إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محمد فرج عبد الله أمون.. قصة تفضح عجز الحماية الدولية ولا مبالاة الدولة التونسية

تونس الصباح

محمد فرج عبد الله أمون، اسم لم يدرج بعد في سجلات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لقد توفي يوم 24 ماي الجاري على اثر تعرضه لحادث مرور قبالة مبنى المفوضية أين يعتصم ورفاقه منذ نحو الشهر. مات بعد أن بقي ستة أيام في احد مستشفيات العاصمة. لم يظفر بفرصة إجراء المحادثة التي ترقبها طويلا، ولم يأخذ صفة طالب اللجوء التي جاء من اجلها من قبيلته الطوارق التي تستوطن الصحراء الكبرى وتتواجد في منطقة البين، فهي قبائل تتفرق أراضيها على جنوب الجزائر، وشمال مالي، وشمال النيجر، وجنوب غرب ليبيا، وشمال بوركينا فاسو. وهم الى غاية اليوم من الأشخاص غير الحاملين لجنسية، يتشبثون بطريقة عيشهم البدوية بسبب التهميش الذي عانوه من الدول التي تقاسمت أراضيهم.. ويرفضون التصنيف فيضعهم المجتمع الدولي تحت صفة الـ"بدون".

عاش محمد فرج عبد الله أمون، على وقع عديد الحملات على ضوء التوترات سواء من الجماعات الإرهابية أو الهجمات أثناء الحرب الليبية. قدم الى تونس في شهر مارس 2022، أين التحق بالاعتصام الموجود أمام مقر المفوضية في جرجيس ثم انتقل مع بقية اللاجئين وطالبي اللجوء الى تونس العاصمة أين يوجد المقر المركزي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

تصلب كبير..

هذا الاسم الذي على الأرجح سينسى سريعا كما حصل لأيوب هاشم طالب اللجوء السوداني الذي توفي في مستشفى الرابطة التونسي يوم 9 جوان 2020 نتيجة نقص الرعاية الصحية، وصابر ادم محمد اللاجئ السوداني أيضا الذي توفي يوم 12 أوت 2021 بعد حادث شغل في احد معامل البلاستيك بمنطقة مقرين.. أعاد الى سطح الأحداث الاحتجاج المتواصل للاجئين وطالبي اللجوء أمام مقر المفوضية الذي انطلق منذ 9 أفريل 2022 في جرجيس وتواصل في جزئه الثاني في تونس وللأسف لم يسجل أي تقدم في الملف أو نوايا جدية من قبل المفوضية لإيجاد حل يرضي الجميع. منظمات دولية حامية وراعية للحقوق والحريات ولاجئي وطالبي لجوء تخل عنهم المجتمع الدولي وتركهم لمصير مجهول. ويعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الملف يعرف تصلبا كبيرا من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومن قبل الحكومة التونسية على حد السواء في تحمل مسؤولياتهم، والطرفان يضعان الأولوية لتوازناتهما المالية وليس لحقوق وحماية اللاجئين وطالبي اللجوء. لقد أصبحت اليوم الأولويات المالية تعلو على الحقوق وهو ما يعتبره بن عمر منطقا خطيرا وخطيرا جدا.. غير مقبول ومن العيب أن يتواصل أكثر في ظل ارتفاع الحرارة ومن الضروري العمل على حل سريع للوضعية، فالاعتصام الذي يتواصل منذ أكثر من شهرين، ويضم نساء وأطفالا وقصر وكبار سن وذوي احتياجات خاصة.. سيتحول الى مأساة إنسانية حقيقة إذا استمر أكثر.

إذ لابد من إعادة النظر في المقاربة التونسية فيما يتعلق بالهجرة واللجوء من اجل ضمان حماية أوسع واكبر لهذه الفئة تستجيب لالتزامات تونس الدولية التي وقعت عليها وتفرض على تونس مراجعة جذرية للمنظومة القانونية التي مازالت تعتبر منظومة إقصائية وتمييزية في حق هذه الفئة لا تتيح الإدماج أو حق الشغل أو حق الإقامة أو الولوج لحق الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية.

البعد السياسي

ويعتبر رمضان بن عمر انه لا يمكن أن تفصل حادثة وفاة محمد فرج عبد الله أمون، عن سياقها العام السياسي والإقليمي والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسات الأوروبية في الحوض المتوسط الأوسط والضغوطات التي تمارس من الدول الأوروبية على تونس، فنسبة كبيرة من اللاجئين وطالبي اللجوء هم مهاجرون غير نظاميين وقع اعتراضهم من قبل السلطات التونسية في البحر لان الاتحاد الأوروبي يرفض القيام بعمليات الإنقاذ في البحر ويعطل عمل المنظمات الإنسانية التي لها بواخر إنقاذ.. وهذا التمشي في مجمله كان له التداعيات المباشرة على تونس باعتبارها دولة لا تتوفر على منظومة قانونية ولا لوجستية ولا وضع سياسي واقتصادي مستقر قادر على أن يوفر آليات الحماية لهؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء أو يقدم لهم سبل الاندماج في المجتمع التونسي.

ويكشف المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن تخوفات جدية مما يمكن أن تحمله الأيام القادمة. ويقول إننا قد نشهد سيناريوهات مرعبة باعتبار أن الأزمة مازالت متواصلة في دول الجنوب (ليبيا وتونس) ومعرضة لاهتزازات اقتصادية واجتماعية وأمنية وهي عوامل طاردة لها أن تعمق أكثر الرغبة في الهجرة سواء من قبل أبنائها أو من قبل المهاجرين المتواجدين على أراضيها. وهو ما قد يجسم ضغطا مضاعفا على تونس باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يدفع في هذا الاتجاه وقد يحولنا الى منصة ليس فقط لفرز المهاجرين ولكن إطارا للحجز.. ويدعو رمضان بن عمر السلطات التونسية الى أن تلعب دورها وتكون لديها الجرأة لممارسة الضغوط على الاتحاد الأوروبي من أجل أن يلعب دوره الإنساني في البحر الأبيض المتوسط مع التوجه في نفس الوقت الى إعداد خطط إنسانية عاجلة تكون قادرة على التعامل مع مختلف التطورات المحتملة في الفترة القادمة وتتجه فعليا لوضع إستراتيجية شاملة للهجرة واللجوء تحترم المقاربات الإنسانية والحقوقية .

وتجدر الإشارة في نفس الوقت الى انه وحسب آخر الأرقام الصادرة عن قسم الهجرة بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، منعت تونس منذ غرة جانفي والى غاية يوم 25 ماي الجاري 7030 مهاجرا ومهاجرة من الوصول الى السواحل الايطالية في الوقت الذي كان فيه العدد في حدود 5514 مهاجرا ومهاجرة خلال نفس الفترة من السنة الماضية مسجلة بذلك ارتفاع بنحو 27.5%.

في نفس الوقت ارتفع الموت على السواحل التونسية بنسبة 73.4% منذ بداية السنة أين تم تسجل غرق وفقدان 373 مهاجرا ومهاجرة الى حد الآن مقابل تسجيل 215 ضحية ومفقودا خلال نفس الفترة من السنة الفارطة.  مع العلم أن هذه السنة عرفت ارتفاعا طفيفا في عدد الواصلين الى ايطاليا قدر بـ5.5% وذلك بعد أن وصل 2091 تونسيا وتونسية مقابل 1986 خلال نفس الفترة من سنة 2021.

ريم سوودي

محمد فرج عبد الله أمون.. قصة تفضح عجز الحماية الدولية ولا مبالاة الدولة التونسية

تونس الصباح

محمد فرج عبد الله أمون، اسم لم يدرج بعد في سجلات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لقد توفي يوم 24 ماي الجاري على اثر تعرضه لحادث مرور قبالة مبنى المفوضية أين يعتصم ورفاقه منذ نحو الشهر. مات بعد أن بقي ستة أيام في احد مستشفيات العاصمة. لم يظفر بفرصة إجراء المحادثة التي ترقبها طويلا، ولم يأخذ صفة طالب اللجوء التي جاء من اجلها من قبيلته الطوارق التي تستوطن الصحراء الكبرى وتتواجد في منطقة البين، فهي قبائل تتفرق أراضيها على جنوب الجزائر، وشمال مالي، وشمال النيجر، وجنوب غرب ليبيا، وشمال بوركينا فاسو. وهم الى غاية اليوم من الأشخاص غير الحاملين لجنسية، يتشبثون بطريقة عيشهم البدوية بسبب التهميش الذي عانوه من الدول التي تقاسمت أراضيهم.. ويرفضون التصنيف فيضعهم المجتمع الدولي تحت صفة الـ"بدون".

عاش محمد فرج عبد الله أمون، على وقع عديد الحملات على ضوء التوترات سواء من الجماعات الإرهابية أو الهجمات أثناء الحرب الليبية. قدم الى تونس في شهر مارس 2022، أين التحق بالاعتصام الموجود أمام مقر المفوضية في جرجيس ثم انتقل مع بقية اللاجئين وطالبي اللجوء الى تونس العاصمة أين يوجد المقر المركزي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

تصلب كبير..

هذا الاسم الذي على الأرجح سينسى سريعا كما حصل لأيوب هاشم طالب اللجوء السوداني الذي توفي في مستشفى الرابطة التونسي يوم 9 جوان 2020 نتيجة نقص الرعاية الصحية، وصابر ادم محمد اللاجئ السوداني أيضا الذي توفي يوم 12 أوت 2021 بعد حادث شغل في احد معامل البلاستيك بمنطقة مقرين.. أعاد الى سطح الأحداث الاحتجاج المتواصل للاجئين وطالبي اللجوء أمام مقر المفوضية الذي انطلق منذ 9 أفريل 2022 في جرجيس وتواصل في جزئه الثاني في تونس وللأسف لم يسجل أي تقدم في الملف أو نوايا جدية من قبل المفوضية لإيجاد حل يرضي الجميع. منظمات دولية حامية وراعية للحقوق والحريات ولاجئي وطالبي لجوء تخل عنهم المجتمع الدولي وتركهم لمصير مجهول. ويعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الملف يعرف تصلبا كبيرا من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومن قبل الحكومة التونسية على حد السواء في تحمل مسؤولياتهم، والطرفان يضعان الأولوية لتوازناتهما المالية وليس لحقوق وحماية اللاجئين وطالبي اللجوء. لقد أصبحت اليوم الأولويات المالية تعلو على الحقوق وهو ما يعتبره بن عمر منطقا خطيرا وخطيرا جدا.. غير مقبول ومن العيب أن يتواصل أكثر في ظل ارتفاع الحرارة ومن الضروري العمل على حل سريع للوضعية، فالاعتصام الذي يتواصل منذ أكثر من شهرين، ويضم نساء وأطفالا وقصر وكبار سن وذوي احتياجات خاصة.. سيتحول الى مأساة إنسانية حقيقة إذا استمر أكثر.

إذ لابد من إعادة النظر في المقاربة التونسية فيما يتعلق بالهجرة واللجوء من اجل ضمان حماية أوسع واكبر لهذه الفئة تستجيب لالتزامات تونس الدولية التي وقعت عليها وتفرض على تونس مراجعة جذرية للمنظومة القانونية التي مازالت تعتبر منظومة إقصائية وتمييزية في حق هذه الفئة لا تتيح الإدماج أو حق الشغل أو حق الإقامة أو الولوج لحق الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية.

البعد السياسي

ويعتبر رمضان بن عمر انه لا يمكن أن تفصل حادثة وفاة محمد فرج عبد الله أمون، عن سياقها العام السياسي والإقليمي والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسات الأوروبية في الحوض المتوسط الأوسط والضغوطات التي تمارس من الدول الأوروبية على تونس، فنسبة كبيرة من اللاجئين وطالبي اللجوء هم مهاجرون غير نظاميين وقع اعتراضهم من قبل السلطات التونسية في البحر لان الاتحاد الأوروبي يرفض القيام بعمليات الإنقاذ في البحر ويعطل عمل المنظمات الإنسانية التي لها بواخر إنقاذ.. وهذا التمشي في مجمله كان له التداعيات المباشرة على تونس باعتبارها دولة لا تتوفر على منظومة قانونية ولا لوجستية ولا وضع سياسي واقتصادي مستقر قادر على أن يوفر آليات الحماية لهؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء أو يقدم لهم سبل الاندماج في المجتمع التونسي.

ويكشف المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن تخوفات جدية مما يمكن أن تحمله الأيام القادمة. ويقول إننا قد نشهد سيناريوهات مرعبة باعتبار أن الأزمة مازالت متواصلة في دول الجنوب (ليبيا وتونس) ومعرضة لاهتزازات اقتصادية واجتماعية وأمنية وهي عوامل طاردة لها أن تعمق أكثر الرغبة في الهجرة سواء من قبل أبنائها أو من قبل المهاجرين المتواجدين على أراضيها. وهو ما قد يجسم ضغطا مضاعفا على تونس باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يدفع في هذا الاتجاه وقد يحولنا الى منصة ليس فقط لفرز المهاجرين ولكن إطارا للحجز.. ويدعو رمضان بن عمر السلطات التونسية الى أن تلعب دورها وتكون لديها الجرأة لممارسة الضغوط على الاتحاد الأوروبي من أجل أن يلعب دوره الإنساني في البحر الأبيض المتوسط مع التوجه في نفس الوقت الى إعداد خطط إنسانية عاجلة تكون قادرة على التعامل مع مختلف التطورات المحتملة في الفترة القادمة وتتجه فعليا لوضع إستراتيجية شاملة للهجرة واللجوء تحترم المقاربات الإنسانية والحقوقية .

وتجدر الإشارة في نفس الوقت الى انه وحسب آخر الأرقام الصادرة عن قسم الهجرة بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، منعت تونس منذ غرة جانفي والى غاية يوم 25 ماي الجاري 7030 مهاجرا ومهاجرة من الوصول الى السواحل الايطالية في الوقت الذي كان فيه العدد في حدود 5514 مهاجرا ومهاجرة خلال نفس الفترة من السنة الماضية مسجلة بذلك ارتفاع بنحو 27.5%.

في نفس الوقت ارتفع الموت على السواحل التونسية بنسبة 73.4% منذ بداية السنة أين تم تسجل غرق وفقدان 373 مهاجرا ومهاجرة الى حد الآن مقابل تسجيل 215 ضحية ومفقودا خلال نفس الفترة من السنة الفارطة.  مع العلم أن هذه السنة عرفت ارتفاعا طفيفا في عدد الواصلين الى ايطاليا قدر بـ5.5% وذلك بعد أن وصل 2091 تونسيا وتونسية مقابل 1986 خلال نفس الفترة من سنة 2021.

ريم سوودي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews