلبي على السياحة في تونس وقطاع كراء العقارات وتأجير المنازل والشقق، وكل ذلك أدى الى تقلص معدلات التجارة البينية بين تونس وليبيا حيث لم يعد هنالك طلب وإقبال كبير على البضائع التونسية، ومؤخرا باتت هناك مشاكل مفتعلة في ليبيا منها أزمة الخبز الأخيرة وتداول معلومات بشأن مكونات هذا الخبز المضرة.. وهو ما يمكن أن يخلق أزمة في علاقة بازدياد نشاط تهريب بعض البضائع من تونس لتعويض النقص داخل ليبيا ولكن ذلك يمكن أن يفضي الى نقص في التزود داخل تونس.

علاقة مزاجية ..

ويعتقد غازي معلى أن الحل سياسي بامتياز، وأن تونس يجب أن تلعب دورا في استقرار الوضع بليبيا وأنه لا يمكن أن يستقر اليوم بإجراء انتخابات كما ترى اغلب الأطراف الدولية لان انتخابات في ظل مؤسسات منقسمة الى اثنين وحكم مشتت لا يمكن أن تنجح أو أن تكون نزيهة، قائلا "الشعب الليبي جرّب في 2012 و2014 الانتخابات وكان الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة متوفرا ووفق المعايير الدولية على الأقل في مستوى الشكل وليس المضمون وخاصة في انتخابات 2014 ولكن هل حلت تلك الانتخابات الإشكالية، بالعكس اتجه الأمر الى الأسوأ.. في الانتخابات التي كان مقررا عقدها في ديسمبر2021 حيث كانت على الأقل رغبة أولية في الذهاب الى هذه الانتخابات ولكن بعد ذلك ومع اقتراب معه، ظهرت النوايا الحقيقية والجميع تملّص من الاحتكام الى الصندوق والإرادة الشعبية بما في ذلك رئيس الحكومة بطرابلس عبد الحميد الدبيبة والذي كان مؤهلا ليفوز بها..

في علاقة بتعاطي الدولة التونسية مع الملف الليبي قال محدثنا إن هذا الملف تم إخضاعه اليوم الى المزاج الشخصي والسياسي ، قائلا "فعلاقة الرئيس قيس سعيد برئيس الحكومة الليبي والذي تدعمه الجزائر، عبد الحميد الدبيبة، باردة الى أبعد الحدود وخاصة بعد تلك التصريحات التي قالها الدبيبة منذ سنة والتي جعلت قيس سعيد يرى أن التعامل معه غير مقبول، ولكن هنا لا بد من التأكيد أن علاقات الدولة ومصالحها المشتركة لا تقوم فقط على المزاج وعلى الانطباع بل بالأساس على المصالح وللأسف ليس هناك اليوم لا مسؤول تونسي ولا ليبي انتبه الى أن العلاقات الشخصية الجيدة بين مسؤولي البلدين تدعم الاستقرار وتحقق مصلحة للبلدين.. بن علي ومعمر القذافي استفادت دولتاهما من علاقاتهما المميزة على مدى سنوات، ولكن خلال سنوات ما بعد الثورة لم نخرج لا من المنطق الأيديولوجي مع الإخوان ولا من منطق عدم الاكتراث مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، ولا من منطق "هذا لا يعجبني ولن أتعامل معه"، وهو المنطق السائد اليوم، وفق ما أفادنا به الخبير في الشأن الليبي غازي معلّى.

منية العرفاوي

 

 

انعكاساتها على الوضع الوطني وملف المبعوث الأممي يعمق الأزمة.. علاقة تونس بطرابلس من الفتور الى عدم اعتماد السفير الليبي !

-الخبير في الشأن الليبي غازي معلىّ لـ"الصباح": العلاقة بين البلدين تم إخضاعها إلى المزاج الشخصي والسياسي

تونس- الصباح

منذ الثورة الى اليوم تواصل الأزمة الليبية، الإلقاء بظلالها الثقيلة على الوضع في تونس.. وهذا الارتباط الوثيق بين تطورات الأحداث في الدولة الجارة والوضع الوطني الداخلي يجد أسبابه في عدة عوامل مقترنة بعلاقة الشعبين وطبيعة العلاقة بين البلدين وخاصة العلاقات الثنائية على المستوى الاقتصادي، فليبيا كانت الشريك الاقتصادي الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي وكانت تمثل سوقا واعدة ومهمة لأغلب البضائع والمنتوجات التونسية وقد أضرت ظروف الحرب والصراع الداخلي في ليبيا بهذه العلاقات الاقتصادية الرسمية وفسح ذلك المجال واسعا أمام حركة تهريب مهولة عبر المعابر الرسمية والنشيطة، كما أن الظروف الأمنية السيئة التي شهدتها ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي أجبرت آلاف الليبيين إن لم نقل ملايين الليبيين على اللجوء الى تونس وهو ما شكّل عبئا اقتصاديا واجتماعيا إضافيا تكبدته الدولة سنوات طوال وما زالت تتكبده.. وفي المقابل فانه وبإجماع المهتمين بالشأن الليبي، لم تحسن تونس الى اليوم التعامل مع الأزمة الليبية ولم تصل بعد الى حلول للتقليص من تداعيات هذه الأزمة على الوضع الداخلي .

الخبير في الشأن الليبي غازي معلى وفي تصريح لـ"الصباح" لم ينف انعكاس الأزمة الليبية وعدم الاستقرار السياسي على الوضع في تونس ولكنه أكد في المقابل انه يجب إيجاد حلول سياسية وانه يجب إخراج العلاقة الثنائية من حالة التعامل المزاجية الى علاقات أكثر عمقا واستقرارا تخدم مصلحة من في حكم كما تحكم مصلحة الشعبين .

المبعوث الأممي حلقة جديدة في الأزمة

رغم فشل كل المحاولات السابقة مازال المجتمع الدولي يواصل الرهان على العمليّة السياسية بمساريها السياسي والدستوري.. إضافة إلى المسار العسكري والأمني. في حين يجمع أغلب المهتمين بالشأن الليبي أن الحل السياسي من خلال الذهاب الى انتخابات هو حل غير منطقي بوجود انقسام في الحكم والمؤسسات والأخطر في وضع تنتشر فيه 20 مليون قطعة سلاح تمتلكها في الأغلب ميليشيات هي أقوى من الدولة والحكومات .

أول أمس التقى القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زينينغا، بالسفير التونسي لدى ليبيا الأسعد العجيلي، وفقا لوكالة الأنباء الليبية، واستعرضا وجهات النظر حول التطورات على المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية في ليبيا.

وقد أعرب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن تقديره للدور التونسي في تعزيز التوافق بين الأطراف الليبية ودعمها للحوار الليبي بقيادة ليبية، مشيدا في الوقت نفسه بدعم الحكومة التونسية المستمر لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. كما شدد الطرفان على ضرورة إنهاء مظاهر التحشيد للتشكيلات المسلحة والتوافق على مسار الانتخابات باعتباره السبيل الوحيد للخروج من المأزق السياسي الراهن في ليبيا. ولكن هل أن المسار الانتخابي كفيل فعلا بإخراج ليبيا من أزمتها. رغم حث المستشارة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الليبية "ستيفاني ويليامز" مجلسي النواب والأعلى للدولة على تقديم ما وصفتها بالتنازلات "التاريخية" وتحمل مسؤوليتهما والاتفاق على خارطة طريق للانتخابات .

وتواجه اليوم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أزمة تمثيلية حيث أعرب "ستيفان دوجاريك" المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" عن أمله في وجود مرشح مقبول من جانب الأطراف المعنية لتولي رئاسة البعثة الأممية في ليبيا. ولكن غوتيريش الذي أبعد المرشح التونسي منجي الحامدي والمرشح الجزائري صبري بوقادم وراهن على المرشح السينغالي عبد الله باتيلي واجه تحفّظا أقرب الى الرفض الصريح من حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذا المرشح الجديد لمنصب المبعوث الأممي إلى ليبيا، بعد خلاف طال كثيرا حول هذا المنصب بين الأعضاء في مجلس الأمن، ما تسبب في إحداث فراغ كبير على المستوى السياسي في ليبيا. ويعتبر المبعوث المنتظر المبعوث رقم 8 بعد الأمريكية ستيفاني وليامز والسلوفاكي يان كوبيش واللبناني غسان سلامة والألماني مارتن كوبلر، والإسباني برناردينو ليون واللبناني طارق متري والبريطاني إيان مارتن والأردني عبد الإله الخطيب.

وقد تم في وقت سابق إبعاد المرشح التونسي وهو وزير الخارجية الأسبق منجي الحامدي والذي اعتبر أن قبوله في المنصب هو دخول لتونس من الباب الكبير في الملف الليبي ولكن بعد منافسة قوية بينه وبين الجزائري صبري بوقادم قام الأمين العام للأمم المتحدة بإبعاد كلاهما وبقيت تونس مرة أخرى على هامش الأحداث في ليبيا .

أزمة وانعكاسات ..

قال الخبير في الشأن الليبي غازي معلى في تصريح لـ"الصباح" وفي تعليقه على الأزمة الراهنة اليوم في ليبيا "أولا لا بد من الإشارة الى أنه الى اليوم لم يحصل السفير الليبي المقترح على أوراق اعتماده في تونس.. ثم يجب الإشارة الى أن أزمة ليبيا اليوم ليست فقط في عدم الاستقرار السياسي أو الأمني بل كذلك في علاقة بانهيار الوضع الاقتصادي وما يترتب عن ذلك من أثر اجتماعي، فالوضع المعيشي بات صعبا جدا وحتى أغلب محلات البقالة الصغيرة هي بصدد الغلق اليوم كما أن القدرة الشرائية للمواطن الليبي تشهد انهيارا متواصلا، هذا بالإضافة الى أن قيمة الدينار الليبي بدأت في الانهيار منذ سنتين أو أكثر وباتت تلقي بظلال ثقيلة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ليبيا، فخلال كل السنوات التي تلت سقوط نظام معمر القذافي والاضطراب التي شهدته ليبيا كان المواطن الليبي يعوّل على مدخراته التي نفدت أو توشك على ذلك، سيما وان كل المشاريع التنموية والاقتصادية متوقفة اليوم في ليبيا بسبب أن حكومة الدبيبة ليس لها ميزانية مصادق عليها من البرلمان الذي لم يعد يعترف بها وبالتالي أدى ذلك الى تعطيل كل المشاريع الاستثمارية والإنتاجية التي كان يمكن أن تحقق الرفاه الاجتماعي".

ويضيف معلّى "كل تلك الأوضاع حتى ولو كانت أوضاعا ليبية داخلية فإنها تنعكس مباشرة على الوضع في تونس حيث يتقلص الطلب على العمالة التونسية حتى في الحرف والمهن البسيطة التي كانت تعيل عائلات كثيرة، ثم إن ذلك يؤثر كذلك على الشركات التونسية والمشاريع الاستثمارية التي كان مزمعا إنجازها في تونس. ثم والمشكل الأخطر هو مشكل المعابر والذي تحوّل الى ملف حساس، وأثّر على حركة المسافرين في الاتجاهين وخاصة من الجانب الليبي ونحن بدأنا نلاحظ تناقص أعداد الليبيين بتونس بسبب الظروف المعيشية هناك وذلك انعكس بشكل سلبي على السياحة في تونس وقطاع كراء العقارات وتأجير المنازل والشقق، وكل ذلك أدى الى تقلص معدلات التجارة البينية بين تونس وليبيا حيث لم يعد هنالك طلب وإقبال كبير على البضائع التونسية، ومؤخرا باتت هناك مشاكل مفتعلة في ليبيا منها أزمة الخبز الأخيرة وتداول معلومات بشأن مكونات هذا الخبز المضرة.. وهو ما يمكن أن يخلق أزمة في علاقة بازدياد نشاط تهريب بعض البضائع من تونس لتعويض النقص داخل ليبيا ولكن ذلك يمكن أن يفضي الى نقص في التزود داخل تونس.

علاقة مزاجية ..

ويعتقد غازي معلى أن الحل سياسي بامتياز، وأن تونس يجب أن تلعب دورا في استقرار الوضع بليبيا وأنه لا يمكن أن يستقر اليوم بإجراء انتخابات كما ترى اغلب الأطراف الدولية لان انتخابات في ظل مؤسسات منقسمة الى اثنين وحكم مشتت لا يمكن أن تنجح أو أن تكون نزيهة، قائلا "الشعب الليبي جرّب في 2012 و2014 الانتخابات وكان الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة متوفرا ووفق المعايير الدولية على الأقل في مستوى الشكل وليس المضمون وخاصة في انتخابات 2014 ولكن هل حلت تلك الانتخابات الإشكالية، بالعكس اتجه الأمر الى الأسوأ.. في الانتخابات التي كان مقررا عقدها في ديسمبر2021 حيث كانت على الأقل رغبة أولية في الذهاب الى هذه الانتخابات ولكن بعد ذلك ومع اقتراب معه، ظهرت النوايا الحقيقية والجميع تملّص من الاحتكام الى الصندوق والإرادة الشعبية بما في ذلك رئيس الحكومة بطرابلس عبد الحميد الدبيبة والذي كان مؤهلا ليفوز بها..

في علاقة بتعاطي الدولة التونسية مع الملف الليبي قال محدثنا إن هذا الملف تم إخضاعه اليوم الى المزاج الشخصي والسياسي ، قائلا "فعلاقة الرئيس قيس سعيد برئيس الحكومة الليبي والذي تدعمه الجزائر، عبد الحميد الدبيبة، باردة الى أبعد الحدود وخاصة بعد تلك التصريحات التي قالها الدبيبة منذ سنة والتي جعلت قيس سعيد يرى أن التعامل معه غير مقبول، ولكن هنا لا بد من التأكيد أن علاقات الدولة ومصالحها المشتركة لا تقوم فقط على المزاج وعلى الانطباع بل بالأساس على المصالح وللأسف ليس هناك اليوم لا مسؤول تونسي ولا ليبي انتبه الى أن العلاقات الشخصية الجيدة بين مسؤولي البلدين تدعم الاستقرار وتحقق مصلحة للبلدين.. بن علي ومعمر القذافي استفادت دولتاهما من علاقاتهما المميزة على مدى سنوات، ولكن خلال سنوات ما بعد الثورة لم نخرج لا من المنطق الأيديولوجي مع الإخوان ولا من منطق عدم الاكتراث مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، ولا من منطق "هذا لا يعجبني ولن أتعامل معه"، وهو المنطق السائد اليوم، وفق ما أفادنا به الخبير في الشأن الليبي غازي معلّى.

منية العرفاوي

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews