إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إعلان نتائج الاستفتاء: قيس سعيّد فاز بـالـ 25% أم انهزم بالـ 75%

تونس-الصباح

أسدل الستار أمس على عملية الاستفتاء وسط تناقض سياسي وتضارب كبير في استغلال الأرقام بين من يرى أن الاستفتاء أعاد وضع سعيد في القمة على حساب خصومه ومعارضيه وبين تأكيدات على أن النتيجة أثبتت أن لا ثقة شعبية في دستور سعيد وفقا للإحصائيات الأولية للنتائج.

وفي قراءة له لواقع الارقام اعتبر استاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية خالد الدبابي "أن مشاركة نسبة 25% من الجسم الانتخابي هي نسبة هشة وضعيفة جدا ذلك أن ثلاثة أرباع الجسم الانتخابي لم يشارك جملة و تفصيلا في هذا الاستفتاء التأسيسي".

وفي تحليله لموقفه استعان الدبابي بعدد من التجارب المقارنة حيث قال "لا أكاد أتذكر في التجارب الدستورية المقارنة استفتاءات بهذه المشروعية الضعيفة والهزيلة".

وقدم الدبابي أمثلة في هذا السياق أهمها دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة المؤرخ في 4 أكتوبر 1958، تم التصويت عليه بنسبة مشاركة ناهزت 79% من الجسم الانتخابي. والدستور الاسباني لسنة 1978 والتعديل الدستوري الايطالي لسنة 2006، الذي عرضه عليه رئيس الحكومة آنذاك Silvio Berlusconi والقاضي بتحويل الدولة الإيطالية من دولة موحدة بسيطة (ذات تنظيم جهوي) إلى دولة اتحادية بنسبة مشاركة في الاستفتاء بلغت 53% واستفتاء Brexit، فقد كانت نسبة المشاركة فيه تجاوزت نسبة 70%.

وخلصّ الدبابي إلى أن نسبة 25% التي صوتت بـ"نعم" أعادت فقط تجديد ثقتها في رئيس الدولة قيس سعيد (مع خسارة تقريبا 700 ألف صوتا مقارنة بالنسبة التي سجلناها في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية سنة 2019) وأكدت الطابع المشخصن للاستفتاء وهي بعيدة كل البعد عن النسبة المحترمة والمعقولة لبناء تأسيسي جديد.”

إيجابية النتيجة، أكدها عميد المحامين إبراهيم بودربالة الذي دافع عن نسبة 25% واصفا إياها بالمذهلة حيث لم يخف العميد خلال تدخل إذاعي له أمس انتقاداته الشديدة لجبهة الخلاص وهي الجهة التي استهلت وانطلقت منذ البداية في التشكيك في أرقام الهيئة المستقلة للانتخابات.

وقال بودربالة إنه لو تُعاد الانتخابات الرئاسية في ظرف 3 أشهر، فإنه سيتم إعادة انتخاب قيس سعيد والنتائج ستكون مُذهلة وبنسب تقارب نسب التصويت على الدستور الذي عُرض على الاستفتاء".

هذه الروح الإيجابية لنتائج الاستفتاء عبر عنها الرئيس قيس سعيد بنفسه في تصريحه الإعلامي على هامش جولته بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة حيث قال:"الشعب قال كلمة الفصل اليوم..، ولا تغرك الأرقام.. العالم دخل مرحلة جديدة والمفاهيم القديمة تجاوزها الزمن..''. وعن الأحزاب ووجودها في ظل مشروع الدستور الذي تقدم به، أجاب رئيس الدولة ''دور الأحزاب بدأ يتقلص.. لاحظ في أوروبا ما يحدث.. لن ألغي الأحزاب.. هي موجودة بنص الدستور..''.

وكانت عديد الأطراف والأحزاب التي كانت تنتظر أرقاما اقل بكثير مما أسفر عنه الصندوق، ركزت فقط على نسبة المقاطعة ولم تتطرق إلى الأغلبية القصوى لـ"نعم" على حساب الـ"لا" من ذلك حزب العمال الذي اشار " إلى ان ما لا يقلّ عن ثلاثة أرباع التونسيات والتونسيين المرسمين في السجل الانتخابي لم يشاركوا في مهزلة الاستفتاء وان سعيد عجز عن الحصول فيها حتى على عدد الأصوات التي حصل عليها في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية لسنة 2019".

من جهته أكّد المدير العامّ لمؤسّسة "سيغما كونساي" لسبر الآراء حسن الزرڨوني، تراجعا ملحوظا في عدد داعمي رئيس الجمهورية قيس سعيّد مقارنةً بانتخابات 2019، مضيفا أنّ "الفئة العمرية الداعمة له أيضا تغيّرت".

وذكّر الزرڨوني بالتقديرات الأوّلية لنتيجة الاستفتاء على مشروع الدستور، حيث قُدّرت نسبة المشاركة بـ 25% ونسبة عدم المشاركة 75%، وقد بلغ عدد المصوّتين بـ "نعم" 92.3%، فيما بلغ عدد المصوّتين بـ "لا" 7.7%، وبالنسبة إلى المصوّتين بـ "لا"، فإنّ 29% قالوا "لا" خوفا من الديكتاتورية والسلطة المطلقة، و22% ضدّ مشروع قيس سعيّد أو ضدّ شخصه، و18% غير مقتنعين بالدستور، و17% لعدم تحقيق نتائج ملموسة بعد تاريخ 25 جويلية 2021، وفق قول حسن الزرڨوني.

أما المصوّتين بـ "نعم"، 24% منهم صوّتوا من أجل "إصلاح البلاد وتحسين الوضع"، و23% لدعم مشروع قيس سعيّد، وبنسبة 17% لطي صفحة العشرية الماضية، و13% من المصوّتين بـ "نعم" مقتنعين بمشروع الدستور.

وأمام ما تقدم من معطيات وأرقام ومواقف يدرك الجميع بما فيها قيس سعيد أن نسبة 25% لن تكون بالنسبة المريحة لممارسة الحكم في ظل السقوط المدوي للاقتصاد الوطني وتراجع حجم الثقة في كامل الطبقة السياسية بما فيه سعيد نفسه.

ولعل ما يمكن أن يقدم الطمأنينة أكثر للرئيس ليس المليونين و500الف تونسي ممن صوتوا للدستور الجديد بل غياب معارضة قوية ومتماسكة أي تلك القادرة على مقارعة السلطات القائمة.

خليل الحناشي

 

 

بعد إعلان نتائج الاستفتاء:  قيس سعيّد فاز بـالـ 25% أم انهزم بالـ 75%

تونس-الصباح

أسدل الستار أمس على عملية الاستفتاء وسط تناقض سياسي وتضارب كبير في استغلال الأرقام بين من يرى أن الاستفتاء أعاد وضع سعيد في القمة على حساب خصومه ومعارضيه وبين تأكيدات على أن النتيجة أثبتت أن لا ثقة شعبية في دستور سعيد وفقا للإحصائيات الأولية للنتائج.

وفي قراءة له لواقع الارقام اعتبر استاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية خالد الدبابي "أن مشاركة نسبة 25% من الجسم الانتخابي هي نسبة هشة وضعيفة جدا ذلك أن ثلاثة أرباع الجسم الانتخابي لم يشارك جملة و تفصيلا في هذا الاستفتاء التأسيسي".

وفي تحليله لموقفه استعان الدبابي بعدد من التجارب المقارنة حيث قال "لا أكاد أتذكر في التجارب الدستورية المقارنة استفتاءات بهذه المشروعية الضعيفة والهزيلة".

وقدم الدبابي أمثلة في هذا السياق أهمها دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة المؤرخ في 4 أكتوبر 1958، تم التصويت عليه بنسبة مشاركة ناهزت 79% من الجسم الانتخابي. والدستور الاسباني لسنة 1978 والتعديل الدستوري الايطالي لسنة 2006، الذي عرضه عليه رئيس الحكومة آنذاك Silvio Berlusconi والقاضي بتحويل الدولة الإيطالية من دولة موحدة بسيطة (ذات تنظيم جهوي) إلى دولة اتحادية بنسبة مشاركة في الاستفتاء بلغت 53% واستفتاء Brexit، فقد كانت نسبة المشاركة فيه تجاوزت نسبة 70%.

وخلصّ الدبابي إلى أن نسبة 25% التي صوتت بـ"نعم" أعادت فقط تجديد ثقتها في رئيس الدولة قيس سعيد (مع خسارة تقريبا 700 ألف صوتا مقارنة بالنسبة التي سجلناها في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية سنة 2019) وأكدت الطابع المشخصن للاستفتاء وهي بعيدة كل البعد عن النسبة المحترمة والمعقولة لبناء تأسيسي جديد.”

إيجابية النتيجة، أكدها عميد المحامين إبراهيم بودربالة الذي دافع عن نسبة 25% واصفا إياها بالمذهلة حيث لم يخف العميد خلال تدخل إذاعي له أمس انتقاداته الشديدة لجبهة الخلاص وهي الجهة التي استهلت وانطلقت منذ البداية في التشكيك في أرقام الهيئة المستقلة للانتخابات.

وقال بودربالة إنه لو تُعاد الانتخابات الرئاسية في ظرف 3 أشهر، فإنه سيتم إعادة انتخاب قيس سعيد والنتائج ستكون مُذهلة وبنسب تقارب نسب التصويت على الدستور الذي عُرض على الاستفتاء".

هذه الروح الإيجابية لنتائج الاستفتاء عبر عنها الرئيس قيس سعيد بنفسه في تصريحه الإعلامي على هامش جولته بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة حيث قال:"الشعب قال كلمة الفصل اليوم..، ولا تغرك الأرقام.. العالم دخل مرحلة جديدة والمفاهيم القديمة تجاوزها الزمن..''. وعن الأحزاب ووجودها في ظل مشروع الدستور الذي تقدم به، أجاب رئيس الدولة ''دور الأحزاب بدأ يتقلص.. لاحظ في أوروبا ما يحدث.. لن ألغي الأحزاب.. هي موجودة بنص الدستور..''.

وكانت عديد الأطراف والأحزاب التي كانت تنتظر أرقاما اقل بكثير مما أسفر عنه الصندوق، ركزت فقط على نسبة المقاطعة ولم تتطرق إلى الأغلبية القصوى لـ"نعم" على حساب الـ"لا" من ذلك حزب العمال الذي اشار " إلى ان ما لا يقلّ عن ثلاثة أرباع التونسيات والتونسيين المرسمين في السجل الانتخابي لم يشاركوا في مهزلة الاستفتاء وان سعيد عجز عن الحصول فيها حتى على عدد الأصوات التي حصل عليها في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية لسنة 2019".

من جهته أكّد المدير العامّ لمؤسّسة "سيغما كونساي" لسبر الآراء حسن الزرڨوني، تراجعا ملحوظا في عدد داعمي رئيس الجمهورية قيس سعيّد مقارنةً بانتخابات 2019، مضيفا أنّ "الفئة العمرية الداعمة له أيضا تغيّرت".

وذكّر الزرڨوني بالتقديرات الأوّلية لنتيجة الاستفتاء على مشروع الدستور، حيث قُدّرت نسبة المشاركة بـ 25% ونسبة عدم المشاركة 75%، وقد بلغ عدد المصوّتين بـ "نعم" 92.3%، فيما بلغ عدد المصوّتين بـ "لا" 7.7%، وبالنسبة إلى المصوّتين بـ "لا"، فإنّ 29% قالوا "لا" خوفا من الديكتاتورية والسلطة المطلقة، و22% ضدّ مشروع قيس سعيّد أو ضدّ شخصه، و18% غير مقتنعين بالدستور، و17% لعدم تحقيق نتائج ملموسة بعد تاريخ 25 جويلية 2021، وفق قول حسن الزرڨوني.

أما المصوّتين بـ "نعم"، 24% منهم صوّتوا من أجل "إصلاح البلاد وتحسين الوضع"، و23% لدعم مشروع قيس سعيّد، وبنسبة 17% لطي صفحة العشرية الماضية، و13% من المصوّتين بـ "نعم" مقتنعين بمشروع الدستور.

وأمام ما تقدم من معطيات وأرقام ومواقف يدرك الجميع بما فيها قيس سعيد أن نسبة 25% لن تكون بالنسبة المريحة لممارسة الحكم في ظل السقوط المدوي للاقتصاد الوطني وتراجع حجم الثقة في كامل الطبقة السياسية بما فيه سعيد نفسه.

ولعل ما يمكن أن يقدم الطمأنينة أكثر للرئيس ليس المليونين و500الف تونسي ممن صوتوا للدستور الجديد بل غياب معارضة قوية ومتماسكة أي تلك القادرة على مقارعة السلطات القائمة.

خليل الحناشي

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews