إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: سيدي الرئيس معركتك مع الفقر والأمية والبطالة والصحة والتعليم...

بقلم:مصدق الشريف

أتدرون أن الصراع قائم على أشده في بيتي، ولكن بين ماذا وماذا؟ إنه بين قلمي الذي أمسكته بين أصابعي لأخط مقالي وبين مائدتي التي أكتب عليها ما أكتبه. وكالعادة هممت بكتابة مقالي الأسبوعي أو رأيي فيما يجري خاصة من الأحداث السياسة والإجتماعية والإقتصادية في بلادنا... وفي هذا الأسبوع وبالتحديد حول عملية الاستفتاء على الدستور الذي تم يوم الاثنين 25 جويلية 2022 وما تبعها من تعاليق وحوارات من هنا وهناك. لقد وصل حديث السياسيين ورجال القانون والإعلاميين وغيرهم الليل بالنهار فكان مهرجان الكلام وإعادة الكلام بامتياز فما تسمعه في هذه القناة تسمعه هو نفسه في قناة أخرى سواء كانت تلفزية أو إذاعية... المهم أن ما شدني شخصيا هو ما أفرزته عملية الاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد التونسية والجمهورية الثالثة من جدل وتحاليل بين المؤيدين لمشروع الدستور بنعم والرافضين له والداعين إلى اسقاطه سواء بلا أو بالمقاطعة.

ما إن بسطت ورقتي على لوح مائدتي وعزمت على الانطلاق في الكتابة حتى انتفضت وانقلبت على قفاها وأصرت على ألا تعود إلى وضعها الطبيعي ثم اتجهت نحو قلمي مخاطبة إياه:" أحذرك ثم أحذرك من أن تنصاع لصاحبك وتتيح له الفرصة للكتابة".

رددت صائحا:" أو تمنع قلمي من الكتابة وتكسره؟ فهذا ضرب ومصادرة لحرية الرأي والتعبير".

ردت مائدتي:" بلا، أنا لم أفعل ذلك معك ولن أفعله ما دمت في بيتك وفي مصاحبتك التي مرت عليها عقود ولن أفعل ذلك بتاتا وقد كنت قد بسطت لك لوحي زمن الجمر ودفعتك إلى الأمام ولما هو أجرأ بعد 17 ديسمبر 2010. لكنني اليوم أقف سدا منيعا ضدك كي لا تكتب شيئا عما يقال وما يسمع من تعاليق وانتقادات إني أمنعك لأنها لا ترتقي إلى مستوى الرد، لا ترتقي إلا أن نضيع بسببها الوقت ونهدره هدرا لا قبل لنا به... نضيعه فيما لا يسمن ولا يغني من جوع... إنه هراء في هراء، إنها الثرثرة واللغط وقد مجه الناس ورغبوا عنه وهجروه هجرا مليا ماذا سيكتب قلمك يا عشيري عن الذين يواصلون التحليق في الفضاء. عن الذين لا يرون الحقيقة أمامهم والواقع المعيش بقطع النظر عن مدى شرعيته أو أنه انقلاب... ولكنه أصبح أمرا حتميا. وأن ما يريدون استعادته قد دخل طي التاريخ بلا رجعة. أو تكتب يا عشيري عن القيل والقال؟ عما تهوى الأنفس وعن أوهامها، عن آرائها التي تطلقها وهي في بروجها العاجية؟ تكتب يا عشيري عن أناس بقوا في تاريخ وزمن لم يستوعبوا بعد أنه ولى وانتهى وأصبحنا في زمن جديد بقطع النظر عن أحقيته وشرعيته ومدى ألقه... أتكتب يا عشيري عن الذين يريدون ان يبقى أبناء الوطن بعضهم يموج في بعض؟ آه لو شدتني التحاليل الفكرية الراقية والعميقة التي تدمغ الباطل وبها يحصحص الحق ويزهق الباطل وبها شعاع الأمل. آه لو كانت آراؤهم قد شهد لها التاريخ برجاحتها أو أنها جربت في السياسة والمجتمع فصحت وأثلجت صدور المواطنين، ولكن ما وقع والتاريخ أصدق إنباء من الأقاويل كان عكس ذلك تماما... آه لو أن أقلية من الشعب التونسي التفوا حولهم، ولكنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وبعض التبع لمآرب يعلمها القاصي والداني. إنه لا يخلو حديث أغلب الشعب التونسي من التعبير عن الاشمئزاز من الأحزاب وما يدور في فلكها...

إني سأبسط لوحة مائدتي وسأعود إلى وضعي الطبيعي وأفتح المجال لقلمك لو تكتب وبالخط العريض إلى رئيس الدولة أن لا وقت اليوم إلا للعمل، ثم العمل، ثم العمل. وأن تدعوه إلى عدم الحديث مرة أخرى عن العشرية السوداء. كفاه، كفاه ما تحدث في ذلك وأطنب. تدعوه إلى أن لا رجوع للحديث عن المآمرات والخونة. تدعوه أن معركته اليوم لم تعد مع الأحزاب أو الشخصيات السياسية التي يرى أنها ضده وتتآمر عليه أو أن اختلافه مع بعض المنظمات الوطنية، بل إن معركته الحقيقية اليوم مع الفقر والأمية والبطالة والحرقة والبنية التحتية والمياه والتلوث البيئي والنقل، والصحة، والتعليم البائس، والتعس. معركته اليوم مع استعادة أموال التونسيين المنهوبة معركته مع التهرب الضريبي... وتدعوه أيضا أن يعلم أن الوقت وقت الحزم والحسم لأن الشرعية والمساندة والشعبية التي حظي بها لن يكتب لها الدوام إذا لم ير من منحها إياه تباشير حقيقية لعيش فيه الحرية والكرامة وسيادة الوطن".

 

 

 

منتدى الصباح: سيدي الرئيس معركتك مع الفقر والأمية والبطالة والصحة والتعليم...

بقلم:مصدق الشريف

أتدرون أن الصراع قائم على أشده في بيتي، ولكن بين ماذا وماذا؟ إنه بين قلمي الذي أمسكته بين أصابعي لأخط مقالي وبين مائدتي التي أكتب عليها ما أكتبه. وكالعادة هممت بكتابة مقالي الأسبوعي أو رأيي فيما يجري خاصة من الأحداث السياسة والإجتماعية والإقتصادية في بلادنا... وفي هذا الأسبوع وبالتحديد حول عملية الاستفتاء على الدستور الذي تم يوم الاثنين 25 جويلية 2022 وما تبعها من تعاليق وحوارات من هنا وهناك. لقد وصل حديث السياسيين ورجال القانون والإعلاميين وغيرهم الليل بالنهار فكان مهرجان الكلام وإعادة الكلام بامتياز فما تسمعه في هذه القناة تسمعه هو نفسه في قناة أخرى سواء كانت تلفزية أو إذاعية... المهم أن ما شدني شخصيا هو ما أفرزته عملية الاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد التونسية والجمهورية الثالثة من جدل وتحاليل بين المؤيدين لمشروع الدستور بنعم والرافضين له والداعين إلى اسقاطه سواء بلا أو بالمقاطعة.

ما إن بسطت ورقتي على لوح مائدتي وعزمت على الانطلاق في الكتابة حتى انتفضت وانقلبت على قفاها وأصرت على ألا تعود إلى وضعها الطبيعي ثم اتجهت نحو قلمي مخاطبة إياه:" أحذرك ثم أحذرك من أن تنصاع لصاحبك وتتيح له الفرصة للكتابة".

رددت صائحا:" أو تمنع قلمي من الكتابة وتكسره؟ فهذا ضرب ومصادرة لحرية الرأي والتعبير".

ردت مائدتي:" بلا، أنا لم أفعل ذلك معك ولن أفعله ما دمت في بيتك وفي مصاحبتك التي مرت عليها عقود ولن أفعل ذلك بتاتا وقد كنت قد بسطت لك لوحي زمن الجمر ودفعتك إلى الأمام ولما هو أجرأ بعد 17 ديسمبر 2010. لكنني اليوم أقف سدا منيعا ضدك كي لا تكتب شيئا عما يقال وما يسمع من تعاليق وانتقادات إني أمنعك لأنها لا ترتقي إلى مستوى الرد، لا ترتقي إلا أن نضيع بسببها الوقت ونهدره هدرا لا قبل لنا به... نضيعه فيما لا يسمن ولا يغني من جوع... إنه هراء في هراء، إنها الثرثرة واللغط وقد مجه الناس ورغبوا عنه وهجروه هجرا مليا ماذا سيكتب قلمك يا عشيري عن الذين يواصلون التحليق في الفضاء. عن الذين لا يرون الحقيقة أمامهم والواقع المعيش بقطع النظر عن مدى شرعيته أو أنه انقلاب... ولكنه أصبح أمرا حتميا. وأن ما يريدون استعادته قد دخل طي التاريخ بلا رجعة. أو تكتب يا عشيري عن القيل والقال؟ عما تهوى الأنفس وعن أوهامها، عن آرائها التي تطلقها وهي في بروجها العاجية؟ تكتب يا عشيري عن أناس بقوا في تاريخ وزمن لم يستوعبوا بعد أنه ولى وانتهى وأصبحنا في زمن جديد بقطع النظر عن أحقيته وشرعيته ومدى ألقه... أتكتب يا عشيري عن الذين يريدون ان يبقى أبناء الوطن بعضهم يموج في بعض؟ آه لو شدتني التحاليل الفكرية الراقية والعميقة التي تدمغ الباطل وبها يحصحص الحق ويزهق الباطل وبها شعاع الأمل. آه لو كانت آراؤهم قد شهد لها التاريخ برجاحتها أو أنها جربت في السياسة والمجتمع فصحت وأثلجت صدور المواطنين، ولكن ما وقع والتاريخ أصدق إنباء من الأقاويل كان عكس ذلك تماما... آه لو أن أقلية من الشعب التونسي التفوا حولهم، ولكنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وبعض التبع لمآرب يعلمها القاصي والداني. إنه لا يخلو حديث أغلب الشعب التونسي من التعبير عن الاشمئزاز من الأحزاب وما يدور في فلكها...

إني سأبسط لوحة مائدتي وسأعود إلى وضعي الطبيعي وأفتح المجال لقلمك لو تكتب وبالخط العريض إلى رئيس الدولة أن لا وقت اليوم إلا للعمل، ثم العمل، ثم العمل. وأن تدعوه إلى عدم الحديث مرة أخرى عن العشرية السوداء. كفاه، كفاه ما تحدث في ذلك وأطنب. تدعوه إلى أن لا رجوع للحديث عن المآمرات والخونة. تدعوه أن معركته اليوم لم تعد مع الأحزاب أو الشخصيات السياسية التي يرى أنها ضده وتتآمر عليه أو أن اختلافه مع بعض المنظمات الوطنية، بل إن معركته الحقيقية اليوم مع الفقر والأمية والبطالة والحرقة والبنية التحتية والمياه والتلوث البيئي والنقل، والصحة، والتعليم البائس، والتعس. معركته اليوم مع استعادة أموال التونسيين المنهوبة معركته مع التهرب الضريبي... وتدعوه أيضا أن يعلم أن الوقت وقت الحزم والحسم لأن الشرعية والمساندة والشعبية التي حظي بها لن يكتب لها الدوام إذا لم ير من منحها إياه تباشير حقيقية لعيش فيه الحرية والكرامة وسيادة الوطن".

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews