- ارتفاع أسعار المواد الغذائية الى 11% خلال جويلية الماضي
- تسارع الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية يرفع التضخم الى 8.2%
- وضع سياسات صارمة للحد من ارتفاع الأسعار بات امرأ ضروريا
تونس- الصباح
سجلت أسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، ارتفاعا لافتا ، لتبلغ نسبة 11% ، خلال الشهر الماضي ، في الوقت الذي تشهد فيه الأسعار عالميا انخفاضا ، بسبب تراجع الطلب وانفتاح الأسواق، في حين وصل التضخم إلى 8.2٪ في جويلية الماضي، جزء منه ناتج بشكل خاص من خلال تسارع معدل الزيادات في أسعار المنتجات الغذائية.
واستمر فقدان القوة الشرائية للتونسيين خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث ارتفع التضخم مرة أخرى ليصل إلى 8.2٪ ، بعد 8.1٪ في جوان ، و 7.8٪ في ماي، و 7.5٪ في افريل ، وبحسب المعهد الوطني التونسي للإحصاء (INS) ، فإن هذه الزيادة تفسر بشكل أساسي من خلال تسارع معدل الزيادات في أسعار المنتجات الغذائية (11٪ مقابل 9.5٪ في جوان) ، وأسعار مجموعة الأثاث ، والأدوات المنزلية والصيانة (10.6٪ مقابل 9.7٪ في جوان).
وبحسب المعهد الوطني التونسي للإحصاء (INS) ، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الشهر الماضي بنسبة 11٪ على أساس سنوي ، ويرجع هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار البيض (24.2٪) وزيوت الطعام (22.3٪) والفواكه الطازجة (18.6٪) والخضروات الطازجة (19.9٪) ولحوم الأغنام (11.9٪). بالإضافة إلى ذلك ، بين جوان 2022 وجوان 2021 ، سجلت أسعار السلع المصنعة أيضًا زيادة بنسبة 8.6٪ بسبب الزيادة في أسعار مواد البناء (10.2٪) ومنتجات الملابس (10.4٪) ومنتجات التنظيف المنزلية الروتينية (7.9٪)، اما بالنسبة للخدمات ، فإن الزيادة بلغت 5.6٪ في الأسعار على مدى عام واحد، تم على إثرها تسجيل ارتفاع أسعار المطاعم والمقاهي والخدمات الفندقية بنسبة 8.1٪ والإيجارات بنسبة 4.8٪.
تراجع الأسعار عالميا
ورغم الارتفاع المسجل محليا في أسعار المواد الغذائية، أفاد تقرير حديث صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، إن أسعار الغذاء العالمية تراجعت في ماي الماضي للشهر الثاني على التوالي بعد أن سجلت مستوى قياسيا في مارس، لكن تكلفة الحبوب واللحوم ارتفعت.
وبلغ مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة -الذي يشمل السلع الغذائية الأكثر تداولا عالميا- في المتوسط 157.4 نقطة في ماي الماضي مقابل 158.3 في أفريل المنصرم.
ويحذر خبراء الاقتصاد ، اليوم ، من تداعيات الأزمة الأوكرانية - الروسية ، على ميزانية تونس ، التي بدأت تشهد فعلا ضغوطا إضافية، لا سيما على مستوى تضاعف نفقات الدعم ، ونفقات الاستيراد، وتسجيل عجز تجاري فادح ، يتوقع معه ارتفاع معدلات التضخم الى مستويات خطيرة.
ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا ، رجح عدد من خبراء الاقتصاد ان يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب إلى زيادة في أسعار نحو اغلب المواد التي تحتاجها تونس، وذلك بسبب ارتفاع مصاريف الشحن، وارتفاع مخاطر نقل السلع في العالم.
كما من المتوقع أن يكون لهذه الحرب تأثير سلبي على نسبة التضخم في تونس، واهتراء مخزون البلاد من العملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية ، علما وان عدة دول عربية، بدأت تتلمس آثار الأزمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا ، خصوصا بعد ان قامت الهند في الآونة الأخيرة بحظر تصدير القمح.
ووفق معطيات حديثة نشرها المعهد الوطني للإحصاء (INS) في 6 أفريل 2022 ، فقد أشار الى تسجيل ارقام قياسية لأسعار المستهلك لشهر مارس 2022 ، لافتا الى ان التضخم واصل اتجاهه التصاعدي من خلال الزيادة على أساس سنوي إلى 8.2 ٪ بعد 7٪ في فيفري و 6.7٪ في جانفي الماضي.
وارجع المعهد هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى تسارع معدل الزيادات في أسعار المشروبات الكحولية والتبغ (21٪ مقابل 19.4٪ في فيفري) وكذلك في أسعار مجموعة الملابس والأحذية (9.8٪ مقابل 8.9٪) و أسعار مجموعة الأثاث والأدوات المنزلية وأسعار الصيانة المنزلية الروتينية (6.1٪ مقابل 5.7٪).
ارتفاع أسعار المواد الخام
وتزامنا مع تسارع معدلات التضخم عند الاستهلاك، أضافت الحرب الروسية-الأوكرانية، أزمة جديدة ، حيث سجل خامُ الحديد أيضًا رقْما قياسياً متجاوزا 230 دولارا للطُن، واجمالا ، فإن معظم أسعارِ المواد الخام التي تُستخدم في صناعةِ كلِ شيء من بناءِ المنازل لصناعةِ القهوة ارتفعت اسعارها في تونس بشكل جنوني، وباتت تهدد القدرة الشرائية للتونسيين بشكل اعمق من ذي قبل، واشد وقعا من الازمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا منذ سنتين.
وسجلت اسعار المواد الغذائية في تونس نسقا تصاعديا في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6 بالمائة في ديسمبر 2021 ، ويعود هذا الارتفاع أساسا إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9 بالمائة في نوفمبر إلى 7.6 بالمائة في ديسمبر 2021.
ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن اسعارها مازالت في ارتفاع، وبدات انعكاساتها تظهر على جميع الدول منذ بداية العام الحالي، وارتفعت حدتها في الآونة الاخيرة، ما يستدعي في تونس اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لمنع انفلات الاسعار ، والتي تعد الخطر الاول لتسارع معدلات التضخم.
وباستثناء الفترة الشهيرة من مارس 2018 إلى ديسمبر 2018 ، يعد معدل التضخم المسجل في الاونة الاخيرة الاعلى منذ عقود من الزمن ، ففي مارس 2018 ، ارتفع معدل التضخم إلى 7.2٪ واستمر في الارتفاع ليصل إلى 7.7٪ في جويلية 2018 ، علما وان أعلى نسبة تضخم سجلت في تونس كانت سنة 1988.
وتشير جل التوقعات الصادرة عن العديد من الخبراء الدوليين وجهات رسمية الى تواصل التضخم في الارتفاع بنهاية عام 2022 ،وستتجاوز وفق بعض الخبراء حاجز 10٪، وهو ما دفع بالبنك المركزي التونسي ، الى التدخل للحفاظ على استقرار الأسعار ومحاربة التضخم ، علما وانه قد قام مسبقًا برفع سعر الفائدة الرئيسية.
وبدأ مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال شهر أفريل 2021 مقارنة بشهر مارس بنسبة 1,1% بعد 0,7% خلال الشهر الفرط. ويعزى هذا التطور بالأساس الى الارتفاع المسجل في أسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 6% وأسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 1,6% وأسعار مواد وخدمات الصحة بنسبة 0,9% وأسعار مواد وخدمات النقل بنسبة 0,7% ، بالاضافة الى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بنسبة 6,0 % نتيجة انتهاء فترة التخفيضات الشتوية الموسمية، وارتفعت أسعار الملابس بنسبة 6,2% وأسعار الأحذية بنسبة 6,9% وأسعار مكملات اللباس بنسبة 1,4%
كما شهد مؤشر أسعار مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا هاما بنسبة 1,6% وفق احدث بيانات معهد الاحصاء ،ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 3,7% والاسماك الطازجة بنسبة 3,1% ومشتقات الحليب والاجبان بنسبة 2,9% وأسعار الدواجن بنسبة 2,5%. كذلك شهدت أسعار الغلال ارتفاعا بنسبة 2,1% وأسعار زيت الزيتون بنسبة 1,7%.
كما شهد مؤشر أسعار النقل ارتفاعا انطلاقا من منتصف العام الماضي بنسبة 0,7% نتيجة التعديل الأخير في أسعار المحروقات والذي وقع إقراره منتصف العام الماضي، كذلك شهدت أسعار خدمات النقل الجوي للمسافرين ارتفاعا في أسعارها بنسبة 5,7%.
وسجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك ارتفاعا الى مستوى 5.3 بالمائة بعد ان كانت في حدود 4,8% خلال شهر مارس 2021، وارجع المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع نسبة التضخم الى تسارع نسق الزيادة في الأسعار بين شهر أفريل ومارس 2021 بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، حيث ارتفعت أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 4,9% مقابل 4,1% وارتفاع أسعار مجموعة الصحة بنسبة 8,8% مقابل 8,1% وكذلك شهدت أسعار مجموعة النقل زيادة بنسبة2,1% مقابل 1,3% .
تحذيرات بشأن الأمن الغذائي
وجدد تقرير نشره المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، تحذيرات حول الخطر الذي يهدد الأمن الغذائي في تونس، والتدهور الحاد للمقدرة الشرائية، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وتفاقما كبيرا في عجز الميزان التجاري والغذائي.
وأشار معهد الدراسات الإستراتيجية في تقرير حديث ، إلى أن "تونس شهدت خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تدهورا واضحا للمقدرة الشرائية للفرد، مع تسجيل الميزان الغذائي لمؤشرات سلبية ازدادت حدتها بفعل الحرب في أوكرانيا".
وحذر المعهد التونسي من خطورة الحرب شرق أوروبا، على الأمن الغذائي بالبلاد، مشيرا إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، لتجنب استفحال الأزمة التي توشك على الانفجار خلال النصف الثاني من العام الجاري والأشهر الأولى من عام 2023".
وأزاح تقرير المعهد النقاب عن حقيقة الوضع الغذائي في البلاد، لافتا الى ان الوضع العالمي يهدد الامن الغذائي للتونسيين، داعيا الى مقاربات عاجلة للحد من انعكاسات الأزمة الاقتصادية الدولية على الأمن الغذائي للتونسيين، كما جدد خبراء الاقتصاد عقب التقرير الدعوة العاجلة إلى الانخراط في مبادرات لتقليص تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والعمل على إشراك الفلاحين ومختلف الفاعلين في مجالات الزراعة في خطة وطنية، تهدف إلى التخفيف من حدة انعكاسات الأزمة على الوضع الغذائي
وقال محافظ البنك المركزي مروان العباسي ، في آخر ظهور إعلامي، إنه مع اقتراب مخاطر التضخم الى خانة 10٪ ، فإن تكلفة التقاعس عن العمل ستكون مرتفعة للغاية وستهدد أي فرصة لاستقرار الاقتصاد الكلي، و.تقوض الجهود لتحقيق نسبة نمو مطمئنة. وأشار المحافظ في هذا السياق إلى أن الزيادة الأخيرة من قبل البنك المركزي التونسي لسعر الفائدة المديرية بمقدار 75 نقطة أساس ، يأتي بعد تحذيرات من مخاطر عودة الضغوط التضخمية، داعيا إلى تنفيذ المزيد من الإصلاحات الهيكلية، خاصة وان البنك المركزي التونسي يعمل على احتواء هذه الضغوط ، لا سيما على القطاع الخارجي، من أجل الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي وتقليل الضغط على الدينار التونسي، لافتا الى انه بين عامي 2020 و 2021 ، كانت العملة الوطنية مستقرة نسبيًا ، على الرغم من السياق القاتم، بفضل السياسة النقدية الاستباقية للبنك المركزي التونسي.
مخاطر التضخم في العالم
وحسب صندوق النقد الدولي، فإن التضخم بات يشكل خطرا واضحا وحاضرا في بلدان عديدة. وحتى قبل اندلاع الحرب، سجلت معدلات التضخم ارتفاعا حادا نتيجة زيادة أسعار السلع الأولية واختلالات العرض والطلب. وتوقع صندوق النقد الدولي استمرار معدلات التضخم المرتفعة لفترة أطول كثيرا. وفي الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية، بلغ التضخم أعلى مستوياته على الإطلاق خلال 40 عاما بالتزامن مع تشديد أسواق العمل.
وتحيط بهذه التوقعات درجة كبيرة من عدم اليقين تتجاوز النطاق المعتاد، فمن الممكن أن يزداد تباطؤ النمو بينما يتجاوز التضخم توقعات المؤسسة المالية إذا ما تواصلت العقوبات على صادرات الطاقة الروسية على سبيل المثال. كما قد يؤدي استمرار انتشار الفيروس إلى ظهور سلالات أكثر فتكا بمقدورها مقاومة التطعيمات، مما قد يتسبب في موجة جديدة من تدابير الإغلاق العام وانقطاعات الإنتاج.
وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، تكتسب السياسات الوطنية والجهود متعددة الأطراف دورا مهما، حيث ان ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية ينبغي ألا يحول دون توفير دعم حكومي موجه بدقة للفئات السكانية المعرضة للمخاطر، ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مع اتخاذ إجراءات ملائمة للحد من ارتفاع الاسعار ، من خلال سياسات متعددة الأطراف للحيلولة دون تدهور النتائج وتحسين الآفاق الاقتصادية المطمئنة للجميع.
سفيان المهداوي
- ارتفاع أسعار المواد الغذائية الى 11% خلال جويلية الماضي
- تسارع الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية يرفع التضخم الى 8.2%
- وضع سياسات صارمة للحد من ارتفاع الأسعار بات امرأ ضروريا
تونس- الصباح
سجلت أسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، ارتفاعا لافتا ، لتبلغ نسبة 11% ، خلال الشهر الماضي ، في الوقت الذي تشهد فيه الأسعار عالميا انخفاضا ، بسبب تراجع الطلب وانفتاح الأسواق، في حين وصل التضخم إلى 8.2٪ في جويلية الماضي، جزء منه ناتج بشكل خاص من خلال تسارع معدل الزيادات في أسعار المنتجات الغذائية.
واستمر فقدان القوة الشرائية للتونسيين خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث ارتفع التضخم مرة أخرى ليصل إلى 8.2٪ ، بعد 8.1٪ في جوان ، و 7.8٪ في ماي، و 7.5٪ في افريل ، وبحسب المعهد الوطني التونسي للإحصاء (INS) ، فإن هذه الزيادة تفسر بشكل أساسي من خلال تسارع معدل الزيادات في أسعار المنتجات الغذائية (11٪ مقابل 9.5٪ في جوان) ، وأسعار مجموعة الأثاث ، والأدوات المنزلية والصيانة (10.6٪ مقابل 9.7٪ في جوان).
وبحسب المعهد الوطني التونسي للإحصاء (INS) ، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الشهر الماضي بنسبة 11٪ على أساس سنوي ، ويرجع هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار البيض (24.2٪) وزيوت الطعام (22.3٪) والفواكه الطازجة (18.6٪) والخضروات الطازجة (19.9٪) ولحوم الأغنام (11.9٪). بالإضافة إلى ذلك ، بين جوان 2022 وجوان 2021 ، سجلت أسعار السلع المصنعة أيضًا زيادة بنسبة 8.6٪ بسبب الزيادة في أسعار مواد البناء (10.2٪) ومنتجات الملابس (10.4٪) ومنتجات التنظيف المنزلية الروتينية (7.9٪)، اما بالنسبة للخدمات ، فإن الزيادة بلغت 5.6٪ في الأسعار على مدى عام واحد، تم على إثرها تسجيل ارتفاع أسعار المطاعم والمقاهي والخدمات الفندقية بنسبة 8.1٪ والإيجارات بنسبة 4.8٪.
تراجع الأسعار عالميا
ورغم الارتفاع المسجل محليا في أسعار المواد الغذائية، أفاد تقرير حديث صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، إن أسعار الغذاء العالمية تراجعت في ماي الماضي للشهر الثاني على التوالي بعد أن سجلت مستوى قياسيا في مارس، لكن تكلفة الحبوب واللحوم ارتفعت.
وبلغ مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة -الذي يشمل السلع الغذائية الأكثر تداولا عالميا- في المتوسط 157.4 نقطة في ماي الماضي مقابل 158.3 في أفريل المنصرم.
ويحذر خبراء الاقتصاد ، اليوم ، من تداعيات الأزمة الأوكرانية - الروسية ، على ميزانية تونس ، التي بدأت تشهد فعلا ضغوطا إضافية، لا سيما على مستوى تضاعف نفقات الدعم ، ونفقات الاستيراد، وتسجيل عجز تجاري فادح ، يتوقع معه ارتفاع معدلات التضخم الى مستويات خطيرة.
ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا ، رجح عدد من خبراء الاقتصاد ان يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب إلى زيادة في أسعار نحو اغلب المواد التي تحتاجها تونس، وذلك بسبب ارتفاع مصاريف الشحن، وارتفاع مخاطر نقل السلع في العالم.
كما من المتوقع أن يكون لهذه الحرب تأثير سلبي على نسبة التضخم في تونس، واهتراء مخزون البلاد من العملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية ، علما وان عدة دول عربية، بدأت تتلمس آثار الأزمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا ، خصوصا بعد ان قامت الهند في الآونة الأخيرة بحظر تصدير القمح.
ووفق معطيات حديثة نشرها المعهد الوطني للإحصاء (INS) في 6 أفريل 2022 ، فقد أشار الى تسجيل ارقام قياسية لأسعار المستهلك لشهر مارس 2022 ، لافتا الى ان التضخم واصل اتجاهه التصاعدي من خلال الزيادة على أساس سنوي إلى 8.2 ٪ بعد 7٪ في فيفري و 6.7٪ في جانفي الماضي.
وارجع المعهد هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى تسارع معدل الزيادات في أسعار المشروبات الكحولية والتبغ (21٪ مقابل 19.4٪ في فيفري) وكذلك في أسعار مجموعة الملابس والأحذية (9.8٪ مقابل 8.9٪) و أسعار مجموعة الأثاث والأدوات المنزلية وأسعار الصيانة المنزلية الروتينية (6.1٪ مقابل 5.7٪).
ارتفاع أسعار المواد الخام
وتزامنا مع تسارع معدلات التضخم عند الاستهلاك، أضافت الحرب الروسية-الأوكرانية، أزمة جديدة ، حيث سجل خامُ الحديد أيضًا رقْما قياسياً متجاوزا 230 دولارا للطُن، واجمالا ، فإن معظم أسعارِ المواد الخام التي تُستخدم في صناعةِ كلِ شيء من بناءِ المنازل لصناعةِ القهوة ارتفعت اسعارها في تونس بشكل جنوني، وباتت تهدد القدرة الشرائية للتونسيين بشكل اعمق من ذي قبل، واشد وقعا من الازمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا منذ سنتين.
وسجلت اسعار المواد الغذائية في تونس نسقا تصاعديا في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6 بالمائة في ديسمبر 2021 ، ويعود هذا الارتفاع أساسا إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9 بالمائة في نوفمبر إلى 7.6 بالمائة في ديسمبر 2021.
ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن اسعارها مازالت في ارتفاع، وبدات انعكاساتها تظهر على جميع الدول منذ بداية العام الحالي، وارتفعت حدتها في الآونة الاخيرة، ما يستدعي في تونس اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لمنع انفلات الاسعار ، والتي تعد الخطر الاول لتسارع معدلات التضخم.
وباستثناء الفترة الشهيرة من مارس 2018 إلى ديسمبر 2018 ، يعد معدل التضخم المسجل في الاونة الاخيرة الاعلى منذ عقود من الزمن ، ففي مارس 2018 ، ارتفع معدل التضخم إلى 7.2٪ واستمر في الارتفاع ليصل إلى 7.7٪ في جويلية 2018 ، علما وان أعلى نسبة تضخم سجلت في تونس كانت سنة 1988.
وتشير جل التوقعات الصادرة عن العديد من الخبراء الدوليين وجهات رسمية الى تواصل التضخم في الارتفاع بنهاية عام 2022 ،وستتجاوز وفق بعض الخبراء حاجز 10٪، وهو ما دفع بالبنك المركزي التونسي ، الى التدخل للحفاظ على استقرار الأسعار ومحاربة التضخم ، علما وانه قد قام مسبقًا برفع سعر الفائدة الرئيسية.
وبدأ مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال شهر أفريل 2021 مقارنة بشهر مارس بنسبة 1,1% بعد 0,7% خلال الشهر الفرط. ويعزى هذا التطور بالأساس الى الارتفاع المسجل في أسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 6% وأسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 1,6% وأسعار مواد وخدمات الصحة بنسبة 0,9% وأسعار مواد وخدمات النقل بنسبة 0,7% ، بالاضافة الى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بنسبة 6,0 % نتيجة انتهاء فترة التخفيضات الشتوية الموسمية، وارتفعت أسعار الملابس بنسبة 6,2% وأسعار الأحذية بنسبة 6,9% وأسعار مكملات اللباس بنسبة 1,4%
كما شهد مؤشر أسعار مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا هاما بنسبة 1,6% وفق احدث بيانات معهد الاحصاء ،ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 3,7% والاسماك الطازجة بنسبة 3,1% ومشتقات الحليب والاجبان بنسبة 2,9% وأسعار الدواجن بنسبة 2,5%. كذلك شهدت أسعار الغلال ارتفاعا بنسبة 2,1% وأسعار زيت الزيتون بنسبة 1,7%.
كما شهد مؤشر أسعار النقل ارتفاعا انطلاقا من منتصف العام الماضي بنسبة 0,7% نتيجة التعديل الأخير في أسعار المحروقات والذي وقع إقراره منتصف العام الماضي، كذلك شهدت أسعار خدمات النقل الجوي للمسافرين ارتفاعا في أسعارها بنسبة 5,7%.
وسجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك ارتفاعا الى مستوى 5.3 بالمائة بعد ان كانت في حدود 4,8% خلال شهر مارس 2021، وارجع المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع نسبة التضخم الى تسارع نسق الزيادة في الأسعار بين شهر أفريل ومارس 2021 بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، حيث ارتفعت أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 4,9% مقابل 4,1% وارتفاع أسعار مجموعة الصحة بنسبة 8,8% مقابل 8,1% وكذلك شهدت أسعار مجموعة النقل زيادة بنسبة2,1% مقابل 1,3% .
تحذيرات بشأن الأمن الغذائي
وجدد تقرير نشره المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، تحذيرات حول الخطر الذي يهدد الأمن الغذائي في تونس، والتدهور الحاد للمقدرة الشرائية، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وتفاقما كبيرا في عجز الميزان التجاري والغذائي.
وأشار معهد الدراسات الإستراتيجية في تقرير حديث ، إلى أن "تونس شهدت خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تدهورا واضحا للمقدرة الشرائية للفرد، مع تسجيل الميزان الغذائي لمؤشرات سلبية ازدادت حدتها بفعل الحرب في أوكرانيا".
وحذر المعهد التونسي من خطورة الحرب شرق أوروبا، على الأمن الغذائي بالبلاد، مشيرا إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، لتجنب استفحال الأزمة التي توشك على الانفجار خلال النصف الثاني من العام الجاري والأشهر الأولى من عام 2023".
وأزاح تقرير المعهد النقاب عن حقيقة الوضع الغذائي في البلاد، لافتا الى ان الوضع العالمي يهدد الامن الغذائي للتونسيين، داعيا الى مقاربات عاجلة للحد من انعكاسات الأزمة الاقتصادية الدولية على الأمن الغذائي للتونسيين، كما جدد خبراء الاقتصاد عقب التقرير الدعوة العاجلة إلى الانخراط في مبادرات لتقليص تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والعمل على إشراك الفلاحين ومختلف الفاعلين في مجالات الزراعة في خطة وطنية، تهدف إلى التخفيف من حدة انعكاسات الأزمة على الوضع الغذائي
وقال محافظ البنك المركزي مروان العباسي ، في آخر ظهور إعلامي، إنه مع اقتراب مخاطر التضخم الى خانة 10٪ ، فإن تكلفة التقاعس عن العمل ستكون مرتفعة للغاية وستهدد أي فرصة لاستقرار الاقتصاد الكلي، و.تقوض الجهود لتحقيق نسبة نمو مطمئنة. وأشار المحافظ في هذا السياق إلى أن الزيادة الأخيرة من قبل البنك المركزي التونسي لسعر الفائدة المديرية بمقدار 75 نقطة أساس ، يأتي بعد تحذيرات من مخاطر عودة الضغوط التضخمية، داعيا إلى تنفيذ المزيد من الإصلاحات الهيكلية، خاصة وان البنك المركزي التونسي يعمل على احتواء هذه الضغوط ، لا سيما على القطاع الخارجي، من أجل الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي وتقليل الضغط على الدينار التونسي، لافتا الى انه بين عامي 2020 و 2021 ، كانت العملة الوطنية مستقرة نسبيًا ، على الرغم من السياق القاتم، بفضل السياسة النقدية الاستباقية للبنك المركزي التونسي.
مخاطر التضخم في العالم
وحسب صندوق النقد الدولي، فإن التضخم بات يشكل خطرا واضحا وحاضرا في بلدان عديدة. وحتى قبل اندلاع الحرب، سجلت معدلات التضخم ارتفاعا حادا نتيجة زيادة أسعار السلع الأولية واختلالات العرض والطلب. وتوقع صندوق النقد الدولي استمرار معدلات التضخم المرتفعة لفترة أطول كثيرا. وفي الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية، بلغ التضخم أعلى مستوياته على الإطلاق خلال 40 عاما بالتزامن مع تشديد أسواق العمل.
وتحيط بهذه التوقعات درجة كبيرة من عدم اليقين تتجاوز النطاق المعتاد، فمن الممكن أن يزداد تباطؤ النمو بينما يتجاوز التضخم توقعات المؤسسة المالية إذا ما تواصلت العقوبات على صادرات الطاقة الروسية على سبيل المثال. كما قد يؤدي استمرار انتشار الفيروس إلى ظهور سلالات أكثر فتكا بمقدورها مقاومة التطعيمات، مما قد يتسبب في موجة جديدة من تدابير الإغلاق العام وانقطاعات الإنتاج.
وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، تكتسب السياسات الوطنية والجهود متعددة الأطراف دورا مهما، حيث ان ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية ينبغي ألا يحول دون توفير دعم حكومي موجه بدقة للفئات السكانية المعرضة للمخاطر، ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مع اتخاذ إجراءات ملائمة للحد من ارتفاع الاسعار ، من خلال سياسات متعددة الأطراف للحيلولة دون تدهور النتائج وتحسين الآفاق الاقتصادية المطمئنة للجميع.