إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل يلجأ مشيشي إلى طلب تفويض برلماني لإصدار مراسيم تشريعية؟

دعا‭ ‬رئيس‭ ‬كتلة‭ ‬قلب‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬أسامة‭ ‬الخليفي،‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬هشام‭ ‬مشيشي‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬تفويض‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬تشريعية‭ ‬لمدة‭ ‬شهرين‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬إلياس‭ ‬الفخفاخ‭.‬

وقال‭ ‬الخليفي‭ ‬أمس‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬راديو‭ ‬‮«‬شمس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التفويض‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬سيمكنه‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬ما‭ ‬أسماها‭ ‬بـ»التعطيلات‭ ‬التشريعية‮»‬‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭. ‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬طُرٍحت‭ ‬فكرة‭ ‬منح‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬تفويضا‭ ‬برلمانيا،‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬سابقة،‭ ‬ونوقشت‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اللقاءات‭ ‬التشاورية‭ ‬التي‭ ‬يجريها‭ ‬مشيشي‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬مع‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الأحزاب‭ ‬والكتل‭ ‬الداعمة‭ ‬لحكومته‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالحزام‭ ‬البرلماني‭ ‬والسياسي‭ ‬للحكومة‭. ‬وهي‭ ‬آلية‭ ‬دستورية‭ ‬ينظمها‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬الياس‭ ‬الفخفاخ‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أفريل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أردا‭ ‬ويعتبر‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الوحيد‭ ‬منذ‭ ‬الثورة‭ ‬الذي‭ ‬فعّل‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬وفوّضه‭ ‬البرلمان‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭. ‬

وتبدو‭ ‬إمكانية‭ ‬نجاح‭ ‬مشيشي‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬هذا‭ ‬الامتياز‭ ‬الدستوري‭ ‬مرتفعة‭ ‬للغاية‭ ‬بعد‭ ‬تحصينه‭ ‬للحزام‭ ‬البرلماني،‭ ‬وضمانه‭ ‬مساندة‭ ‬سياسية‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكتل‭ ‬والأحزاب‭ ‬المشكلة‭ ‬للائتلاف‭ ‬الداعم‭ ‬للحكومة‭. ‬

ويمكن‭ ‬لمشيشي‭ ‬تعليل‭ ‬طلب‭ ‬التفويض‭ ‬بالأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬وحاجة‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الوبائي‭ ‬بعد‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وهي‭ ‬سيطرة‭ ‬تتطلب‭ ‬دعما‭ ‬لوجستيا‭ ‬وماديا‭ ‬وقانونيا‭ ‬وهو‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬به‭ ‬الفخفاخ‭ ‬لتبرير‭ ‬طلب‭ ‬التفويض،‭ ‬كما‭ ‬يمكنه‭ ‬التعلل‭ ‬بتعطل‭ ‬مرور‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬هامة‭ ‬ومصيرية‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لتأمين‭ ‬السير‭ ‬العادي‭ ‬لدواليب‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬اصدار‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬ذات‭ ‬صبغة‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومالية‭.. ‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طلب‭ ‬التفويض‭ ‬البرلماني‭ ‬ورقة‭ ‬سياسية‭ ‬يخفيها‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬والائتلاف‭ ‬الداعم‭ ‬له‭ ‬لتوظيفها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاقتصادي‭. ‬

ويحتاج‭ ‬مشيشي‭ ‬لضمان‭ ‬موافقة‭ ‬برلمانية‭ ‬صريحة‭ ‬تخول‭ ‬له‭ ‬تفويضا‭ ‬برلمانيا‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬تشريعية‭ ‬إلى‭ ‬أغلبية‭ ‬معززة‭ ‬تناهز‭ ‬ثلاثة‭ ‬أخماس‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان،‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬131‭ ‬نائبا‭. ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬قابل‭ ‬للتحقق‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬نواب‭ ‬الكتل‭ ‬الداعمة‭ ‬للحكومة‭ ‬وبعض‭ ‬المستقلين‭. 

وتتزامن‭ ‬إمكانية‭ ‬طرح‭ ‬فكرة‭ ‬طلب‭ ‬التفويض‭ ‬البرلماني‭ ‬وفقا‭ ‬للفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬مع‭ ‬تواصل‭ ‬تعطّل‭ ‬أعمال‭ ‬البرلمان‭ ‬وعجزه‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬وظيفته‭ ‬بشكل‭ ‬عادي‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الخلافات‭ ‬والتجاذبات‭ ‬السياسية‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭.. ‬

وينص‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬مطته‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬‮«‬يمكن‭ ‬لمجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب،‭ ‬بثلاثة‭ ‬أخماس‭ ‬أعضائه،‭ ‬أن‭ ‬يفوّض‭ ‬بقانون‭ ‬لمدة‭ ‬محدودة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الشهرين‭ ‬ولغرض‭ ‬معيّن‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬إصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القانون‭ ‬تُعرَض‭ ‬حال‭ ‬انقضاء‭ ‬المدة‭ ‬المذكورة‭ ‬على‭ ‬مصادقة‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‮»‬‭.‬

وكان‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬الياس‭ ‬الفخفاخ،‭ ‬وإثر‭ ‬بداية‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬المنقضي،‭ ‬قد‭ ‬طالب‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬منحه‭ ‬تفويضا‭ ‬برلمانيا‭ ‬على‭ ‬معنى‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬لمواجهة‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء،‭ ‬وحظي‭ ‬مطلبه‭ ‬بالموافقة‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬اقرار‭ ‬حجر‭ ‬صحي‭ ‬شامل‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬البلاد‭ ‬امتد‭ ‬لقرابة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬وانتهت‭ ‬مدة‭ ‬التفويض‭ ‬قانونيا‭ ‬يوم‭ ‬10‭ ‬جوان‭ ‬2020،‭ ‬وأصدر‭ ‬بفضله‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المراسيم‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬محل‭ ‬أنظار‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭.. ‬

وأصدر‭ ‬الفخفاخ‭ ‬بفضل‭ ‬قانون‭ ‬التفويض‭ ‬مراسيم‭ ‬بغرض‭ ‬مجابهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬10‭ ‬جوان‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬الرائد‭ ‬الرسمي،‭ ‬34‭ ‬مرسومًا‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬المرسوم‭ ‬المتعلّق‭ ‬بضبط‭ ‬إجراءات‭ ‬اجتماعية‭ ‬استثنائية‭ ‬وظرفية‭ ‬لمرافقة‭ ‬بعض‭ ‬الأصناف‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬لحسابهم‭ ‬الخاص‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا،‭ ‬ومرسوم‭ ‬يتعلق‭ ‬أحكام‭ ‬استثنائية‭ ‬وظرفية‭ ‬بخصوص‭ ‬تعليق‭ ‬العمل‭ ‬ببعض‭ ‬أحكام‭ ‬مجلة‭ ‬الشغل،‭ ‬وآخر‭ ‬يتعلق‭ ‬بإتمام‭ ‬مجلة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجزائية‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬إمكانية‭ ‬حضور‭ ‬المتهم‭ ‬لجلسة‭ ‬المحاكمة‭ ‬والتصريح‭ ‬بالحكم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ومرسوم‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمعرف‭ ‬الوحيد‭ ‬للمواطن‭ ‬إضافة‭ ‬مرسوم‭ ‬يتعلق‭ ‬بضبط‭ ‬أحكام‭ ‬استثنائية‭ ‬تتعلق‭ ‬بإنجاز‭ ‬الصفقات‭ ‬العمومية‭.‬

وقبل‭ ‬الفخفاخ،‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسبق‭ ‬الحبيب‭ ‬الصيد‭ ‬قد‭ ‬طالب‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬السابق‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬تفويض‭ ‬برلماني‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم،‭ ‬وأودعت‭ ‬حكومته‭ ‬للغرض‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬عدد‭ ‬70‭ ‬لسنة‭ ‬2015‭ ‬بتاريخ‭ ‬19‭ ‬نوفمبر‭ ‬2015‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتفويض‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬طبقا‭ ‬للفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ .‬

لكن‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬أثار‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭ ‬وعارضته‭ ‬جل‭ ‬الكتل‭ ‬البرلمانية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الكتل‭ ‬المشكلة‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ (‬نداء‭ ‬تونس،‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭) ‬وتم‭ ‬سحبه‭ ‬لاحقا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومة‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬بمقتضى‭ ‬قرار‭ ‬مكتب‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬عدد‭ ‬33‭ ‬المؤرخ‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬أفريل‭ ‬2018‭. ‬

◗‭ ‬رفيق‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬

هل يلجأ مشيشي إلى طلب تفويض برلماني لإصدار مراسيم تشريعية؟

دعا‭ ‬رئيس‭ ‬كتلة‭ ‬قلب‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬أسامة‭ ‬الخليفي،‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬هشام‭ ‬مشيشي‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬تفويض‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬تشريعية‭ ‬لمدة‭ ‬شهرين‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬إلياس‭ ‬الفخفاخ‭.‬

وقال‭ ‬الخليفي‭ ‬أمس‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬راديو‭ ‬‮«‬شمس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التفويض‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬سيمكنه‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬ما‭ ‬أسماها‭ ‬بـ»التعطيلات‭ ‬التشريعية‮»‬‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭. ‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬طُرٍحت‭ ‬فكرة‭ ‬منح‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬تفويضا‭ ‬برلمانيا،‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬سابقة،‭ ‬ونوقشت‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اللقاءات‭ ‬التشاورية‭ ‬التي‭ ‬يجريها‭ ‬مشيشي‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬مع‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الأحزاب‭ ‬والكتل‭ ‬الداعمة‭ ‬لحكومته‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالحزام‭ ‬البرلماني‭ ‬والسياسي‭ ‬للحكومة‭. ‬وهي‭ ‬آلية‭ ‬دستورية‭ ‬ينظمها‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬الياس‭ ‬الفخفاخ‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أفريل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أردا‭ ‬ويعتبر‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الوحيد‭ ‬منذ‭ ‬الثورة‭ ‬الذي‭ ‬فعّل‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬وفوّضه‭ ‬البرلمان‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭. ‬

وتبدو‭ ‬إمكانية‭ ‬نجاح‭ ‬مشيشي‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬هذا‭ ‬الامتياز‭ ‬الدستوري‭ ‬مرتفعة‭ ‬للغاية‭ ‬بعد‭ ‬تحصينه‭ ‬للحزام‭ ‬البرلماني،‭ ‬وضمانه‭ ‬مساندة‭ ‬سياسية‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكتل‭ ‬والأحزاب‭ ‬المشكلة‭ ‬للائتلاف‭ ‬الداعم‭ ‬للحكومة‭. ‬

ويمكن‭ ‬لمشيشي‭ ‬تعليل‭ ‬طلب‭ ‬التفويض‭ ‬بالأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬وحاجة‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الوبائي‭ ‬بعد‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وهي‭ ‬سيطرة‭ ‬تتطلب‭ ‬دعما‭ ‬لوجستيا‭ ‬وماديا‭ ‬وقانونيا‭ ‬وهو‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬به‭ ‬الفخفاخ‭ ‬لتبرير‭ ‬طلب‭ ‬التفويض،‭ ‬كما‭ ‬يمكنه‭ ‬التعلل‭ ‬بتعطل‭ ‬مرور‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬هامة‭ ‬ومصيرية‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لتأمين‭ ‬السير‭ ‬العادي‭ ‬لدواليب‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬اصدار‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬ذات‭ ‬صبغة‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومالية‭.. ‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طلب‭ ‬التفويض‭ ‬البرلماني‭ ‬ورقة‭ ‬سياسية‭ ‬يخفيها‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬والائتلاف‭ ‬الداعم‭ ‬له‭ ‬لتوظيفها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاقتصادي‭. ‬

ويحتاج‭ ‬مشيشي‭ ‬لضمان‭ ‬موافقة‭ ‬برلمانية‭ ‬صريحة‭ ‬تخول‭ ‬له‭ ‬تفويضا‭ ‬برلمانيا‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬تشريعية‭ ‬إلى‭ ‬أغلبية‭ ‬معززة‭ ‬تناهز‭ ‬ثلاثة‭ ‬أخماس‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان،‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬131‭ ‬نائبا‭. ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬قابل‭ ‬للتحقق‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬نواب‭ ‬الكتل‭ ‬الداعمة‭ ‬للحكومة‭ ‬وبعض‭ ‬المستقلين‭. 

وتتزامن‭ ‬إمكانية‭ ‬طرح‭ ‬فكرة‭ ‬طلب‭ ‬التفويض‭ ‬البرلماني‭ ‬وفقا‭ ‬للفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬مع‭ ‬تواصل‭ ‬تعطّل‭ ‬أعمال‭ ‬البرلمان‭ ‬وعجزه‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬وظيفته‭ ‬بشكل‭ ‬عادي‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الخلافات‭ ‬والتجاذبات‭ ‬السياسية‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭.. ‬

وينص‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬مطته‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬‮«‬يمكن‭ ‬لمجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب،‭ ‬بثلاثة‭ ‬أخماس‭ ‬أعضائه،‭ ‬أن‭ ‬يفوّض‭ ‬بقانون‭ ‬لمدة‭ ‬محدودة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الشهرين‭ ‬ولغرض‭ ‬معيّن‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬إصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القانون‭ ‬تُعرَض‭ ‬حال‭ ‬انقضاء‭ ‬المدة‭ ‬المذكورة‭ ‬على‭ ‬مصادقة‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‮»‬‭.‬

وكان‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬الياس‭ ‬الفخفاخ،‭ ‬وإثر‭ ‬بداية‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬المنقضي،‭ ‬قد‭ ‬طالب‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬منحه‭ ‬تفويضا‭ ‬برلمانيا‭ ‬على‭ ‬معنى‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬لمواجهة‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء،‭ ‬وحظي‭ ‬مطلبه‭ ‬بالموافقة‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬اقرار‭ ‬حجر‭ ‬صحي‭ ‬شامل‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬البلاد‭ ‬امتد‭ ‬لقرابة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬وانتهت‭ ‬مدة‭ ‬التفويض‭ ‬قانونيا‭ ‬يوم‭ ‬10‭ ‬جوان‭ ‬2020،‭ ‬وأصدر‭ ‬بفضله‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المراسيم‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬محل‭ ‬أنظار‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭.. ‬

وأصدر‭ ‬الفخفاخ‭ ‬بفضل‭ ‬قانون‭ ‬التفويض‭ ‬مراسيم‭ ‬بغرض‭ ‬مجابهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬10‭ ‬جوان‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬الرائد‭ ‬الرسمي،‭ ‬34‭ ‬مرسومًا‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬المرسوم‭ ‬المتعلّق‭ ‬بضبط‭ ‬إجراءات‭ ‬اجتماعية‭ ‬استثنائية‭ ‬وظرفية‭ ‬لمرافقة‭ ‬بعض‭ ‬الأصناف‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬لحسابهم‭ ‬الخاص‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا،‭ ‬ومرسوم‭ ‬يتعلق‭ ‬أحكام‭ ‬استثنائية‭ ‬وظرفية‭ ‬بخصوص‭ ‬تعليق‭ ‬العمل‭ ‬ببعض‭ ‬أحكام‭ ‬مجلة‭ ‬الشغل،‭ ‬وآخر‭ ‬يتعلق‭ ‬بإتمام‭ ‬مجلة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجزائية‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬إمكانية‭ ‬حضور‭ ‬المتهم‭ ‬لجلسة‭ ‬المحاكمة‭ ‬والتصريح‭ ‬بالحكم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ومرسوم‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمعرف‭ ‬الوحيد‭ ‬للمواطن‭ ‬إضافة‭ ‬مرسوم‭ ‬يتعلق‭ ‬بضبط‭ ‬أحكام‭ ‬استثنائية‭ ‬تتعلق‭ ‬بإنجاز‭ ‬الصفقات‭ ‬العمومية‭.‬

وقبل‭ ‬الفخفاخ،‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسبق‭ ‬الحبيب‭ ‬الصيد‭ ‬قد‭ ‬طالب‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬السابق‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬تفويض‭ ‬برلماني‭ ‬لإصدار‭ ‬مراسيم،‭ ‬وأودعت‭ ‬حكومته‭ ‬للغرض‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬عدد‭ ‬70‭ ‬لسنة‭ ‬2015‭ ‬بتاريخ‭ ‬19‭ ‬نوفمبر‭ ‬2015‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتفويض‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬مراسيم‭ ‬طبقا‭ ‬للفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬70‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ .‬

لكن‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬أثار‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭ ‬وعارضته‭ ‬جل‭ ‬الكتل‭ ‬البرلمانية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الكتل‭ ‬المشكلة‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ (‬نداء‭ ‬تونس،‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭) ‬وتم‭ ‬سحبه‭ ‬لاحقا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومة‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬بمقتضى‭ ‬قرار‭ ‬مكتب‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬عدد‭ ‬33‭ ‬المؤرخ‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬أفريل‭ ‬2018‭. ‬

◗‭ ‬رفيق‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews