إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الدستور الجديد قلص من دور النقابات في اتفاق صندوق النقد

 

• الصندوق يتدارك الخطأ ويعود للتعامل مع الدولة والحكومة

• "فيتش رايتنغ"... بإمكان تونس إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد، دون موافقة اتحاد الشغل

• تغير مرتقب في التراقيم السيادية لتونس في الاتجاه الايجابي

تونس-الصباح

يبدو أن صندوق النقد الدولي قد يغير خياراته وشروطه المصاحبة في مسار المفاوضات مع الدولة التونسية لإبرام برنامج تمويل جديد معها بعد تفعيل الدستور الجديد الذي انبثق عن استفتاء وطني في الـخامس والعشرين من شهر جويلية المنقضي؛ وهو ما تم تأكيده من قبل فريق من بعثة الصندوق التي أنهت زيارتها إلى تونس خلال شهر جوان في بيان رسمي أوضحت فيه أن المفاوضات أحرزت تقدما ايجابيا.

وكان لزيارة مدير إدارة الشرق الأوسط واسيا الوسطى جهاد ازعور؛ المسؤول الأول في الصندوق لتونس الأهمية البالغة في تحديد بوصلة المشهد العام اجتماعيا وسياسيا للبلاد بعد الاطلاع على محاور الدستور الجديد والتأكد من أن القرار سيكون بيد السلطة التنفيذية في المرحلة المقبلة.

كما أكدت وكالة الترقيم السيادي "فيتش راتينغ" في تقريرها الأخير أن تونس أصبح بإمكانها إبرام اتفاق تمويل جديد دون موافقة النقابات؛ باعتبار أن الدستور الجديد، الذي تمت الموافقة عليه، يتيح توفير "أساس أكثر صلابة للانتخابات التشريعية"، حسب ما أشارت إليه الوكالة.

وتوقعت وكالة "فيتش رايتنغ" في نفس السياق أن إبرام هذه الاتفاقية سيكون قبل نهاية هذه السنة لافتة إلى أن الخلافات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل قد تظل مع ذلك عقبات أمام إبرام هذه الاتفاقية، وعلى هذا الأساس يكون الصندوق قد صوب الخطأ الشكلي الذي انبنى عليه مسار المفاوضات الطويلة بينه وبين الدولة التونسية وهو اشتراطه لان يكون الشريك الاجتماعي الممثل أساسا في الاتحاد العام التونسي للشغل الطرف المحوري في الوصول إلى اتفاق جديد؛ ليؤكد أن التعامل المالي أساسا يكون مع السلطة التنفيذية خاصة أن بوادر الاستقرار السياسي أصبحت واضحة بعد تفعيل الدستور الجديد.

  وكان قد فرض الصندوق هذا الشرط مند انطلاق المفاوضات بسبب الاضطراب الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي على خلفية التغيرات التي طرأت على البلاد خلال حراك الخامس والعشرين من شهر جويلية سنة 2021 فضلا عن تخوفاته من موقف النقابات الرافض للإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة واعتبرها اتحاد الشغل إجراءات خطيرة على مقدرة التونسي الشرائية خاصة تلك المتعلقة بمنظومة الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية.

إصلاحات محور الخلاف بين الاتحاد والحكومة

 فقد كانت قد اقترحت حكومة نجلاء بودن، "إجراءات عاجلة ضمن ميزانية 2023، للتحكم في كتلة الأجور وترشيدها من خلال تجميد الانتدابات وحصرها في الحاجيات المتأكدة.

واعتبرت الحكومة، في منشور حول إعداد ميزانية الدولة للسنة المقبلة وجهته إلى الوزراء ورؤساء الهياكل والهيئات الدستورية المستقلة والولاة ورؤساء البرامج، أن نفقات الأجور، وصلت إلى مستوى قياسي خلال سنة 2022 في حدود 15,6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 10 بالمائة سنة 2010 وهو ما قلص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.

ويعد التخفيض من كتلة الأجور، أحد أبرز الإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي تونس حتى تتمكن من إبرام اتفاق معه والحصول على تمويلات، إلى جانب الحد من نفقات الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية وإصلاح المنظومة الجبائية.

واقترحت الحكومة في ميزانية 2023، حصر الانتدابات في الحاجيات المتأكدة وذات الأولوية القصوى مع التخفيض التدريجي في عدد خريجي مدارس التكوين خاصة بالنسبة إلى وزارات الدفاع والداخلية والعدل ويتم ضبط تراخيص التكوين والعدد الجملي للانتدابات للفترة 2023/2025 من قبل مجلس وزاري يعقد للغرض.

كما تتمثل الإجراءات الإصلاحية كذلك في "تحديد نسبة الترقيات العادية بـ 20 بالمائة إلى جانب عدم تعويض الشغورات والسعي إلى تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة، فضلا عن مزيد التحكم في ساعات العمل الإضافية وإسناد استراحة تعويضية في حالة القيام فعليا بساعات إضافية".

وسيتم، حسب الوثيقة إعداد روزنامة لتطبيق مقتضيات اتفاقية 6 فيفري 2021 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بالإضافة إلى انتداب 6000 عون في إطار برنامج تسوية القسط الثاني لعملة الحضائر.

كما تضمنت إجراءات الحكومة اعتماد برامج مستحدثة للتقليص من عدد الأعوان في الوظيفة العمومية من خلال مواصلة اعتماد البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية طبقا للفصل 14 من قانون المالية لسنة 2022.

كذلك ستعمل الحكومة على تطبيق الأمر الرئاسي المتعلق بالتنقل الوظيفي للأعوان العموميين لفائدة الوزارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية فضلا عن التشجيع على الانتفاع بعطلة لبعث مؤسسة طبقا لمقتضيات الفصل 15 من قانون المالية لسنة 2022.

بوادر ايجابية قبيل تفعيل الدستور الجديد

وكانت قد أثارت عدم مشاركة اتحاد العام الشغل في الحوار الوطني المقترح من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد وشنه إضرابا عاما في القطاع العام، مخاوف لدى الصندوق تتعلق بمدى قدرة تونس على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.

لكن اليوم وحتى قبيل تفعيل الدستور الجديد كانت المفاوضات الرسمية ومتعددة التوجهات التي قام بها الصندوق مع جميع الأطراف في تونس مثمرة في الاتجاه الايجابي بدءا باللقاءات التي تمت مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن وعدد من أعضاء حكومتها مرورا بالشركاء الاجتماعيين من منظمة الأعراف والمنظمة الشغيلية وغيرها من مكونات المجتمع المدني.

وكانت المنظمة الشغيلة على سبيل المثال قد أعربت عن استعدادها للعمل مع الحكومة على الإصلاحات؛ رغم أنها لم تخف مخاوفها بشأن النظام المؤسساتي الجديد..

وينتظر على هذا الأساس أن يعلن الصندوق قريبا عن التوصل إلى اتفاق بشان إبرام برنامج تمويل جديد من المزمع أن تقدر قيمته في حدود الـ 4 مليارات دولار على أربع سنوات أي ما يعادل 12 مليار دينار تونسي .

والاهم حسب المراقبين في داخل البلاد وخارجها أن موافقة صندوق النقد على إبرام اتفاق تمويل جديد مع تونس ستكون له نتائج ايجابية في ما يتعلق بتصنيفات تونس من قبل مؤسسات التراقيم السيادية في اتجاه تعديلها من المستقر والسلبي إلى الايجابي؛ حيث من المنتظر أن تغير وكالتي موديز وفتش موقفهما ويستبدلان على الأرجح عبارة "آفاق سلبية" بـ"آفاق مستقرة"، الأمر الذي سيُمكّن الاقتصاد التونسي من استرجاع بعض الثقة من قبل دوائر المال العالمية.

كما من المنتظر أن تواصل بقية الجهات المانحة على غرار البنك الدولي والاتحاد الدولي والبنوك الدولية والإفريقية دعمها ماليا لتونس استنادا للتمشي الايجابي لصندوق النقد في هذا الاتجاه من اجل تعزيز الاستقرار في المنطقة والسيطرة على تدفقات الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط.

وهذا ما أشارت إليه وكالة "فيتش رايتنغ" في تقريرها الأخير معتبرة أن الدعم المالي المتأتي من قبل الجهات الدولية المانحة لتونس يبقى مرتبطا باتفاقية مع صندوق النقد الدولي؛ مشيرة إلى أن إبرام هذه الاتفاقية يتطلب التنفيذ المسبق لبعض الإجراءات الهامة التي تهدف على وجه الخصوص إلى إعادة تحقيق توازن على مستوى النفقات بدلا من تخفيضها.

كما نبهت الوكالة في تقريرها من تدهور احتياطي تونس من العملة الأجنبية تدريجيا وانخفاض قيمة الدينار التونسي في صورة عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد مما سينجر عن ذلك زيادة في الأعباء الناجمة عن سداد الديون السيادية المبوبة بالعملات الأجنبية، والتي تقدر بنحو 49 بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي"، حسب "فيتش رايتينغ".

وحذرت الوكالة من أنه دون إصلاح ذي مصداقية، يمكن اعتبار تونس في نهاية المطاف في حاجة إلى معالجة ديونها عبر نادي باريس قبل أن تصبح مؤهلة للحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي، مع ما يترتب عن ذلك من آثار على الدائنين من القطاع الخاص.

وكانت قد خفضت فيتش تصنيف تونس في مارس 2022 من "ب سلبي" إلى "سي سي سي" مبينة أن التأخر في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ اتفاق، قد يفضي إلى تصنيف سلبي.

وأصبح تصنيف تونس "سي سي سي" يوم 14 جويلية 2022 تحت مراقبة المعايير، وذلك بعد أن أدرجت "فيتش رايتنغ" تعديلات على مستوى التصنيف "سي سي سي" (ايجابي وسلبي)، ليتغير الترقيم السيادي للبلدان التي صنفت ضمن هذه الخانة بدرجة إما إلى "سي سي سي سلبي" أو "سي سي سي ايجابي " أو البقاء في درجة "سي سي سي".

ويبقى الدستور الجديد الورقة الرابحة للدولة في الظرف الراهن للحصول على تمويلات جديدة هي في أمس الحاجة إليها لتغطية العجز الحاصل بميزانيتها العمومية واستعادة نشاط الاقتصاد؛ رغم ما يحيط من حوله من انتقادات واسعة بين التونسيين...

وفاء بن محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

الدستور الجديد قلص من دور النقابات في اتفاق صندوق النقد

 

• الصندوق يتدارك الخطأ ويعود للتعامل مع الدولة والحكومة

• "فيتش رايتنغ"... بإمكان تونس إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد، دون موافقة اتحاد الشغل

• تغير مرتقب في التراقيم السيادية لتونس في الاتجاه الايجابي

تونس-الصباح

يبدو أن صندوق النقد الدولي قد يغير خياراته وشروطه المصاحبة في مسار المفاوضات مع الدولة التونسية لإبرام برنامج تمويل جديد معها بعد تفعيل الدستور الجديد الذي انبثق عن استفتاء وطني في الـخامس والعشرين من شهر جويلية المنقضي؛ وهو ما تم تأكيده من قبل فريق من بعثة الصندوق التي أنهت زيارتها إلى تونس خلال شهر جوان في بيان رسمي أوضحت فيه أن المفاوضات أحرزت تقدما ايجابيا.

وكان لزيارة مدير إدارة الشرق الأوسط واسيا الوسطى جهاد ازعور؛ المسؤول الأول في الصندوق لتونس الأهمية البالغة في تحديد بوصلة المشهد العام اجتماعيا وسياسيا للبلاد بعد الاطلاع على محاور الدستور الجديد والتأكد من أن القرار سيكون بيد السلطة التنفيذية في المرحلة المقبلة.

كما أكدت وكالة الترقيم السيادي "فيتش راتينغ" في تقريرها الأخير أن تونس أصبح بإمكانها إبرام اتفاق تمويل جديد دون موافقة النقابات؛ باعتبار أن الدستور الجديد، الذي تمت الموافقة عليه، يتيح توفير "أساس أكثر صلابة للانتخابات التشريعية"، حسب ما أشارت إليه الوكالة.

وتوقعت وكالة "فيتش رايتنغ" في نفس السياق أن إبرام هذه الاتفاقية سيكون قبل نهاية هذه السنة لافتة إلى أن الخلافات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل قد تظل مع ذلك عقبات أمام إبرام هذه الاتفاقية، وعلى هذا الأساس يكون الصندوق قد صوب الخطأ الشكلي الذي انبنى عليه مسار المفاوضات الطويلة بينه وبين الدولة التونسية وهو اشتراطه لان يكون الشريك الاجتماعي الممثل أساسا في الاتحاد العام التونسي للشغل الطرف المحوري في الوصول إلى اتفاق جديد؛ ليؤكد أن التعامل المالي أساسا يكون مع السلطة التنفيذية خاصة أن بوادر الاستقرار السياسي أصبحت واضحة بعد تفعيل الدستور الجديد.

  وكان قد فرض الصندوق هذا الشرط مند انطلاق المفاوضات بسبب الاضطراب الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي على خلفية التغيرات التي طرأت على البلاد خلال حراك الخامس والعشرين من شهر جويلية سنة 2021 فضلا عن تخوفاته من موقف النقابات الرافض للإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة واعتبرها اتحاد الشغل إجراءات خطيرة على مقدرة التونسي الشرائية خاصة تلك المتعلقة بمنظومة الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية.

إصلاحات محور الخلاف بين الاتحاد والحكومة

 فقد كانت قد اقترحت حكومة نجلاء بودن، "إجراءات عاجلة ضمن ميزانية 2023، للتحكم في كتلة الأجور وترشيدها من خلال تجميد الانتدابات وحصرها في الحاجيات المتأكدة.

واعتبرت الحكومة، في منشور حول إعداد ميزانية الدولة للسنة المقبلة وجهته إلى الوزراء ورؤساء الهياكل والهيئات الدستورية المستقلة والولاة ورؤساء البرامج، أن نفقات الأجور، وصلت إلى مستوى قياسي خلال سنة 2022 في حدود 15,6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 10 بالمائة سنة 2010 وهو ما قلص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.

ويعد التخفيض من كتلة الأجور، أحد أبرز الإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي تونس حتى تتمكن من إبرام اتفاق معه والحصول على تمويلات، إلى جانب الحد من نفقات الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية وإصلاح المنظومة الجبائية.

واقترحت الحكومة في ميزانية 2023، حصر الانتدابات في الحاجيات المتأكدة وذات الأولوية القصوى مع التخفيض التدريجي في عدد خريجي مدارس التكوين خاصة بالنسبة إلى وزارات الدفاع والداخلية والعدل ويتم ضبط تراخيص التكوين والعدد الجملي للانتدابات للفترة 2023/2025 من قبل مجلس وزاري يعقد للغرض.

كما تتمثل الإجراءات الإصلاحية كذلك في "تحديد نسبة الترقيات العادية بـ 20 بالمائة إلى جانب عدم تعويض الشغورات والسعي إلى تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة، فضلا عن مزيد التحكم في ساعات العمل الإضافية وإسناد استراحة تعويضية في حالة القيام فعليا بساعات إضافية".

وسيتم، حسب الوثيقة إعداد روزنامة لتطبيق مقتضيات اتفاقية 6 فيفري 2021 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بالإضافة إلى انتداب 6000 عون في إطار برنامج تسوية القسط الثاني لعملة الحضائر.

كما تضمنت إجراءات الحكومة اعتماد برامج مستحدثة للتقليص من عدد الأعوان في الوظيفة العمومية من خلال مواصلة اعتماد البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية طبقا للفصل 14 من قانون المالية لسنة 2022.

كذلك ستعمل الحكومة على تطبيق الأمر الرئاسي المتعلق بالتنقل الوظيفي للأعوان العموميين لفائدة الوزارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية فضلا عن التشجيع على الانتفاع بعطلة لبعث مؤسسة طبقا لمقتضيات الفصل 15 من قانون المالية لسنة 2022.

بوادر ايجابية قبيل تفعيل الدستور الجديد

وكانت قد أثارت عدم مشاركة اتحاد العام الشغل في الحوار الوطني المقترح من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد وشنه إضرابا عاما في القطاع العام، مخاوف لدى الصندوق تتعلق بمدى قدرة تونس على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.

لكن اليوم وحتى قبيل تفعيل الدستور الجديد كانت المفاوضات الرسمية ومتعددة التوجهات التي قام بها الصندوق مع جميع الأطراف في تونس مثمرة في الاتجاه الايجابي بدءا باللقاءات التي تمت مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن وعدد من أعضاء حكومتها مرورا بالشركاء الاجتماعيين من منظمة الأعراف والمنظمة الشغيلية وغيرها من مكونات المجتمع المدني.

وكانت المنظمة الشغيلة على سبيل المثال قد أعربت عن استعدادها للعمل مع الحكومة على الإصلاحات؛ رغم أنها لم تخف مخاوفها بشأن النظام المؤسساتي الجديد..

وينتظر على هذا الأساس أن يعلن الصندوق قريبا عن التوصل إلى اتفاق بشان إبرام برنامج تمويل جديد من المزمع أن تقدر قيمته في حدود الـ 4 مليارات دولار على أربع سنوات أي ما يعادل 12 مليار دينار تونسي .

والاهم حسب المراقبين في داخل البلاد وخارجها أن موافقة صندوق النقد على إبرام اتفاق تمويل جديد مع تونس ستكون له نتائج ايجابية في ما يتعلق بتصنيفات تونس من قبل مؤسسات التراقيم السيادية في اتجاه تعديلها من المستقر والسلبي إلى الايجابي؛ حيث من المنتظر أن تغير وكالتي موديز وفتش موقفهما ويستبدلان على الأرجح عبارة "آفاق سلبية" بـ"آفاق مستقرة"، الأمر الذي سيُمكّن الاقتصاد التونسي من استرجاع بعض الثقة من قبل دوائر المال العالمية.

كما من المنتظر أن تواصل بقية الجهات المانحة على غرار البنك الدولي والاتحاد الدولي والبنوك الدولية والإفريقية دعمها ماليا لتونس استنادا للتمشي الايجابي لصندوق النقد في هذا الاتجاه من اجل تعزيز الاستقرار في المنطقة والسيطرة على تدفقات الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط.

وهذا ما أشارت إليه وكالة "فيتش رايتنغ" في تقريرها الأخير معتبرة أن الدعم المالي المتأتي من قبل الجهات الدولية المانحة لتونس يبقى مرتبطا باتفاقية مع صندوق النقد الدولي؛ مشيرة إلى أن إبرام هذه الاتفاقية يتطلب التنفيذ المسبق لبعض الإجراءات الهامة التي تهدف على وجه الخصوص إلى إعادة تحقيق توازن على مستوى النفقات بدلا من تخفيضها.

كما نبهت الوكالة في تقريرها من تدهور احتياطي تونس من العملة الأجنبية تدريجيا وانخفاض قيمة الدينار التونسي في صورة عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد مما سينجر عن ذلك زيادة في الأعباء الناجمة عن سداد الديون السيادية المبوبة بالعملات الأجنبية، والتي تقدر بنحو 49 بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي"، حسب "فيتش رايتينغ".

وحذرت الوكالة من أنه دون إصلاح ذي مصداقية، يمكن اعتبار تونس في نهاية المطاف في حاجة إلى معالجة ديونها عبر نادي باريس قبل أن تصبح مؤهلة للحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي، مع ما يترتب عن ذلك من آثار على الدائنين من القطاع الخاص.

وكانت قد خفضت فيتش تصنيف تونس في مارس 2022 من "ب سلبي" إلى "سي سي سي" مبينة أن التأخر في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ اتفاق، قد يفضي إلى تصنيف سلبي.

وأصبح تصنيف تونس "سي سي سي" يوم 14 جويلية 2022 تحت مراقبة المعايير، وذلك بعد أن أدرجت "فيتش رايتنغ" تعديلات على مستوى التصنيف "سي سي سي" (ايجابي وسلبي)، ليتغير الترقيم السيادي للبلدان التي صنفت ضمن هذه الخانة بدرجة إما إلى "سي سي سي سلبي" أو "سي سي سي ايجابي " أو البقاء في درجة "سي سي سي".

ويبقى الدستور الجديد الورقة الرابحة للدولة في الظرف الراهن للحصول على تمويلات جديدة هي في أمس الحاجة إليها لتغطية العجز الحاصل بميزانيتها العمومية واستعادة نشاط الاقتصاد؛ رغم ما يحيط من حوله من انتقادات واسعة بين التونسيين...

وفاء بن محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews