إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 4 سنوات.. أسعار النفط تتهاوى.. وتونس أمام فرصة تنفيذ إصلاحات هيكلية

 

- توقعات بحدوث انهيار تاريخي لأسعار النفط موفى 2026

واصلت أسعار النفط، أمس، انخفاضها المستمر، وبلغت النسبة حوالي 4 % (60.69 دولارا للبرميل خام برنت) خلال التعاملات في الأسواق الدولية، وهو أدنى مستوى خلال 4 سنوات بعد أن كانت في حدود 70 دولارا الشهر الماضي. ويأتي هذا التراجع مدفوعًا بمخاوف من ركود عالمي يهدد الطلب، وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فضلا عن توقعات صادرة حديثا عن تقرير لمجموعة غولدمان ساكس الأمريكية بتراجع سعر برميل النفط الى ما دون 40 دولارا للبرميل أواخر 2026، في هذا السياق، تعد تونس من بين الدول التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من هذا الانخفاض، بالنظر إلى طبيعة اقتصادها واعتمادها على واردات الطاقة.

وتتعدد الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض المستمر في أسعار النفط، ومن أبرزها مخاوف الركود العالمي، حيث تتزايد المؤشرات على تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يهدد بتراجع الطلب على النفط، فضلا عن الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر إقتصادين في العالم، والتي تضيف مزيدًا من الضغوط على الأسواق، إلى جانب احتمال تراجع تحالف أوبك بلس عن سياسات خفض الإنتاج، والذي يساهم في زيادة العرض على حساب الطلب. وساهمت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين بنسبة 104 %، والتي دخلت حيز التنفيذ، من حدة التوترات الاقتصادية العالمية، وأثرت سلبًا على أسواق الطاقة، الأمر الذي دفع بمجموعة لها صيتا عالميا، وتضم أفضل الخبراء والمحللين، الى توقع أن يصل سعر برميل خام برنت إلى أقل من 40 دولارًا في ظل سيناريو متطرف يشمل ركودًا اقتصاديًا عالميًا وزيادة الإمدادات.

تخفيف العبء على ميزانية الدولة

وتعتبر تونس من الدول المستوردة للطاقة، حيث تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط لتلبية احتياجاتها المحلية. وقد خصصت الحكومة التونسية مبلغ 11.5 مليار دينار ضمن ميزانية الدولة لعام 2025، وذلك على شكل دعم موجه لقطاعات المحروقات والمواد الأساسية والنقل. ويشمل هذا الدعم نحو 8 مليار دينار مخصص لقطاع المحروقات، علما وأن نفقات الدعم تمثل حوالي 19.4 % من إجمالي نفقات ميزانية الدولة و6.3 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع تراجع أسعار النفط، ستتمكن الحكومة التونسية من تقليل فاتورة الطاقة، مما يخفف الضغط على ميزانية الدولة. وفقًا للأسعار الحالية، من المرجح أن يوفر انخفاض النفط ملايين الدولارات سنويًا، مما يتيح فرصة لإعادة توجيه هذه الأموال إلى قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. ومع انخفاض تكلفة استيراد النفط، ستتمكن تونس من توفير جزء كبير من العملة الصعبة التي كانت موجهة لشراء الطاقة. هذا التحسن في الاحتياطي النقدي الأجنبي سيساهم في استقرار سعر صرف الدينار التونسي، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحد من التضخم. كما أن انخفاض تكاليف الطاقة سيؤدي إلى خفض تكلفة الإنتاج للشركات والمصانع، مما يعزز من قدرتها التنافسية ويشجع على الاستثمار. كما من المرجح في حال تحقق سيناريو غولدمان ساكس أن تسير أسعار الوقود المحلية نحو الانخفاض، مما يخفف العبء عن المواطنين ويحسن القدرة الشرائية.

وتعد واردات الطاقة أحد العوامل الرئيسية في عجز الميزان التجاري التونسي، ومع تراجع أسعار النفط، سينخفض حجم الواردات من حيث القيمة، مما يساهم في تقليص العجز وتحسين التوازن التجاري. كما يعد انخفاض أسعار النفط فرصة لتونس لتعزيز إصلاحات قطاع الطاقة، حيث سيمكن الحكومة من استغلال هذه الفترة لتطوير استراتيجيات طويلة الأجل تعتمد على تعزيز الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

انخفاض «فاتورة» الطاقة

ووفق ما كشفه بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن انخفاض أسعار النفط يعني انخفاض فاتورة الدعم الحكومي للمحروقات، ويمكن للحكومة استغلال هذه الفرصة لإعادة هيكلة نظام الدعم، بحيث يتم توجيه هذه الأموال نحو برامج اجتماعية، وتنموية أكثر استدامة، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، والتركيز على تطويرها، مثل الطرق والموانئ ومشاريع الطاقة المتجددة، ومن من شأن ذلك أن يعزز من تنافسية الاقتصاد التونسي ويخلق فرص عمل جديدة. ومع انخفاض تكاليف الإنتاج نتيجة لتراجع أسعار الطاقة، يمكن للشركات التونسية أن تصبح أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، مما يعزز من صادرات البلاد ويزيد من إيرادات العملة الصعبة.

جدير بالذكر، أن الحكومة التونسية، كانت قد وضعت فرضية سعر 77.4 دولارًا لبرميل النفط كأساس لتوقعاتها المالية لعام 2025، بعد أن كان السعر المعتمد في 2024 حوالي 81 دولارًا. ويُشار الى أن الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، كان قد صرح لـ«الصباح»، أن كل زيادة بدولار في سعر النفط تكبد الدولة خسارة تقدر بـ140 مليون دينار في الميزانية.

ومع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 60 دولارًا، يشدد جل خبراء الاقتصاد، أن لهذا الانخفاض تأثيرات إيجابية على المالية العامة للدولة. وفي ظل العجز المالي الذي تعاني منه تونس، فإن تراجع أسعار النفط يخفف من الضغط على الميزانية، كما يقلل من الحاجة إلى الاقتراض الخارجي أو فرض ضرائب إضافية على المواطنين.

ويمثل تراجع أسعار النفط عالميًا، اليوم، فرصة ذهبية لتونس لتخفيف الأعباء الاقتصادية، وتحسين الميزانية العامة، كما تمثل فرصة لتنفيذ إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة، وتعزيز الاستثمار، ودعم القطاعات الإنتاجية. ولا يستبعد خبراء الاقتصاد، انه في حال تم استثمار هذه الفرصة بشكل مدروس، فإنها ستشكل نقطة تحول في مسار التنمية الاقتصادية في تونس خلال السنوات القادمة.

سفيان المهداوي

انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 4 سنوات..   أسعار النفط تتهاوى.. وتونس أمام فرصة تنفيذ إصلاحات هيكلية

 

- توقعات بحدوث انهيار تاريخي لأسعار النفط موفى 2026

واصلت أسعار النفط، أمس، انخفاضها المستمر، وبلغت النسبة حوالي 4 % (60.69 دولارا للبرميل خام برنت) خلال التعاملات في الأسواق الدولية، وهو أدنى مستوى خلال 4 سنوات بعد أن كانت في حدود 70 دولارا الشهر الماضي. ويأتي هذا التراجع مدفوعًا بمخاوف من ركود عالمي يهدد الطلب، وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فضلا عن توقعات صادرة حديثا عن تقرير لمجموعة غولدمان ساكس الأمريكية بتراجع سعر برميل النفط الى ما دون 40 دولارا للبرميل أواخر 2026، في هذا السياق، تعد تونس من بين الدول التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من هذا الانخفاض، بالنظر إلى طبيعة اقتصادها واعتمادها على واردات الطاقة.

وتتعدد الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض المستمر في أسعار النفط، ومن أبرزها مخاوف الركود العالمي، حيث تتزايد المؤشرات على تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يهدد بتراجع الطلب على النفط، فضلا عن الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر إقتصادين في العالم، والتي تضيف مزيدًا من الضغوط على الأسواق، إلى جانب احتمال تراجع تحالف أوبك بلس عن سياسات خفض الإنتاج، والذي يساهم في زيادة العرض على حساب الطلب. وساهمت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين بنسبة 104 %، والتي دخلت حيز التنفيذ، من حدة التوترات الاقتصادية العالمية، وأثرت سلبًا على أسواق الطاقة، الأمر الذي دفع بمجموعة لها صيتا عالميا، وتضم أفضل الخبراء والمحللين، الى توقع أن يصل سعر برميل خام برنت إلى أقل من 40 دولارًا في ظل سيناريو متطرف يشمل ركودًا اقتصاديًا عالميًا وزيادة الإمدادات.

تخفيف العبء على ميزانية الدولة

وتعتبر تونس من الدول المستوردة للطاقة، حيث تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط لتلبية احتياجاتها المحلية. وقد خصصت الحكومة التونسية مبلغ 11.5 مليار دينار ضمن ميزانية الدولة لعام 2025، وذلك على شكل دعم موجه لقطاعات المحروقات والمواد الأساسية والنقل. ويشمل هذا الدعم نحو 8 مليار دينار مخصص لقطاع المحروقات، علما وأن نفقات الدعم تمثل حوالي 19.4 % من إجمالي نفقات ميزانية الدولة و6.3 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع تراجع أسعار النفط، ستتمكن الحكومة التونسية من تقليل فاتورة الطاقة، مما يخفف الضغط على ميزانية الدولة. وفقًا للأسعار الحالية، من المرجح أن يوفر انخفاض النفط ملايين الدولارات سنويًا، مما يتيح فرصة لإعادة توجيه هذه الأموال إلى قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. ومع انخفاض تكلفة استيراد النفط، ستتمكن تونس من توفير جزء كبير من العملة الصعبة التي كانت موجهة لشراء الطاقة. هذا التحسن في الاحتياطي النقدي الأجنبي سيساهم في استقرار سعر صرف الدينار التونسي، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحد من التضخم. كما أن انخفاض تكاليف الطاقة سيؤدي إلى خفض تكلفة الإنتاج للشركات والمصانع، مما يعزز من قدرتها التنافسية ويشجع على الاستثمار. كما من المرجح في حال تحقق سيناريو غولدمان ساكس أن تسير أسعار الوقود المحلية نحو الانخفاض، مما يخفف العبء عن المواطنين ويحسن القدرة الشرائية.

وتعد واردات الطاقة أحد العوامل الرئيسية في عجز الميزان التجاري التونسي، ومع تراجع أسعار النفط، سينخفض حجم الواردات من حيث القيمة، مما يساهم في تقليص العجز وتحسين التوازن التجاري. كما يعد انخفاض أسعار النفط فرصة لتونس لتعزيز إصلاحات قطاع الطاقة، حيث سيمكن الحكومة من استغلال هذه الفترة لتطوير استراتيجيات طويلة الأجل تعتمد على تعزيز الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

انخفاض «فاتورة» الطاقة

ووفق ما كشفه بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن انخفاض أسعار النفط يعني انخفاض فاتورة الدعم الحكومي للمحروقات، ويمكن للحكومة استغلال هذه الفرصة لإعادة هيكلة نظام الدعم، بحيث يتم توجيه هذه الأموال نحو برامج اجتماعية، وتنموية أكثر استدامة، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، والتركيز على تطويرها، مثل الطرق والموانئ ومشاريع الطاقة المتجددة، ومن من شأن ذلك أن يعزز من تنافسية الاقتصاد التونسي ويخلق فرص عمل جديدة. ومع انخفاض تكاليف الإنتاج نتيجة لتراجع أسعار الطاقة، يمكن للشركات التونسية أن تصبح أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، مما يعزز من صادرات البلاد ويزيد من إيرادات العملة الصعبة.

جدير بالذكر، أن الحكومة التونسية، كانت قد وضعت فرضية سعر 77.4 دولارًا لبرميل النفط كأساس لتوقعاتها المالية لعام 2025، بعد أن كان السعر المعتمد في 2024 حوالي 81 دولارًا. ويُشار الى أن الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، كان قد صرح لـ«الصباح»، أن كل زيادة بدولار في سعر النفط تكبد الدولة خسارة تقدر بـ140 مليون دينار في الميزانية.

ومع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 60 دولارًا، يشدد جل خبراء الاقتصاد، أن لهذا الانخفاض تأثيرات إيجابية على المالية العامة للدولة. وفي ظل العجز المالي الذي تعاني منه تونس، فإن تراجع أسعار النفط يخفف من الضغط على الميزانية، كما يقلل من الحاجة إلى الاقتراض الخارجي أو فرض ضرائب إضافية على المواطنين.

ويمثل تراجع أسعار النفط عالميًا، اليوم، فرصة ذهبية لتونس لتخفيف الأعباء الاقتصادية، وتحسين الميزانية العامة، كما تمثل فرصة لتنفيذ إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة، وتعزيز الاستثمار، ودعم القطاعات الإنتاجية. ولا يستبعد خبراء الاقتصاد، انه في حال تم استثمار هذه الفرصة بشكل مدروس، فإنها ستشكل نقطة تحول في مسار التنمية الاقتصادية في تونس خلال السنوات القادمة.

سفيان المهداوي