إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مسرحية "القرهمانة" في مهرجان ليالي سليمان.. عندما تكشف كوميديا الحياة معاناة التونسيين!

 

 

-معز التومي في ندوة صحفية إثر العرض: لا أخاف انسحاب الجمهور وإذا غادر لا بد من المراجعة والتمحيص

تونس –الصباح

 لئن تمسك الفنان معز التومي بدور المرأة العجوز منذ تسع سنين بدءا من مسرحية "فركة صابون" مع الفنانة عزيزة بولبيار وتوظيف الكوميديا السوداء الهادفة فضلا عن تنوع الإيحاءات والتأويلات قصد تعرية الواقع التونسي، فإن عمله الموالي"القرهمانة" كان بمثابة النبش الأكثر عمقا في سائدنا المعيش وانعكاسا للتحولات السياسية والاجتماعية والسيكولوجية بالأساس.. الفنان معز التومي أبدع أول أمس بفضاء مهرجان ليالي سليمان في شد انتباه الجماهير من خلال تقديم نص ألفه بإتقان وعرف كيف يتواصل مع جمهور غفير من خلال التواصل المباشر بين الفينة والأخرى مع المتفرجين الذين شعروا بانهم عنصرا فاعلا في العرض فكان التفاعل متفردا وطريفا..وهو أمر ليس بالهين وإن كان المسرحي متمرسا نظرا لأنّ كل منطقة لها خصوصياتها على مستوى الذائقة والأخلاقيات.. "

من خلال "القرهمانة" ومن خلال مقومات العمل المونودرامي استطاع معز التومي أيضا أن يخوض في العديد من المسائل الحارقة.. على غرار معاناة التونسيين إزاء ما حصل في مجلس النواب خلال العشر سنوات الأخيرة كما فترة الحجر الصحي وما بعدها وتأثيرها على سلوك المواطنين.. وصولا إلى مسألة الاحتكار وغلاء الأسعار .. موجها إلى الاتهام إلى طرف سياسي كان مهيمنا على الحكم في تونس في العشرية الاخيرة، مشيرا إلى أنه كان وراء تفاقم كل تلك الأزمات، بل كان واضحا في توظيف الرسائل المبطنة لدرجة أنها لم تكن تنقصها سوى تسمية الأسماء بمسمياتها.. صاحب "القرهمانة" تحدث أيضا عن الأجواء السابقة لمجلس النواب المنحل بأسلوب مليء بالسخرية والتهكم وخاصة فيما يتعلق بمسألة الحصانة التي كانت درعا للعديد من النواب "الفاسدين" وفق وصفه، ليخلص في النهاية- وعلى لسان بطلة العمل المونودرامي "القرهمانة" إلى أنه داعم لمسار الخامس والعشرين من شهر جويلية وما عقبه..

على المستوى السوسيولوجي والنفسي كان لا بد لمعز التومي أن يستنبط فكرة وجود شخصية مفترضة للتحاور معها ليعود بالحاضرين إلى السلوكيات والممارسات اليومية التي ظهرت مع الحجر الصحي سواء كان بين الأزواج أو في الفضاءات التجارية والادارات وما انجر عنها من لهفة وازدحام.. إلى غير ذلك من العادات اليومية اللاسوية وغير الأخلاقية والتي أصبحت الخبز اليومي للمواطن بمختلف فئاته.. "قرهمانة" دخلت كذلك إلى بيوت مسنين عزل لتسليط الضوء على المعاناة الحقيقية للعديد من الطاعنين في السن الذين خذلتهم أكبادهم وهجروهم أحبابهم مما ضاعف وحدتهم وعمق وحشتهم.. كل تلك المشاعر وظفها التومي بأسلوب كوميدي مضحك وتارة بأسلوب درامي مرافق بألحان حزينة لتكون المعاني والرسائل أبلغ وأعمق.. وهو ما يجعلنا نقيم "قرهمانة" على أنها ليست عملا كوميديا بالأساس ولا دراميا إنما يدخل تحت خانة كوميديا الحياة الهادفة.. طبعا -وبما أن زوايا النقد لأي عمل فني لا حصر لها- تجدر الإشارة إلى أن معز التومي وبلا شك قد اجتهد وكان انتقاؤه لكل كلمة نتيجة بحث ودراسة لأهم الخصائص السلوكية والاجتماعية للمواطن التونسي، لكن بعض المفردات كان عليه تجنبها لأنها كانت بمثابة النشاز مقارنة بثراء النص وقدرة الممثل الهائلة على التفاعل المباشر مع الجمهور وذلك ليس من باب الأخلاقيات فحسب ولكن من باب تهذيب الذوق العام.

 وبين معز التومي في ندوة صحفية، إثر عرض "القرهمانة" بمهرجان ليالي سليمان أن "الجمهور في أغلب الولايات-وهو ما لاحظناه أيضا في سليمان- أدرك" le non dit "وأحب خطاب الشخصية، وهو ما يعكس نجاح العرض من عدمه.. ثم إن القطع مع أي عمل فني وتبني مشروع آخر يبقى رهين عدم الاستحسان والقبول أو نجاح العمل نسبيا.. الأمر الذي يتطلب المراجعة والتمحيص .. وعن عزوف الجمهور وإمكانية مغادرة المسرح جراء الإيحاءات الجنسية مثلا أو ضعف الاداء أكد أنه لا يخاف الجمهور "لان الذي يعتلي الركح ( يحط روحو sur scène وفق كلماته) ويكون عنصر فرجة " لا بد أن يتحمل المسؤولية وأن يكون واعيا بميولات الجمهور.. كما أن الفن حسب تصريحه ليس اختراعا نوويا، إنما يحتمل الخطأ والصواب..

وليد عبد اللاوي

 

 

مسرحية "القرهمانة" في مهرجان ليالي سليمان.. عندما تكشف كوميديا الحياة معاناة التونسيين!

 

 

-معز التومي في ندوة صحفية إثر العرض: لا أخاف انسحاب الجمهور وإذا غادر لا بد من المراجعة والتمحيص

تونس –الصباح

 لئن تمسك الفنان معز التومي بدور المرأة العجوز منذ تسع سنين بدءا من مسرحية "فركة صابون" مع الفنانة عزيزة بولبيار وتوظيف الكوميديا السوداء الهادفة فضلا عن تنوع الإيحاءات والتأويلات قصد تعرية الواقع التونسي، فإن عمله الموالي"القرهمانة" كان بمثابة النبش الأكثر عمقا في سائدنا المعيش وانعكاسا للتحولات السياسية والاجتماعية والسيكولوجية بالأساس.. الفنان معز التومي أبدع أول أمس بفضاء مهرجان ليالي سليمان في شد انتباه الجماهير من خلال تقديم نص ألفه بإتقان وعرف كيف يتواصل مع جمهور غفير من خلال التواصل المباشر بين الفينة والأخرى مع المتفرجين الذين شعروا بانهم عنصرا فاعلا في العرض فكان التفاعل متفردا وطريفا..وهو أمر ليس بالهين وإن كان المسرحي متمرسا نظرا لأنّ كل منطقة لها خصوصياتها على مستوى الذائقة والأخلاقيات.. "

من خلال "القرهمانة" ومن خلال مقومات العمل المونودرامي استطاع معز التومي أيضا أن يخوض في العديد من المسائل الحارقة.. على غرار معاناة التونسيين إزاء ما حصل في مجلس النواب خلال العشر سنوات الأخيرة كما فترة الحجر الصحي وما بعدها وتأثيرها على سلوك المواطنين.. وصولا إلى مسألة الاحتكار وغلاء الأسعار .. موجها إلى الاتهام إلى طرف سياسي كان مهيمنا على الحكم في تونس في العشرية الاخيرة، مشيرا إلى أنه كان وراء تفاقم كل تلك الأزمات، بل كان واضحا في توظيف الرسائل المبطنة لدرجة أنها لم تكن تنقصها سوى تسمية الأسماء بمسمياتها.. صاحب "القرهمانة" تحدث أيضا عن الأجواء السابقة لمجلس النواب المنحل بأسلوب مليء بالسخرية والتهكم وخاصة فيما يتعلق بمسألة الحصانة التي كانت درعا للعديد من النواب "الفاسدين" وفق وصفه، ليخلص في النهاية- وعلى لسان بطلة العمل المونودرامي "القرهمانة" إلى أنه داعم لمسار الخامس والعشرين من شهر جويلية وما عقبه..

على المستوى السوسيولوجي والنفسي كان لا بد لمعز التومي أن يستنبط فكرة وجود شخصية مفترضة للتحاور معها ليعود بالحاضرين إلى السلوكيات والممارسات اليومية التي ظهرت مع الحجر الصحي سواء كان بين الأزواج أو في الفضاءات التجارية والادارات وما انجر عنها من لهفة وازدحام.. إلى غير ذلك من العادات اليومية اللاسوية وغير الأخلاقية والتي أصبحت الخبز اليومي للمواطن بمختلف فئاته.. "قرهمانة" دخلت كذلك إلى بيوت مسنين عزل لتسليط الضوء على المعاناة الحقيقية للعديد من الطاعنين في السن الذين خذلتهم أكبادهم وهجروهم أحبابهم مما ضاعف وحدتهم وعمق وحشتهم.. كل تلك المشاعر وظفها التومي بأسلوب كوميدي مضحك وتارة بأسلوب درامي مرافق بألحان حزينة لتكون المعاني والرسائل أبلغ وأعمق.. وهو ما يجعلنا نقيم "قرهمانة" على أنها ليست عملا كوميديا بالأساس ولا دراميا إنما يدخل تحت خانة كوميديا الحياة الهادفة.. طبعا -وبما أن زوايا النقد لأي عمل فني لا حصر لها- تجدر الإشارة إلى أن معز التومي وبلا شك قد اجتهد وكان انتقاؤه لكل كلمة نتيجة بحث ودراسة لأهم الخصائص السلوكية والاجتماعية للمواطن التونسي، لكن بعض المفردات كان عليه تجنبها لأنها كانت بمثابة النشاز مقارنة بثراء النص وقدرة الممثل الهائلة على التفاعل المباشر مع الجمهور وذلك ليس من باب الأخلاقيات فحسب ولكن من باب تهذيب الذوق العام.

 وبين معز التومي في ندوة صحفية، إثر عرض "القرهمانة" بمهرجان ليالي سليمان أن "الجمهور في أغلب الولايات-وهو ما لاحظناه أيضا في سليمان- أدرك" le non dit "وأحب خطاب الشخصية، وهو ما يعكس نجاح العرض من عدمه.. ثم إن القطع مع أي عمل فني وتبني مشروع آخر يبقى رهين عدم الاستحسان والقبول أو نجاح العمل نسبيا.. الأمر الذي يتطلب المراجعة والتمحيص .. وعن عزوف الجمهور وإمكانية مغادرة المسرح جراء الإيحاءات الجنسية مثلا أو ضعف الاداء أكد أنه لا يخاف الجمهور "لان الذي يعتلي الركح ( يحط روحو sur scène وفق كلماته) ويكون عنصر فرجة " لا بد أن يتحمل المسؤولية وأن يكون واعيا بميولات الجمهور.. كما أن الفن حسب تصريحه ليس اختراعا نوويا، إنما يحتمل الخطأ والصواب..

وليد عبد اللاوي

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews