إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد مقاطعتها للاستفتاء.. الأحزاب الكبرى في ورطة الانتخابات التشريعية

 

 

تونس – الصباح

كان من السهل بالنسبة للأحزاب والقوى السياسية المعارضة لمسار 25 جويلية، مقاطعة الاستفتاء والدعوة الى اسقاط الدستور..، ولكن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للانتخابات التشريعية والتي هي جزء من الروزنامة السياسية التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ديسمبر الماضي، خاصة وأنه رغم المحاولات المتكررة للمعارضة فإنها فشلت، بعد سنة والى حد الآن، في قلب موازين القوة لصالحها في مواجهة قيس سعيد الذي يمضي قدما في مشروعه الدستوري والسياسي غير آبه لا بالرفض ولا بالمعارضة خاصة وأنه باستثناء النخبة المنقسمة بين الرفض لسياسات قيس سعيد والموافقة لمسار 25 جويلية مع أغلبية شعبية متحصنة بالصمت وعدم الاكتراث لكل ما يجري في ما يشبه التسليم بالأمر الواقع وعدم الاعتراض عليه.

اليوم تجد أغلب القوى السياسية المعارضة نفسها في ذروة المأزق الناتج عن المسار السياسي الذي اختاره سعيد، فالمواقف لا تبدو متطابقة في علاقة بالانتخابات التشريعية المقبلة، وحسابات البيدر بدأت تطغى على حسابات الحقل، وقد بان بالكاشف ان بعض القوى المعارضة لمسار 25 جويلية ما زالت لم تحسم موقفها بعد من الانتخابات القادمة وما زالت تنتظر ما سيأتي به القانون الانتخابي، وترفع سقف توقعاتها من هذا القانون رغم أن الواقع يشير بوضوح إلى أن قيس سعيد سيكون وفيا لأفكاره ولقناعاته التي يعبر عنها منذ 25 جويلية من السنة الماضية وأن هذا القانون الانتخابي سيكون استكمالا للاستشارة الوطنية وللدستور الجديد، اللذان ترفضهما المعارضة بشدة..، ولعل تذبذب المواقف عبّر عنه رئيس البرلمان المنحل وحزب حركة النهضة في ظهوره الأخير عندما أكد على أن: »مشاركة حركة النهضة في الانتخابات التشريعية من عدمها مرهونة بنص القانون الانتخابي لأن الرئيس مصر على أن يرسم وحده قانون اللعبة ليضمن النتيجة"، وهذه الجملة المثيرة للجدل تأتي في سياق غير منطقي باعتبار أن حركة النهضة كانت من أول الأحزاب التي ترفض مسار 25 جويلية ونددت بالاستفتاء ولم تعترف بالدستور الجديد ولكن رغم ذلك ما زالت لم تجازف بعد بإعلان مشاركتها من عدمها في الانتخابات التشريعية.

لأن عدم المشاركة في الانتخابات لا تتبناه كل الأحزاب المعارضة وبالتالي تخشى بعض الأحزاب أن يكون قرار عدم المشاركة بداية لإبعادها نهائيا من المشهد السياسي خاصة وانه الى اليوم استطاع قيس سعيد أن يبسط هيمنة واضحة على هذا المشهد..، وبالنسبة للأحزاب التي ستشارك في الانتخابات رغم معارضتها للمسار فإنها تُمني النفس باستعادة ولو جزء من التأثير ومن داخل المنظومة السياسية التي وضع قواعدها قيس سعيد، وتحاول بذلك أن تحجّم نفوذه السياسي حتى ولو ببرلمان لن يملك ذات أدوات ولا قوة البرلمان المنحل وفي نظام سياسي تغيّر من برلماني الى رئاسي صارم بصلاحيات واسعة.. وفي هذا الأمر تدور معركة على هامش المعركة الأكبر وهي مع المعارضة مع الرئيس، وهذه المعركة يتواجه فيها اليوم الحزبان الأكبر وهما النهضة المترددة والدستوري الحرّ الذي يرجّح أن يشارك في الانتخابات التشريعية القادمة.

الورطة..

أربك الموقف الأخير لراشد الغنوشي الذي اعتبر أن مشاركة حركة النهضة في الانتخابات التشريعية من عدمها مرهون بنص القانون الانتخابي رغم تأكيده أن الرئيس مصر على أن يرسم وحده قانون اللعبة ليضمن النتيجة، المواقف المستقرة في المعارضة التي تتقارب في انتقاداتها لمسار 25 جويلية مع حركة النهضة، التي لم ينف رئيسها أنها مستهدفة وأنه يمكن أن تتعرض إلى الحل وأن مستقبل الحركة مرتبط بمستقبل الديمقراطية في تونس.

ويبدو موقف راشد الغنوشي غريبا في علاقة بمواقف النهضة السابقة والتي كانت تفترض أن تكون مقاطعة الانتخابات من البديهيات بالنسبة للحركة ولكن أن يؤكد الغنوشي على أن الحركة في انتظار القانون الانتخابي لتحديد موقفها، فان ذلك مربك خاصة لتوابعها في المعارضة ومربك بالأساس لمكونات جبهة الخلاص والتي دعت بعد الاستفتاء سعيد للاستقالة وفسح المجال لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة. كما تمسك المدير التنفيذي لحزب "الأمل" رضا بالحاج بأن »الخيار الوحيد بالنسبة للمعارضة هو مقاومة الانقلاب ودستور قيس سعيد«، بالحاج الذي وصف الانتخابات المقبلة بأنها مواصلة هروب من الرئيس إلى الأمام بفرض قانون انتخابي على غرفتين برلمانيتين (البرلمان ومجلس الأقاليم والجهات)، مؤكدا أن المعارضة ستوحد جهودها وان لا خيار لها إلا إسقاط مشروع الرئيس.. لكن ماذا لو قبلت حركة النهضة بالقانون الانتخابي الذي سيقترحه الرئيس وأعلنت مشاركتها في الانتخابات القادمة حتى لا تعمّق حالة الاقصاء السياسي التي تعيشها خاصة وانه رغم تراجع شعبيتها فانه يمكنها حسابيا ان تضمن لنفسها مكانا هاما في البرلمان القادم، عوض الاستمرار في سياسية معارضة قيس سعيد من خارج مساره والتي لم تؤت أكلها الى اليوم.

وأردف بالحاج إن "المعارضة ستوحد جهودها ولا خيار لها إلا ذلك للتمكن من إسقاط مشروع الرئيس والعودة إلى الديمقراطية وتفادي الأخطاء السابقة".

في المقابل فان رئيسة الحزب الدّستوري الحر عبير موسي طالبت منذ أيام بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة قبل موفى شهر سبتمبر القادم حتي يتسنى وفق رؤيتها انتخاب رئيس جمهورية قادر على تعيين محكمة دستورية، مؤكدة وجود خطرٍ حقيقي يهدد الدولة التونسية. وقالت عبير موسي، في ندوة صحفية عقدها حزبها أن "دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ يضع الدولة أمام خطر حقيقي يتمثل في أن حصول أي شغور طارئ في رئاسة الجمهورية (عجز أو مرض أو وفاة) يفتح الباب لاستباحة السلطة في البلاد". وأضافت موسي إنه "في حال دخل الدستور الجديد حيز التطبيق فإن الأمن القومي التونسي سيكون مهددا، نظرا إلى أن الدستور الجديد المقترح من قبل الرئيس قيس سعيد ينص على أنه في حال شغور منصب رئيس الجمهورية لسبب طارئ فإن رئيس المحكمة الدستورية يحل مكانه وهي مؤسسة غير موجودة بعد"، داعية إلى إجراء انتخابات تشريعية في شهر ديسمبر المقبل.

ورغم معارضتها الشديدة لقيس سعيد الا أن عبير موسي طالما تحدثت عن الانتخابات التشريعية القادمة وطالما وضعتها نصب عينها وهي التي تؤهلها عمليات استطلاع الآراء الى تصدر المشهد البرلماني القادم، وبالتالي حتى لو لم يجر الرئيس انتخابات رئاسية سابقة لأوانها وتواصل العمل بالروزنامة التي وضعها قيس سعيد فمن المرجح ان يشارك الحزب الدستوري الحر في الانتخابات القادمة وان لا يترك كرسيه شاغرا خاصة وان عبير موسي تبحث عن مركز نفوذ في الدولة مسنود من الشرعية الشعبية بما يمنحها قوة مضاعفة في مواجهة قيس سعيد.

منية العرفاوي

 

 

 

 

بعد مقاطعتها للاستفتاء.. الأحزاب الكبرى في ورطة الانتخابات التشريعية

 

 

تونس – الصباح

كان من السهل بالنسبة للأحزاب والقوى السياسية المعارضة لمسار 25 جويلية، مقاطعة الاستفتاء والدعوة الى اسقاط الدستور..، ولكن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للانتخابات التشريعية والتي هي جزء من الروزنامة السياسية التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ديسمبر الماضي، خاصة وأنه رغم المحاولات المتكررة للمعارضة فإنها فشلت، بعد سنة والى حد الآن، في قلب موازين القوة لصالحها في مواجهة قيس سعيد الذي يمضي قدما في مشروعه الدستوري والسياسي غير آبه لا بالرفض ولا بالمعارضة خاصة وأنه باستثناء النخبة المنقسمة بين الرفض لسياسات قيس سعيد والموافقة لمسار 25 جويلية مع أغلبية شعبية متحصنة بالصمت وعدم الاكتراث لكل ما يجري في ما يشبه التسليم بالأمر الواقع وعدم الاعتراض عليه.

اليوم تجد أغلب القوى السياسية المعارضة نفسها في ذروة المأزق الناتج عن المسار السياسي الذي اختاره سعيد، فالمواقف لا تبدو متطابقة في علاقة بالانتخابات التشريعية المقبلة، وحسابات البيدر بدأت تطغى على حسابات الحقل، وقد بان بالكاشف ان بعض القوى المعارضة لمسار 25 جويلية ما زالت لم تحسم موقفها بعد من الانتخابات القادمة وما زالت تنتظر ما سيأتي به القانون الانتخابي، وترفع سقف توقعاتها من هذا القانون رغم أن الواقع يشير بوضوح إلى أن قيس سعيد سيكون وفيا لأفكاره ولقناعاته التي يعبر عنها منذ 25 جويلية من السنة الماضية وأن هذا القانون الانتخابي سيكون استكمالا للاستشارة الوطنية وللدستور الجديد، اللذان ترفضهما المعارضة بشدة..، ولعل تذبذب المواقف عبّر عنه رئيس البرلمان المنحل وحزب حركة النهضة في ظهوره الأخير عندما أكد على أن: »مشاركة حركة النهضة في الانتخابات التشريعية من عدمها مرهونة بنص القانون الانتخابي لأن الرئيس مصر على أن يرسم وحده قانون اللعبة ليضمن النتيجة"، وهذه الجملة المثيرة للجدل تأتي في سياق غير منطقي باعتبار أن حركة النهضة كانت من أول الأحزاب التي ترفض مسار 25 جويلية ونددت بالاستفتاء ولم تعترف بالدستور الجديد ولكن رغم ذلك ما زالت لم تجازف بعد بإعلان مشاركتها من عدمها في الانتخابات التشريعية.

لأن عدم المشاركة في الانتخابات لا تتبناه كل الأحزاب المعارضة وبالتالي تخشى بعض الأحزاب أن يكون قرار عدم المشاركة بداية لإبعادها نهائيا من المشهد السياسي خاصة وانه الى اليوم استطاع قيس سعيد أن يبسط هيمنة واضحة على هذا المشهد..، وبالنسبة للأحزاب التي ستشارك في الانتخابات رغم معارضتها للمسار فإنها تُمني النفس باستعادة ولو جزء من التأثير ومن داخل المنظومة السياسية التي وضع قواعدها قيس سعيد، وتحاول بذلك أن تحجّم نفوذه السياسي حتى ولو ببرلمان لن يملك ذات أدوات ولا قوة البرلمان المنحل وفي نظام سياسي تغيّر من برلماني الى رئاسي صارم بصلاحيات واسعة.. وفي هذا الأمر تدور معركة على هامش المعركة الأكبر وهي مع المعارضة مع الرئيس، وهذه المعركة يتواجه فيها اليوم الحزبان الأكبر وهما النهضة المترددة والدستوري الحرّ الذي يرجّح أن يشارك في الانتخابات التشريعية القادمة.

الورطة..

أربك الموقف الأخير لراشد الغنوشي الذي اعتبر أن مشاركة حركة النهضة في الانتخابات التشريعية من عدمها مرهون بنص القانون الانتخابي رغم تأكيده أن الرئيس مصر على أن يرسم وحده قانون اللعبة ليضمن النتيجة، المواقف المستقرة في المعارضة التي تتقارب في انتقاداتها لمسار 25 جويلية مع حركة النهضة، التي لم ينف رئيسها أنها مستهدفة وأنه يمكن أن تتعرض إلى الحل وأن مستقبل الحركة مرتبط بمستقبل الديمقراطية في تونس.

ويبدو موقف راشد الغنوشي غريبا في علاقة بمواقف النهضة السابقة والتي كانت تفترض أن تكون مقاطعة الانتخابات من البديهيات بالنسبة للحركة ولكن أن يؤكد الغنوشي على أن الحركة في انتظار القانون الانتخابي لتحديد موقفها، فان ذلك مربك خاصة لتوابعها في المعارضة ومربك بالأساس لمكونات جبهة الخلاص والتي دعت بعد الاستفتاء سعيد للاستقالة وفسح المجال لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة. كما تمسك المدير التنفيذي لحزب "الأمل" رضا بالحاج بأن »الخيار الوحيد بالنسبة للمعارضة هو مقاومة الانقلاب ودستور قيس سعيد«، بالحاج الذي وصف الانتخابات المقبلة بأنها مواصلة هروب من الرئيس إلى الأمام بفرض قانون انتخابي على غرفتين برلمانيتين (البرلمان ومجلس الأقاليم والجهات)، مؤكدا أن المعارضة ستوحد جهودها وان لا خيار لها إلا إسقاط مشروع الرئيس.. لكن ماذا لو قبلت حركة النهضة بالقانون الانتخابي الذي سيقترحه الرئيس وأعلنت مشاركتها في الانتخابات القادمة حتى لا تعمّق حالة الاقصاء السياسي التي تعيشها خاصة وانه رغم تراجع شعبيتها فانه يمكنها حسابيا ان تضمن لنفسها مكانا هاما في البرلمان القادم، عوض الاستمرار في سياسية معارضة قيس سعيد من خارج مساره والتي لم تؤت أكلها الى اليوم.

وأردف بالحاج إن "المعارضة ستوحد جهودها ولا خيار لها إلا ذلك للتمكن من إسقاط مشروع الرئيس والعودة إلى الديمقراطية وتفادي الأخطاء السابقة".

في المقابل فان رئيسة الحزب الدّستوري الحر عبير موسي طالبت منذ أيام بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة قبل موفى شهر سبتمبر القادم حتي يتسنى وفق رؤيتها انتخاب رئيس جمهورية قادر على تعيين محكمة دستورية، مؤكدة وجود خطرٍ حقيقي يهدد الدولة التونسية. وقالت عبير موسي، في ندوة صحفية عقدها حزبها أن "دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ يضع الدولة أمام خطر حقيقي يتمثل في أن حصول أي شغور طارئ في رئاسة الجمهورية (عجز أو مرض أو وفاة) يفتح الباب لاستباحة السلطة في البلاد". وأضافت موسي إنه "في حال دخل الدستور الجديد حيز التطبيق فإن الأمن القومي التونسي سيكون مهددا، نظرا إلى أن الدستور الجديد المقترح من قبل الرئيس قيس سعيد ينص على أنه في حال شغور منصب رئيس الجمهورية لسبب طارئ فإن رئيس المحكمة الدستورية يحل مكانه وهي مؤسسة غير موجودة بعد"، داعية إلى إجراء انتخابات تشريعية في شهر ديسمبر المقبل.

ورغم معارضتها الشديدة لقيس سعيد الا أن عبير موسي طالما تحدثت عن الانتخابات التشريعية القادمة وطالما وضعتها نصب عينها وهي التي تؤهلها عمليات استطلاع الآراء الى تصدر المشهد البرلماني القادم، وبالتالي حتى لو لم يجر الرئيس انتخابات رئاسية سابقة لأوانها وتواصل العمل بالروزنامة التي وضعها قيس سعيد فمن المرجح ان يشارك الحزب الدستوري الحر في الانتخابات القادمة وان لا يترك كرسيه شاغرا خاصة وان عبير موسي تبحث عن مركز نفوذ في الدولة مسنود من الشرعية الشعبية بما يمنحها قوة مضاعفة في مواجهة قيس سعيد.

منية العرفاوي

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews