إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ماذا في مشروع دستور العميد الصادق بلعيد؟

تونس-الصباح

منذ الإعلان عن تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بمهمة الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة يتعرض العميد الصادق بلعيد إلى كثير من التنمر والتشويه في مواقع التواصل الاجتماعي لكن قد يغيب على مستعملي هذه المواقع أن العميد كان في مقدمة الخبراء في القانون الدستوري الذين استمع إليهم المجلس الوطني التأسيسي في إطار إعداد مشروع الدستور، وكان في طليعة الخبراء الذين استمع إليهم الرئيس السابق الدكتور المنصف المرزوقي للاستئناس برأيه في مشروع الدستور الذي أعده التأسيسي وذلك قبل المصادقة عليه، وكان في مقدمة الخبراء الذين استشارهم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي خلال الأزمات السياسية، وقد لا يتذكر الكثير منهم أيضا أن العميد أعد مشروع دستور كامل احتوى على أكثر من 170 فصلا وعرضه في شهر جويلية سنة 2011 أي قبل انتخاب المجلس الوطني التأسيسي..

ويمكن لمن يطلع على مضامين ذلك المشروع أن يلاحظ أنه يقوم على نظام سياسي معدل فهو ليس بالرئاسي وليس بالبرلماني وقد حرص صاحبه على مسألة الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها وعلى رقابة السلطة على السلطة وأكد على أهمية دور الشعب وأهمية العودة إليه لأخذ رأيه حيث أقر إمكانية اللجوء إلى استفتاءات شعبية عديدة بعد الانتخابات ومنح المشروع الشعب إمكانية تقديم عرائض ولوائح ومشاريع قوانين إلى المجلس الوطني المنتخب وذلك حتى يتولى هذا الأخير سن قوانين أو النظر في ملفات معينة كما ركز على الديمقراطية المحلية رغبة في القطع مع المركزية المفرطة ومنح المجالس المحلية  المنتخبة صلاحيات مهمة.

ولمعرفة ما إذا سيتم الاستلهام من هذا المشروع خلال الاجتماعات المرتقبة صلب الهيئة الاستشارية في حال تركيزها اتصلت "الصباح" هاتفيا بالعميد الصادق بلعيد الذي كلفه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الجمعة الماضي برئاسة هذه الهيئة لكنه اعتذر عن الحديث إلينا في الوقت الراهن بالنظر إلى انشغالاته، ويذكر أنه سبق للعميد أن تحدث عن مشروع الدستور الذي بادر بإعداده في الحوار الذي أجرته معه الصباح مطلع أكتوبر الماضي، وقال إنه أعد مشروع دستور في ظرف شهر وقدمه للمجلس التأسيسي للاستئناس به لكن المجلس التأسيسي لم يعد إليه.

واستنادا إلى ما جاء في وثيقة شرح الأسباب فإن مشروع الدستور جاء إحياء لذكرى شهداء ثورة 14 جانفي، هذه الثورة التي أتت للقطع نهائيا مع عصر الاستبداد والقمع ولبناء جمهورية جديدة تقوم على أساس ديمقراطية تشاركية حقيقية وعادلة وموحدة.

وقام المقترح وفق ما ورد في الوثيقة على جملة من المبادئ وهي تأكيد سيادة الشعب واحترام الإرادة الشعبية كمصدر أساسي لجميع السلطات السياسية والشرعية الوطنية و على المكانة العالية التي تحظى بها حقوق الموطن وحرياته وكذلك واجباته، إضافة إلى التركيز على مسألة الديمقراطية التشاركية وعلى حق المواطن في المشاركة في ممارسة السلطة وصنع القرار وذلك على المستويين الوطني والمحلي وتكون هذه المشاركة بطريقة مبسطة وفعالة. كما ركز المشروع على مبادئ التضامن الوطني والعدالة والإنصاف كأساس لعمل الحكومة ولكل عمل سياسي على المستوين الوطني أو المحلي فضلا عن إقامة نظام دستوري يقوم على الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية على أن توجد آليات تضمن رقابة كل سلطة للسلطة الأخرى ويكون هذا في إطار الجمع بين مزايا النظامين "الرئاسي" و"البرلماني" التقليديين ، وبهدف التأسيس إلى نظام سياسي مرن وفعال يضمن تحقيق ديمقراطية حقيقية تشاركية عبر اللجوء إلى الاستفتاءات ويضمن التمثيلية بناء على العلاقة بين المؤسسات السياسية المنصوص عليها في الدستور..

ومن المبادئ الأخرى التي ارتكز عليها مشروع الدستور اعتماد اللامركزية  من خلال تركيز مؤسسات إقليمية ومحلية جديدة تسمح لممثليها المنتخَبين ديمقراطياً بإدارة شؤونهم على أساس التدبير الحر وفي نفس الوقت تضمن المشاركة في صنع القرار الوطني المتعلق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية.. ومن المبادئ الأخرى التي وردت في مشروع الدستور الذي أعده العميد الصادق بلعيد وعرضه عام 2011 ما يتعلق بضبط قواعد خاصة بتعديل الدستور بما يضمن الملاءمة بين استقرار النظام السياسي واستمراريته وبين متطلبات التغيير الضروري الذي يفرضه تطور المجتمع..

نظام معدل

بالنظر إلى مضامين مشروع الدستور الذي صاغه العميد الصادق بلعيد بعيد الثورة وتحديدا ما تعلق بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، يمكن الإشارة إلى أن النظام الذي اختاره هو نظام معدل بين الرئاسي والبرلماني وهو نظام يقر بمكانة هامة للبرلمان في منح الثقة للحكومة وفي مراقبتها ولكنه لا يجعلها تحت رحمته وفق ما أكده العميد في حوار صحفي أجراه الزميل كمال بن يونس معه سنة 2011.. ففي القسم الخاص بالسلطة التشريعية نص المشروع بالخصوص على أن أعضاء المجلس الوطني ينتخبون بالاقتراع العام والحر والمباشر والسري خلال الثلاثين يومًا الأخيرة من المدة النيابية على أن يحدد قانون أساسي انتخابي شروط وطرق إجراء الانتخابات التشريعية وأن مدة ولاية كل نائب هي أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وأن النائب هو ممثل لكامل الوطن وأن انتخاب النواب يتم بصفة شخصية ولا يجوز تفويضه. وتعرض المشروع لحصانة النائب وجاء فيه أنه لا يجوز مقاضاة أي نائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب الآراء التي يعبر عنها أو المقترحات التي يقدمها أو الأعمال التي يقوم بها بمناسبة ممارسة مهامه النيابية كما لا تجوز ملاحقة عضو المجلس أو إيقافه خلال فترة نيابته لارتكابه جريمة أو جنحة ما لم يرفع المجلس الحصانة عنه ولا يتم رفع الحصانة إلا بعد سماع المعني ولكن في حالة التلبس بالجرم يجوز القبض على النائب مع إبلاغ المجلس على الفور..

ونص المشروع سالف الذكر على أن جلسات المجلس الوطني علانية لكن يمكن التصويت على عقدها بصفة سرية، ومنح للمجلس إمكانية الاستماع إلى أحد أعضاء الحكومة سواء في جلسات عامة أو اجتماعات اللجان وأتاح له إمكانية تكوين لجان تحقيق كما سمح للمواطن بأن يقدم مطلبا للمجلس على أن تتولى لجنة مختصة دراسته، وضبط المشروع إجراءات تكوين اللجان وشروط قبول المبادرات التشريعية ومنح الأولوية للمبادرات المقدمة من الحكومة، ونص على أنه لا تُقبل المبادرات المقدمة من النواب كما لا تقبل تعديلات مشاريع القوانين الحكومية إذا كان اعتمادها يؤدي إلى تقليص موارد الميزانية أو يؤدي إلى الترفيع في الأداءات أو يحدث نفقات جديدة، وحدد المشروع مجالات القوانين العادية ومجالات القوانين الأساسية وضبط سبل التعاطي مع قانون المالية..

رئيس جمهورية ونائب له

وفي ما يتعلق بالسلطة التنفيذية، وحسب ما جاء في مشروع الدستور الذي سبق للعميد الصادق بلعيد أن أعده منذ سنة 2011 فإن السلطة التنفذية يمارسها رئيس الجمهورية والحكومة، وحسب المشروع فإن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ويساعده نائب رئيس يكون بدوره منتخبا ويختاره الرئيس ويكون دين الرئيس ودين نائبه الإسلام، وفي علاقة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية فجاء في المشروع أنه يجوز لكل تونسي متمتع بالجنسية التونسية والدين الإسلامي ومن أب تونسي أو أم تونسية الترشح لرئاسة الجمهورية ولمناصب نائب رئيس الجمهورية و يجب أن لا يقل سن المرشحين في يوم ترشيحهم عن أربعين عامًا ولا يزيد عن خمسة وسبعين عامًا ويجب أن يتمتعوا بجميع حقوقهم المدنية والسياسية، وتقدم الترشحات إلى المحكمة الدستورية، وتبت المحكمة في صحتها. وينتخب رئيس الجمهورية ونائبه لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط بالاقتراع العام الحر والمباشر والسري وبالأغلبية المطلقة للأصوات المدلى بها خلال الانتخابات الأخيرة، وفي حالة عدم الحصول على هذه الأغلبية في الاقتراع الأول ، يتم إجراء اقتراع ثانٍ يتنافس خلاله المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.

وحسب ما جاء في مقترح مشروع الدستور الذي أعده العميد الصادق بالعيد إبان الثورة فإن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن ولسلامة ترابه ولاحترام الدستور والقوانين وتنفيذ القوانين واحترام المعاهدات وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الذي يسهر على السير المنتظم للسلطات العامة الدستورية ويضمن استمرارية الدولة، ولا يجوز لرئيس الجمهورية ونائبه الانتماء إلى أي حزب سياسي. ورئيس الجمهورية هو الذي يترأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني وله الحق في ممارسة العفو، كما يترأس الاجتماع الأول للحكومة بعد تصويت البرلمان على منحها الثقة ويترأس مجلس الوزراء في العديد من الصور وله أن يعرض مشاريع على الاستفتاء.. وبناء على ما جاء في نفس المشروع يتولى رئيس الجمهورية ، بعد مداولات الحكومة وبناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء التعيينات في الوظائف العليا المدنية والعسكرية، ويبرم المعاهدات الدولية وله بعد اجتماع مجلس الوزراء أن يعلن الحرب ويبرم السلم بموافقة البرلمان وبعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء ومن صلاحيات رئيس الجمهورية اعتماد الممثلين الدبلوماسيين لدى الدول الأجنبية.

الحالة الاستثنائية

وتضمن مشروع الدستور فصلا تعلق بالحالة الاستثنائية، ونص على أنه في حالة وجود خطر وشيك يهدد مؤسسات الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها ويعيق السير العادي للسلطات العامة ، يجوز لرئيس الجمهورية اتخاذ الإجراءات الاستثنائية التي تقتضيها الظروف بعد استشارة رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الوطني  ويوجه رسالة للشعب في هذا الموضوع. وخلال هذه الفترة ، لا يجوز لرئيس الجمهورية حل المجلس، ولا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة وينتهي سريان هذه الإجراءات بمجرد زوال الأسباب التي أدت إليها.

في حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب الوفاة أو الاستقالة أو عجز تجتمع المحكمة الدستورية على الفور وتقرر الشغور النهائي بالأغلبية المطلقة لأعضائها ويتولى نائب رئيس الجمهورية على الفور مهام رئاسة الدولة للفترة المتبقية من المدة الرئاسية ويؤدي اليمين الدستورية أمام المجلس الوطني أي البرلمان..

البرلمان يمنح الثقة للحكومة

بالنسبة إلى الحكومة فهي وفق مقترح الدستور سالف الذكر تتكون من رئيس الوزراء ، ووزراء الدولة ، ورؤساء الوزارات ويتولى رئيس الجمهورية  بعد التشاور مع رئيس مجلس الشعب ورؤساء الكتل السياسية تكليف رئيس وزراء بتشكيل الفريق الحكومي ويعرض رئيس الوزراء المكلف بعد التشاور مع رئيس الجمهورية أمام المجلس الوطني في جلسة عامة برنامج حكومته وأعضاء فريقه الحكومي ويتم التصويت على طلب منح الثقة بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان وإذا حظيت بالثقة تمارس مهامها على الفور وفي صورة عدم نيل الثقة يعين رئيس الجمهورية مرشحاً جديداً وإذا لم يحصل هذا الأخير على ثقة المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضائه يقوم رئيس الجمهورية بحل البرلمان ويأمر بإجراء انتخابات عامة جديدة في الشهر التالي للحل.

كما تطرق مشروع الدستور سالف الذكر إلى فرضية تصويت البرلمان على لائحة لوم ضد الحكومة وفي هذه الصورة ينهي رئيس الجمهورية مهام الحكومة كما ينهيها في حال تقديم رئيس الوزراء لاستقالة الحكومة وينهي مهام أعضاء الحكومة باقتراح من رئيس الوزراء وبعد مداولات في مجلس الوزراء.

بوهلال

ماذا في مشروع دستور العميد الصادق بلعيد؟

تونس-الصباح

منذ الإعلان عن تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بمهمة الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة يتعرض العميد الصادق بلعيد إلى كثير من التنمر والتشويه في مواقع التواصل الاجتماعي لكن قد يغيب على مستعملي هذه المواقع أن العميد كان في مقدمة الخبراء في القانون الدستوري الذين استمع إليهم المجلس الوطني التأسيسي في إطار إعداد مشروع الدستور، وكان في طليعة الخبراء الذين استمع إليهم الرئيس السابق الدكتور المنصف المرزوقي للاستئناس برأيه في مشروع الدستور الذي أعده التأسيسي وذلك قبل المصادقة عليه، وكان في مقدمة الخبراء الذين استشارهم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي خلال الأزمات السياسية، وقد لا يتذكر الكثير منهم أيضا أن العميد أعد مشروع دستور كامل احتوى على أكثر من 170 فصلا وعرضه في شهر جويلية سنة 2011 أي قبل انتخاب المجلس الوطني التأسيسي..

ويمكن لمن يطلع على مضامين ذلك المشروع أن يلاحظ أنه يقوم على نظام سياسي معدل فهو ليس بالرئاسي وليس بالبرلماني وقد حرص صاحبه على مسألة الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها وعلى رقابة السلطة على السلطة وأكد على أهمية دور الشعب وأهمية العودة إليه لأخذ رأيه حيث أقر إمكانية اللجوء إلى استفتاءات شعبية عديدة بعد الانتخابات ومنح المشروع الشعب إمكانية تقديم عرائض ولوائح ومشاريع قوانين إلى المجلس الوطني المنتخب وذلك حتى يتولى هذا الأخير سن قوانين أو النظر في ملفات معينة كما ركز على الديمقراطية المحلية رغبة في القطع مع المركزية المفرطة ومنح المجالس المحلية  المنتخبة صلاحيات مهمة.

ولمعرفة ما إذا سيتم الاستلهام من هذا المشروع خلال الاجتماعات المرتقبة صلب الهيئة الاستشارية في حال تركيزها اتصلت "الصباح" هاتفيا بالعميد الصادق بلعيد الذي كلفه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الجمعة الماضي برئاسة هذه الهيئة لكنه اعتذر عن الحديث إلينا في الوقت الراهن بالنظر إلى انشغالاته، ويذكر أنه سبق للعميد أن تحدث عن مشروع الدستور الذي بادر بإعداده في الحوار الذي أجرته معه الصباح مطلع أكتوبر الماضي، وقال إنه أعد مشروع دستور في ظرف شهر وقدمه للمجلس التأسيسي للاستئناس به لكن المجلس التأسيسي لم يعد إليه.

واستنادا إلى ما جاء في وثيقة شرح الأسباب فإن مشروع الدستور جاء إحياء لذكرى شهداء ثورة 14 جانفي، هذه الثورة التي أتت للقطع نهائيا مع عصر الاستبداد والقمع ولبناء جمهورية جديدة تقوم على أساس ديمقراطية تشاركية حقيقية وعادلة وموحدة.

وقام المقترح وفق ما ورد في الوثيقة على جملة من المبادئ وهي تأكيد سيادة الشعب واحترام الإرادة الشعبية كمصدر أساسي لجميع السلطات السياسية والشرعية الوطنية و على المكانة العالية التي تحظى بها حقوق الموطن وحرياته وكذلك واجباته، إضافة إلى التركيز على مسألة الديمقراطية التشاركية وعلى حق المواطن في المشاركة في ممارسة السلطة وصنع القرار وذلك على المستويين الوطني والمحلي وتكون هذه المشاركة بطريقة مبسطة وفعالة. كما ركز المشروع على مبادئ التضامن الوطني والعدالة والإنصاف كأساس لعمل الحكومة ولكل عمل سياسي على المستوين الوطني أو المحلي فضلا عن إقامة نظام دستوري يقوم على الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية على أن توجد آليات تضمن رقابة كل سلطة للسلطة الأخرى ويكون هذا في إطار الجمع بين مزايا النظامين "الرئاسي" و"البرلماني" التقليديين ، وبهدف التأسيس إلى نظام سياسي مرن وفعال يضمن تحقيق ديمقراطية حقيقية تشاركية عبر اللجوء إلى الاستفتاءات ويضمن التمثيلية بناء على العلاقة بين المؤسسات السياسية المنصوص عليها في الدستور..

ومن المبادئ الأخرى التي ارتكز عليها مشروع الدستور اعتماد اللامركزية  من خلال تركيز مؤسسات إقليمية ومحلية جديدة تسمح لممثليها المنتخَبين ديمقراطياً بإدارة شؤونهم على أساس التدبير الحر وفي نفس الوقت تضمن المشاركة في صنع القرار الوطني المتعلق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية.. ومن المبادئ الأخرى التي وردت في مشروع الدستور الذي أعده العميد الصادق بلعيد وعرضه عام 2011 ما يتعلق بضبط قواعد خاصة بتعديل الدستور بما يضمن الملاءمة بين استقرار النظام السياسي واستمراريته وبين متطلبات التغيير الضروري الذي يفرضه تطور المجتمع..

نظام معدل

بالنظر إلى مضامين مشروع الدستور الذي صاغه العميد الصادق بلعيد بعيد الثورة وتحديدا ما تعلق بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، يمكن الإشارة إلى أن النظام الذي اختاره هو نظام معدل بين الرئاسي والبرلماني وهو نظام يقر بمكانة هامة للبرلمان في منح الثقة للحكومة وفي مراقبتها ولكنه لا يجعلها تحت رحمته وفق ما أكده العميد في حوار صحفي أجراه الزميل كمال بن يونس معه سنة 2011.. ففي القسم الخاص بالسلطة التشريعية نص المشروع بالخصوص على أن أعضاء المجلس الوطني ينتخبون بالاقتراع العام والحر والمباشر والسري خلال الثلاثين يومًا الأخيرة من المدة النيابية على أن يحدد قانون أساسي انتخابي شروط وطرق إجراء الانتخابات التشريعية وأن مدة ولاية كل نائب هي أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وأن النائب هو ممثل لكامل الوطن وأن انتخاب النواب يتم بصفة شخصية ولا يجوز تفويضه. وتعرض المشروع لحصانة النائب وجاء فيه أنه لا يجوز مقاضاة أي نائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب الآراء التي يعبر عنها أو المقترحات التي يقدمها أو الأعمال التي يقوم بها بمناسبة ممارسة مهامه النيابية كما لا تجوز ملاحقة عضو المجلس أو إيقافه خلال فترة نيابته لارتكابه جريمة أو جنحة ما لم يرفع المجلس الحصانة عنه ولا يتم رفع الحصانة إلا بعد سماع المعني ولكن في حالة التلبس بالجرم يجوز القبض على النائب مع إبلاغ المجلس على الفور..

ونص المشروع سالف الذكر على أن جلسات المجلس الوطني علانية لكن يمكن التصويت على عقدها بصفة سرية، ومنح للمجلس إمكانية الاستماع إلى أحد أعضاء الحكومة سواء في جلسات عامة أو اجتماعات اللجان وأتاح له إمكانية تكوين لجان تحقيق كما سمح للمواطن بأن يقدم مطلبا للمجلس على أن تتولى لجنة مختصة دراسته، وضبط المشروع إجراءات تكوين اللجان وشروط قبول المبادرات التشريعية ومنح الأولوية للمبادرات المقدمة من الحكومة، ونص على أنه لا تُقبل المبادرات المقدمة من النواب كما لا تقبل تعديلات مشاريع القوانين الحكومية إذا كان اعتمادها يؤدي إلى تقليص موارد الميزانية أو يؤدي إلى الترفيع في الأداءات أو يحدث نفقات جديدة، وحدد المشروع مجالات القوانين العادية ومجالات القوانين الأساسية وضبط سبل التعاطي مع قانون المالية..

رئيس جمهورية ونائب له

وفي ما يتعلق بالسلطة التنفيذية، وحسب ما جاء في مشروع الدستور الذي سبق للعميد الصادق بلعيد أن أعده منذ سنة 2011 فإن السلطة التنفذية يمارسها رئيس الجمهورية والحكومة، وحسب المشروع فإن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ويساعده نائب رئيس يكون بدوره منتخبا ويختاره الرئيس ويكون دين الرئيس ودين نائبه الإسلام، وفي علاقة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية فجاء في المشروع أنه يجوز لكل تونسي متمتع بالجنسية التونسية والدين الإسلامي ومن أب تونسي أو أم تونسية الترشح لرئاسة الجمهورية ولمناصب نائب رئيس الجمهورية و يجب أن لا يقل سن المرشحين في يوم ترشيحهم عن أربعين عامًا ولا يزيد عن خمسة وسبعين عامًا ويجب أن يتمتعوا بجميع حقوقهم المدنية والسياسية، وتقدم الترشحات إلى المحكمة الدستورية، وتبت المحكمة في صحتها. وينتخب رئيس الجمهورية ونائبه لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط بالاقتراع العام الحر والمباشر والسري وبالأغلبية المطلقة للأصوات المدلى بها خلال الانتخابات الأخيرة، وفي حالة عدم الحصول على هذه الأغلبية في الاقتراع الأول ، يتم إجراء اقتراع ثانٍ يتنافس خلاله المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.

وحسب ما جاء في مقترح مشروع الدستور الذي أعده العميد الصادق بالعيد إبان الثورة فإن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن ولسلامة ترابه ولاحترام الدستور والقوانين وتنفيذ القوانين واحترام المعاهدات وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الذي يسهر على السير المنتظم للسلطات العامة الدستورية ويضمن استمرارية الدولة، ولا يجوز لرئيس الجمهورية ونائبه الانتماء إلى أي حزب سياسي. ورئيس الجمهورية هو الذي يترأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني وله الحق في ممارسة العفو، كما يترأس الاجتماع الأول للحكومة بعد تصويت البرلمان على منحها الثقة ويترأس مجلس الوزراء في العديد من الصور وله أن يعرض مشاريع على الاستفتاء.. وبناء على ما جاء في نفس المشروع يتولى رئيس الجمهورية ، بعد مداولات الحكومة وبناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء التعيينات في الوظائف العليا المدنية والعسكرية، ويبرم المعاهدات الدولية وله بعد اجتماع مجلس الوزراء أن يعلن الحرب ويبرم السلم بموافقة البرلمان وبعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء ومن صلاحيات رئيس الجمهورية اعتماد الممثلين الدبلوماسيين لدى الدول الأجنبية.

الحالة الاستثنائية

وتضمن مشروع الدستور فصلا تعلق بالحالة الاستثنائية، ونص على أنه في حالة وجود خطر وشيك يهدد مؤسسات الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها ويعيق السير العادي للسلطات العامة ، يجوز لرئيس الجمهورية اتخاذ الإجراءات الاستثنائية التي تقتضيها الظروف بعد استشارة رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الوطني  ويوجه رسالة للشعب في هذا الموضوع. وخلال هذه الفترة ، لا يجوز لرئيس الجمهورية حل المجلس، ولا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة وينتهي سريان هذه الإجراءات بمجرد زوال الأسباب التي أدت إليها.

في حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب الوفاة أو الاستقالة أو عجز تجتمع المحكمة الدستورية على الفور وتقرر الشغور النهائي بالأغلبية المطلقة لأعضائها ويتولى نائب رئيس الجمهورية على الفور مهام رئاسة الدولة للفترة المتبقية من المدة الرئاسية ويؤدي اليمين الدستورية أمام المجلس الوطني أي البرلمان..

البرلمان يمنح الثقة للحكومة

بالنسبة إلى الحكومة فهي وفق مقترح الدستور سالف الذكر تتكون من رئيس الوزراء ، ووزراء الدولة ، ورؤساء الوزارات ويتولى رئيس الجمهورية  بعد التشاور مع رئيس مجلس الشعب ورؤساء الكتل السياسية تكليف رئيس وزراء بتشكيل الفريق الحكومي ويعرض رئيس الوزراء المكلف بعد التشاور مع رئيس الجمهورية أمام المجلس الوطني في جلسة عامة برنامج حكومته وأعضاء فريقه الحكومي ويتم التصويت على طلب منح الثقة بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان وإذا حظيت بالثقة تمارس مهامها على الفور وفي صورة عدم نيل الثقة يعين رئيس الجمهورية مرشحاً جديداً وإذا لم يحصل هذا الأخير على ثقة المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضائه يقوم رئيس الجمهورية بحل البرلمان ويأمر بإجراء انتخابات عامة جديدة في الشهر التالي للحل.

كما تطرق مشروع الدستور سالف الذكر إلى فرضية تصويت البرلمان على لائحة لوم ضد الحكومة وفي هذه الصورة ينهي رئيس الجمهورية مهام الحكومة كما ينهيها في حال تقديم رئيس الوزراء لاستقالة الحكومة وينهي مهام أعضاء الحكومة باقتراح من رئيس الوزراء وبعد مداولات في مجلس الوزراء.

بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews