إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح.. على الدولة التدخل العاجل: التعليم لم يعد مجانيّا في تونس والنجاح لمن يدفع أكثر !!

بقلم: ريم بالخذيري

منذ الاستقلال نشأنا على مقولة أن التعليم في تونس مجاني واجباري. وقد تمّ سن القانون عدد 118 لسنة 1958 الذي أقرّ اجبارية التعليم من سن السادسة إلى سن الثانية عشر.كما أقر الفصل الثالث منه مجانية التعليم في جميع درجاته، ضمانا لتكافؤ الفرص. ونص على " " تضمن الدولة مجانا لكل الذين هم في سنّ الدراسة الحق في التكوين المدرسي ، و تُوفّر لجميع التلاميذ أكثر ما يُمْكن من الفرص المتكافئة. "وقد صاحب هذا الإقرار التشريعي استثمار كبير في البنية التحتية التربوية، إذ لم تكن المدارس الموجودة قادرة على استيعاب عدد الأطفال في سن التمدرس. فاستحوذ التعليم على ما بين خمس وثلث الميزانية كل سنة، وارتفع عدد المدارس في عقدين (1958-1978) من 889 إلى 2423 مدرسة، وعدد قاعات التدريس من 4495 إلى 14441.ولم يقتصر الاستثمار في التعليم على المدن، بل أن 70بالمائة من المدارس الابتدائية الجديدة وقع بعثها في الأرياف. هذا الاستثمار مكّن من زيادة عدد تلاميذ الابتدائي، بين 1960 و1970، من 360 إلى أكثر من 900 ألف، وعدد تلاميذ الثانوي من 35 إلى 180 ألف.

وقد بقي التعليم مجانيا لأكثر من خمسين سنة حينما الأمر يقتصر على كتابين أو ثلاثة و مثلهما كراسات وكانت المدارس الابتدائية تقدّم الوجبات الغذائية للتلاميذ وحتى مساعدات تتمثل في ملابس ولوازم مدرسية للمعوزين حتى لا يشعروا بالنقصان مع بقية زملائهم.

كما كانت المبيتات المدرسية منتشرة في عدد كبير من المعاهد الثانوية وكانت الحضن الدافئ للتلاميذ تعلّمهم روح المسؤولية والاعتماد على الذات فضلا على أنهم تقيهم مخاطر الشارع والتنقل .

وكان المنعرج حينما أفسدت وزارة التربية والتعليم الأمر كله بداية من سنة 1991 حينما تم التخلي عن التعليم الابتدائي واجبارية مناظرة السيزيام والتوجه الى التعليم الأساسي والتعليم الاعدادي والتعليم الثانوي .

وهو نظام تعليمي هجين ومسقط يقوم على تكثيف المواد المدرّسة ما جعل الأدوات المدرسية التي تطلب من التلميذ تتضاعف مرتين أو ثلاث وهو ما أرهق التلاميذ وجعلهم مضطرين لأخذ دروس خصوصية .

وتضاعفت بذلك تكلفة التلميذ الواحد بنسبة 300بالمائة خلال سنوات قليلة حتى أصبحت اليوم لا تطاق وليست في مقدور متوسطي الدخل أمّا الفقراء فنسبة الانقطاع المدرسي منذ المرحلة الأساسية مرتفع ويرتفع أكثر بين سنوات السابعة والتاسعة أساسي.

أمّا السنة الدراسية 2022/2023 فيمكن اعتبارها سنة سقوط التعليم المجاني واندثاره حيث من المنتظر أن ترتفع أسعار المواد المدرسية بين 15و25بالمائة.

قائمة الأسعار المسربة صادمة فماذا يعني أن يكون سعر كراس مدعم رقم "24" 1745 مليما ورقم "48" 3000 مليم ورقم "72" 4500 مليم.

هذا دون الحديث عن الكراريس الخاصة والتي لن يقل ثمنها عن 10 دنانير ومنها ما يصل الى 17دينارا. فضلا عن بقية المواد المحرر ثمنها.

والمشكلة أن الوزارة تطبع اعدادا محدودة من الكراريس المدعّمة والتي يعتبر أيضا ثمنها مرتفع جدا سرعان ما تنفد ليضطر الاولياء لشراء الكراس super بأسعار مضاعفة.

وعادة ما يعمد أصحاب المكتبات الى اخفاء حصتهم من الكرّاس المدعم عن الحرفاء ليسوّقوا لهم غصبا الكراس super لأن هامش الربح فيه أكثر.

يحدث هذا في بلد الحلفاء المادة الخام الأولى للورق.

ويحدث هذا بلد تخلّف التعليم فيه بينما في دول كنا السبّاقين عليها يتم اهداء الكراريس والكتب للتلاميذ وجانية التعليم عندهم ممارسة وليست شعارا.

نحن نعرف امكانياتنا المادية لكن بالمقابل لابد من مراعاة ظروف الاولياء واعتماد أسعار حقيقية تعكس الدعم وتعكس مجانية التعليم المنصوص عليها بنص القانون.

هذه الأسعار النارية ومثلها في المحافظ والادباش و"اللمج" تساهم بشكل اساسي في تنامي نسبة الانقطاع المبكر عن الدراسة.

واذا ما أردنا معالجة هذه الظاهرة الخطيرة لابد من مراجعة تكلفة التلميذ الواحد على أسرته فمابالك بالذي لديه تلميذين أو ثلاث.حيث بلغت تكلفة دراسة التلميذ في المرحلة الإعدادية والثانوية في 2019 على سبيل المثال أكثر من 3249 دينارا وبلغت في التعليم الابتدائي أكثر من 1469 دينارا بحسب دراسة أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كما أنه محمول على وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة التجارة التدخل للقيام بالدور التعديلي لأسعار المواد المدرسية .

 

 

منتدى الصباح.. على الدولة التدخل العاجل: التعليم لم يعد مجانيّا في تونس والنجاح لمن يدفع أكثر !!

بقلم: ريم بالخذيري

منذ الاستقلال نشأنا على مقولة أن التعليم في تونس مجاني واجباري. وقد تمّ سن القانون عدد 118 لسنة 1958 الذي أقرّ اجبارية التعليم من سن السادسة إلى سن الثانية عشر.كما أقر الفصل الثالث منه مجانية التعليم في جميع درجاته، ضمانا لتكافؤ الفرص. ونص على " " تضمن الدولة مجانا لكل الذين هم في سنّ الدراسة الحق في التكوين المدرسي ، و تُوفّر لجميع التلاميذ أكثر ما يُمْكن من الفرص المتكافئة. "وقد صاحب هذا الإقرار التشريعي استثمار كبير في البنية التحتية التربوية، إذ لم تكن المدارس الموجودة قادرة على استيعاب عدد الأطفال في سن التمدرس. فاستحوذ التعليم على ما بين خمس وثلث الميزانية كل سنة، وارتفع عدد المدارس في عقدين (1958-1978) من 889 إلى 2423 مدرسة، وعدد قاعات التدريس من 4495 إلى 14441.ولم يقتصر الاستثمار في التعليم على المدن، بل أن 70بالمائة من المدارس الابتدائية الجديدة وقع بعثها في الأرياف. هذا الاستثمار مكّن من زيادة عدد تلاميذ الابتدائي، بين 1960 و1970، من 360 إلى أكثر من 900 ألف، وعدد تلاميذ الثانوي من 35 إلى 180 ألف.

وقد بقي التعليم مجانيا لأكثر من خمسين سنة حينما الأمر يقتصر على كتابين أو ثلاثة و مثلهما كراسات وكانت المدارس الابتدائية تقدّم الوجبات الغذائية للتلاميذ وحتى مساعدات تتمثل في ملابس ولوازم مدرسية للمعوزين حتى لا يشعروا بالنقصان مع بقية زملائهم.

كما كانت المبيتات المدرسية منتشرة في عدد كبير من المعاهد الثانوية وكانت الحضن الدافئ للتلاميذ تعلّمهم روح المسؤولية والاعتماد على الذات فضلا على أنهم تقيهم مخاطر الشارع والتنقل .

وكان المنعرج حينما أفسدت وزارة التربية والتعليم الأمر كله بداية من سنة 1991 حينما تم التخلي عن التعليم الابتدائي واجبارية مناظرة السيزيام والتوجه الى التعليم الأساسي والتعليم الاعدادي والتعليم الثانوي .

وهو نظام تعليمي هجين ومسقط يقوم على تكثيف المواد المدرّسة ما جعل الأدوات المدرسية التي تطلب من التلميذ تتضاعف مرتين أو ثلاث وهو ما أرهق التلاميذ وجعلهم مضطرين لأخذ دروس خصوصية .

وتضاعفت بذلك تكلفة التلميذ الواحد بنسبة 300بالمائة خلال سنوات قليلة حتى أصبحت اليوم لا تطاق وليست في مقدور متوسطي الدخل أمّا الفقراء فنسبة الانقطاع المدرسي منذ المرحلة الأساسية مرتفع ويرتفع أكثر بين سنوات السابعة والتاسعة أساسي.

أمّا السنة الدراسية 2022/2023 فيمكن اعتبارها سنة سقوط التعليم المجاني واندثاره حيث من المنتظر أن ترتفع أسعار المواد المدرسية بين 15و25بالمائة.

قائمة الأسعار المسربة صادمة فماذا يعني أن يكون سعر كراس مدعم رقم "24" 1745 مليما ورقم "48" 3000 مليم ورقم "72" 4500 مليم.

هذا دون الحديث عن الكراريس الخاصة والتي لن يقل ثمنها عن 10 دنانير ومنها ما يصل الى 17دينارا. فضلا عن بقية المواد المحرر ثمنها.

والمشكلة أن الوزارة تطبع اعدادا محدودة من الكراريس المدعّمة والتي يعتبر أيضا ثمنها مرتفع جدا سرعان ما تنفد ليضطر الاولياء لشراء الكراس super بأسعار مضاعفة.

وعادة ما يعمد أصحاب المكتبات الى اخفاء حصتهم من الكرّاس المدعم عن الحرفاء ليسوّقوا لهم غصبا الكراس super لأن هامش الربح فيه أكثر.

يحدث هذا في بلد الحلفاء المادة الخام الأولى للورق.

ويحدث هذا بلد تخلّف التعليم فيه بينما في دول كنا السبّاقين عليها يتم اهداء الكراريس والكتب للتلاميذ وجانية التعليم عندهم ممارسة وليست شعارا.

نحن نعرف امكانياتنا المادية لكن بالمقابل لابد من مراعاة ظروف الاولياء واعتماد أسعار حقيقية تعكس الدعم وتعكس مجانية التعليم المنصوص عليها بنص القانون.

هذه الأسعار النارية ومثلها في المحافظ والادباش و"اللمج" تساهم بشكل اساسي في تنامي نسبة الانقطاع المبكر عن الدراسة.

واذا ما أردنا معالجة هذه الظاهرة الخطيرة لابد من مراجعة تكلفة التلميذ الواحد على أسرته فمابالك بالذي لديه تلميذين أو ثلاث.حيث بلغت تكلفة دراسة التلميذ في المرحلة الإعدادية والثانوية في 2019 على سبيل المثال أكثر من 3249 دينارا وبلغت في التعليم الابتدائي أكثر من 1469 دينارا بحسب دراسة أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كما أنه محمول على وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة التجارة التدخل للقيام بالدور التعديلي لأسعار المواد المدرسية .

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews