«الداخلية» تنتهك حرية الأفراد.. و«تفقّر» قطاع المقاهي؟
مقالات الصباح
بعد حادثة صفاقس الاسبوع الماضي التي قامت خلالها قوات الأمن بمداهمة إحدى المقاهي المفتوحة بطريقة قانونية وتعنيف صاحبها والتشهير بمرتاديها، تشن فرق امنية منذ اول امس حملة إغلاق قسري لمقاه وسط العاصمة، وأي رفض واحتجاج يسجل على خلفية هذا التدخل يقع وضعه تحت طائلة الفصل 127 وتبويبه تحت طائلة جريمة هضم جانب موظف عمومي.
واعتبر وحيد الفرشيشي أستاذ القانون العام ورئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، ان الحادثتين على نفس القدر من الخطورة، بل ان ما وقع في تونس العاصمة هو تكملة لما شهدته صفاقس الشمالية منذ ايام. ويعتبر من اخطر الإجراءات المنتهكة للحريات في تونس يتماهى مع الإطار الذي يصدر خلاله قرارات الـS17.
وذكر وحيد الفرشيشي أن منع المقاهي من الفتح لا يتنزل لا في اطار حماية القانون ولا في سياق تنفيذ القانون.. بل هو يتنزل ضمن تعليمات دورية تصدر عن وزارة الداخلية، شفوية أو مكتوبة، تعمم على الولاة الذين بدورهم يعممونها على الهياكل الامنية.
فلا وجود حسب الفرشيشي لقانون ينظم فتح واغلاق المقاهي خلال رمضان، فإلى غاية اليوم، ورغم كل طلبات النفاذ للمعلومة التي تقدمت لها خلال العشر سنوات الماضية في هذا الصدد، لم تقدم الداخلية اي سند لما تقوم به كل رمضان من تجاوزات في حق الافراد واصحاب المقاهي. وذكر رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية ان المرجع الكتابي الوحيد الموجود لهذا السلوك غير القانوني لقوات الامن خلال شهر رمضان هو رد وزير الداخلية الاسبق الكتابي على سؤال النائبة هاجر بالشيخ احمد الذي قال فيه انهم بصدد تطبيق منشور صادر سنة 1981، دون ان يذكر رقم وتاريخ صدوره الدقيق، يهدف الى رعاية مشاعر الصائمين.
وبين وحيد الفرشيشي انه، حتى ولو افترضنا وجود هذا المنشور فبعد دستور 2014، يصبح غير قانوني وملغى، بمفعول الفصل 49 منه. الذي يقول انه لا يمكن الحد من الحريات والحقوق الا بقانون وليس عبر المناشير او الاوامر.
وذكر استاذ القانون العام ان الخصائص الاولى للقانون هي اطلاع المواطن عليها، وبالتالي على الدولة اليوم ان تقدم قانونا ينظم حرية الضمير والمنع من السفر حتى لا تسجل تجاوزات فيما يتصل بالحريات والحقوق الفردية والحق في التنقل.. فالأصل هو الحق وليس التضييق والمنع.
ونبه في نفس السياق الى ان عدم الانسجام الحاصل في قرارات الحكومة (السماح للمقاهي بالعمل خلال رمضان ثم منعها بقوة الامن وغلق مقاهي الاحياء الشعبية وترك تلك الموجودة في المناطق السياحية) وغياب ولو دليل ينظم فتح المقاهي خلال رمضان، من شانه ان يكون مطية اولا للاعتداء على الحريات وثانيا لتوجيه تهم كيدية وباطلة لأصحاب المقاهي او لمرتاديها ( وتم خلالها اعتماد الفصل 226 الاعتداء على الاخلاق الحميدة او الفصل 127 هضم جانب موظف عمومي ) ثم ثالثا توجه يمثل مصدرا كبيرا للرشاوى والفساد المالي..
كما يعمق هذا التوجه العام للسلطة، حجم الهوة والتباين بين المواطنين، فيخلق أصنافا من التونسيين صنف غير قادر على ممارسة حقوقه وحرياته الفردية نظرا لأنه ينتمي إلى الأحياء الشعبية وليست له القدرة المالية للولوج الى فضاءات الاثرياء ما يخلف لديه شعور عميق بالغبن والضيم والعداء لأجهزة الدولة وعدم الثقة في القانون والساهرين على تطبيقه، وصنف آخر له كل آليات التمتع بكل حقوقه وحرياته ينتمي الى طبقة ميسورة لا تشملها قرارات الدولة.
ومن جانبه اعتبر محمد فوزي الحنفي رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي، في تصريح لـ«الصباح» ان رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة، بصدد التعامل بخبث مع قطاع المقاهي، فمن ناحية لم يراع ولو
1 % لوضعية المقاهي والعاملين بها من ندال في ظل الجائحة الصحية. ويدفع دفعا نحو ادخال حوالي الـ100 الف تونسي تحت طائلة الهشاشة والتجويع الممنهج.. ويتشدد في تطبيق البروتوكولات الصحية ويطالب المقاهي بدفع الضرائب في مواعيدها ويضيق على تحركات اصحابها والعاملين بها ولا يخصص اي مساعدات للقطاع (الندال وأصحاب المقاهي يواجهون عديد المشاكل في طريق عودتهم الى منازلهم بعد حظر التجوال حتى مع حملهم لتراخيص تجوال من قبل اتحاد الصناعة والتجارة) ومن ناحية اخرى يمنعهم من العمل ويجرمهم باعتماد المنشور سيء الذكر غير القانوني للوزير الاسبق محمد مزالي الصادر في 1981، الذي يجرم الافطار في رمضان ويمنع المقاهي من العمل نهارا.. ويعتمد إجراءات غير مضبوطة بالنصوص ليس لها سند قانوني، فيها الكثر من الحيف والضيم لن تؤسس الا لعدم المساواة بين المقاهي (شعبية وسياحية) والرشوة والتهرب الضريبي..
وبين في نفس الاطار محمد فوزي الحنفي أن العديد من المقاهي وأمام هذا التضييق وعدم الإنصاف، اختارت عدم فتح مقاهيها نهارا وليلا على حد السواء وهي اليوم تواجه وضعا اقتصاديا أكثر من سيء وغير قادرة حتى على تحصيل قوت يومها، ونسبة الضرر لديهم وصلت نسبة 100 %.
وللإشارة صدر يوم 8 افريل الماضي وقبل أيام من حلول شهر رمضان، بيان عن 30 منظمة وجمعية مدعم لغرفة المقاهي والمطاعم، دعا الى ضرورة السماح للمقاهي والمطاعم بفتح أبوابها نهارا خلال شهر رمضان مع احترام جميع الاجراءات والبروتوكولات الصحية حتى تتمكن من تدارك ما لحقها من خسائر وأضرار، حتى لا يكون شهر رمضان طريقا للقضاء على مورد رزق عدد منهم.
الناطق باسم الداخلية:
عمليات الغلق المسجلة لا علاقة لها برمضان
وفي توضيحه لـ«الصباح» بين خالد حيوني الناطق باسم وزارة الداخلية ان عمليات التثبت والمراقبة التي يقوم بها اعوان الامن خلال فترة العمل المسموح بها للمقاهي تتنزل في اطار الحرص على تطبيق البروتوكول الصحي الذي تم التنصيص عليه من قبل اللجنة العلمية والذي يسمح للمقاهي بالعمل في الفضاءات المفتوحة فقط ويمنع استغلالها لفضاءاتها المغلقة. وفي إجابة الحيوني عن سؤال «الصباح» المتعلق بمدى ارتباط موجة الغلق التي سجلتها عديد المقاهي بالعاصمة في رمضان؟ أفاد أن الأمر لا يتنزل في اطار صلاحيات اعوان الامن ولا علاقة لتدخلاتهم وعمليات الغلق المسجلة برمضان أو بالإفطار أو الصيام.
◗ ريم سوودي
بعد حادثة صفاقس الاسبوع الماضي التي قامت خلالها قوات الأمن بمداهمة إحدى المقاهي المفتوحة بطريقة قانونية وتعنيف صاحبها والتشهير بمرتاديها، تشن فرق امنية منذ اول امس حملة إغلاق قسري لمقاه وسط العاصمة، وأي رفض واحتجاج يسجل على خلفية هذا التدخل يقع وضعه تحت طائلة الفصل 127 وتبويبه تحت طائلة جريمة هضم جانب موظف عمومي.
واعتبر وحيد الفرشيشي أستاذ القانون العام ورئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، ان الحادثتين على نفس القدر من الخطورة، بل ان ما وقع في تونس العاصمة هو تكملة لما شهدته صفاقس الشمالية منذ ايام. ويعتبر من اخطر الإجراءات المنتهكة للحريات في تونس يتماهى مع الإطار الذي يصدر خلاله قرارات الـS17.
وذكر وحيد الفرشيشي أن منع المقاهي من الفتح لا يتنزل لا في اطار حماية القانون ولا في سياق تنفيذ القانون.. بل هو يتنزل ضمن تعليمات دورية تصدر عن وزارة الداخلية، شفوية أو مكتوبة، تعمم على الولاة الذين بدورهم يعممونها على الهياكل الامنية.
فلا وجود حسب الفرشيشي لقانون ينظم فتح واغلاق المقاهي خلال رمضان، فإلى غاية اليوم، ورغم كل طلبات النفاذ للمعلومة التي تقدمت لها خلال العشر سنوات الماضية في هذا الصدد، لم تقدم الداخلية اي سند لما تقوم به كل رمضان من تجاوزات في حق الافراد واصحاب المقاهي. وذكر رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية ان المرجع الكتابي الوحيد الموجود لهذا السلوك غير القانوني لقوات الامن خلال شهر رمضان هو رد وزير الداخلية الاسبق الكتابي على سؤال النائبة هاجر بالشيخ احمد الذي قال فيه انهم بصدد تطبيق منشور صادر سنة 1981، دون ان يذكر رقم وتاريخ صدوره الدقيق، يهدف الى رعاية مشاعر الصائمين.
وبين وحيد الفرشيشي انه، حتى ولو افترضنا وجود هذا المنشور فبعد دستور 2014، يصبح غير قانوني وملغى، بمفعول الفصل 49 منه. الذي يقول انه لا يمكن الحد من الحريات والحقوق الا بقانون وليس عبر المناشير او الاوامر.
وذكر استاذ القانون العام ان الخصائص الاولى للقانون هي اطلاع المواطن عليها، وبالتالي على الدولة اليوم ان تقدم قانونا ينظم حرية الضمير والمنع من السفر حتى لا تسجل تجاوزات فيما يتصل بالحريات والحقوق الفردية والحق في التنقل.. فالأصل هو الحق وليس التضييق والمنع.
ونبه في نفس السياق الى ان عدم الانسجام الحاصل في قرارات الحكومة (السماح للمقاهي بالعمل خلال رمضان ثم منعها بقوة الامن وغلق مقاهي الاحياء الشعبية وترك تلك الموجودة في المناطق السياحية) وغياب ولو دليل ينظم فتح المقاهي خلال رمضان، من شانه ان يكون مطية اولا للاعتداء على الحريات وثانيا لتوجيه تهم كيدية وباطلة لأصحاب المقاهي او لمرتاديها ( وتم خلالها اعتماد الفصل 226 الاعتداء على الاخلاق الحميدة او الفصل 127 هضم جانب موظف عمومي ) ثم ثالثا توجه يمثل مصدرا كبيرا للرشاوى والفساد المالي..
كما يعمق هذا التوجه العام للسلطة، حجم الهوة والتباين بين المواطنين، فيخلق أصنافا من التونسيين صنف غير قادر على ممارسة حقوقه وحرياته الفردية نظرا لأنه ينتمي إلى الأحياء الشعبية وليست له القدرة المالية للولوج الى فضاءات الاثرياء ما يخلف لديه شعور عميق بالغبن والضيم والعداء لأجهزة الدولة وعدم الثقة في القانون والساهرين على تطبيقه، وصنف آخر له كل آليات التمتع بكل حقوقه وحرياته ينتمي الى طبقة ميسورة لا تشملها قرارات الدولة.
ومن جانبه اعتبر محمد فوزي الحنفي رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي، في تصريح لـ«الصباح» ان رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة، بصدد التعامل بخبث مع قطاع المقاهي، فمن ناحية لم يراع ولو
1 % لوضعية المقاهي والعاملين بها من ندال في ظل الجائحة الصحية. ويدفع دفعا نحو ادخال حوالي الـ100 الف تونسي تحت طائلة الهشاشة والتجويع الممنهج.. ويتشدد في تطبيق البروتوكولات الصحية ويطالب المقاهي بدفع الضرائب في مواعيدها ويضيق على تحركات اصحابها والعاملين بها ولا يخصص اي مساعدات للقطاع (الندال وأصحاب المقاهي يواجهون عديد المشاكل في طريق عودتهم الى منازلهم بعد حظر التجوال حتى مع حملهم لتراخيص تجوال من قبل اتحاد الصناعة والتجارة) ومن ناحية اخرى يمنعهم من العمل ويجرمهم باعتماد المنشور سيء الذكر غير القانوني للوزير الاسبق محمد مزالي الصادر في 1981، الذي يجرم الافطار في رمضان ويمنع المقاهي من العمل نهارا.. ويعتمد إجراءات غير مضبوطة بالنصوص ليس لها سند قانوني، فيها الكثر من الحيف والضيم لن تؤسس الا لعدم المساواة بين المقاهي (شعبية وسياحية) والرشوة والتهرب الضريبي..
وبين في نفس الاطار محمد فوزي الحنفي أن العديد من المقاهي وأمام هذا التضييق وعدم الإنصاف، اختارت عدم فتح مقاهيها نهارا وليلا على حد السواء وهي اليوم تواجه وضعا اقتصاديا أكثر من سيء وغير قادرة حتى على تحصيل قوت يومها، ونسبة الضرر لديهم وصلت نسبة 100 %.
وللإشارة صدر يوم 8 افريل الماضي وقبل أيام من حلول شهر رمضان، بيان عن 30 منظمة وجمعية مدعم لغرفة المقاهي والمطاعم، دعا الى ضرورة السماح للمقاهي والمطاعم بفتح أبوابها نهارا خلال شهر رمضان مع احترام جميع الاجراءات والبروتوكولات الصحية حتى تتمكن من تدارك ما لحقها من خسائر وأضرار، حتى لا يكون شهر رمضان طريقا للقضاء على مورد رزق عدد منهم.
الناطق باسم الداخلية:
عمليات الغلق المسجلة لا علاقة لها برمضان
وفي توضيحه لـ«الصباح» بين خالد حيوني الناطق باسم وزارة الداخلية ان عمليات التثبت والمراقبة التي يقوم بها اعوان الامن خلال فترة العمل المسموح بها للمقاهي تتنزل في اطار الحرص على تطبيق البروتوكول الصحي الذي تم التنصيص عليه من قبل اللجنة العلمية والذي يسمح للمقاهي بالعمل في الفضاءات المفتوحة فقط ويمنع استغلالها لفضاءاتها المغلقة. وفي إجابة الحيوني عن سؤال «الصباح» المتعلق بمدى ارتباط موجة الغلق التي سجلتها عديد المقاهي بالعاصمة في رمضان؟ أفاد أن الأمر لا يتنزل في اطار صلاحيات اعوان الامن ولا علاقة لتدخلاتهم وعمليات الغلق المسجلة برمضان أو بالإفطار أو الصيام.
◗ ريم سوودي