إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حسب تصنيف "بلومبيرغ".. تونس السابعة من بين 13 دولة في ترتيب مخاطر سداد الديون!

* تونس لم يعد بإمكانها الاقتراض من الأسواق العالمية إلا بنسب فائدة مرتفعة للغاية !

تونس- الصباح

قبل أيام قليلة، نشرت وكالة الأنباء الأمريكية التابعة لمجموعة "بلومبيرغ إل بي"، المتخصصة في الاقتصاد والتمويل، دراسة بعنوان "الحرب الروسية ترفع مخاطر التخلف عن السداد للاقتصادات المتعثرة"، ويبحث التقرير في سوق الديون في "البلدان الأكثر ضعفاً" من بين ما يسمى الاقتصادات الناشئة، ونشر التقرير قائمة تضم 13 دولة، بينها تونس في المركز السابع، وخلفها إثيوبيا، واصفا هذه البلدان بأنها أكثر الدول التي ستعاني من تخلف سداد ديونها على المدى القصير والمتوسط.

وأوضح التقرير أن مخاطر التخلف عن سداد الديون بلغت أعلى مستوى لها منذ ماي 2020، تاريخ تفشي وباء فيروس كورونا، وهو ما يتطابق مع تصريحات سابقة للخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، الذي قال في تصريحات إعلامية في وقت سابق "قبل 3 سنوات فقط، كان لا يزال بإمكان تونس الاقتراض بمعدل فائدة يقارب 10٪ ، وتسديد آجال استحقاق طويلة تصل إلى 30 سنة، أما اليوم، إذا كانت تونس ستخرج مجددا للاقتراض، فإن معدل الاقتراض سيكون مرتفعا جدا، وفترة السداد ستكون قصيرة جدا وتتراوح من سنتين إلى 3 سنوات .. ".

ولفت تقرير بلومبورغ، أن ديون الاقتصادات الناشئة ارتفعت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث أدى ذلك الى رفع الضغط على الاقتصادات الهشة، والمخاوف ارتفعت بشأن ما إذا كانت روسيا ستفي بمدفوعات الفائدة الخاصة بها هذا الشهر بالدولار، ودفع ذلك الى ارتفاع تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد في دول الأسواق الناشئة إلى أعلى مستوياتها منذ الاضطرابات الوبائية في عام 2020، وتونس مصنفة في المرتبة 7 من بين 13 دولة، صنفها التقرير الأمريكي على أنها معرضة للتخلف عن سداد ديونها.

وكانت وكالة بلومبرغ للأنباء، قد نقلت مؤخرا ، عن رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا قولها في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ "النبأ الجيد أننا نرى الديون ونتابعها، ونركز بالفعل على الدول التي تحتاج إلى إعادة هيكلة ديونها... علينا أن نضغط من أجل إعادة هيكلة الديون"، وأضافت أن "صندوق النقد سيجلس مع سريلانكا ومع مصر وتونس وسنناقش الإجراءات الواقعية المطلوب القيام بها".

ارتفاع عائد السندات الدولارية

وذكرت بلومبرغ أن تونس وسريلانكا من بين نحو 10 دول صاعدة تدفع عائداً على سنداتها الحكومية الدولارية قدره  1000 نقطة أساس على الأقل فوق سعر العائد على السندات العشرية الأمريكية، في حين أن مصر لا تدفع مثل هذا العائد المرتفع على سنداتها الدولارية.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، قد حذرت في تقرير حديث لها من خطورة تراجع تصنيف تونس مجددا خلال الفترة القادمة، ملمحة الى ان تخفيض الترقيم السيادي لتونس، الى أخطر الدرجات الائتمانية، ستعلن تونس دولة عالية المخاطر وغير قادرة على سداد ديونها،وغير قادرة آليا على الخروج للأسواق المالية للحصول على قروض، ما يعمق الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد.

وأكدت كل من وكالتي موديز وفيتش، أن اتفاق تونس مع صندوق النقد بات "ضروريا للوصول إلى دعم الميزانية من قبل الدائنين الرسميين كما اعتبرت كلا الوكالتين "إن عدم وضوح المشهد السياسي والمعارضة الاجتماعية، يحدان من قدرة الحكومة على سنّ تدابير قوية لضبط أوضاع المالية العمومية".

مخاطر التخلف عن سداد الديون

وأشارت العديد من وكالات التصنيف السيادي العالمية أنه "في حالة عدم وجود إصلاحات قوية، قد يعتبر الدائنون الرسميون إعادة هيكلة الديون أمرا ضروريا قبل تقديم دعم إضافي"، وتوقعت الوكالات العالمية أن يبقى عجز الميزانية لتونس مرتفعا خلال السنوات القادمة.

وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد نشرت موفى سنة 2020 تقريرا، حول آفاق القطاع المصرفي التونسي على المدى القصير، كاشفة من خلاله أن البنوك التونسية ستواجه زيادة حادة في مخاطر التخلف عن سداد الائتمان، كما لاحظت الوكالة حسب التقرير، أن القدرة على إدارة القروض المصرفية في تونس تضعف أكثر مع انتهاء الإجراءات المتخذة لإعادة جدولتها.

وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ويتوقع أن يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021.وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس موفى أوت الماضي 60.2 مليار دينار، في حين ارتفعت قيمة الديون الداخلية للدولة من 37،2 مليار دينار الى 41 مليار دينار، وحسب ذات المصدر، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ30%، أما البقية فهي قروض ثنائية.

تضاعف قيمة الديون

جدير بالذكر، أن معطيات الميزانية لعام 2022، تفيد بأن حجم الدين العمومي للدولة سيرتفع مع نهاية 2022 إلى أكثر من 114 مليار دينار مقابل أكثر من 107 مليار دينار مع موفي 2021 ، أي بزيادة تفوق 6 مليار دينار.

ومن المنتظر أن تشهد الديون بعملة الأورو ارتفاعا بقرابة 54.79 بالمائة بعد أن كانت في حدود 21.55 بالمائة عام 2021، بالإضافة الى ارتفاعه بالدولار بعد أن لامس 3 دنانير، يليه اليان الياباني بنسبة مستقرة عند 9.35 بالمائة، كما من المنتظر أن يؤدي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار بنسبة 1 بالمائة، إلى زيادة حجم الدين العمومي بنحو 766 مليون دينار أي 0.55 بالمائة من إجمالي الناتج المحلى ، وهي زيادات تستنزف الميزانية العامة للبلاد التونسية.

ورغم نجاح تونس حتى الآن في كسر محاولات إخضاعها لشروط المؤسسات المالية المانحة، فإن منسوب المخاوف بشأن صمودها ارتفع في الآونة الأخيرة بسبب الصراع السياسي من جهة، والتراجع المدوي للمؤشرات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19، وتداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، ما دفع ببعض الخبراء الى التحذير بضرورة تسريع نسق الإصلاحات، والبحث عن حلول ناجعة لدفع محرك الإنتاج وخلق الثروة.

 

 سفيان المهداوي

حسب تصنيف "بلومبيرغ".. تونس السابعة من بين 13 دولة في ترتيب مخاطر سداد الديون!

* تونس لم يعد بإمكانها الاقتراض من الأسواق العالمية إلا بنسب فائدة مرتفعة للغاية !

تونس- الصباح

قبل أيام قليلة، نشرت وكالة الأنباء الأمريكية التابعة لمجموعة "بلومبيرغ إل بي"، المتخصصة في الاقتصاد والتمويل، دراسة بعنوان "الحرب الروسية ترفع مخاطر التخلف عن السداد للاقتصادات المتعثرة"، ويبحث التقرير في سوق الديون في "البلدان الأكثر ضعفاً" من بين ما يسمى الاقتصادات الناشئة، ونشر التقرير قائمة تضم 13 دولة، بينها تونس في المركز السابع، وخلفها إثيوبيا، واصفا هذه البلدان بأنها أكثر الدول التي ستعاني من تخلف سداد ديونها على المدى القصير والمتوسط.

وأوضح التقرير أن مخاطر التخلف عن سداد الديون بلغت أعلى مستوى لها منذ ماي 2020، تاريخ تفشي وباء فيروس كورونا، وهو ما يتطابق مع تصريحات سابقة للخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، الذي قال في تصريحات إعلامية في وقت سابق "قبل 3 سنوات فقط، كان لا يزال بإمكان تونس الاقتراض بمعدل فائدة يقارب 10٪ ، وتسديد آجال استحقاق طويلة تصل إلى 30 سنة، أما اليوم، إذا كانت تونس ستخرج مجددا للاقتراض، فإن معدل الاقتراض سيكون مرتفعا جدا، وفترة السداد ستكون قصيرة جدا وتتراوح من سنتين إلى 3 سنوات .. ".

ولفت تقرير بلومبورغ، أن ديون الاقتصادات الناشئة ارتفعت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث أدى ذلك الى رفع الضغط على الاقتصادات الهشة، والمخاوف ارتفعت بشأن ما إذا كانت روسيا ستفي بمدفوعات الفائدة الخاصة بها هذا الشهر بالدولار، ودفع ذلك الى ارتفاع تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد في دول الأسواق الناشئة إلى أعلى مستوياتها منذ الاضطرابات الوبائية في عام 2020، وتونس مصنفة في المرتبة 7 من بين 13 دولة، صنفها التقرير الأمريكي على أنها معرضة للتخلف عن سداد ديونها.

وكانت وكالة بلومبرغ للأنباء، قد نقلت مؤخرا ، عن رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا قولها في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ "النبأ الجيد أننا نرى الديون ونتابعها، ونركز بالفعل على الدول التي تحتاج إلى إعادة هيكلة ديونها... علينا أن نضغط من أجل إعادة هيكلة الديون"، وأضافت أن "صندوق النقد سيجلس مع سريلانكا ومع مصر وتونس وسنناقش الإجراءات الواقعية المطلوب القيام بها".

ارتفاع عائد السندات الدولارية

وذكرت بلومبرغ أن تونس وسريلانكا من بين نحو 10 دول صاعدة تدفع عائداً على سنداتها الحكومية الدولارية قدره  1000 نقطة أساس على الأقل فوق سعر العائد على السندات العشرية الأمريكية، في حين أن مصر لا تدفع مثل هذا العائد المرتفع على سنداتها الدولارية.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، قد حذرت في تقرير حديث لها من خطورة تراجع تصنيف تونس مجددا خلال الفترة القادمة، ملمحة الى ان تخفيض الترقيم السيادي لتونس، الى أخطر الدرجات الائتمانية، ستعلن تونس دولة عالية المخاطر وغير قادرة على سداد ديونها،وغير قادرة آليا على الخروج للأسواق المالية للحصول على قروض، ما يعمق الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد.

وأكدت كل من وكالتي موديز وفيتش، أن اتفاق تونس مع صندوق النقد بات "ضروريا للوصول إلى دعم الميزانية من قبل الدائنين الرسميين كما اعتبرت كلا الوكالتين "إن عدم وضوح المشهد السياسي والمعارضة الاجتماعية، يحدان من قدرة الحكومة على سنّ تدابير قوية لضبط أوضاع المالية العمومية".

مخاطر التخلف عن سداد الديون

وأشارت العديد من وكالات التصنيف السيادي العالمية أنه "في حالة عدم وجود إصلاحات قوية، قد يعتبر الدائنون الرسميون إعادة هيكلة الديون أمرا ضروريا قبل تقديم دعم إضافي"، وتوقعت الوكالات العالمية أن يبقى عجز الميزانية لتونس مرتفعا خلال السنوات القادمة.

وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد نشرت موفى سنة 2020 تقريرا، حول آفاق القطاع المصرفي التونسي على المدى القصير، كاشفة من خلاله أن البنوك التونسية ستواجه زيادة حادة في مخاطر التخلف عن سداد الائتمان، كما لاحظت الوكالة حسب التقرير، أن القدرة على إدارة القروض المصرفية في تونس تضعف أكثر مع انتهاء الإجراءات المتخذة لإعادة جدولتها.

وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ويتوقع أن يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021.وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس موفى أوت الماضي 60.2 مليار دينار، في حين ارتفعت قيمة الديون الداخلية للدولة من 37،2 مليار دينار الى 41 مليار دينار، وحسب ذات المصدر، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ30%، أما البقية فهي قروض ثنائية.

تضاعف قيمة الديون

جدير بالذكر، أن معطيات الميزانية لعام 2022، تفيد بأن حجم الدين العمومي للدولة سيرتفع مع نهاية 2022 إلى أكثر من 114 مليار دينار مقابل أكثر من 107 مليار دينار مع موفي 2021 ، أي بزيادة تفوق 6 مليار دينار.

ومن المنتظر أن تشهد الديون بعملة الأورو ارتفاعا بقرابة 54.79 بالمائة بعد أن كانت في حدود 21.55 بالمائة عام 2021، بالإضافة الى ارتفاعه بالدولار بعد أن لامس 3 دنانير، يليه اليان الياباني بنسبة مستقرة عند 9.35 بالمائة، كما من المنتظر أن يؤدي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار بنسبة 1 بالمائة، إلى زيادة حجم الدين العمومي بنحو 766 مليون دينار أي 0.55 بالمائة من إجمالي الناتج المحلى ، وهي زيادات تستنزف الميزانية العامة للبلاد التونسية.

ورغم نجاح تونس حتى الآن في كسر محاولات إخضاعها لشروط المؤسسات المالية المانحة، فإن منسوب المخاوف بشأن صمودها ارتفع في الآونة الأخيرة بسبب الصراع السياسي من جهة، والتراجع المدوي للمؤشرات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19، وتداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، ما دفع ببعض الخبراء الى التحذير بضرورة تسريع نسق الإصلاحات، والبحث عن حلول ناجعة لدفع محرك الإنتاج وخلق الثروة.

 

 سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews