إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الجامعيون مختلفون وحياد الجامعة والأمانة العلمية في الميزان

تونس-الصباح

المؤكد أن الأزمة السياسية في البلاد تلقى بظلالها على جميع القطاعات والمنظمات والأخطر أن الانقسامات تتمدد. فبعد هياكل القضاء والمنظمات تحديدا اتحاد الفلاحين والرابطة وكذلك هيكل المحاماة تصل العدوى اليوم إلى الجامعيين مما يطرح أسئلة حارقة حول مسالة حياد الجامعة عن التجاذبات السياسية لا سيما في ظل مخاطر التشكيك في الأمانة العلمية لرموز الجامعة التونسية وأساتذتها الأجلاء.

في الحقيقة لم تطرح اليوم فقط مسألة الانقسام داخل الجامعة التونسية وما أضحت عليه الأمانة العلمية في ميزان التشكيك والإحراج أمام الطلبة خاصة في صفوف دارسي القانون بل انطلقت الشرارة منذ خطوة إجراءات 25 جويلية لكنها تتعمق اليوم أكثر فأكثر بعد خروج جزء من رموز الجامعة عن منطق الدعم الاستشاري والتفسيري المدافع على مشروعية خطوات الرئيس والانخراط عمليا في تنفيذ تصورات ورغبات ساكن قرطاج  بتعيينهم على رأس هيئات، مقابل ارتفاع صوت زملائهم الرافض لهذا المنحى والمتعفف عن الانخراط في مسار الجمهورية الجديدة حفاظا على حياد الجامعة والجامعيين عن التجاذبات السياسية.

العمداء يرفضون

وتكرس أكثر الانقسام اليوم بعد البيان الأخير الصادر أول أمس عن عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم السياسية والقانونية بتونس وأعلنوا فيه عن اعتذارهم عن عضوية اللجنة الاستشارية القانونية ولجنة الحوار الوطني المنصوص عليهما بالمرسوم عدد 30 لسنة 2022 المؤرخ في 19 ماي 2022 والمتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة.

وأشار  العمداء في بلاغهم  إلى "أنهم ومع تقديرهم لثقة رئاسة الجمهوريّة في الإطارات العليا للدّولة يعبرون عن تمسّكهم بحياد المؤسّسات الجامعيّة وضرورة النّأي بها عن الشأن السّياسي طبقا لأحكام الفصل 15 من دستور 27 جانفي 2014 وبالقيم والحرّيّات الأكاديميّة المعمول بها والمتّفق عليها حتّى لا ينجروا إلى اتخاذ مواقف من برامج سياسيّة لا تتّصل بمسؤوليّاتهم الأكاديميّة والعلميّة والبحثيّة والتّأطيريّة".

وأضاف العمداء انه" ولئن يحق للجامعيين شأنهم شأن سائر المواطنين أن تكون لهم آراء سياسية وان يعبروا عنها بكل حرية فان ممارسة هذا الحق تكون باسمهم الخاص لا باسم المؤسسة الجامعية خاصة عندما يشغلون منصب مسؤولية بالجامعة التونسية التزاما بواجب التحفظ".

انقسام وانتقادات

هذا الرفض للمرسوم عدد 30 المتعلق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة” الذي كان قد نص على إحداث اللجنة الاستشارية القانونية وأشار الفصل الثامن منه الى أنها تتكون من عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية ويتولى رئاستها اكبر الأعضاء سنا، قابله البعض من بين الأساتذة الموالين لخيارات رئيس الجمهورية ببعض من الامتعاض بلغ حد الدعوة للعمداء بالهداية وهذا ما جاء على لسان رشيدة النيفر المستشارة السابقة لدى رئيس الجمهورية قيس سعيد المكلفة بالإعلام والاتصال لكنها أيضا أستاذة في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.

وردا منها على موقف زملائها العمداء دونت النيفر أمس على صفحتها بموقع فايسبوك معتبرة أن ذلك ".. يكرس القطيعة بين النخبة التي من المفروض أنهم جزء منها والشعب الذي يبحث عن سبل التغيير ويرفض العودة إلى الوراء.”

وأضافت “تقديم الخبرة والاستشارة هو دور كل أستاذ فما بالك بالعمداء وماعدا ذلك فهو سوء تقدير لدقة اللحظة.. ربي يهدي”. وفق نص التدوينة.

تجدر الإشارة أيضا إلى أنه قد استبق رفض العمداء توقيع عريضة من طرف عدد من الأستاذة الجامعيين والجامعيات وعمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية، للمطالبة بعدم الزج بعمداء الجامعات في الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة المحدثة بمقتضى المرسوم عدد 30 المؤرخ في 19 ماي 2022 .

وصرحت بالمناسبة منى كريم أستاذة القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس بأن "توريط عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم القانونية في الحسابات السياسية من شأنه أن يمس بحياد الجامعة واستقلاليتها وبحرية تعبيرها ..".

التشكيك والامانة العلمية

الملاحظ أيضا أن خطر دخول الجامعيين في قلب الصراع السياسي له استتباعات بلغت حد التشكيك في النزاهة العلمية والقدح في المواقف الشخصية والسياسية للأساتذة لا سيما تلك المتعارضة مع ما يدرسونه على المدارج لطلبتهم وفق تقدير البعض.

وهنا تجدر الإشارة إلى الانتقادات التي وجهت للعميد الصادق بلعيد اثر تعيينه الرئيس المنسق للهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة مما اضطر الرجل للخروج عن صمته وعن واجب التحفظ، على اعتبار مسؤوليته الجديدة، محاولا تفنيد بعض ما راج من أخبار حيث نفى في تدوينة له على موقعه على الفايسبوك  الأخبار التي تحدثت عن مساهمته في إرساء الرئاسة مدى الحياة تحت النّظام السابق .

وكتب بلعيد "تنال شخصي منذ يومين انتقادات عدّة وذلك اثر تعييني على رأس الهيئة الوطنيّة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة بموجب المرسوم المؤرخ في 20 ماي الجاري. اختلاف الآراء مطلوب ومحمود ويدلّ على صحيّة النّقاش السّياسيّ في بلدنا. وكان أيضا متوقّعا. أستمع بنفس الاهتمام للآراء المعارضة والمساندة، لأنّني مقتنع بأنّ أغلبيتها الساحقة نابعة من حرصنا على بلدنا العزيز، تونس -أنا الذي ساهمت في بنائه وبناء جامعاته منذ أواخر ستينات القرن الماضي دون كلل ولا ملل كما قد تشهد بذلك أجيال سعدتُ وأفتخر بتكوينها-.سيتسنّى لي التعبير في مناسبات قادمة عن الأسباب التي دفعتني الى القبول بالانخراط في عمل الهيئة الاستشارية المحدثة الذي أراه ضروريّا لإنقاذ بلادنا من أزمة خانقة جاثمة علينا منذ سنوات”.

وأضاف “في الأثناء، أودّ تفنيد خبر خاطئ وغير دقيق بالمرّة تداولته بعض المحطات الإعلامية وبعض منصّات التّواصل الاجتماعي ومفاده أنّني ساهمت في إرساء الرئاسة مدى الحياة تحت النّظام السابق. أنا لم أشارك لا من قريب ولا من بعيد في التعديلات التي طالت دستور 1959 عن طريق الاستفتاء الشعبي لسنة 2002، والتي فتحت المجال لتكريس ولاية رئاسيّة مدى الحياة. طُلِب منّي حينها فعليّا المساهمة في ذلك المشروع السّياسيّ، ولكنّني رفضت فورا رفضا قاطعا ومبدئيّا..."

م.ي

الجامعيون مختلفون وحياد الجامعة والأمانة العلمية في الميزان

تونس-الصباح

المؤكد أن الأزمة السياسية في البلاد تلقى بظلالها على جميع القطاعات والمنظمات والأخطر أن الانقسامات تتمدد. فبعد هياكل القضاء والمنظمات تحديدا اتحاد الفلاحين والرابطة وكذلك هيكل المحاماة تصل العدوى اليوم إلى الجامعيين مما يطرح أسئلة حارقة حول مسالة حياد الجامعة عن التجاذبات السياسية لا سيما في ظل مخاطر التشكيك في الأمانة العلمية لرموز الجامعة التونسية وأساتذتها الأجلاء.

في الحقيقة لم تطرح اليوم فقط مسألة الانقسام داخل الجامعة التونسية وما أضحت عليه الأمانة العلمية في ميزان التشكيك والإحراج أمام الطلبة خاصة في صفوف دارسي القانون بل انطلقت الشرارة منذ خطوة إجراءات 25 جويلية لكنها تتعمق اليوم أكثر فأكثر بعد خروج جزء من رموز الجامعة عن منطق الدعم الاستشاري والتفسيري المدافع على مشروعية خطوات الرئيس والانخراط عمليا في تنفيذ تصورات ورغبات ساكن قرطاج  بتعيينهم على رأس هيئات، مقابل ارتفاع صوت زملائهم الرافض لهذا المنحى والمتعفف عن الانخراط في مسار الجمهورية الجديدة حفاظا على حياد الجامعة والجامعيين عن التجاذبات السياسية.

العمداء يرفضون

وتكرس أكثر الانقسام اليوم بعد البيان الأخير الصادر أول أمس عن عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم السياسية والقانونية بتونس وأعلنوا فيه عن اعتذارهم عن عضوية اللجنة الاستشارية القانونية ولجنة الحوار الوطني المنصوص عليهما بالمرسوم عدد 30 لسنة 2022 المؤرخ في 19 ماي 2022 والمتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة.

وأشار  العمداء في بلاغهم  إلى "أنهم ومع تقديرهم لثقة رئاسة الجمهوريّة في الإطارات العليا للدّولة يعبرون عن تمسّكهم بحياد المؤسّسات الجامعيّة وضرورة النّأي بها عن الشأن السّياسي طبقا لأحكام الفصل 15 من دستور 27 جانفي 2014 وبالقيم والحرّيّات الأكاديميّة المعمول بها والمتّفق عليها حتّى لا ينجروا إلى اتخاذ مواقف من برامج سياسيّة لا تتّصل بمسؤوليّاتهم الأكاديميّة والعلميّة والبحثيّة والتّأطيريّة".

وأضاف العمداء انه" ولئن يحق للجامعيين شأنهم شأن سائر المواطنين أن تكون لهم آراء سياسية وان يعبروا عنها بكل حرية فان ممارسة هذا الحق تكون باسمهم الخاص لا باسم المؤسسة الجامعية خاصة عندما يشغلون منصب مسؤولية بالجامعة التونسية التزاما بواجب التحفظ".

انقسام وانتقادات

هذا الرفض للمرسوم عدد 30 المتعلق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة” الذي كان قد نص على إحداث اللجنة الاستشارية القانونية وأشار الفصل الثامن منه الى أنها تتكون من عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية ويتولى رئاستها اكبر الأعضاء سنا، قابله البعض من بين الأساتذة الموالين لخيارات رئيس الجمهورية ببعض من الامتعاض بلغ حد الدعوة للعمداء بالهداية وهذا ما جاء على لسان رشيدة النيفر المستشارة السابقة لدى رئيس الجمهورية قيس سعيد المكلفة بالإعلام والاتصال لكنها أيضا أستاذة في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.

وردا منها على موقف زملائها العمداء دونت النيفر أمس على صفحتها بموقع فايسبوك معتبرة أن ذلك ".. يكرس القطيعة بين النخبة التي من المفروض أنهم جزء منها والشعب الذي يبحث عن سبل التغيير ويرفض العودة إلى الوراء.”

وأضافت “تقديم الخبرة والاستشارة هو دور كل أستاذ فما بالك بالعمداء وماعدا ذلك فهو سوء تقدير لدقة اللحظة.. ربي يهدي”. وفق نص التدوينة.

تجدر الإشارة أيضا إلى أنه قد استبق رفض العمداء توقيع عريضة من طرف عدد من الأستاذة الجامعيين والجامعيات وعمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية، للمطالبة بعدم الزج بعمداء الجامعات في الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة المحدثة بمقتضى المرسوم عدد 30 المؤرخ في 19 ماي 2022 .

وصرحت بالمناسبة منى كريم أستاذة القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس بأن "توريط عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم القانونية في الحسابات السياسية من شأنه أن يمس بحياد الجامعة واستقلاليتها وبحرية تعبيرها ..".

التشكيك والامانة العلمية

الملاحظ أيضا أن خطر دخول الجامعيين في قلب الصراع السياسي له استتباعات بلغت حد التشكيك في النزاهة العلمية والقدح في المواقف الشخصية والسياسية للأساتذة لا سيما تلك المتعارضة مع ما يدرسونه على المدارج لطلبتهم وفق تقدير البعض.

وهنا تجدر الإشارة إلى الانتقادات التي وجهت للعميد الصادق بلعيد اثر تعيينه الرئيس المنسق للهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة مما اضطر الرجل للخروج عن صمته وعن واجب التحفظ، على اعتبار مسؤوليته الجديدة، محاولا تفنيد بعض ما راج من أخبار حيث نفى في تدوينة له على موقعه على الفايسبوك  الأخبار التي تحدثت عن مساهمته في إرساء الرئاسة مدى الحياة تحت النّظام السابق .

وكتب بلعيد "تنال شخصي منذ يومين انتقادات عدّة وذلك اثر تعييني على رأس الهيئة الوطنيّة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة بموجب المرسوم المؤرخ في 20 ماي الجاري. اختلاف الآراء مطلوب ومحمود ويدلّ على صحيّة النّقاش السّياسيّ في بلدنا. وكان أيضا متوقّعا. أستمع بنفس الاهتمام للآراء المعارضة والمساندة، لأنّني مقتنع بأنّ أغلبيتها الساحقة نابعة من حرصنا على بلدنا العزيز، تونس -أنا الذي ساهمت في بنائه وبناء جامعاته منذ أواخر ستينات القرن الماضي دون كلل ولا ملل كما قد تشهد بذلك أجيال سعدتُ وأفتخر بتكوينها-.سيتسنّى لي التعبير في مناسبات قادمة عن الأسباب التي دفعتني الى القبول بالانخراط في عمل الهيئة الاستشارية المحدثة الذي أراه ضروريّا لإنقاذ بلادنا من أزمة خانقة جاثمة علينا منذ سنوات”.

وأضاف “في الأثناء، أودّ تفنيد خبر خاطئ وغير دقيق بالمرّة تداولته بعض المحطات الإعلامية وبعض منصّات التّواصل الاجتماعي ومفاده أنّني ساهمت في إرساء الرئاسة مدى الحياة تحت النّظام السابق. أنا لم أشارك لا من قريب ولا من بعيد في التعديلات التي طالت دستور 1959 عن طريق الاستفتاء الشعبي لسنة 2002، والتي فتحت المجال لتكريس ولاية رئاسيّة مدى الحياة. طُلِب منّي حينها فعليّا المساهمة في ذلك المشروع السّياسيّ، ولكنّني رفضت فورا رفضا قاطعا ومبدئيّا..."

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews