تعقد خمسة أحزاب سياسية اليوم بالعاصمة ندوة صحفية للإعلان عن إطلاق ما وصفته بالحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء، وهذه الأحزاب هي حزب القطب، وحزب التيار الديمقراطي، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وحزب العمال، وكانت هذه الأحزاب قد أعربت في السابق عن رفضها لمسار 25 جويلية وانتقدت الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية وحاربت الاستشارة الوطنية وهناك منها من قرر مقاطعة مسار التأسيس للجمهورية الجديدة..
وتوجد أسباب كثيرة دفعت الأحزاب الخمسة إلى التجمع تحت خيمة واحدة والتنسيق مع بعضها البعض من أجل إطلاق حملة وطنية لإسقاط الاستفتاء، ومن بين هذه الأسباب وفق ما أشار إليه إمحمد بونني القيادي في التيار الديمقراطي وجود رغبة مشتركة في وضع حد للعبث بالدستور ومؤسسات الدولة ولإنهاء حالة الفوضى التشريعية التي أحدثها رئيس الجمهورية قيس سعيد. وأضاف بونني أن الأحزاب الخمسة على وعي بأنه ليس لديها زخم شعبي كبير لذلك فكرت في توحيد الموقف من مسار 25 جويلية، وهو مسار لا يمكن أن يقتنع به إلا من لا يحترم قواعد الديمقراطية ومن لا يحترم الدستور والقانون. وفسر أن البلاد فيها دستور وإذا كانت هناك حاجة لتعديله فلا بد من يكون ذلك في الأطر التي يكفلها الدستور، وأضاف أن تعديل الدستور يفترض وجود محكمة دستورية لكن في الوقت الراهن ليس هناك محكمة دستورية.
وأشار القيادي في التيار الديمقراطي إلى أنه عوضا عن تجاوز الدستور كان بالإمكان إيجاد حلول في إطار دستوري لأن الدستور في حد ذاته مؤسسة، وهو ككل المؤسسات فيه هنات يمكن إصلاحها، وسبق في تونس أن تم تعديل دستور 1959 عديد المرات وكان ذلك في الأطر الدستورية، ولكن اليوم هناك إرادة لدى رئيس الجمهورية في تخطي الدستور ووضع دستور جديد وفق رؤيته الخاصة وهذا مرفوض لأنه غير منطقي إطلاقا ولأن الدولة تبنى على تراكمات.
ولم ينكر بونني وجود ثغرات ونقائص في دستور 2014 وبين أن تجاوز هذه الإشكاليات لا يتم بفرض رؤية أحادية، لذلك كان من المفروض أن يكون هناك حوار سياسي منذ يوم 25 جويلية لكن هذا لم يحصل، وهو ما أدى إلى تعميق الأزمة وتشعبها وجعل البلاد تدخل في دوامة من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية وحتى الإدارة فهي معطلة.
ويرى القيادي في التيار الديمقراطي أن الحوار ضروري وحتى إن كان حوار طرشان فهو أفضل بكثير من اللاحوار لأن الحوار يساعد على تبادل الأفكار والمقترحات التي من شأنها أن تحلحل الأزمة وفي غيابه تتسع الهوة بين النخبة السياسية والشعب وهو ما حدث إذ هناك من التونسيين من لا يجد "عشاء ليلة" ولكن النخبة السياسية منشغلة بالاستفتاء وتنقيح الدستور.
ولم يخف بونني قلقه من سياسة الهروب إلى الأمام التي ينتهجها رئيس الجمهورية، وبين أن ما يفعله الرئيس مخالف للدستور ولاحظ أن هناك شبه إجماع لدى أساتذة القانون الدستوري في كون أن ما بني على أساس الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية لاغ أي أن ما بني على باطل فهو باطل بمعنى أن كل المراسيم الصادرة على قاعدة الأمر 117 ومنها المراسيم المتعلقة بالاستفتاء والهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة لا يعتد بها لأن المرسوم وفق القواعد القانونية، التي يفقهها طالب السنة أولى حقوق، أعلى درجة من الأمر، لكن الرئيس خالف هذه القواعد، وليس هذا فقط بل الغريب في المراسيم التي وضعها وتحديدا في الجزء المتعلق بالإطلاعات هو الاستناد إلى الدستور والحال أن مضامين المراسيم مخالفة تماما لأحكام الدستور وهو ما يقيم الدليل على وجود سوء نية.
