* هناك خلط في المصطلحات..ولاوجود لفن صوفي إنما فن طُرقي
* "العيساوية" هي الطريقة الأكثر محافظة على المخزون الشعبي التونسي
تونس-الصباح
تميزت الموشحات والأناشيد عامة في العالم العربي بنفس صوفي وخصائص متفردة، وهي أصعب ما يكون من الأنماط الموسيقية لأنها تتعلق بأرفع مستويات الجمال المتعالي والراقي وكل ما له علاقة بالروحانيات وعشق الذات الإلاهية.. إذ ليس من السهل أن تشد المتفرج إلى عالم مغاير عن عالمنا المحسوس عبر الإيقاعات والابتهالات أو قصائد "الأقطاب" والمتزهدين..
ولا يخفى على أحد -وخاصة المهتمين بهذا المجال- بأن هناك جدلا كبيرا حول استعمال لفظ "تصوف" سواء كان ذلك متعلقا بالعبادات أو بعالم الموسيقى.. لا سيما في تونس، حيث نلاحظ اقتران المصطلح بعروض لا علاقة لها بـ"الجو الصوفي" ولا تمت باي صلة بمغزى هذا العالم الروحاني العميق..
"الصباح" كان لها لقاء مع الفنان علي بن قدور صاحب الرؤية الموسيقية لعرض "الفقْرا" للحديث عن عرضه قبل الاول بالمركب الثقافي بالمنزه وعن طموح الفريق، فضلا عن الوقوف عند أهم محطات العمل الفني ومدى استعداده الى تطويره.. مع تحديد موقفه من المصطلحات والأجواء الصوفية" في تونس..
و"فقْرا" هو مراوحة موسيقية روحية للانشاد الصوفي إخراج الفنان المسرحي منير العرقي مع مشاركة الفنانين منير المهدي وإيمان محمد وأمين بن علي.. إدارة أنيس الطيب وتوظيب ركحي لمحمد علي مقدوش...
وفيما يلي نص الحوار:
حوار: وليد عبداللاوي
*هل "الفقْرا" عرض صوفي ام يختلف عن بقية العروض؟
-لا توجد موسيقى صوفية .. إنما تصور صوفي.. وعبر التاريخ كانت هناك طرق صوفية لكن بسرية تامة الى أن ظهر "الأقطاب" وجهروا بالتصوف لكن في إطار الذكر والمناجاة لا في إطار موسيقي..
و"الفقْرا" اسم العرض جاء نسبة الى "الفقراء الى الله" ..المتصوفون الذين تجمعهم مجالس الذكر والتذلل الى الخالق.. ذلك اننا من بداية العرض إلى نهايته نردد عبارات التجليات والتهلل والحوقلة.. ولم نردد اي اسم لأي ولي صالح كان..
وهنا أريد أن أنوه إلى أن كل عنصر منا ينتمي الى طريقة معينة ، فمنا من يميل الى طريقة "سيدي عبد السلام" وآخرون الى الطريقة "الطيبية" فضلا عن طرق أخرى.. كما اعتمدنا على انتقاء بعض النصوص الصوفية القديمة على غرار نصوص البوصيري وغيرها..مثل "هو الله لا إلاه إلا الله.. مالك ملجا غير الله"..
*هل لاحظتهم تجاوبا من الجمهور خلال العرض ما قبل الاول؟
-حسب الانطباعات الأولى هناك استحسان وتجاوب من الحاضرين رغم بعض الزلات التي لا يستطيع المتفرج العادي أن يكشفها..إذ سنحرص على تجاوزها ولم لا تطوير الرؤية الفنية من عرض الى آخر..
وبما أن عرض "الفقْرا" يتضمن الكوريغرافيا والفن الزنجي (السطمبالي) فإن الجمهور لم يغادر القاعة بل استشعرنا مدى انتباهه وانغماسه بصيغ الذكر والمناجاة .. وتلك هي غايتنا.. غايتنا أن ننال محبة الناس وأن يشعر الجمهور بصدق العمل ونبل أهدافه السامية..
علما وأن لجنة موسيقية كانت متواجدة خلال العرض وقد أعربت عن إعجابها بالعمل على "الطبوع التونسية" لا الشرقية مع حسن توظيف الجانب الروحاني، مما يحملنا المزيد من المسؤولية..
*هل أن "الفقْرا" مختلف عن العروض "الصوفية" الأخرى؟
-عرض "الفقْرا" "تراه بوذنيك وتسمعو بعينيك " ذلك أن الاصوات الموظفة على الركح هي عبارة عن عزف والآلة هي "الصانع" .. وقد كان "الجو" تارة تونسيا واخرى مغاربيا.. بعيدا عن ملامح الموسيقى الشرقية.. والفنان منير المهدي رغم تمكنه من المقامات الشرقية وله صوت عال متميز "سوبرانو" غنينا معه "تطريزات" في كل بيت مقام.. لننتقل من مقام الصبا الى مقام الجاهركا ومن مقام الجاهركا الى مقام الحجاز ("تلوينة في القطعة") وانا صاحب الفكرة والتصور الموسيقي الذي أعتبره نقطة اختلاف مع عروض صوفية أخرى باستثناء الجانب الروحاني الموظف.. كما أن "الفقْرا" من أهدافه أن ينقل المتلقي الى عالم الوجد، عكس ماهو سائد في الساحة الفنية..
إضافة الى أن "الفقْرا" يرتكز على السماع وعلى تقسيم الاصوات مع التعبير الجسماني، التي يؤمنها عازفون وكوريغرافيون وشواشيون يصل عددهم الى خمسين فردا.. وسنسعى دائما وابدا الى التقييم ومن ثمة تطوير المضمون ولم لا ضمان المشاركة في مهرجانات كبرى..
*ما مصير الفن الطُرقي في تونس؟
-يجب ألا ننسى بأن تونس منذ عقود وعقود تشهد كل يوم في الأسبوع حلقات ذكر وأجواء صوفية في زوايا مختلفة على غرار الطريقة الشاذلية التي تٌحيي كل 14خميس بمقر ابي الحسن الشاذلي بالعاصمة مجالس العلم والتجليات والتقرب إلى "الذات الإلاهية".. فحلقات أخرى بمقر سيدي شريف بحلق الوادي ثم حلقات وتعبد بمقر سيدي بوسعيد.. وهي دورة موجودة منذ عهد العثمانيين.. وبالتالي فإن أسس الفن الطٌرقي والأجواء الروحانية قائمة الذات.. ونحن كفرقة "الفٌقرا" نسعى إلى توظيف هذا المخزون الصوفي وإيصاله للمستمع عن طريق الإيقاعات والأصوات المركبة بطريقة مغايرة عن السائد.. حتى الطريقة العيساوية أو "مالوف الجد" وهي الطريقة التي حافظت على المخزون الشعبي من خلال الطبوع التونسية فهي موجودة في كامل محطات العرض..
باختصار ولأكون ملما بخصائص "الفقرا".. هو عرض يجسد نقل خلوات "المريدين" الى الركح..
* هناك خلط في المصطلحات..ولاوجود لفن صوفي إنما فن طُرقي
* "العيساوية" هي الطريقة الأكثر محافظة على المخزون الشعبي التونسي
تونس-الصباح
تميزت الموشحات والأناشيد عامة في العالم العربي بنفس صوفي وخصائص متفردة، وهي أصعب ما يكون من الأنماط الموسيقية لأنها تتعلق بأرفع مستويات الجمال المتعالي والراقي وكل ما له علاقة بالروحانيات وعشق الذات الإلاهية.. إذ ليس من السهل أن تشد المتفرج إلى عالم مغاير عن عالمنا المحسوس عبر الإيقاعات والابتهالات أو قصائد "الأقطاب" والمتزهدين..
ولا يخفى على أحد -وخاصة المهتمين بهذا المجال- بأن هناك جدلا كبيرا حول استعمال لفظ "تصوف" سواء كان ذلك متعلقا بالعبادات أو بعالم الموسيقى.. لا سيما في تونس، حيث نلاحظ اقتران المصطلح بعروض لا علاقة لها بـ"الجو الصوفي" ولا تمت باي صلة بمغزى هذا العالم الروحاني العميق..
"الصباح" كان لها لقاء مع الفنان علي بن قدور صاحب الرؤية الموسيقية لعرض "الفقْرا" للحديث عن عرضه قبل الاول بالمركب الثقافي بالمنزه وعن طموح الفريق، فضلا عن الوقوف عند أهم محطات العمل الفني ومدى استعداده الى تطويره.. مع تحديد موقفه من المصطلحات والأجواء الصوفية" في تونس..
و"فقْرا" هو مراوحة موسيقية روحية للانشاد الصوفي إخراج الفنان المسرحي منير العرقي مع مشاركة الفنانين منير المهدي وإيمان محمد وأمين بن علي.. إدارة أنيس الطيب وتوظيب ركحي لمحمد علي مقدوش...
وفيما يلي نص الحوار:
حوار: وليد عبداللاوي
*هل "الفقْرا" عرض صوفي ام يختلف عن بقية العروض؟
-لا توجد موسيقى صوفية .. إنما تصور صوفي.. وعبر التاريخ كانت هناك طرق صوفية لكن بسرية تامة الى أن ظهر "الأقطاب" وجهروا بالتصوف لكن في إطار الذكر والمناجاة لا في إطار موسيقي..
و"الفقْرا" اسم العرض جاء نسبة الى "الفقراء الى الله" ..المتصوفون الذين تجمعهم مجالس الذكر والتذلل الى الخالق.. ذلك اننا من بداية العرض إلى نهايته نردد عبارات التجليات والتهلل والحوقلة.. ولم نردد اي اسم لأي ولي صالح كان..
وهنا أريد أن أنوه إلى أن كل عنصر منا ينتمي الى طريقة معينة ، فمنا من يميل الى طريقة "سيدي عبد السلام" وآخرون الى الطريقة "الطيبية" فضلا عن طرق أخرى.. كما اعتمدنا على انتقاء بعض النصوص الصوفية القديمة على غرار نصوص البوصيري وغيرها..مثل "هو الله لا إلاه إلا الله.. مالك ملجا غير الله"..
*هل لاحظتهم تجاوبا من الجمهور خلال العرض ما قبل الاول؟
-حسب الانطباعات الأولى هناك استحسان وتجاوب من الحاضرين رغم بعض الزلات التي لا يستطيع المتفرج العادي أن يكشفها..إذ سنحرص على تجاوزها ولم لا تطوير الرؤية الفنية من عرض الى آخر..
وبما أن عرض "الفقْرا" يتضمن الكوريغرافيا والفن الزنجي (السطمبالي) فإن الجمهور لم يغادر القاعة بل استشعرنا مدى انتباهه وانغماسه بصيغ الذكر والمناجاة .. وتلك هي غايتنا.. غايتنا أن ننال محبة الناس وأن يشعر الجمهور بصدق العمل ونبل أهدافه السامية..
علما وأن لجنة موسيقية كانت متواجدة خلال العرض وقد أعربت عن إعجابها بالعمل على "الطبوع التونسية" لا الشرقية مع حسن توظيف الجانب الروحاني، مما يحملنا المزيد من المسؤولية..
*هل أن "الفقْرا" مختلف عن العروض "الصوفية" الأخرى؟
-عرض "الفقْرا" "تراه بوذنيك وتسمعو بعينيك " ذلك أن الاصوات الموظفة على الركح هي عبارة عن عزف والآلة هي "الصانع" .. وقد كان "الجو" تارة تونسيا واخرى مغاربيا.. بعيدا عن ملامح الموسيقى الشرقية.. والفنان منير المهدي رغم تمكنه من المقامات الشرقية وله صوت عال متميز "سوبرانو" غنينا معه "تطريزات" في كل بيت مقام.. لننتقل من مقام الصبا الى مقام الجاهركا ومن مقام الجاهركا الى مقام الحجاز ("تلوينة في القطعة") وانا صاحب الفكرة والتصور الموسيقي الذي أعتبره نقطة اختلاف مع عروض صوفية أخرى باستثناء الجانب الروحاني الموظف.. كما أن "الفقْرا" من أهدافه أن ينقل المتلقي الى عالم الوجد، عكس ماهو سائد في الساحة الفنية..
إضافة الى أن "الفقْرا" يرتكز على السماع وعلى تقسيم الاصوات مع التعبير الجسماني، التي يؤمنها عازفون وكوريغرافيون وشواشيون يصل عددهم الى خمسين فردا.. وسنسعى دائما وابدا الى التقييم ومن ثمة تطوير المضمون ولم لا ضمان المشاركة في مهرجانات كبرى..
*ما مصير الفن الطُرقي في تونس؟
-يجب ألا ننسى بأن تونس منذ عقود وعقود تشهد كل يوم في الأسبوع حلقات ذكر وأجواء صوفية في زوايا مختلفة على غرار الطريقة الشاذلية التي تٌحيي كل 14خميس بمقر ابي الحسن الشاذلي بالعاصمة مجالس العلم والتجليات والتقرب إلى "الذات الإلاهية".. فحلقات أخرى بمقر سيدي شريف بحلق الوادي ثم حلقات وتعبد بمقر سيدي بوسعيد.. وهي دورة موجودة منذ عهد العثمانيين.. وبالتالي فإن أسس الفن الطٌرقي والأجواء الروحانية قائمة الذات.. ونحن كفرقة "الفٌقرا" نسعى إلى توظيف هذا المخزون الصوفي وإيصاله للمستمع عن طريق الإيقاعات والأصوات المركبة بطريقة مغايرة عن السائد.. حتى الطريقة العيساوية أو "مالوف الجد" وهي الطريقة التي حافظت على المخزون الشعبي من خلال الطبوع التونسية فهي موجودة في كامل محطات العرض..
باختصار ولأكون ملما بخصائص "الفقرا".. هو عرض يجسد نقل خلوات "المريدين" الى الركح..