شكلت مسألة الديون المتخلدة بذمة «المُعسرين من المشتركين في كل من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه أحد أهم المحاور في لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء يوم الخميس 13 فيفري 2025 بقصر قرطاج، بكمال المدّوري رئيس الحكومة. وقد أذن رئيس الجمهورية بضرورة العمل على إيجاد صيغ عملية لجدولة هذه النوعية من الديون المتخلدة، مع التخلّي عن الخطايا. مؤكدا «أن الإبقاء على هذه الحال لن يزيد الوضع إلا تفاقما دون أي جدوى فلا المشتركون قادرون على الدفع ولا الشركتان المذكورتان ستستفيدان من قطع الماء والكهرباء»، وفق ما ورد في البيان الذي نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها.
ويبدو أن هذا التوجه لخلاص ديون الشركتين سيكون في صالح المواطن أيضا حيث سيستفيد من عملية تقسيط ديونه فضلا عن عدم خلاص خطايا التأخير، حيث أن ديون الشركتين تثقل جيب المواطن التونسي الذي تدهورت مقدرته الشرائية.
ولا تقتصر ديون الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه على ما هو متخلد بذمة المواطنين فقط بل أن العديد من الشركات لديها متخلدات بالذمة تجاه «الستاغ» و«الصوناد» وفي هذا السياق ووفقا لآخر التصريحات الرسمية في الغرض، فقد أكد كاتب عام الجامعة العامة للكهرباء والغاز التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل سليم البوزيدي في تصريح سابق لـ«الصباح» أن الوضعية المالية التي تمر بها «الستاغ» صعبة حيث بلغت ديون الشركة غير المستخلصة لدى الحرفاء بجميع أصنافهم حوالي 4000 مليون دينار تتوزع بين 55 % للقطاع الخاص منهم المنزليون والمؤسسات الاقتصادية وقطاع الخدمات و45 % راجع للقطاع العام أي مؤسسات الدولة الوطنية والإدارات والجماعات المحلية والوزارات.
وكشف البوزيدي في حديثه حول نفس المسألة أن احتياجات «الستاغ» إلى غاية نهاية سنة 2024 تناهز 11442 مليون دينار لتغطية النفقات، في المقابل لا تتعدى مداخيل الشركة في السنة 5860 مليون دينار. مع العلم أن تكلفة فاتورة الغاز السنوية وحدها تبلغ 3258 مليون دينار،لأن فاتورة الغاز مكلفة جدا على «الستاغ» حيث أن 70 % من موارد الشركة السنوية تصرف في شراء الغاز من الجزائر ووفق التقديرات المقدمة في الغرض، فإن تكلفة فاتورة الغاز شهريا والى غاية موفى سنة 2024 تناهز 362 مليون دينار.
وحسب البوزيدي فإن مستحقات الجزائر من الشركة تبلغ حاليا 1702 مليون دينار أي ما يقارب 549 مليون دولار، وذلك بعد تضاعف الأسعار وتغيير التعريفة إثر الحرب الروسية - الأوكرانية.
وفي نفس السياق، كان مدير الاستخلاص بالشركة التونسية للكهرباء والغاز فتحي الخلفاوي قد كشف أنه تم التفطن إلى 18 ألف مواطن يختلسون الكهرباء ما يعادل خسائر تناهز 80 مليون دينار وذلك بعد معاينات تم القيام بها في 2023. وأكّد أن هذا الرقم مفزع لكن هناك المزيد من حالات الاختلاس لم يتم التفطّن إليها بعد، مشيرا إلى مضاعفة حملات المعاينة والمراقبة للعدادات من أجل وضع حد للعملية.
وشدد على أنه لا تسامح مع المواطنين الذين يتعمدون اختلاس الكهرباء بطرق مبتكرة وغريبة مما يكبّد الشركة خسائر فادحة، مضيفا أنه سيتم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية اللازمة.
إجراءات لفائدة المواطنين للخلاص
يذكر أيضا أن الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز فيصل طريفة، كان قد قال في تصريحات إعلامية سابقة «إن إجراء تقسيط خلاص فواتير الكهرباء لفائدة حرفاء الشركة مكّن من تحقيق موارد مالية بقيمة 90 مليون دينار وأن 120 ألف حريف تمتعوا بتسهيلات لسداد الفواتير غير المُستخلصة».
يذكر أيضا أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز «ستاغ» قد أطلقت منذ أشهر قليلة حملة لفائدة حرفائها في القطاع السكني بإتاحة تقسيط الفواتير المتخلّدة بالذمة وتمتع أكثر من 30 ألف حريف بإجراء تقسيط فواتير الكهرباء والغاز.
ويأتي هذا الإجراء لتحسين استخلاص الديون المتخلدة بذمة الحرفاء والتي بلغت 3000 مليون دينار، نصفها لدى حرفاء القطاع السكني.
فواتير الكهرباء والغاز تستأثر بنصيب كبير من ميزانية الأسر التونسية
يشار إلى أن فواتير الكهرباء تحل في مرتبة متقدمة في الإنفاق الأسري للتونسيين، حيث تفيد بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن كلفة السكن التي تشمل فواتير الكهرباء تشكل أكثر من 23 % من مجموع هيكلة نفقات الأسر محتلة المرتبة الثانية بعد نفقات التغذية والمشروبات غير الكحولية.
كما أظهر مسح حول «استهلاك الطاقة في المنازل وقطاع الخدمات في تونس»، نشرته الشركة التونسية للكهرباء والغاز عام 2023، أن متوسط استهلاك المنازل من الكهرباء يقدر بـ1,635.9 كيلوواط عام 2019، مقارنة بـ 1,508.4 كيلوواط عام 2014.
كما أبرزت هيكلة استهلاك الكهرباء في المنازل أن النسبة الأعلى للطاقة المنزلية تذهب إلى الطهي بنسبة 28 %، ثم التدفئة والمياه الساخنة المنزلية بنسبة
21 %، والثلاجات بنسبة 11 %، أما أجهزة التلفزيون فتستهلك 6 %، والتكييف 5 %، والإضاءة 4 %.
«الصوناد» تعاني من الديون المتخلدة بذمة هؤلاء
والأمر لا يقتصر فقط على «الستاغ» بل إن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه «الصوناد» تعاني بدورها من نفس الإشكاليات المتعلقة بعدم تسديد مستحقاتها من قبل المواطنين ومن قبل الشركات أيضا.
ووفقا لآخر الأرقام الرسمية الصادرة عن «الصوناد» والتي كشفها عضو مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه حسن الشارني، فإن الوضعية المالية للشركة في تدهور مستمرّ، خاصة مع ارتفاع ديونها غير المستخلصة لدى الحرفاء، حيث وصلت الديون إلى 860 مليون دينار بسبب تهرّب الحرفاء من خلاص فواتير الماء، وفق تعبيره.
وأضاف نفس المصدر، في تصريح سابق لـ«الصباح» أنّ المؤسسات والمنشآت العمومية يتخلّد بذمّتها أكثر من 50 % من الديون، فيما تتوزّع البقية بين المواطنين والمؤسسات الصناعية.
ويبلغ عدد حرفاء الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه 3.2 ملايين مشترك يتمّ تزويدهم عن طريق 58 ألف كلم من القنوات تضخّ أكثر من 800 مليون متر مكعب في السنة بمعدل 2300 مليون لتر في اليوم.
عموما وفي ظل هذه الأموال المتخلدة بذمة المواطنين والشركات والمؤسسات العمومية لدى شركتي «الصوناد» و«الستاغ» فإن التوجه نحو تطبيق جملة من التسهيلات التي ستساهم في دفع المواطنين والشركات إلى خلاص ما بذمتهم يبقى الحل الأمثل من أجل حثهم على تسديد ديونهم وتخليص الشركتين ولو بنسب متفاوتة من تواصل أزماتها عوضا عن المضي في قرار القطع والخطايا.
أميرة الدريدي
شكلت مسألة الديون المتخلدة بذمة «المُعسرين من المشتركين في كل من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه أحد أهم المحاور في لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء يوم الخميس 13 فيفري 2025 بقصر قرطاج، بكمال المدّوري رئيس الحكومة. وقد أذن رئيس الجمهورية بضرورة العمل على إيجاد صيغ عملية لجدولة هذه النوعية من الديون المتخلدة، مع التخلّي عن الخطايا. مؤكدا «أن الإبقاء على هذه الحال لن يزيد الوضع إلا تفاقما دون أي جدوى فلا المشتركون قادرون على الدفع ولا الشركتان المذكورتان ستستفيدان من قطع الماء والكهرباء»، وفق ما ورد في البيان الذي نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها.
ويبدو أن هذا التوجه لخلاص ديون الشركتين سيكون في صالح المواطن أيضا حيث سيستفيد من عملية تقسيط ديونه فضلا عن عدم خلاص خطايا التأخير، حيث أن ديون الشركتين تثقل جيب المواطن التونسي الذي تدهورت مقدرته الشرائية.
ولا تقتصر ديون الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه على ما هو متخلد بذمة المواطنين فقط بل أن العديد من الشركات لديها متخلدات بالذمة تجاه «الستاغ» و«الصوناد» وفي هذا السياق ووفقا لآخر التصريحات الرسمية في الغرض، فقد أكد كاتب عام الجامعة العامة للكهرباء والغاز التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل سليم البوزيدي في تصريح سابق لـ«الصباح» أن الوضعية المالية التي تمر بها «الستاغ» صعبة حيث بلغت ديون الشركة غير المستخلصة لدى الحرفاء بجميع أصنافهم حوالي 4000 مليون دينار تتوزع بين 55 % للقطاع الخاص منهم المنزليون والمؤسسات الاقتصادية وقطاع الخدمات و45 % راجع للقطاع العام أي مؤسسات الدولة الوطنية والإدارات والجماعات المحلية والوزارات.
وكشف البوزيدي في حديثه حول نفس المسألة أن احتياجات «الستاغ» إلى غاية نهاية سنة 2024 تناهز 11442 مليون دينار لتغطية النفقات، في المقابل لا تتعدى مداخيل الشركة في السنة 5860 مليون دينار. مع العلم أن تكلفة فاتورة الغاز السنوية وحدها تبلغ 3258 مليون دينار،لأن فاتورة الغاز مكلفة جدا على «الستاغ» حيث أن 70 % من موارد الشركة السنوية تصرف في شراء الغاز من الجزائر ووفق التقديرات المقدمة في الغرض، فإن تكلفة فاتورة الغاز شهريا والى غاية موفى سنة 2024 تناهز 362 مليون دينار.
وحسب البوزيدي فإن مستحقات الجزائر من الشركة تبلغ حاليا 1702 مليون دينار أي ما يقارب 549 مليون دولار، وذلك بعد تضاعف الأسعار وتغيير التعريفة إثر الحرب الروسية - الأوكرانية.
وفي نفس السياق، كان مدير الاستخلاص بالشركة التونسية للكهرباء والغاز فتحي الخلفاوي قد كشف أنه تم التفطن إلى 18 ألف مواطن يختلسون الكهرباء ما يعادل خسائر تناهز 80 مليون دينار وذلك بعد معاينات تم القيام بها في 2023. وأكّد أن هذا الرقم مفزع لكن هناك المزيد من حالات الاختلاس لم يتم التفطّن إليها بعد، مشيرا إلى مضاعفة حملات المعاينة والمراقبة للعدادات من أجل وضع حد للعملية.
وشدد على أنه لا تسامح مع المواطنين الذين يتعمدون اختلاس الكهرباء بطرق مبتكرة وغريبة مما يكبّد الشركة خسائر فادحة، مضيفا أنه سيتم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية اللازمة.
إجراءات لفائدة المواطنين للخلاص
يذكر أيضا أن الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز فيصل طريفة، كان قد قال في تصريحات إعلامية سابقة «إن إجراء تقسيط خلاص فواتير الكهرباء لفائدة حرفاء الشركة مكّن من تحقيق موارد مالية بقيمة 90 مليون دينار وأن 120 ألف حريف تمتعوا بتسهيلات لسداد الفواتير غير المُستخلصة».
يذكر أيضا أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز «ستاغ» قد أطلقت منذ أشهر قليلة حملة لفائدة حرفائها في القطاع السكني بإتاحة تقسيط الفواتير المتخلّدة بالذمة وتمتع أكثر من 30 ألف حريف بإجراء تقسيط فواتير الكهرباء والغاز.
ويأتي هذا الإجراء لتحسين استخلاص الديون المتخلدة بذمة الحرفاء والتي بلغت 3000 مليون دينار، نصفها لدى حرفاء القطاع السكني.
فواتير الكهرباء والغاز تستأثر بنصيب كبير من ميزانية الأسر التونسية
يشار إلى أن فواتير الكهرباء تحل في مرتبة متقدمة في الإنفاق الأسري للتونسيين، حيث تفيد بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن كلفة السكن التي تشمل فواتير الكهرباء تشكل أكثر من 23 % من مجموع هيكلة نفقات الأسر محتلة المرتبة الثانية بعد نفقات التغذية والمشروبات غير الكحولية.
كما أظهر مسح حول «استهلاك الطاقة في المنازل وقطاع الخدمات في تونس»، نشرته الشركة التونسية للكهرباء والغاز عام 2023، أن متوسط استهلاك المنازل من الكهرباء يقدر بـ1,635.9 كيلوواط عام 2019، مقارنة بـ 1,508.4 كيلوواط عام 2014.
كما أبرزت هيكلة استهلاك الكهرباء في المنازل أن النسبة الأعلى للطاقة المنزلية تذهب إلى الطهي بنسبة 28 %، ثم التدفئة والمياه الساخنة المنزلية بنسبة
21 %، والثلاجات بنسبة 11 %، أما أجهزة التلفزيون فتستهلك 6 %، والتكييف 5 %، والإضاءة 4 %.
«الصوناد» تعاني من الديون المتخلدة بذمة هؤلاء
والأمر لا يقتصر فقط على «الستاغ» بل إن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه «الصوناد» تعاني بدورها من نفس الإشكاليات المتعلقة بعدم تسديد مستحقاتها من قبل المواطنين ومن قبل الشركات أيضا.
ووفقا لآخر الأرقام الرسمية الصادرة عن «الصوناد» والتي كشفها عضو مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه حسن الشارني، فإن الوضعية المالية للشركة في تدهور مستمرّ، خاصة مع ارتفاع ديونها غير المستخلصة لدى الحرفاء، حيث وصلت الديون إلى 860 مليون دينار بسبب تهرّب الحرفاء من خلاص فواتير الماء، وفق تعبيره.
وأضاف نفس المصدر، في تصريح سابق لـ«الصباح» أنّ المؤسسات والمنشآت العمومية يتخلّد بذمّتها أكثر من 50 % من الديون، فيما تتوزّع البقية بين المواطنين والمؤسسات الصناعية.
ويبلغ عدد حرفاء الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه 3.2 ملايين مشترك يتمّ تزويدهم عن طريق 58 ألف كلم من القنوات تضخّ أكثر من 800 مليون متر مكعب في السنة بمعدل 2300 مليون لتر في اليوم.
عموما وفي ظل هذه الأموال المتخلدة بذمة المواطنين والشركات والمؤسسات العمومية لدى شركتي «الصوناد» و«الستاغ» فإن التوجه نحو تطبيق جملة من التسهيلات التي ستساهم في دفع المواطنين والشركات إلى خلاص ما بذمتهم يبقى الحل الأمثل من أجل حثهم على تسديد ديونهم وتخليص الشركتين ولو بنسب متفاوتة من تواصل أزماتها عوضا عن المضي في قرار القطع والخطايا.