إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: خطاب وزير الفلاحة لا يقطع مع القديم و لا ينخرط في منظومة التأسيس الجديد

بقلم نوفل سلامة

لم ننتظر طويلا على التصريح الذي أدلى به إلى الإعلام المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الماء والصرف الصحي "بيدرو أرخو أغودو " والذي. قدم من خلاله معطيات وأرقام عن وضعية الحقوق الأساسية الدنيا للشعب التونسي في علاقة بالانتفاع بالماء الصالح للشراب بجودة معقولة تتوفر في حنفية المنزل وحقه في توفر قنوات للصرف الصحي وهي معطيات ليست بالجديدة و يعرفها القاصي والداني. غير أن الكشف عنها من طرف مسؤول أممي ضمن تقرير سوف يقدم في سنة 2023 في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بكل تلك الصراحة والوضوح، جاء صادما وخاصة فيما يتعلق بتحميل المسؤولية المباشرة لمن اعتبرهم مسؤولين عن كل الإخلالات التي وقف عليها خلال زياراته الميدانية لمختلف جهات البلاد للتعرف عن حقيقة تمتع المواطن التونسي بحقه من الحصول على الماء الصالح للشراب وقنوات للصرف الصحي ..

لم تنتظر طويلا حتى خرج وزير الفلاحة السيد "إلياس حمزة"، في ندوة صحفية ليرد على ما اعتبره مغالطات وردت في حديث المسؤول الأممي في علاقة بالأرقام والمعطيات الفنية التي اعتبرها الوزير مجانبة للصواب، وفيها تزييف للواقع ومما جاء في رده وتوضيحه أن نقص تزود بعض المناطق من الماء الصالح للشراب وانقطاعه في بعض المناطق خلال الذروة الصيفية مرده شح التساقطات من مياه الأمطار بسبب التغيرات المناخية مبرزا أن الجهات المسؤولة بتزويد المواطنين بالماء وتوفير قنوات الصرف الصحي، ونعني هنا تحديدا الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير ووزارة الفلاحة قد أحسنوا إدارة ازمة العطش التي تعيشها البلاد من ذلك أنه يتم تجديد سنويا قرابة 200 كلم من القنوات الخاصة بنقل مياه الشرب وأن الشركة تتدخل في الإبان لإصلاح الأعطاب وإعلام الحرفاء مسبقا بالانقطاعات المبرمجة وفي علاقة بجودة المياه المستعملة للاستهلاك المنزلي، فقد أنكر الوزير أي إخلالات في ما ينسب من ضعف في جودة المياه الصالحة للشرب، حيث أن الماء الصالح للشرب متوفرة بنسبة ب 92 بالمائة وفي موضوع غياب الماء في الكثير من المدارس،  فقد أكد أنه تم ربط 859 مدرسة بالماء الصالح للشراب وربط 1 مدرسة بنظام الصرف الصحي منذ سنة 2016 .

هذا تقريبا مجمل ما جاء في رد السيد وزير الفلاحة على تقرير المسؤول الأممي عن وضعية الماء الصالح للشراب والصرف الصحي في بلادنا وهو خطاب سياسي لا يتماشى مع المرحلة السياسية الجديدة التي دخلت فيها البلاد بعد حراك 25 جويلية 2021 وبعد التصويت على الدستور الجديد في استفتاء 2022. وهو منعرج شعاره الكبير القطع مع المنظومة السابقة التي حكمت بداية من الثورة وكذلك منظومات الحكم التي هيمنت على عقود من الزمن. وخاصة مرحلة حكم بن علي والذهاب نحو تأسيس جمهورية جديدة يريدها الرئيس قيس سعيد بفكر جديد وممارسة جديدة وخطاب الصراحة الذي يكشف للشعب التونسي حقيقة وضعه الذي أخفي عنه لعقود من الزمن من طرف المسؤولين السابقين وهذا يعني أن القطع مع القديم لا ينحصر في ما يخص النظام السياسي وطبيعة الحكم وكل المسائل الدستورية في علاقة بمنظومة الأحزاب والبرلمان والأجسام الوسيطة والمنتظم المدني والنقابات التي يراها الرئيس فاسدة ولم تعد تصلح ومن الضروري القطع معها. وإنما التأسيس الجديد يشمل كذلك الأداء السياسي ونوعية الخطاب والطريقة التواصلية للمسؤول الحكومي في علاقته بالشعب وفي علاقة بتوفير المعلومة الصحيحة.

كما هي وتقديم حقيقة الأوضاع كما هي على أرض الواقع لا كما يريدها المسؤول ويتخيلها ومع كل أسف فإن الخطاب الاتصالي الذي قدمه السيد وزير الفلاحة في تفاعله مع ما جاء في مضمون التقرير الذي أعده المسؤول الأممي لحقوق الإنسان حول حق المواطن التونسي في الحصول على الماء الصالح للشراب بجودة مقبولة في حنفية المنزل وتمتعه بقنوات للصرف الصحي وهي حقوق دنيا في منظومة حقوق الانسان وأقل ما يمكن للفرد أن يتمتع به في دولة ديمقراطية تحترم مبادئها وتحترم شعبها وفي دولة اجتماعية خادمة لموا في الحد الأدنى المتمثل في وجود ماء شرب في حنفية المنزل وقنوات للصرف الصحي لا يرتقي إلى التوجه الجديد الذي اختارته الجمهورية الجديدة  التي تقوم على القطع مع السابق والتوجه نحو التأسيس الجديد ، ومن هذا التأسيس الجديد اعتماد خطاب تواصلي ينسجم مع المرحلة وخياراتها وخاصة ما يدعو إليه الرئيس قيس سعيد من ضرورة محاربة الفساد وعدم التستر عليه وإخفائه وكشف الحقائق كما هي. ومع كل أسف فإن ما قدمه الوزير من معطيات حول ملف الماء والصرف الصحي هو مواصلة في النهج القديم من الهروب إلى الأمام ولا يقطّع مع خطاب الانكار ولا يعترف بالخلل والضعف الموجود ويواصل في استراتجية إخفاء حقيقة الواقع وتزيين الخلل والتباهي بالانجازات على قلتها وضعفها وعدم قدرتها على تحسين الواقع. وهذا الخطاب الذي استمعنا إليه والذي يعيدنا إلى الوراء ويذكرنا بخطاب نظام بن علي وشيئا من خطاب منظومة حكم الثورة لا يقدم جديدا ولا يمكن أن نبنى عليه ويمنعنا من التقدم والتخلص من حالة العجز التى تكبلنا لسنوات .

ما غاب عن وزير الفلاحة وما لم يفهمه المسؤول السياسي و لم يستوعبه من وفر المعطيات والأرقام ليرد بها الوزير على المسؤول الأممي أن هذا الأخير يمثل جهة خارجية محايدة وتقريره عن الماء لا يخص تونس لوحدها وإنما هو يشمل مختلف الدول في العالم  وبالتالي فإن الرجل ليست له خصومة سياسية ولا ولاء لأي جهة داخلية معارضة حتى نقول أنه يتآمر علينا والمعطيات التى قدمها جاءت نتيجة معاينة ميدانية لمختلف الجهات التونسية وبعد التعرف على حالة السكان ومدى تمتعهم بالحق في الماء الصالح للشراب وبقنوات للصرف الصحي وبعد لقاءات مع مسؤولين في الحكومة ومع المسؤولين عن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير.

لقد ذكر المسؤول الأممي في تقريره أنه تعرض إلى جميع المسائل وذكر الايجابيات التي رآها والتقدم الذي أحرزته الدولة التونسية في موضوع الحق في الماء الصالح للشراب وتوفير قنوات للصرف الصحي كما ناقش مع المسؤولين التونسيين كل الأمور ولم يخف في تقريره شيئا .. لقد نبه إلى أنه من غير المفهوم أن تكون هناك إلى اليوم مدارس لا تتوفر على ماء صالح للشرب (هناك اليوم قرابة 450 مدرسة محرومة من الماء ).  ومن غير المفهوم أن يكون هناك سكان قرب السدود ومع ذلك لا يصلهم الماء الصالح للشراب ولا يتمتعون بحقهم في الماء ومن غير المفهوم كذلك انقطاعه لفترات طويلة ف مناطق أخرى في الوقت الذي يكون متوفرا ودون انقطاع في مغاسل الفسفاط في  ولاية قفصة والمجتمع الكيميائي.ومن غير المعقول آن تبقى إلى اليوم الكثير من المناطق الريفية من دون قنوات موصلة للماء وفي مناطق أخرى امدادات الماء ملوثة و الكثير منها بسبب تهري الشبكات وعدم تجديدها رغم خطورتها على صحة المواطن ‎٠‏

لقد قال لنا المسؤول الأممي بكل وضوح وصراحة أن هناك ضعف في أداء ودور الديوان الوطني للتطهير. وغياب الحلول العاجلة للحد من هذا الضعف ونفس الملاحظة تنسحب على الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه وهناك ضعف آخر في الموارد البشرية ونقص كبير في العملة بهذه الهياكل المكلفة بتوفير هذا الحق الأساسي للمواطن ..

لقد قال بكل وضوح بأنه على الدولة التونسية أن توفر الماء الصالح للشراب كأولوية قصوى ذلك أن الأمر لا يتعلق بنقص في الموارد المائية وإنما بضعف الاستراتيجيات في إيصال الماء وضعف آخر ف المراقبة والمتابعة والتجديد والتدخل وأنه من غير المستساغ أن تحتل تونس المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك المياه المعدنية ويزداد انتشاء الشركات المتخصصة في بيع الماء المعبأ في الوقت الذي نجد فيه مناطق كثيرة وأحياء سكنية عديدة لا يصلها ماء الشرب . . لقد قال كل هذا وأكثر وهي ملاحظات لا تتعلق بما يروج من أن تونس تعرف شحا مائيا أو هي من البلدان الفقيرة مائيا،وإنما الذي أبرزه هذا المسؤول بكل وضوح هي مسائل تتعلق بالحوكمة والمراقبة وغياب الحلول العاجلة والاستراتجيات وضعف أداء الهياكل المعنية ونقص في اليد العاملة وضعف الموارد المالية وضعف التجديد في البنية التحتية .

لقد كان من المفروض أن نأخذ كل هذه الملاحظات على محمل الجد وأن نعتمد هذا التقرير للتحسين .. لقد كان من الأجدى ان نبني على ما قاله المسؤول الأممي لتطوير الأوضاع بدل الاحتماء بخطاب الإنكار والتحصن بالمكاسب الوهمية لأن مثل هذا خطاب هو مواصلة في النهج القديم ولا يبني جمهورية جديدة.

 

 

منتدى الصباح: خطاب وزير الفلاحة لا يقطع مع القديم و لا ينخرط في منظومة التأسيس الجديد

بقلم نوفل سلامة

لم ننتظر طويلا على التصريح الذي أدلى به إلى الإعلام المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الماء والصرف الصحي "بيدرو أرخو أغودو " والذي. قدم من خلاله معطيات وأرقام عن وضعية الحقوق الأساسية الدنيا للشعب التونسي في علاقة بالانتفاع بالماء الصالح للشراب بجودة معقولة تتوفر في حنفية المنزل وحقه في توفر قنوات للصرف الصحي وهي معطيات ليست بالجديدة و يعرفها القاصي والداني. غير أن الكشف عنها من طرف مسؤول أممي ضمن تقرير سوف يقدم في سنة 2023 في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بكل تلك الصراحة والوضوح، جاء صادما وخاصة فيما يتعلق بتحميل المسؤولية المباشرة لمن اعتبرهم مسؤولين عن كل الإخلالات التي وقف عليها خلال زياراته الميدانية لمختلف جهات البلاد للتعرف عن حقيقة تمتع المواطن التونسي بحقه من الحصول على الماء الصالح للشراب وقنوات للصرف الصحي ..

لم تنتظر طويلا حتى خرج وزير الفلاحة السيد "إلياس حمزة"، في ندوة صحفية ليرد على ما اعتبره مغالطات وردت في حديث المسؤول الأممي في علاقة بالأرقام والمعطيات الفنية التي اعتبرها الوزير مجانبة للصواب، وفيها تزييف للواقع ومما جاء في رده وتوضيحه أن نقص تزود بعض المناطق من الماء الصالح للشراب وانقطاعه في بعض المناطق خلال الذروة الصيفية مرده شح التساقطات من مياه الأمطار بسبب التغيرات المناخية مبرزا أن الجهات المسؤولة بتزويد المواطنين بالماء وتوفير قنوات الصرف الصحي، ونعني هنا تحديدا الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير ووزارة الفلاحة قد أحسنوا إدارة ازمة العطش التي تعيشها البلاد من ذلك أنه يتم تجديد سنويا قرابة 200 كلم من القنوات الخاصة بنقل مياه الشرب وأن الشركة تتدخل في الإبان لإصلاح الأعطاب وإعلام الحرفاء مسبقا بالانقطاعات المبرمجة وفي علاقة بجودة المياه المستعملة للاستهلاك المنزلي، فقد أنكر الوزير أي إخلالات في ما ينسب من ضعف في جودة المياه الصالحة للشرب، حيث أن الماء الصالح للشرب متوفرة بنسبة ب 92 بالمائة وفي موضوع غياب الماء في الكثير من المدارس،  فقد أكد أنه تم ربط 859 مدرسة بالماء الصالح للشراب وربط 1 مدرسة بنظام الصرف الصحي منذ سنة 2016 .

هذا تقريبا مجمل ما جاء في رد السيد وزير الفلاحة على تقرير المسؤول الأممي عن وضعية الماء الصالح للشراب والصرف الصحي في بلادنا وهو خطاب سياسي لا يتماشى مع المرحلة السياسية الجديدة التي دخلت فيها البلاد بعد حراك 25 جويلية 2021 وبعد التصويت على الدستور الجديد في استفتاء 2022. وهو منعرج شعاره الكبير القطع مع المنظومة السابقة التي حكمت بداية من الثورة وكذلك منظومات الحكم التي هيمنت على عقود من الزمن. وخاصة مرحلة حكم بن علي والذهاب نحو تأسيس جمهورية جديدة يريدها الرئيس قيس سعيد بفكر جديد وممارسة جديدة وخطاب الصراحة الذي يكشف للشعب التونسي حقيقة وضعه الذي أخفي عنه لعقود من الزمن من طرف المسؤولين السابقين وهذا يعني أن القطع مع القديم لا ينحصر في ما يخص النظام السياسي وطبيعة الحكم وكل المسائل الدستورية في علاقة بمنظومة الأحزاب والبرلمان والأجسام الوسيطة والمنتظم المدني والنقابات التي يراها الرئيس فاسدة ولم تعد تصلح ومن الضروري القطع معها. وإنما التأسيس الجديد يشمل كذلك الأداء السياسي ونوعية الخطاب والطريقة التواصلية للمسؤول الحكومي في علاقته بالشعب وفي علاقة بتوفير المعلومة الصحيحة.

كما هي وتقديم حقيقة الأوضاع كما هي على أرض الواقع لا كما يريدها المسؤول ويتخيلها ومع كل أسف فإن الخطاب الاتصالي الذي قدمه السيد وزير الفلاحة في تفاعله مع ما جاء في مضمون التقرير الذي أعده المسؤول الأممي لحقوق الإنسان حول حق المواطن التونسي في الحصول على الماء الصالح للشراب بجودة مقبولة في حنفية المنزل وتمتعه بقنوات للصرف الصحي وهي حقوق دنيا في منظومة حقوق الانسان وأقل ما يمكن للفرد أن يتمتع به في دولة ديمقراطية تحترم مبادئها وتحترم شعبها وفي دولة اجتماعية خادمة لموا في الحد الأدنى المتمثل في وجود ماء شرب في حنفية المنزل وقنوات للصرف الصحي لا يرتقي إلى التوجه الجديد الذي اختارته الجمهورية الجديدة  التي تقوم على القطع مع السابق والتوجه نحو التأسيس الجديد ، ومن هذا التأسيس الجديد اعتماد خطاب تواصلي ينسجم مع المرحلة وخياراتها وخاصة ما يدعو إليه الرئيس قيس سعيد من ضرورة محاربة الفساد وعدم التستر عليه وإخفائه وكشف الحقائق كما هي. ومع كل أسف فإن ما قدمه الوزير من معطيات حول ملف الماء والصرف الصحي هو مواصلة في النهج القديم من الهروب إلى الأمام ولا يقطّع مع خطاب الانكار ولا يعترف بالخلل والضعف الموجود ويواصل في استراتجية إخفاء حقيقة الواقع وتزيين الخلل والتباهي بالانجازات على قلتها وضعفها وعدم قدرتها على تحسين الواقع. وهذا الخطاب الذي استمعنا إليه والذي يعيدنا إلى الوراء ويذكرنا بخطاب نظام بن علي وشيئا من خطاب منظومة حكم الثورة لا يقدم جديدا ولا يمكن أن نبنى عليه ويمنعنا من التقدم والتخلص من حالة العجز التى تكبلنا لسنوات .

ما غاب عن وزير الفلاحة وما لم يفهمه المسؤول السياسي و لم يستوعبه من وفر المعطيات والأرقام ليرد بها الوزير على المسؤول الأممي أن هذا الأخير يمثل جهة خارجية محايدة وتقريره عن الماء لا يخص تونس لوحدها وإنما هو يشمل مختلف الدول في العالم  وبالتالي فإن الرجل ليست له خصومة سياسية ولا ولاء لأي جهة داخلية معارضة حتى نقول أنه يتآمر علينا والمعطيات التى قدمها جاءت نتيجة معاينة ميدانية لمختلف الجهات التونسية وبعد التعرف على حالة السكان ومدى تمتعهم بالحق في الماء الصالح للشراب وبقنوات للصرف الصحي وبعد لقاءات مع مسؤولين في الحكومة ومع المسؤولين عن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير.

لقد ذكر المسؤول الأممي في تقريره أنه تعرض إلى جميع المسائل وذكر الايجابيات التي رآها والتقدم الذي أحرزته الدولة التونسية في موضوع الحق في الماء الصالح للشراب وتوفير قنوات للصرف الصحي كما ناقش مع المسؤولين التونسيين كل الأمور ولم يخف في تقريره شيئا .. لقد نبه إلى أنه من غير المفهوم أن تكون هناك إلى اليوم مدارس لا تتوفر على ماء صالح للشرب (هناك اليوم قرابة 450 مدرسة محرومة من الماء ).  ومن غير المفهوم أن يكون هناك سكان قرب السدود ومع ذلك لا يصلهم الماء الصالح للشراب ولا يتمتعون بحقهم في الماء ومن غير المفهوم كذلك انقطاعه لفترات طويلة ف مناطق أخرى في الوقت الذي يكون متوفرا ودون انقطاع في مغاسل الفسفاط في  ولاية قفصة والمجتمع الكيميائي.ومن غير المعقول آن تبقى إلى اليوم الكثير من المناطق الريفية من دون قنوات موصلة للماء وفي مناطق أخرى امدادات الماء ملوثة و الكثير منها بسبب تهري الشبكات وعدم تجديدها رغم خطورتها على صحة المواطن ‎٠‏

لقد قال لنا المسؤول الأممي بكل وضوح وصراحة أن هناك ضعف في أداء ودور الديوان الوطني للتطهير. وغياب الحلول العاجلة للحد من هذا الضعف ونفس الملاحظة تنسحب على الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه وهناك ضعف آخر في الموارد البشرية ونقص كبير في العملة بهذه الهياكل المكلفة بتوفير هذا الحق الأساسي للمواطن ..

لقد قال بكل وضوح بأنه على الدولة التونسية أن توفر الماء الصالح للشراب كأولوية قصوى ذلك أن الأمر لا يتعلق بنقص في الموارد المائية وإنما بضعف الاستراتيجيات في إيصال الماء وضعف آخر ف المراقبة والمتابعة والتجديد والتدخل وأنه من غير المستساغ أن تحتل تونس المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك المياه المعدنية ويزداد انتشاء الشركات المتخصصة في بيع الماء المعبأ في الوقت الذي نجد فيه مناطق كثيرة وأحياء سكنية عديدة لا يصلها ماء الشرب . . لقد قال كل هذا وأكثر وهي ملاحظات لا تتعلق بما يروج من أن تونس تعرف شحا مائيا أو هي من البلدان الفقيرة مائيا،وإنما الذي أبرزه هذا المسؤول بكل وضوح هي مسائل تتعلق بالحوكمة والمراقبة وغياب الحلول العاجلة والاستراتجيات وضعف أداء الهياكل المعنية ونقص في اليد العاملة وضعف الموارد المالية وضعف التجديد في البنية التحتية .

لقد كان من المفروض أن نأخذ كل هذه الملاحظات على محمل الجد وأن نعتمد هذا التقرير للتحسين .. لقد كان من الأجدى ان نبني على ما قاله المسؤول الأممي لتطوير الأوضاع بدل الاحتماء بخطاب الإنكار والتحصن بالمكاسب الوهمية لأن مثل هذا خطاب هو مواصلة في النهج القديم ولا يبني جمهورية جديدة.

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews