إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يراوح بين المعارضة والموالاة.. لماذا يناور الاتحاد؟

 

 

تونس-الصباح

لا تزال مواقف الاتحاد العام التونسي للشغل تراوح مكانها بعد أن عجزت المنظمة عن صياغة موقف ثابت من الإجراءات الاستثنائية وما تلاها من مراسيم وحتى إلى ما بعد استفتاء 25جويلية الماضي.

ولم يعد الارتباك النقابي مسالة عابرة بل تجسدت في أكثر من مناسبة وتصريح وهو ما لفت انتباه عموم المتابعين للشأن العام بعد لمسهم للتراجع الواضح للمنظمة سواء على مستوى الإقناع برؤيتهم المواطنية أو على مستوى الترتيبات الداخلية للاتحاد.

وإذ لا يشكك احد في قدرة الاتحاد على خلق التوازنات السياسية والاجتماعية وإمكانياته في دعم المد الديمقراطي بدفاعه عن الحقوق والحريات، فان ذلك لم يحصل أمام الصمت المريب ومواقف (الشبه-شبه) التي حولت الاتحاد من داعم ديمقراطي إلى عبء سياسي واجتماعي ثقيل.

هكذا وضع فهمه سعيد منذ البداية واشتغل عليه لاحقا، الأمر الذي دفعه إلى رفض الانصياع إلى مقترح الاتحاد بخصوص الحوار الوطني لتجد البيروقراطية النقابية نفسها على هامش الأحداث.

أحداث لم يستطع الاتحاد مجاراتها منذ عشية 25جويلية 2021 لتتراوح مواقفه بين مد وجزر، لعل آخرها وأبرزها تقييم الاتحاد العام التونسي للشغل للنص الدستوري المعروض على الاستفتاء بأنه خال من التعويم.

 فبعد انتقاده الموضوعي للدستور المعروض على الاستفتاء خيّرت المنظمة الوقوف على الحياد رغم حجم التخوفات المعلنة في بيان علقت القوى الديمقراطية الكثير من الآمال عليه.

 فقد أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 ليعتبر أن التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.

كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة الاستشارة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبد بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.

كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.

  وبالرغم من كل هذا النقد وتسليطه الضوء على مجموع المخاوف الواردة في دستور سعيد فقد اتخذ الاتحاد موقفا مخيبا للآمال حسب توصيف أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية لما يسمى بالجمهورية جديدة أمين محفوظ.

وعبر محفوظ في تصريح سابق لإذاعة "شمس أف أم" عن استغرابه من موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص مشروع الدستور الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 جوان.

واعتبر أن اتحاد الشغل مثّل خيبة أمل بترك حرية الاختيار للتصويت بنعم أو لا على الاستفتاء على الدستور يوم 25 جويلية.

تعويم موقف الاتحاد لم يكن مرتبطا بالدستور الجديد فحسب، بل أضحى منهجا في التعامل مع العديد من النقاط الأمر الذي افقد المنظمة بريقها في التعاطي مع تحولات المشهد الجديد.

وإذ فُهم التراجع الواضح للاتحاد عند البعض على انه تراجع ظرفي فرضته سياسة سعيد في ضربه لكل الأجسام الوسيطة من منظمات وأحزاب، فان آخرين يرون فيه تراجعا تكتيكيا تخللته بعض المناوشات والمشاكسات النقابية لا لتغيير الواقع بل لتذكير الرئيس بوجود المنظمة ولفت انتباهه.

غير أن نداءات الاتحاد ومناوراته لم تكن لتقنع الرئيس الذي واصل سياساته دون الالتفات إلى الأصوات الصادرة من بطحاء محمد علي حتى بعد الإضراب العام الأخير بالوظيفة العمومية وتهديد المنظمة وتلويحها بالذهاب إلى إضراب عام ثان .

   ورغم سعيه لتلطيف الأجواء تارة وتصعيد الموقف تارة أخرى فان توتر العلاقة مع قرطاج بلغ حد "الكلاش" السياسي بين الأمين العام نور الدين الطبوبي وقيس سعيد.

 ففي حين قال الطبوبي ''لو أرادوها معركة تقدم وازدهار وبناء ستكون المنظمة الشغيلة في المقدمة وإذا أرادوها معركة كسر عظام نحن جاهزون لها ولا خيار آخر لنا وكفى غوغائية".

وأقر نورالدين الطبوبي، أن حوار البعض وخطاباتهم مازالت متواصلة بنفس التكلس ونفس التفكير المقيت وبنفس القرارات الموجعة "، ولم يتأخر سعيد في الرد على أمين عام الاتحاد حين قال 'لا أريد أن أتحدث عن كسر عظم أي كان..، لكن لينظروا في القواميس بين العظمة والعِظام''.

وأضاف خلال كلمته خلال المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2022 ''نحن نريد العظمة لبلادنا ونريد موت العِظام ولا نتحدث عن كسر العِظام'.

خليل الحناشي

 

يراوح بين المعارضة والموالاة.. لماذا يناور الاتحاد؟

 

 

تونس-الصباح

لا تزال مواقف الاتحاد العام التونسي للشغل تراوح مكانها بعد أن عجزت المنظمة عن صياغة موقف ثابت من الإجراءات الاستثنائية وما تلاها من مراسيم وحتى إلى ما بعد استفتاء 25جويلية الماضي.

ولم يعد الارتباك النقابي مسالة عابرة بل تجسدت في أكثر من مناسبة وتصريح وهو ما لفت انتباه عموم المتابعين للشأن العام بعد لمسهم للتراجع الواضح للمنظمة سواء على مستوى الإقناع برؤيتهم المواطنية أو على مستوى الترتيبات الداخلية للاتحاد.

وإذ لا يشكك احد في قدرة الاتحاد على خلق التوازنات السياسية والاجتماعية وإمكانياته في دعم المد الديمقراطي بدفاعه عن الحقوق والحريات، فان ذلك لم يحصل أمام الصمت المريب ومواقف (الشبه-شبه) التي حولت الاتحاد من داعم ديمقراطي إلى عبء سياسي واجتماعي ثقيل.

هكذا وضع فهمه سعيد منذ البداية واشتغل عليه لاحقا، الأمر الذي دفعه إلى رفض الانصياع إلى مقترح الاتحاد بخصوص الحوار الوطني لتجد البيروقراطية النقابية نفسها على هامش الأحداث.

أحداث لم يستطع الاتحاد مجاراتها منذ عشية 25جويلية 2021 لتتراوح مواقفه بين مد وجزر، لعل آخرها وأبرزها تقييم الاتحاد العام التونسي للشغل للنص الدستوري المعروض على الاستفتاء بأنه خال من التعويم.

 فبعد انتقاده الموضوعي للدستور المعروض على الاستفتاء خيّرت المنظمة الوقوف على الحياد رغم حجم التخوفات المعلنة في بيان علقت القوى الديمقراطية الكثير من الآمال عليه.

 فقد أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 ليعتبر أن التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.

كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة الاستشارة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبد بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.

كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.

  وبالرغم من كل هذا النقد وتسليطه الضوء على مجموع المخاوف الواردة في دستور سعيد فقد اتخذ الاتحاد موقفا مخيبا للآمال حسب توصيف أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية لما يسمى بالجمهورية جديدة أمين محفوظ.

وعبر محفوظ في تصريح سابق لإذاعة "شمس أف أم" عن استغرابه من موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص مشروع الدستور الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 جوان.

واعتبر أن اتحاد الشغل مثّل خيبة أمل بترك حرية الاختيار للتصويت بنعم أو لا على الاستفتاء على الدستور يوم 25 جويلية.

تعويم موقف الاتحاد لم يكن مرتبطا بالدستور الجديد فحسب، بل أضحى منهجا في التعامل مع العديد من النقاط الأمر الذي افقد المنظمة بريقها في التعاطي مع تحولات المشهد الجديد.

وإذ فُهم التراجع الواضح للاتحاد عند البعض على انه تراجع ظرفي فرضته سياسة سعيد في ضربه لكل الأجسام الوسيطة من منظمات وأحزاب، فان آخرين يرون فيه تراجعا تكتيكيا تخللته بعض المناوشات والمشاكسات النقابية لا لتغيير الواقع بل لتذكير الرئيس بوجود المنظمة ولفت انتباهه.

غير أن نداءات الاتحاد ومناوراته لم تكن لتقنع الرئيس الذي واصل سياساته دون الالتفات إلى الأصوات الصادرة من بطحاء محمد علي حتى بعد الإضراب العام الأخير بالوظيفة العمومية وتهديد المنظمة وتلويحها بالذهاب إلى إضراب عام ثان .

   ورغم سعيه لتلطيف الأجواء تارة وتصعيد الموقف تارة أخرى فان توتر العلاقة مع قرطاج بلغ حد "الكلاش" السياسي بين الأمين العام نور الدين الطبوبي وقيس سعيد.

 ففي حين قال الطبوبي ''لو أرادوها معركة تقدم وازدهار وبناء ستكون المنظمة الشغيلة في المقدمة وإذا أرادوها معركة كسر عظام نحن جاهزون لها ولا خيار آخر لنا وكفى غوغائية".

وأقر نورالدين الطبوبي، أن حوار البعض وخطاباتهم مازالت متواصلة بنفس التكلس ونفس التفكير المقيت وبنفس القرارات الموجعة "، ولم يتأخر سعيد في الرد على أمين عام الاتحاد حين قال 'لا أريد أن أتحدث عن كسر عظم أي كان..، لكن لينظروا في القواميس بين العظمة والعِظام''.

وأضاف خلال كلمته خلال المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2022 ''نحن نريد العظمة لبلادنا ونريد موت العِظام ولا نتحدث عن كسر العِظام'.

خليل الحناشي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews