عادت المبادرات السياسية لتوحيد العمل المشترك حزبيا لتطفو على سطح الأحداث مجددا في ظل أزمة يرى فيها البعض خطرا على الراهن السياسي وإنذارا بنهاية محتملة للأحزاب.
آخر دعوات توحيد الصفوف، مطلب تقدمت به رئيسة الحزب الدستوري الحر خلال مؤتمر صحافي ليوم الخميس 28 جويلية 2022 .
حيث بسطت عبير موسي عرضا سياسيا للقوى المدنية والسياسية الديمقراطية التقدمية من أجل التصدي للمسار الذي يقوده قيس سعيد'.
وتقدمت صاحبة المشروع بوثيقة سياسية تحت شعار "تصحيح المسار" قالت إنها تعرضها على كل القوى التقدمية من أجل مناقشتها والتصويت عليها وجعلها أرضية كحد أدنى بغاية العمل مشتركة وخوض انتخابات تتحد فيها هذه القوى.
وقالت "إذا تم الاتفاق والعمل بطريقة مشتركة سيتم التحضير لانتخابات تشريعية معا وأول قرار داخل البرلمان هو إلغاء دستور قيس سعيد ووضع مشروع الدستور الذي أعدّه قيس سعيد للعمل عليه".
وأشارت إلى أن من أبرز ما تضمنه مشروع الوثيقة السياسية هو: "جمهورية مدنية اجتماعية ذات سيادة وطنية لا مكان فيها للإسلام السياسي، ونظام ديمقراطي تعددي يقوم على الفصل بين السلط والتوازن بينها ويلتزم بضمان الحريات الفردية العامة وحقوق الإنسان في إنسانيتها وكونيتها وترابطها وتحقيق الأمن القومي الشامل''.
فرصة الحد الأدنى
وإذ يبدو ظاهر المقترح فرصة لإيجاد الحد الأدنى بين الأحزاب فانه أيضا قد ينهي الحرب الباردة بين مختلف الفواعل وإخراج المعارضة التونسية من أبعاد التشتت الى انساق الوحدة وهو في الواقع مطلب كثيرا ما نادت به الأحزاب نفسها خاصة بعد إعلان الإجراءات الاستثنائية في جويلية 2021.
بيد ان دعوات رص الصفوف سرعان ما تصطدم بواقع التناقضات الحزبية ولم تنجح الأحزاب في تجاوز خلافاتها الماضية والتي يمتد بعضها لأكثر من 30 عاما كما هو حال اليسار التونسي والأحزاب الإسلامية أو بين الدساترة واليسار الذي مازال يرفع شعاره السياسي القديم الى حد اليوم "حريات سياسية لا دساترة ولا خوانجية".
وبالرغم من ذلك فان المبادرين لم ييأسوا في تطارح الأفكار ليدخل الجميع في سياق تحرير المبادرات والبحث عن فرصة للتأكيد على دينامكية الحياة الحزبية رغم المحاولات المتكررة لاغتيالها تارة بشيطنة زعمائها وطورا باتهام الأحزاب بإفساد الحياة السياسية.
وتأتي المبادرة الجديدة للدستوري الحر لتتقاطع مع سابقيها من المبادرات والتي وضعت الديمقراطية ومبدأ الإنقاذ كمنصة لإيقاف زحف سعيد على الحكم وقطع تمدده سواء قبل او بعد عملية الاستفتاء التي انتهت بتصويت نحو 27٪ من الناخبين بنعم على الدستور الجديد.
وأمام تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وارتفاع منسوب الأزمة في تونس لم تهدا المبادرات السياسية للبحث عن حل مشترك يجنب البلاد مزيدا من المنزلقات والتخفيف من سرعة السير في طريق الانهيار والتخفيض من حدة المنعرجات.
ولم تكن مبادرة موسى، فريدة من نوعها أو الأولى في مجالها حيث سبقتها مقترحات أخرى انتهى جميعها الى النسيان
مبادرة "تقدم".. تتأخر
أعلن المؤرخ عادل اللطيفي يوم 1 مارس 2022 عن مشروع سياسي جديد تحت مسمى ''تقدُّم'' يهدف أساسا إلى طرح مشروع شامل لتونس يعنى بكل المجالات نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية تقدمية عقلانية.
وتأتي المبادرة باعتبار أنه لا توجد خيارات سياسية بديلة مما دفع بصاحب المشروع إلى بلورتها وتقديمها إلى شخصيا وقوى حداثية تقدمية وذلك بناءً على فشل التجارب التجميعية وأخطاء 2019 حسب تقديره.
وشدد اللطيفي على ضرورة أن تبتعد القوى السياسية عن فكرة البحث عن "المهدي المنتظر" منتقدا في السياق ذاته عدم تفكيرها في المستقبل والبقاء في الماضي، مشيرا إلى أنه يجب عقلنة الدولة والحياة السياسية.
وتتلخص فكرة تقدم أنها بديل عن السائد لتكون بعيدة عن توجهات رئيس الجمهورية وحركة النهضة والحزب الدستوري الحر.
مبادرة "صمود".. لم تصمد
أطلق ائتلاف صمود يوم 15 ديسمبر 2020 مبادرة المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ كآلية لاقتراح البدائل والحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد عبر إصلاح منظومة الحكم وتطوير منوال التنمية وذلك بالشراكة مع الجهات حسب ما أعلن المنسق العام للائتلاف حسام الحامي يومها.
وأوضح الحامي خلال ندوة صحفية أن مبادرة ائتلاف صمود ستقدم مقترحات مبادرة المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ في صورة عدم إجراء حوار رسمي، للسلط في البلاد والضغط من أجل بلورة إصلاحات فعلية في البلاد وتنفيذها.
وبين العميد شوقي الطبيب أن الوضع يشهد تعطلا للمؤسسات الدستورية وترذيلا لبعض هذه السلطة إضافة إلى اضطرابات اجتماعية وحركات احتجاجية متصاعدة وارتفاعا خطيرا في منسوب العنف بمختلف أوجهه وإطلالة جديدة لغول العروشية والقبلية وضعفا لمنسوب ثقة المواطنين في النخب السياسية .
وفي المقابل أكد الطبيب وجود قناعة بضرورة اعتماد آلية الحوار الوطني مرة أخرى بعد إثباتها لنجاعتها في إخراج البلاد من مثل هذه المآزق حسب قوله.
اللقاء الوطني للإنقاذ
أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية ومستقلون وعدد من نواب البرلمان المعلقة أعماله عن تأسيس "اللقاء الوطني للإنقاذ" الذي يهدف إلى "إيجاد مشروع لتحقيق الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي وكذلك العودة إلى الديمقراطية التمثيلية.
وقال نجيب الشابي احد مؤسسي المبادرة خلال ندوة صحفي يوم 14 ديسمبر2021" إن هذا اللقاء ليس حزبا سياسيا ولا جبهة سياسية بل هو لقاء بين شخصيات وطنية تتوفر فيها مقاييس الحضور السياسي والخبرة، كما أنه يعد إطارا تنسيقيا جامعا لتوحيد الجهود بين كافة القوى الوطنية قصد بلورة خطة إنقاذ اقتصادي واجتماعي والدفاع عن دولة القانون في ظل ديمقراطية تمثيلية تكفل الفصل بين السلطات وتحمي الحقوق والحريات."
وأضاف الشابي أن هدف مؤسسي هذا اللقاء هو لم الشمل وجمع الصفوف بين عدد من الشخصيات السياسية. وفي سياق متصل، أكد الشابي ضرورة تكوين حكومة إنقاذ تحظى بتوافق وطني. كما أكد نجيب الشابي أن العودة إلى إصلاح الأوضاع في البلاد لا تكون إلا عبر الحوار، مبينا أنه ليس من المعقول ولا المقبول أن ينفرد طرف ما بقرار مصير البلاد، خاصة إذا كان هذا الطرف فردا استغل الوضع المتردي ليوجه البلاد للطريق التي يريدها، في إشارة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد.
مبادرة "الخلاص الوطني"..
وإذ حاولت هذه المبادرة التمايز عن مبادرة مواطنون ضد الانقلاب إلا أنها سرعان ما تقاربت معها ودخلت في تنسيق واسع وكامل معها لتنطلق تجربة توحيد الصف بإعلان عن مبادرة الخلاص الوطني يوم 9 أفريل الجاري.
وقد انطلق نجيب الشابي في عقد جملة من الاجتماعات واللقاءات الجهوية لإقناع الجمهور السياسي بوجاهة المبادرة وأهميتها في إنقاذ البلاد.
جبهة وطنية "الرابطة الوطنية"
لم تقتصر دعوات المبادرات على شخصيات سياسية تاريخية إذ دخل سياسيون شبان على الخط حيث دعا النائب عياشي الزمال الى جبهة وطنية تتوج بمبادرة وطنية جامعة وذلك على مرحلتين.
حيث تتوجه الخطوة الأولى للقوى والشخصيات السياسية المختلفة مع النهضة ومع قيس سعيد قصد تكوين كتلة/ رابطة وازنة تُبرز صوتا مختلفا، مؤمنا بالديمقراطية والمؤسسات والمسار الديمقراطي لكنه في اختلاف راديكالي مع النهضة ومشروع سعيد الفوضوي.
ثم تأتي الخطوة الثانية لتتوج بحوار تونسي تونسي لا إقصاء فيه، تحت رعاية القوى والمنظمات الاجتماعية، قصد صياغة ميثاق اجتماعي جديد، والتوافق على الإصلاحات والمسارعة بمراجعة التشريعات المتعلقة بالانتخابات والذهاب للانتخابات في ظرف ثلاثة أشهر لتحديد الشرعية الرئاسية والتشريعية.
مبادرة كندا.. أو ميثاق قرطاج؟
ويقود هذه المبادرة الناشط السياسي والحقوقي عضو المرصد الكندي للحقوق والحریات ياسر ذويب وتهدف المبادرة الى إنشاء ميثاق شرف سياسي تمضي عليه كل المكونات السياسية والاجتماعية التونسية يسمى بميثاق قرطاج لما لهذه المدينة من حضور في التاريخ السياسي للحضارة الإنسانية وأهمية منتدياتها الديمقراطية منذ القدم.
واعتبر ذويب "أن تاريخ 25 جويلية أفضى الى انقسام الطبقة السياسية التونسية بين مناصر للشرعية الديمقراطية والدستورية التي أفرزتها انتخابات 2019 وبين طبقة سياسية تونسية أفرزتها كذلك انتخابات برلمانية ورئاسية سابقة لأوانها شهد لها العالم بشفافية نتائجها إلا أن هذا الشق من الطبقة السياسية التونسية ساند انقلاب الرئيس التونسي الحالي وبالتالي فقدت كل مصداقية لبناء صرح سياسي جديد وإصلاح منظومته. "
وأضاف "نحن في المرصد الكندي للحقوق والحریات نعتبر أن الحراك الحقوقي والسياسي المقاوم للانقلاب له من الشرعية والمساندة التي نحتاجها في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ بلادنا السياسي ونظرا لحرج الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ انقلاب الرئيس التونسي الحالي ".
ويدعو المرصد الكندي للحقوق والحریات الى وضع خريطة طريق لميثاق شرف لإصلاح المنظومة السياسية التونسية بإضفاء المزيد من الديمقراطية والحرص على جعل البرلمان التونسي المنتخب أساس كل إصلاح سياسي ودستوري يقترحه ويرتضيه نواب الشعب التونسي عبر الانتخابات الرئاسية والتشريعية ضمن دستور 2014 مع ضرورة إصلاح الدستور الحالي من خلال حوار وطني يشمل كل الحساسيات السياسية التونسية والشخصيات الوطنية التي تزخر بها البلاد التونسية."
توحيد المبادرات.. ممكن؟
سؤال يجد ما يبرره في ظل الثراء المبادراتي غير أن جميعها انتهى الى اللاشيء باستثناء الهالة الإعلامية التي رافقت لحظات الإعلان وهو ما يدفع للتساؤل عن أسباب فشلها منذ البداية.
كما انه من الملاحظ ان البعض من المبادرات تشبه في تفاصيلها تلك التفاصيل الواردة في البرامج الانتخابية وهو ما قد يبرر أحيانا عدم تحمس بقية الأطراف الحزبية والشخصيات الوطنية لما هو مطروح أمامها.
واذ يبدو ركن حسن نية متوفرا لتجاوز الأزمة فإن السؤال الاهم اي من هذه المبادرات التي يبدو أنها الأقرب الى أرض الواقع والتي يمكن أن يلتقي حولها الخصوم؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
عادت المبادرات السياسية لتوحيد العمل المشترك حزبيا لتطفو على سطح الأحداث مجددا في ظل أزمة يرى فيها البعض خطرا على الراهن السياسي وإنذارا بنهاية محتملة للأحزاب.
آخر دعوات توحيد الصفوف، مطلب تقدمت به رئيسة الحزب الدستوري الحر خلال مؤتمر صحافي ليوم الخميس 28 جويلية 2022 .
حيث بسطت عبير موسي عرضا سياسيا للقوى المدنية والسياسية الديمقراطية التقدمية من أجل التصدي للمسار الذي يقوده قيس سعيد'.
وتقدمت صاحبة المشروع بوثيقة سياسية تحت شعار "تصحيح المسار" قالت إنها تعرضها على كل القوى التقدمية من أجل مناقشتها والتصويت عليها وجعلها أرضية كحد أدنى بغاية العمل مشتركة وخوض انتخابات تتحد فيها هذه القوى.
وقالت "إذا تم الاتفاق والعمل بطريقة مشتركة سيتم التحضير لانتخابات تشريعية معا وأول قرار داخل البرلمان هو إلغاء دستور قيس سعيد ووضع مشروع الدستور الذي أعدّه قيس سعيد للعمل عليه".
وأشارت إلى أن من أبرز ما تضمنه مشروع الوثيقة السياسية هو: "جمهورية مدنية اجتماعية ذات سيادة وطنية لا مكان فيها للإسلام السياسي، ونظام ديمقراطي تعددي يقوم على الفصل بين السلط والتوازن بينها ويلتزم بضمان الحريات الفردية العامة وحقوق الإنسان في إنسانيتها وكونيتها وترابطها وتحقيق الأمن القومي الشامل''.
فرصة الحد الأدنى
وإذ يبدو ظاهر المقترح فرصة لإيجاد الحد الأدنى بين الأحزاب فانه أيضا قد ينهي الحرب الباردة بين مختلف الفواعل وإخراج المعارضة التونسية من أبعاد التشتت الى انساق الوحدة وهو في الواقع مطلب كثيرا ما نادت به الأحزاب نفسها خاصة بعد إعلان الإجراءات الاستثنائية في جويلية 2021.
بيد ان دعوات رص الصفوف سرعان ما تصطدم بواقع التناقضات الحزبية ولم تنجح الأحزاب في تجاوز خلافاتها الماضية والتي يمتد بعضها لأكثر من 30 عاما كما هو حال اليسار التونسي والأحزاب الإسلامية أو بين الدساترة واليسار الذي مازال يرفع شعاره السياسي القديم الى حد اليوم "حريات سياسية لا دساترة ولا خوانجية".
وبالرغم من ذلك فان المبادرين لم ييأسوا في تطارح الأفكار ليدخل الجميع في سياق تحرير المبادرات والبحث عن فرصة للتأكيد على دينامكية الحياة الحزبية رغم المحاولات المتكررة لاغتيالها تارة بشيطنة زعمائها وطورا باتهام الأحزاب بإفساد الحياة السياسية.
وتأتي المبادرة الجديدة للدستوري الحر لتتقاطع مع سابقيها من المبادرات والتي وضعت الديمقراطية ومبدأ الإنقاذ كمنصة لإيقاف زحف سعيد على الحكم وقطع تمدده سواء قبل او بعد عملية الاستفتاء التي انتهت بتصويت نحو 27٪ من الناخبين بنعم على الدستور الجديد.
وأمام تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وارتفاع منسوب الأزمة في تونس لم تهدا المبادرات السياسية للبحث عن حل مشترك يجنب البلاد مزيدا من المنزلقات والتخفيف من سرعة السير في طريق الانهيار والتخفيض من حدة المنعرجات.
ولم تكن مبادرة موسى، فريدة من نوعها أو الأولى في مجالها حيث سبقتها مقترحات أخرى انتهى جميعها الى النسيان
مبادرة "تقدم".. تتأخر
أعلن المؤرخ عادل اللطيفي يوم 1 مارس 2022 عن مشروع سياسي جديد تحت مسمى ''تقدُّم'' يهدف أساسا إلى طرح مشروع شامل لتونس يعنى بكل المجالات نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية تقدمية عقلانية.
وتأتي المبادرة باعتبار أنه لا توجد خيارات سياسية بديلة مما دفع بصاحب المشروع إلى بلورتها وتقديمها إلى شخصيا وقوى حداثية تقدمية وذلك بناءً على فشل التجارب التجميعية وأخطاء 2019 حسب تقديره.
وشدد اللطيفي على ضرورة أن تبتعد القوى السياسية عن فكرة البحث عن "المهدي المنتظر" منتقدا في السياق ذاته عدم تفكيرها في المستقبل والبقاء في الماضي، مشيرا إلى أنه يجب عقلنة الدولة والحياة السياسية.
وتتلخص فكرة تقدم أنها بديل عن السائد لتكون بعيدة عن توجهات رئيس الجمهورية وحركة النهضة والحزب الدستوري الحر.
مبادرة "صمود".. لم تصمد
أطلق ائتلاف صمود يوم 15 ديسمبر 2020 مبادرة المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ كآلية لاقتراح البدائل والحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد عبر إصلاح منظومة الحكم وتطوير منوال التنمية وذلك بالشراكة مع الجهات حسب ما أعلن المنسق العام للائتلاف حسام الحامي يومها.
وأوضح الحامي خلال ندوة صحفية أن مبادرة ائتلاف صمود ستقدم مقترحات مبادرة المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ في صورة عدم إجراء حوار رسمي، للسلط في البلاد والضغط من أجل بلورة إصلاحات فعلية في البلاد وتنفيذها.
وبين العميد شوقي الطبيب أن الوضع يشهد تعطلا للمؤسسات الدستورية وترذيلا لبعض هذه السلطة إضافة إلى اضطرابات اجتماعية وحركات احتجاجية متصاعدة وارتفاعا خطيرا في منسوب العنف بمختلف أوجهه وإطلالة جديدة لغول العروشية والقبلية وضعفا لمنسوب ثقة المواطنين في النخب السياسية .
وفي المقابل أكد الطبيب وجود قناعة بضرورة اعتماد آلية الحوار الوطني مرة أخرى بعد إثباتها لنجاعتها في إخراج البلاد من مثل هذه المآزق حسب قوله.
اللقاء الوطني للإنقاذ
أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية ومستقلون وعدد من نواب البرلمان المعلقة أعماله عن تأسيس "اللقاء الوطني للإنقاذ" الذي يهدف إلى "إيجاد مشروع لتحقيق الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي وكذلك العودة إلى الديمقراطية التمثيلية.
وقال نجيب الشابي احد مؤسسي المبادرة خلال ندوة صحفي يوم 14 ديسمبر2021" إن هذا اللقاء ليس حزبا سياسيا ولا جبهة سياسية بل هو لقاء بين شخصيات وطنية تتوفر فيها مقاييس الحضور السياسي والخبرة، كما أنه يعد إطارا تنسيقيا جامعا لتوحيد الجهود بين كافة القوى الوطنية قصد بلورة خطة إنقاذ اقتصادي واجتماعي والدفاع عن دولة القانون في ظل ديمقراطية تمثيلية تكفل الفصل بين السلطات وتحمي الحقوق والحريات."
وأضاف الشابي أن هدف مؤسسي هذا اللقاء هو لم الشمل وجمع الصفوف بين عدد من الشخصيات السياسية. وفي سياق متصل، أكد الشابي ضرورة تكوين حكومة إنقاذ تحظى بتوافق وطني. كما أكد نجيب الشابي أن العودة إلى إصلاح الأوضاع في البلاد لا تكون إلا عبر الحوار، مبينا أنه ليس من المعقول ولا المقبول أن ينفرد طرف ما بقرار مصير البلاد، خاصة إذا كان هذا الطرف فردا استغل الوضع المتردي ليوجه البلاد للطريق التي يريدها، في إشارة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد.
مبادرة "الخلاص الوطني"..
وإذ حاولت هذه المبادرة التمايز عن مبادرة مواطنون ضد الانقلاب إلا أنها سرعان ما تقاربت معها ودخلت في تنسيق واسع وكامل معها لتنطلق تجربة توحيد الصف بإعلان عن مبادرة الخلاص الوطني يوم 9 أفريل الجاري.
وقد انطلق نجيب الشابي في عقد جملة من الاجتماعات واللقاءات الجهوية لإقناع الجمهور السياسي بوجاهة المبادرة وأهميتها في إنقاذ البلاد.
جبهة وطنية "الرابطة الوطنية"
لم تقتصر دعوات المبادرات على شخصيات سياسية تاريخية إذ دخل سياسيون شبان على الخط حيث دعا النائب عياشي الزمال الى جبهة وطنية تتوج بمبادرة وطنية جامعة وذلك على مرحلتين.
حيث تتوجه الخطوة الأولى للقوى والشخصيات السياسية المختلفة مع النهضة ومع قيس سعيد قصد تكوين كتلة/ رابطة وازنة تُبرز صوتا مختلفا، مؤمنا بالديمقراطية والمؤسسات والمسار الديمقراطي لكنه في اختلاف راديكالي مع النهضة ومشروع سعيد الفوضوي.
ثم تأتي الخطوة الثانية لتتوج بحوار تونسي تونسي لا إقصاء فيه، تحت رعاية القوى والمنظمات الاجتماعية، قصد صياغة ميثاق اجتماعي جديد، والتوافق على الإصلاحات والمسارعة بمراجعة التشريعات المتعلقة بالانتخابات والذهاب للانتخابات في ظرف ثلاثة أشهر لتحديد الشرعية الرئاسية والتشريعية.
مبادرة كندا.. أو ميثاق قرطاج؟
ويقود هذه المبادرة الناشط السياسي والحقوقي عضو المرصد الكندي للحقوق والحریات ياسر ذويب وتهدف المبادرة الى إنشاء ميثاق شرف سياسي تمضي عليه كل المكونات السياسية والاجتماعية التونسية يسمى بميثاق قرطاج لما لهذه المدينة من حضور في التاريخ السياسي للحضارة الإنسانية وأهمية منتدياتها الديمقراطية منذ القدم.
واعتبر ذويب "أن تاريخ 25 جويلية أفضى الى انقسام الطبقة السياسية التونسية بين مناصر للشرعية الديمقراطية والدستورية التي أفرزتها انتخابات 2019 وبين طبقة سياسية تونسية أفرزتها كذلك انتخابات برلمانية ورئاسية سابقة لأوانها شهد لها العالم بشفافية نتائجها إلا أن هذا الشق من الطبقة السياسية التونسية ساند انقلاب الرئيس التونسي الحالي وبالتالي فقدت كل مصداقية لبناء صرح سياسي جديد وإصلاح منظومته. "
وأضاف "نحن في المرصد الكندي للحقوق والحریات نعتبر أن الحراك الحقوقي والسياسي المقاوم للانقلاب له من الشرعية والمساندة التي نحتاجها في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ بلادنا السياسي ونظرا لحرج الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ انقلاب الرئيس التونسي الحالي ".
ويدعو المرصد الكندي للحقوق والحریات الى وضع خريطة طريق لميثاق شرف لإصلاح المنظومة السياسية التونسية بإضفاء المزيد من الديمقراطية والحرص على جعل البرلمان التونسي المنتخب أساس كل إصلاح سياسي ودستوري يقترحه ويرتضيه نواب الشعب التونسي عبر الانتخابات الرئاسية والتشريعية ضمن دستور 2014 مع ضرورة إصلاح الدستور الحالي من خلال حوار وطني يشمل كل الحساسيات السياسية التونسية والشخصيات الوطنية التي تزخر بها البلاد التونسية."
توحيد المبادرات.. ممكن؟
سؤال يجد ما يبرره في ظل الثراء المبادراتي غير أن جميعها انتهى الى اللاشيء باستثناء الهالة الإعلامية التي رافقت لحظات الإعلان وهو ما يدفع للتساؤل عن أسباب فشلها منذ البداية.
كما انه من الملاحظ ان البعض من المبادرات تشبه في تفاصيلها تلك التفاصيل الواردة في البرامج الانتخابية وهو ما قد يبرر أحيانا عدم تحمس بقية الأطراف الحزبية والشخصيات الوطنية لما هو مطروح أمامها.
واذ يبدو ركن حسن نية متوفرا لتجاوز الأزمة فإن السؤال الاهم اي من هذه المبادرات التي يبدو أنها الأقرب الى أرض الواقع والتي يمكن أن يلتقي حولها الخصوم؟