سوء النية
وأضاف إمحمد بونني عضو مجلس نواب الشعب المحلول أنه يعتقد أن هناك سوء نية لدى رئيس الجمهورية وأن الرئيس لديه مشروع جاهز يريد تمريره حتى وإن خرق القواعد الشكلية للنصوص القانونية وتجاوز حدود المنطق، وفسر أنه من غير المنطقي أن يستيقظ عمداء كليات حقوق في الصباح على أخبار مفادها أنهم سيعدون مقترح دستور جمهورية جديدة. ولاحظ أنه من العبث التشريعي سن مرسوم يتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة تتكون من لجنة قانونية تتركب من عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية والقانونية ومن لجنة اقتصادية واجتماعية تتركب من ممثلين عن منظمات وطنية دون استشارة مسبقة للمعنيين بالأمر. وذكر بونني أنه إضافة إلى فرض سياسة الأمر المقضي تم تحجيم دور عمداء كليات القانون وممثلي المنظمات الوطنية من خلال التنصيص على الصبغة الاستشارية للهيئة، فرأيها في النهاية غير ملزم ويمكن لرئيس الجمهورية أن لا يعتد به وهو الأقرب إلى المنطق لأن الرئيس سعيد رفض الرأي الاستشاري للجنة البندقية بل هاجمها وطالب من أعضائها مغادرة البلاد لأن الرأي الذي أبدته اللجنة في المراسيم المتعلقة بالاستفتاء وهيئة الانتخابات مخالف لرأيه الشخصي، فالطريقة التي تحدث بها الرئيس سعيد عن لجنة البندقية تعطي فكرة على ما يريد الرئيس فرضه.
ماذا بعد الاستفتاء
وفي علاقة بمواقف الأحزاب الخمسة سالفة الذكر من الاستفتاء، بين امحمد بونني القيادي في التيار الديمقراطي أنه لا يمكن إجراء استفتاء في إطار غامض أو على حد تعبيره في "المهموتة". وبين أن الاستفتاء من الناحية السياسية يهدف بالأساس إلى التصويت على تجديد الثقة أو عدم تجديد الثقة في من يقترح نص الاستفتاء أي في الحاكم وبالتالي كان على رئيس الجمهورية عندما اتجه إلى الاستفتاء أن يوضح للشعب التونسي منذ البداية تبعات الاستفتاء وأن يقول ماذا سيحدث في صورة التصويت بنعم على الدستور الجديد وماذا سيحدث في صورة التصويت بالرفض، ولكن هذا لم يحصل. وأضاف محدثنا أن شارل ديغول لما قام باستفتاء حول الدستور في فرنسا كان ذلك بهدف حلحلة أزمة شبيهة بالأزمة الحالية في تونس ولكنه طلب من البرلمان بوضوخ إمهاله ستة أشهر وقال بوضوح إنه في صورة سقوط الاستفتاء لن يكون له مكان في الجمهورية أي أنه توخى الوضوح التام منذ البداية لكن في تونس هناك غموض كبير وغياب للرؤية ورغم انطلاق فترة الاستفتاء لا أحد يعرف ما هي مآلات هذا الاستفتاء.. وبين أنه عند المقارنة بالاستفتاء الذي تم في فرنسا في عهد ديغول لا بد من الإشارة إلى أن فرنسا كان فيها نظام برلماني ومعروف عن النظام البرلماني أنه بطيء في اتخاذ القرارات نظرا لكثرة النقاشات وطول الجلسات الصاخبة، وكان هناك وقتها خطر داهم وهو الحرب الأهلية لكن في تونس المشرع عندما تحدث عن الخطر الداهم لم يقل إنه لا بد من حذف البرلمان وإقالة الحكومة وإنما قال يجب أن يكون البرلمان في حالة انعقاد دائم ولا يمكن تقديم لائحة لوم ضد الحكومة ولكن هذا الشرط تم تجاهله.
وأشار بونني إلى أنه فرضا لو يتم التصويت بنعم خلال الاستفتاء على مقترح الدستور الجديد، فسيتم على أساس ذلك الدستور إجراء انتخابات تشريعية، وبالنظر إلى موازين القوى السياسية في الوقت الراهن يمكن أن يتحصل الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي على أغلبية في البرلمان، والسؤال المطروح هو كيف سيتعايش رئيس الجمهورية قيس سعيد مع عبير موسي لأن رئيس الحكومة أو الوزير الأول يتم تعيينه من قبل الحزب الأغلبي في البرلمان وهذا منطقي لأن رئيس الحكومة أو الوزير الأول إذا لم تكن لديه أغلبية في البرلمان فإنه لن يستطيع تمرير أي قانون ولن يستطيع تمرير أي قرض حتى وإن كان مبلغه عشرة دنانير.
بصمة الرئيس
وقال القيادي في التيار الديمقراطي إمحمد بونني إن رئيس الجمهورية لم يقرأ حسابا لتبعات قراراته، وذكر أن أسوأ ما يمكن أن يتعرض له الرئيس هو إبعاده عن الحكم لكن الأتعس من ذلك هو الأثر الذي سيتركه والبصمة التي سيتركها وهي بصمة تتلخص في عبارة الفوضى والعبث التشريعي.. وأضاف محدثنا أن الرئيس الحبيب بورقيبة بفضل البصمة التي تركها مازال التونسيون يتحدثون عنه إلى اليوم ورغم مرور السنين مازال هناك من يحيي ذكرى عودته من المنفى يوم غرة جوان 1955. وخلص محدثنا إلى أن مسار الاستفتاء يلف به الكثير من الغموض وقال إنه يتعين على رئيس الجمهورية أن يراجع نفسه.
وكان المجلس الوطني للتيار الديمقراطي قد عبر في بيانه الأخير عن "مقاطعته مسار التأسيس للجمهورية الجديدة وعن رفضه المشاركة في كل المحطات من استفتاء وانتخابات ودعا كل القوى من أحزاب سياسة ومنظمات وطنية ومجتمع مدني إلى مقاطعة هذا المسار الذي يؤسس وفق ما جاء في نفس البيان إلى دكتاتورية جديدة.
وبخصوص الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الجمهوريّة الجديدة كان التيار الديمقراطي بمعية بقية مكونات تنسيقيّة الأحزاب الاجتماعيّة الديمقراطيّة قد أعربوا في بيان مشترك عن رفضهم لهذه الهيئة ورفضهم "لكلّ التّوجّه الذي يريد رئيس سلطة الأمر الواقع دفع البلاد من خلاله نحو مسار يقزّم المجتمع ويلغي دور الأحزاب السياسيّة ويهمّش منظّمات المجتمع المدنيّ ويجعلها شاهدة زور على صياغة دستور كتب في الغرف المغلقة بناء على استشارة إلكترونيّة فاشلة لم تعلن حتى نتائجها للرأي العام"..
وللتذكير تتكون تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية من حزب التيار الديمقراطي وحزب التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وهي نفس الأحزاب التي ستشارك في مبادرة الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء المنتظر الإعلان عنها اليوم وذلك إضافة إلى حزب القطب وحزب العمال..
سعيدة بوهلال
تونس ـ الصباح
تعقد خمسة أحزاب سياسية اليوم بالعاصمة ندوة صحفية للإعلان عن إطلاق ما وصفته بالحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء، وهذه الأحزاب هي حزب القطب، وحزب التيار الديمقراطي، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وحزب العمال، وكانت هذه الأحزاب قد أعربت في السابق عن رفضها لمسار 25 جويلية وانتقدت الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية وحاربت الاستشارة الوطنية وهناك منها من قرر مقاطعة مسار التأسيس للجمهورية الجديدة..
وتوجد أسباب كثيرة دفعت الأحزاب الخمسة إلى التجمع تحت خيمة واحدة والتنسيق مع بعضها البعض من أجل إطلاق حملة وطنية لإسقاط الاستفتاء، ومن بين هذه الأسباب وفق ما أشار إليه إمحمد بونني القيادي في التيار الديمقراطي وجود رغبة مشتركة في وضع حد للعبث بالدستور ومؤسسات الدولة ولإنهاء حالة الفوضى التشريعية التي أحدثها رئيس الجمهورية قيس سعيد. وأضاف بونني أن الأحزاب الخمسة على وعي بأنه ليس لديها زخم شعبي كبير لذلك فكرت في توحيد الموقف من مسار 25 جويلية، وهو مسار لا يمكن أن يقتنع به إلا من لا يحترم قواعد الديمقراطية ومن لا يحترم الدستور والقانون. وفسر أن البلاد فيها دستور وإذا كانت هناك حاجة لتعديله فلا بد من يكون ذلك في الأطر التي يكفلها الدستور، وأضاف أن تعديل الدستور يفترض وجود محكمة دستورية لكن في الوقت الراهن ليس هناك محكمة دستورية.
وأشار القيادي في التيار الديمقراطي إلى أنه عوضا عن تجاوز الدستور كان بالإمكان إيجاد حلول في إطار دستوري لأن الدستور في حد ذاته مؤسسة، وهو ككل المؤسسات فيه هنات يمكن إصلاحها، وسبق في تونس أن تم تعديل دستور 1959 عديد المرات وكان ذلك في الأطر الدستورية، ولكن اليوم هناك إرادة لدى رئيس الجمهورية في تخطي الدستور ووضع دستور جديد وفق رؤيته الخاصة وهذا مرفوض لأنه غير منطقي إطلاقا ولأن الدولة تبنى على تراكمات.
ولم ينكر بونني وجود ثغرات ونقائص في دستور 2014 وبين أن تجاوز هذه الإشكاليات لا يتم بفرض رؤية أحادية، لذلك كان من المفروض أن يكون هناك حوار سياسي منذ يوم 25 جويلية لكن هذا لم يحصل، وهو ما أدى إلى تعميق الأزمة وتشعبها وجعل البلاد تدخل في دوامة من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية وحتى الإدارة فهي معطلة.
ويرى القيادي في التيار الديمقراطي أن الحوار ضروري وحتى إن كان حوار طرشان فهو أفضل بكثير من اللاحوار لأن الحوار يساعد على تبادل الأفكار والمقترحات التي من شأنها أن تحلحل الأزمة وفي غيابه تتسع الهوة بين النخبة السياسية والشعب وهو ما حدث إذ هناك من التونسيين من لا يجد "عشاء ليلة" ولكن النخبة السياسية منشغلة بالاستفتاء وتنقيح الدستور.
ولم يخف بونني قلقه من سياسة الهروب إلى الأمام التي ينتهجها رئيس الجمهورية، وبين أن ما يفعله الرئيس مخالف للدستور ولاحظ أن هناك شبه إجماع لدى أساتذة القانون الدستوري في كون أن ما بني على أساس الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية لاغ أي أن ما بني على باطل فهو باطل بمعنى أن كل المراسيم الصادرة على قاعدة الأمر 117 ومنها المراسيم المتعلقة بالاستفتاء والهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة لا يعتد بها لأن المرسوم وفق القواعد القانونية، التي يفقهها طالب السنة أولى حقوق، أعلى درجة من الأمر، لكن الرئيس خالف هذه القواعد، وليس هذا فقط بل الغريب في المراسيم التي وضعها وتحديدا في الجزء المتعلق بالإطلاعات هو الاستناد إلى الدستور والحال أن مضامين المراسيم مخالفة تماما لأحكام الدستور وهو ما يقيم الدليل على وجود سوء نية.
سوء النية
وأضاف إمحمد بونني عضو مجلس نواب الشعب المحلول أنه يعتقد أن هناك سوء نية لدى رئيس الجمهورية وأن الرئيس لديه مشروع جاهز يريد تمريره حتى وإن خرق القواعد الشكلية للنصوص القانونية وتجاوز حدود المنطق، وفسر أنه من غير المنطقي أن يستيقظ عمداء كليات حقوق في الصباح على أخبار مفادها أنهم سيعدون مقترح دستور جمهورية جديدة. ولاحظ أنه من العبث التشريعي سن مرسوم يتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة تتكون من لجنة قانونية تتركب من عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية والقانونية ومن لجنة اقتصادية واجتماعية تتركب من ممثلين عن منظمات وطنية دون استشارة مسبقة للمعنيين بالأمر. وذكر بونني أنه إضافة إلى فرض سياسة الأمر المقضي تم تحجيم دور عمداء كليات القانون وممثلي المنظمات الوطنية من خلال التنصيص على الصبغة الاستشارية للهيئة، فرأيها في النهاية غير ملزم ويمكن لرئيس الجمهورية أن لا يعتد به وهو الأقرب إلى المنطق لأن الرئيس سعيد رفض الرأي الاستشاري للجنة البندقية بل هاجمها وطالب من أعضائها مغادرة البلاد لأن الرأي الذي أبدته اللجنة في المراسيم المتعلقة بالاستفتاء وهيئة الانتخابات مخالف لرأيه الشخصي، فالطريقة التي تحدث بها الرئيس سعيد عن لجنة البندقية تعطي فكرة على ما يريد الرئيس فرضه.
ماذا بعد الاستفتاء
وفي علاقة بمواقف الأحزاب الخمسة سالفة الذكر من الاستفتاء، بين امحمد بونني القيادي في التيار الديمقراطي أنه لا يمكن إجراء استفتاء في إطار غامض أو على حد تعبيره في "المهموتة". وبين أن الاستفتاء من الناحية السياسية يهدف بالأساس إلى التصويت على تجديد الثقة أو عدم تجديد الثقة في من يقترح نص الاستفتاء أي في الحاكم وبالتالي كان على رئيس الجمهورية عندما اتجه إلى الاستفتاء أن يوضح للشعب التونسي منذ البداية تبعات الاستفتاء وأن يقول ماذا سيحدث في صورة التصويت بنعم على الدستور الجديد وماذا سيحدث في صورة التصويت بالرفض، ولكن هذا لم يحصل. وأضاف محدثنا أن شارل ديغول لما قام باستفتاء حول الدستور في فرنسا كان ذلك بهدف حلحلة أزمة شبيهة بالأزمة الحالية في تونس ولكنه طلب من البرلمان بوضوخ إمهاله ستة أشهر وقال بوضوح إنه في صورة سقوط الاستفتاء لن يكون له مكان في الجمهورية أي أنه توخى الوضوح التام منذ البداية لكن في تونس هناك غموض كبير وغياب للرؤية ورغم انطلاق فترة الاستفتاء لا أحد يعرف ما هي مآلات هذا الاستفتاء.. وبين أنه عند المقارنة بالاستفتاء الذي تم في فرنسا في عهد ديغول لا بد من الإشارة إلى أن فرنسا كان فيها نظام برلماني ومعروف عن النظام البرلماني أنه بطيء في اتخاذ القرارات نظرا لكثرة النقاشات وطول الجلسات الصاخبة، وكان هناك وقتها خطر داهم وهو الحرب الأهلية لكن في تونس المشرع عندما تحدث عن الخطر الداهم لم يقل إنه لا بد من حذف البرلمان وإقالة الحكومة وإنما قال يجب أن يكون البرلمان في حالة انعقاد دائم ولا يمكن تقديم لائحة لوم ضد الحكومة ولكن هذا الشرط تم تجاهله.
وأشار بونني إلى أنه فرضا لو يتم التصويت بنعم خلال الاستفتاء على مقترح الدستور الجديد، فسيتم على أساس ذلك الدستور إجراء انتخابات تشريعية، وبالنظر إلى موازين القوى السياسية في الوقت الراهن يمكن أن يتحصل الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي على أغلبية في البرلمان، والسؤال المطروح هو كيف سيتعايش رئيس الجمهورية قيس سعيد مع عبير موسي لأن رئيس الحكومة أو الوزير الأول يتم تعيينه من قبل الحزب الأغلبي في البرلمان وهذا منطقي لأن رئيس الحكومة أو الوزير الأول إذا لم تكن لديه أغلبية في البرلمان فإنه لن يستطيع تمرير أي قانون ولن يستطيع تمرير أي قرض حتى وإن كان مبلغه عشرة دنانير.
بصمة الرئيس
وقال القيادي في التيار الديمقراطي إمحمد بونني إن رئيس الجمهورية لم يقرأ حسابا لتبعات قراراته، وذكر أن أسوأ ما يمكن أن يتعرض له الرئيس هو إبعاده عن الحكم لكن الأتعس من ذلك هو الأثر الذي سيتركه والبصمة التي سيتركها وهي بصمة تتلخص في عبارة الفوضى والعبث التشريعي.. وأضاف محدثنا أن الرئيس الحبيب بورقيبة بفضل البصمة التي تركها مازال التونسيون يتحدثون عنه إلى اليوم ورغم مرور السنين مازال هناك من يحيي ذكرى عودته من المنفى يوم غرة جوان 1955. وخلص محدثنا إلى أن مسار الاستفتاء يلف به الكثير من الغموض وقال إنه يتعين على رئيس الجمهورية أن يراجع نفسه.
وكان المجلس الوطني للتيار الديمقراطي قد عبر في بيانه الأخير عن "مقاطعته مسار التأسيس للجمهورية الجديدة وعن رفضه المشاركة في كل المحطات من استفتاء وانتخابات ودعا كل القوى من أحزاب سياسة ومنظمات وطنية ومجتمع مدني إلى مقاطعة هذا المسار الذي يؤسس وفق ما جاء في نفس البيان إلى دكتاتورية جديدة.
وبخصوص الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الجمهوريّة الجديدة كان التيار الديمقراطي بمعية بقية مكونات تنسيقيّة الأحزاب الاجتماعيّة الديمقراطيّة قد أعربوا في بيان مشترك عن رفضهم لهذه الهيئة ورفضهم "لكلّ التّوجّه الذي يريد رئيس سلطة الأمر الواقع دفع البلاد من خلاله نحو مسار يقزّم المجتمع ويلغي دور الأحزاب السياسيّة ويهمّش منظّمات المجتمع المدنيّ ويجعلها شاهدة زور على صياغة دستور كتب في الغرف المغلقة بناء على استشارة إلكترونيّة فاشلة لم تعلن حتى نتائجها للرأي العام"..
وللتذكير تتكون تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية من حزب التيار الديمقراطي وحزب التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وهي نفس الأحزاب التي ستشارك في مبادرة الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء المنتظر الإعلان عنها اليوم وذلك إضافة إلى حزب القطب وحزب العمال..