إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العمادة اعتبرت تمديده "غير شرعي".. الإضراب يُؤزم العلاقة بين المحامين والقضاة من جديد

تونس – الصباح

يبدو أن قرار تنسيقية الهياكل القضائية المتمثل في مواصلة الإضراب الذي أعلنت عنه يوم 6 جوان الجاري ليستمر للأسبوع الثالث على التوالي، ردا على عدم تجاوب رئاسة الجمهورية ووزارة العدل على قرار إقالة 57 من القضاة، من العوامل التي قد تعمق الأزمة بين أحد الركائز الأساسية لمرفق العدالة وهما قطاعي القضاة والمحاماة، نظرا للارتباط الوثيق بين القطاعين من ناحية وبسبب الاختلافات الأفقية القائمة والأزمة التي يعيشها كل قطاع منهما في علاقة بهذه الأزمة والوضع الذي يمر به مرفق العدالة في هذه المرحلة بشكل عام.

إذ اعتبرت بعض الجهات أن هذا الإضراب سياسي بامتياز بقطع النظر عن الدوافع والمستجدات المهنية، وأنه يتنزل في سياق صراع سياسي بين رئيس الجمهورية قيس سعيد من ناحية وقوى سياسية معارضة لخياراته وتوجهاته التي يعتبرها إصلاحية من ناحية أخرى. وقد لاقى تحرك القضاة الرافض لقرارات رئيس الجمهورية دعم ومساندة عديد القوى والأحزاب السياسية والمنظمات والهياكل المدنية، على اعتبار أن قرار رئيس الجهورية فيه تدخل في مرفق سلطة القضاء عامة وفي حق هؤلاء القضاة المعفيين، خاصة أن رئيس الجمهورية جعل قراراته بإعفاء القضاة محصنةً من أي شكل من أشكال الطعن الفوري. وقد اختارت عمادة المحامين منذ بداية الأزمة بين القضاة ورئاسة الجمهورية بعد إحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء، النأي بنفسها عن الصراع والمعركة، على اعتبار أنه قرار يتماشى مع المرحلة الحالية المتعلقة بالمرفق القضائي من اجتثاث للفساد.

تباين واختلاف

إلا أن المواقف والقراءات حول اختيار الهياكل المهنية للقضاء وخيار الدخول في إضراب مفتوح ليدخل حيز التنفيذ للأسبوع الثالث على التوالي، تميزت بالتباين والتضارب أحيانا، في ظل عدم استجابة أو تفاعل سلطة الإشراف مع المطالب التي يرفعونها والمتمثلة في التراجع عن قرار الإعفاء، على اعتبار أن في ذلك حيف في حق المتقاضين وتعطيل لسير عمل مرفق العدالة وما ينجر عن ذلك من خسائر في الوقت الذي تتخبط فيه مؤسسات الدولة في أزمات مالية واقتصادية ومديونية خانقة. يأتي ذلك في الوقت الذي تدفع بعض الهياكل والمنظمات الهياكل المهنية للقضاة إلى مواصلة الإضراب وخوض مختلف الأشكال النضالية في سبيل إثناء سلطة الإشراف على قراراتها، في المقابل أعلنت وزارة العدل مؤخرا عن الشروع عمليا في إجراءات صرف غرامة الإعفاء للقضاة المعفيين.

وجاء البيان الصادر عن الهيئة الوطنية للمحامين أول أمس بمثابة خطوة "لكسر" تحرك القضاة، الذي اعتبر استمرار إضراب القضاة يتجافى ومقتضيات ممارسة الحق النقابي فضلا عن عدم شرعيته لمخالفته القوانين، تأكيدا لتطور هذا الخلاف على نحو يعمق الأزمة بين القطاعين إذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه خاصة أن هذا الإضراب يتزامن مع فترة الصيف وموعد العطلة القضائية، على نحو قد يدفع المحاماة إلى الدخول في عطلة مطولة خارجة عن نطاق خياراتها.

كما استنكر عميد المحامين إبراهيم بودربالة مواصلة القضاة الإضراب لفترة مطولة، ووصف الوضع بـ"المهزلة" نظرا لتداعيات ذلك على عدة مجالات وقطاعات وفي مقدمتها المحاماة بقوله:"إن المحامين اليوم أصبحوا كاليتامى أمام المحاكم وقصور العدالة بسبب تواصل هذا الإضراب".

ولئن عبر بيان هيئة المحامين عن تمسكه بمبدأ سيادة القانون القائم على قرينة البراءة والحق في الدفاع والتقاضي والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب، فإنه يعتبر إن استمرار إضراب القضاة للأسبوع الثالث على التوالي فضلا عن عدم شرعيته لمخالفته للقوانين السارية التي تحجر الإضراب، فإنه يتجافى ومقتضيات ممارسة الحق النقابي الذي يقتضي استمرارية سير المرفق العام وينال من حقوق المواطنين في النفاذ إلى العدالة والانصاف القضائي. ويرى البعض الآخر أن القضاء سلطة والسلطة لا يجب أن تضرب عن العمل شأنها شان القوات الحاملة للسلاح.

وسبق لبعض الهياكل القضائية الدخول في تحرك احتجاجي ضد رئيس الجمهورية وذلك بعد صدور المرسوم 11 في فيفري الماضي القاضي بحل المجلس الأعلى للقضاء وبعث مجلس أعلى مؤقت للقضاء في مارس الماضي والسماح لرئيس الجمهورية سلطة إعفاء القضاة وفق المرسوم 35 الصادر في غرة جوان الجاري. وسبق أيضا أن دخل القضاة في إضراب عن العمل خلال السنة القضائية الفارطة، تواصل لمدة شهرين تقريبا نهاية سنة 2020 وبداية 2021، كان من أهم مطالبهم أثناء ذلك، الحصول على امتيازات مالية وجملة من المنافع المالية. واعتبرت هيئة المحامين ذلك الإضراب بمثابة "تحويل" لمرفق العدالة وحقوق المتقاضين رهينة مصالح القضاة القطاعية على نحو أضر بالصالح العام. يأتي ذلك عبد الدعوات المتكررة لرئيس الجمهورية الهياكل القضائية إلى الانخراط في مسار ما بعد 25 جويلية والإسراع في بفتح ملفات في سياق سياسته لمقاومة الفساد والحسم في بعض الملفات المعطلة سواء منها ما يتعلق بما هو سياسي أو اقتصادي واجتماعي.

وتحرك هيئة المحامين في هذه الفترة نزلته بعض القراءات في سياق التحرك الذي من شانه أن يحول دون مواصلة هذا الإضراب خاصة أن بعض الجهات تؤكد أن عددا من القضاة رفضوا الدخول في الانخراط في هذا الإضراب وأن نسبة عمل المحاكم في حدود 50%، خاصة أن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين كان قد دعا وزارة العدل والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء إلى الإسراع بإيجاد الحلول العاجلة والكفيلة لضمان استمرارية المرفق وضمان حق المواطنين في النفاذ إلى القضاء.

ومن شأن تحرك هيئة المحامين ضد استمرار إضراب القضاة أن يخلق خطا ثالثا يمثله قطاع المحاماة، رغم الاختلاف بين أهل المهنة حول ذلك، في الصراع القائم بين الهياكل المهنية للقضاء من ناحية وسلطة الإشراف ممثلة في وزارة العدل ورئاسة الجمهورية باعتبار أن مرفق العدالة من اختصاص الدولة، من ناحية ثانية.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

العمادة اعتبرت تمديده "غير شرعي"..  الإضراب يُؤزم العلاقة بين المحامين والقضاة من جديد

تونس – الصباح

يبدو أن قرار تنسيقية الهياكل القضائية المتمثل في مواصلة الإضراب الذي أعلنت عنه يوم 6 جوان الجاري ليستمر للأسبوع الثالث على التوالي، ردا على عدم تجاوب رئاسة الجمهورية ووزارة العدل على قرار إقالة 57 من القضاة، من العوامل التي قد تعمق الأزمة بين أحد الركائز الأساسية لمرفق العدالة وهما قطاعي القضاة والمحاماة، نظرا للارتباط الوثيق بين القطاعين من ناحية وبسبب الاختلافات الأفقية القائمة والأزمة التي يعيشها كل قطاع منهما في علاقة بهذه الأزمة والوضع الذي يمر به مرفق العدالة في هذه المرحلة بشكل عام.

إذ اعتبرت بعض الجهات أن هذا الإضراب سياسي بامتياز بقطع النظر عن الدوافع والمستجدات المهنية، وأنه يتنزل في سياق صراع سياسي بين رئيس الجمهورية قيس سعيد من ناحية وقوى سياسية معارضة لخياراته وتوجهاته التي يعتبرها إصلاحية من ناحية أخرى. وقد لاقى تحرك القضاة الرافض لقرارات رئيس الجمهورية دعم ومساندة عديد القوى والأحزاب السياسية والمنظمات والهياكل المدنية، على اعتبار أن قرار رئيس الجهورية فيه تدخل في مرفق سلطة القضاء عامة وفي حق هؤلاء القضاة المعفيين، خاصة أن رئيس الجمهورية جعل قراراته بإعفاء القضاة محصنةً من أي شكل من أشكال الطعن الفوري. وقد اختارت عمادة المحامين منذ بداية الأزمة بين القضاة ورئاسة الجمهورية بعد إحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء، النأي بنفسها عن الصراع والمعركة، على اعتبار أنه قرار يتماشى مع المرحلة الحالية المتعلقة بالمرفق القضائي من اجتثاث للفساد.

تباين واختلاف

إلا أن المواقف والقراءات حول اختيار الهياكل المهنية للقضاء وخيار الدخول في إضراب مفتوح ليدخل حيز التنفيذ للأسبوع الثالث على التوالي، تميزت بالتباين والتضارب أحيانا، في ظل عدم استجابة أو تفاعل سلطة الإشراف مع المطالب التي يرفعونها والمتمثلة في التراجع عن قرار الإعفاء، على اعتبار أن في ذلك حيف في حق المتقاضين وتعطيل لسير عمل مرفق العدالة وما ينجر عن ذلك من خسائر في الوقت الذي تتخبط فيه مؤسسات الدولة في أزمات مالية واقتصادية ومديونية خانقة. يأتي ذلك في الوقت الذي تدفع بعض الهياكل والمنظمات الهياكل المهنية للقضاة إلى مواصلة الإضراب وخوض مختلف الأشكال النضالية في سبيل إثناء سلطة الإشراف على قراراتها، في المقابل أعلنت وزارة العدل مؤخرا عن الشروع عمليا في إجراءات صرف غرامة الإعفاء للقضاة المعفيين.

وجاء البيان الصادر عن الهيئة الوطنية للمحامين أول أمس بمثابة خطوة "لكسر" تحرك القضاة، الذي اعتبر استمرار إضراب القضاة يتجافى ومقتضيات ممارسة الحق النقابي فضلا عن عدم شرعيته لمخالفته القوانين، تأكيدا لتطور هذا الخلاف على نحو يعمق الأزمة بين القطاعين إذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه خاصة أن هذا الإضراب يتزامن مع فترة الصيف وموعد العطلة القضائية، على نحو قد يدفع المحاماة إلى الدخول في عطلة مطولة خارجة عن نطاق خياراتها.

كما استنكر عميد المحامين إبراهيم بودربالة مواصلة القضاة الإضراب لفترة مطولة، ووصف الوضع بـ"المهزلة" نظرا لتداعيات ذلك على عدة مجالات وقطاعات وفي مقدمتها المحاماة بقوله:"إن المحامين اليوم أصبحوا كاليتامى أمام المحاكم وقصور العدالة بسبب تواصل هذا الإضراب".

ولئن عبر بيان هيئة المحامين عن تمسكه بمبدأ سيادة القانون القائم على قرينة البراءة والحق في الدفاع والتقاضي والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب، فإنه يعتبر إن استمرار إضراب القضاة للأسبوع الثالث على التوالي فضلا عن عدم شرعيته لمخالفته للقوانين السارية التي تحجر الإضراب، فإنه يتجافى ومقتضيات ممارسة الحق النقابي الذي يقتضي استمرارية سير المرفق العام وينال من حقوق المواطنين في النفاذ إلى العدالة والانصاف القضائي. ويرى البعض الآخر أن القضاء سلطة والسلطة لا يجب أن تضرب عن العمل شأنها شان القوات الحاملة للسلاح.

وسبق لبعض الهياكل القضائية الدخول في تحرك احتجاجي ضد رئيس الجمهورية وذلك بعد صدور المرسوم 11 في فيفري الماضي القاضي بحل المجلس الأعلى للقضاء وبعث مجلس أعلى مؤقت للقضاء في مارس الماضي والسماح لرئيس الجمهورية سلطة إعفاء القضاة وفق المرسوم 35 الصادر في غرة جوان الجاري. وسبق أيضا أن دخل القضاة في إضراب عن العمل خلال السنة القضائية الفارطة، تواصل لمدة شهرين تقريبا نهاية سنة 2020 وبداية 2021، كان من أهم مطالبهم أثناء ذلك، الحصول على امتيازات مالية وجملة من المنافع المالية. واعتبرت هيئة المحامين ذلك الإضراب بمثابة "تحويل" لمرفق العدالة وحقوق المتقاضين رهينة مصالح القضاة القطاعية على نحو أضر بالصالح العام. يأتي ذلك عبد الدعوات المتكررة لرئيس الجمهورية الهياكل القضائية إلى الانخراط في مسار ما بعد 25 جويلية والإسراع في بفتح ملفات في سياق سياسته لمقاومة الفساد والحسم في بعض الملفات المعطلة سواء منها ما يتعلق بما هو سياسي أو اقتصادي واجتماعي.

وتحرك هيئة المحامين في هذه الفترة نزلته بعض القراءات في سياق التحرك الذي من شانه أن يحول دون مواصلة هذا الإضراب خاصة أن بعض الجهات تؤكد أن عددا من القضاة رفضوا الدخول في الانخراط في هذا الإضراب وأن نسبة عمل المحاكم في حدود 50%، خاصة أن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين كان قد دعا وزارة العدل والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء إلى الإسراع بإيجاد الحلول العاجلة والكفيلة لضمان استمرارية المرفق وضمان حق المواطنين في النفاذ إلى القضاء.

ومن شأن تحرك هيئة المحامين ضد استمرار إضراب القضاة أن يخلق خطا ثالثا يمثله قطاع المحاماة، رغم الاختلاف بين أهل المهنة حول ذلك، في الصراع القائم بين الهياكل المهنية للقضاء من ناحية وسلطة الإشراف ممثلة في وزارة العدل ورئاسة الجمهورية باعتبار أن مرفق العدالة من اختصاص الدولة، من ناحية ثانية.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews