أثار صدور قرار قاضي التحقيق بمحكمة أريانة مساء أول أمس القاضي بتحجير السفر على جميع المتهمين المشمولين بالتتبع في قضية ما يعرف بـ"الجهاز السري لحركة النهضة" ومن بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي ردود أفعال وقراءات عديدة وجدلا في مختلف الأوساط نظرا لعدة اعتبارات من بينها الظرفية الزمنية وتشعب المستجدات الوطنية والجدل القائم في الأوساط السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد أكثر من عشرة أشهر من مرحلة الظرف الاستثنائي ما بعد 25 جويلية والخيارات السياسية المطروحة اليوم. لتتراوح القراءات بين من يشكك في جدية تعاطي القضاء مع هذا الملف واعتبار طرحه اليوم مجرد "فرقعة" أو ملهاة للرأيين الخاص والعام وتذهب قراءات أخرى الى أن المسألة لا تعدو أن تكون سوى محاولة ضغط من رئاسة الجمهورية على معارضيه في هذه المرحلة الحرجة في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها في علاقة بالروزنامة المحددة للمرحلة الاستثنائية ممثلة في تنظيم الاستفتاء والانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، مقابل اختيار فريق هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قرار موحد يتمثل في عدم الخوض في المسألة خلال هذه الأيام في انتظار ما ستؤول إليه مجريات القرار بداية هذا الأسبوع ليتم عقد لقاء صحفي محوره حول هذه المسألة.
ويذكر أن النيابة أعلنت في ديسمبر 2018، عن فتح تحقيق في معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة، جهاز سري أمني مواز للدولة بناء على ما قدمته هيئة الدفاع عن الشهيدين المذكورين آنفا واتهم هذا الجهاز بضلوعه في اغتيال السياسيين المعارضين البراهمي بلعيد وغيرهما إضافة إلى اتهامات أخرى تمس من الأمن القومي والسيادة الوطنية. وذلك بعد أن بادرت هيئة الدفاع عن الشهيدين بتقديم تقرير حول مستجدات ملف الاغتيال في نوفمبر من نفس السنة لرئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الأمن القومي، بخصوص ما يتعلق بالجهاز السرّي لحزب تونسي ناشط، في إشارة لحركة النهضة.
لتأخذ المسألة بعدا إجرائيا قضائيا جديدا في نهاية ديسمبر 2019 بعد تراكم الشكاوى المرفوعة إلى النيابة العمومية وتصب في نفس الخانة وذلك بعد أن كشفت المحكمة الابتدائية بتونس، أن ما يعرف بملف الجهاز السري لحركة النهضة والغرفة السوداء التابعة لها، بات في عهدة النيابة العمومية، بعد انتفاء الصبغة الإرهابية عن الملف للمثير للجدل.
إذ تقدم 43 عضوا في البرلمان السابق من كل من الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية ونداء تونس والكتلة الحرة، يوم 6 مارس 2019 بشكوى لدى المحكمة الابتدائية في تونس، ضد 6 من القيادات الأمنية واثنين من قياديي حركة النهضة، وفق ما صرح به النائب السابق زياد الأخضر، وتضمنت طلبا لفتح بحث تحقيقي من أجل جملة من الجرائم تم إثباتها في محاضر استماعات واستنطاقات حررها القضاء، علما أن التهم المثارة في هذه الشكوى تتعلق بالسرقة الموصوفة واختلاس وثائق قضائية ومواد إثبات، والمشاركة في ذلك، وتكوين وفاق والانضمام لتنظيم إرهابي، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وإدخال أسلحة نارية معدة لعمليات حربية وذخيرتها وحملها ونقلها.
لتضاف هذه الشكوى إلى بقية الشكاوى المقدمة إلى النيابة العمومية من قبل حزب التيار الشعبي وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وورثة النائب محمد البراهمي إضافة إلى شكوى ضد رئيس حركة النهضة ومن معه من أجل شبهة تكوين جهاز سري.
كما سبق أن نقل عن وزير الداخلية السابق، لطفي بن جدو، اعترافه بأن حركة النهضة تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن في البلاد، وهي تجهيزات في شكل حقائب قادرة على التقاط 4 آلاف مكالمة في الوقت ذاته، وعادة ما تنتقل على متن سيارات مغلقة. ليعاد طرح هذا الملف سنة 2019 لكن دون الحسم في هذا الملف الذي أجمعت أغلب المواقف على أنه سياسي بامتياز وأن حركة النهضة التي تمسك بزمام منظومة الحكم في العشرية الماضية هي من تحول دون فتحه قضائيا بجدية بعد التحكم في مفاصل القضاء من خلال ما يعرف بقضاء "البحيري".
إحالة القضية إلى محكمة أريانة
في سياق متصل أعلنت هيئة الدفاع عن الشهيد محمد البراهمي في جويلية 2020 أنه تم استجلاب ملفي الجهاز السري والغرفة السوداء إلى محكمة أريانة وأنه تم تسجيل اختفاء 21 ملفا تتعلق بمحاضر وسجلات المكالمات الهاتفية لـ15 هاتفا جوالا كان يستعملها أبو بكر الحكيم المتهم في قضية اغتيال البراهمي، وفق ما سبق وصرحت به إيمان قزارة عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين، واتهامات بتحصين رئيس حركة النهضة "الغنوشي" من قبل بعض القضاة المباشرين للقضية، فيما لا يزال جزء من هذا الملف منشور لدى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس. وتم توجيه اتهامات مباشرة إلى بشير العكرمي.. وهو ما أكدته في مرحلة لاحقة هيئة الدفاع عن الشهيدين في فيفري الماضي بعد تقديم معطيات وأدلة جديدة في ملف هذه القضية وتهديد بتدويل القضية إذا ما تواصل نفس التعاطي السلبي مع هذا الملف من طرف القضاء التونسي.
فبعد صراع دام سبع سنوات تقريبا بين هيئة الدفاع عن الشهيدين والسلطة القضائية من اجل كشف الحقيقة، أكدت محكمة التعقيب في أفريل 2019 وجود الصبغة الإرهابية لملف رجل الأعمال فتحي دمّق، المتهم في نفس الملف. لتؤكد نفس هيئة الدفاع في فيفري الماضي اكتمال كل الأدلة التي تدين بعض القياديين في حركة النهضة بضلوعهم في ملفات اغتيال وأمن قومي وفساد مالي وغيرها. خاصة أن عديد الجهات تؤكد أن هذا الملف أصبح بين يدي رئيس الجمهورية منذ مدة. فهل يشهد الملف أطوارا جديدة؟
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
أثار صدور قرار قاضي التحقيق بمحكمة أريانة مساء أول أمس القاضي بتحجير السفر على جميع المتهمين المشمولين بالتتبع في قضية ما يعرف بـ"الجهاز السري لحركة النهضة" ومن بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي ردود أفعال وقراءات عديدة وجدلا في مختلف الأوساط نظرا لعدة اعتبارات من بينها الظرفية الزمنية وتشعب المستجدات الوطنية والجدل القائم في الأوساط السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد أكثر من عشرة أشهر من مرحلة الظرف الاستثنائي ما بعد 25 جويلية والخيارات السياسية المطروحة اليوم. لتتراوح القراءات بين من يشكك في جدية تعاطي القضاء مع هذا الملف واعتبار طرحه اليوم مجرد "فرقعة" أو ملهاة للرأيين الخاص والعام وتذهب قراءات أخرى الى أن المسألة لا تعدو أن تكون سوى محاولة ضغط من رئاسة الجمهورية على معارضيه في هذه المرحلة الحرجة في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها في علاقة بالروزنامة المحددة للمرحلة الاستثنائية ممثلة في تنظيم الاستفتاء والانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، مقابل اختيار فريق هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قرار موحد يتمثل في عدم الخوض في المسألة خلال هذه الأيام في انتظار ما ستؤول إليه مجريات القرار بداية هذا الأسبوع ليتم عقد لقاء صحفي محوره حول هذه المسألة.
ويذكر أن النيابة أعلنت في ديسمبر 2018، عن فتح تحقيق في معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة، جهاز سري أمني مواز للدولة بناء على ما قدمته هيئة الدفاع عن الشهيدين المذكورين آنفا واتهم هذا الجهاز بضلوعه في اغتيال السياسيين المعارضين البراهمي بلعيد وغيرهما إضافة إلى اتهامات أخرى تمس من الأمن القومي والسيادة الوطنية. وذلك بعد أن بادرت هيئة الدفاع عن الشهيدين بتقديم تقرير حول مستجدات ملف الاغتيال في نوفمبر من نفس السنة لرئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الأمن القومي، بخصوص ما يتعلق بالجهاز السرّي لحزب تونسي ناشط، في إشارة لحركة النهضة.
لتأخذ المسألة بعدا إجرائيا قضائيا جديدا في نهاية ديسمبر 2019 بعد تراكم الشكاوى المرفوعة إلى النيابة العمومية وتصب في نفس الخانة وذلك بعد أن كشفت المحكمة الابتدائية بتونس، أن ما يعرف بملف الجهاز السري لحركة النهضة والغرفة السوداء التابعة لها، بات في عهدة النيابة العمومية، بعد انتفاء الصبغة الإرهابية عن الملف للمثير للجدل.
إذ تقدم 43 عضوا في البرلمان السابق من كل من الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية ونداء تونس والكتلة الحرة، يوم 6 مارس 2019 بشكوى لدى المحكمة الابتدائية في تونس، ضد 6 من القيادات الأمنية واثنين من قياديي حركة النهضة، وفق ما صرح به النائب السابق زياد الأخضر، وتضمنت طلبا لفتح بحث تحقيقي من أجل جملة من الجرائم تم إثباتها في محاضر استماعات واستنطاقات حررها القضاء، علما أن التهم المثارة في هذه الشكوى تتعلق بالسرقة الموصوفة واختلاس وثائق قضائية ومواد إثبات، والمشاركة في ذلك، وتكوين وفاق والانضمام لتنظيم إرهابي، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وإدخال أسلحة نارية معدة لعمليات حربية وذخيرتها وحملها ونقلها.
لتضاف هذه الشكوى إلى بقية الشكاوى المقدمة إلى النيابة العمومية من قبل حزب التيار الشعبي وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وورثة النائب محمد البراهمي إضافة إلى شكوى ضد رئيس حركة النهضة ومن معه من أجل شبهة تكوين جهاز سري.
كما سبق أن نقل عن وزير الداخلية السابق، لطفي بن جدو، اعترافه بأن حركة النهضة تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن في البلاد، وهي تجهيزات في شكل حقائب قادرة على التقاط 4 آلاف مكالمة في الوقت ذاته، وعادة ما تنتقل على متن سيارات مغلقة. ليعاد طرح هذا الملف سنة 2019 لكن دون الحسم في هذا الملف الذي أجمعت أغلب المواقف على أنه سياسي بامتياز وأن حركة النهضة التي تمسك بزمام منظومة الحكم في العشرية الماضية هي من تحول دون فتحه قضائيا بجدية بعد التحكم في مفاصل القضاء من خلال ما يعرف بقضاء "البحيري".
إحالة القضية إلى محكمة أريانة
في سياق متصل أعلنت هيئة الدفاع عن الشهيد محمد البراهمي في جويلية 2020 أنه تم استجلاب ملفي الجهاز السري والغرفة السوداء إلى محكمة أريانة وأنه تم تسجيل اختفاء 21 ملفا تتعلق بمحاضر وسجلات المكالمات الهاتفية لـ15 هاتفا جوالا كان يستعملها أبو بكر الحكيم المتهم في قضية اغتيال البراهمي، وفق ما سبق وصرحت به إيمان قزارة عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين، واتهامات بتحصين رئيس حركة النهضة "الغنوشي" من قبل بعض القضاة المباشرين للقضية، فيما لا يزال جزء من هذا الملف منشور لدى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس. وتم توجيه اتهامات مباشرة إلى بشير العكرمي.. وهو ما أكدته في مرحلة لاحقة هيئة الدفاع عن الشهيدين في فيفري الماضي بعد تقديم معطيات وأدلة جديدة في ملف هذه القضية وتهديد بتدويل القضية إذا ما تواصل نفس التعاطي السلبي مع هذا الملف من طرف القضاء التونسي.
فبعد صراع دام سبع سنوات تقريبا بين هيئة الدفاع عن الشهيدين والسلطة القضائية من اجل كشف الحقيقة، أكدت محكمة التعقيب في أفريل 2019 وجود الصبغة الإرهابية لملف رجل الأعمال فتحي دمّق، المتهم في نفس الملف. لتؤكد نفس هيئة الدفاع في فيفري الماضي اكتمال كل الأدلة التي تدين بعض القياديين في حركة النهضة بضلوعهم في ملفات اغتيال وأمن قومي وفساد مالي وغيرها. خاصة أن عديد الجهات تؤكد أن هذا الملف أصبح بين يدي رئيس الجمهورية منذ مدة. فهل يشهد الملف أطوارا جديدة؟