يبدو أن الوضع داخل الاتحاد العام التونسي للشغل قد أدرك منعرجا خطيرا غير مسبوق في تاريخ المنظمة الشغيلة التي احتفلت منذ أيام قليلة بذكرى تأسيسها التاسعة والسبعين، وسط أجواء خيمت عليها الأزمة القائمة في مستويات مختلفة داخل هياكل هذه المنظمة الوطنية العريقة والكبرى، في ظل توسع دوائر المعارضة والخلافات إلى مستويات مختلفة، وتواصل ما وصفه البعض من فترات «فراغ وتجاذبات»، وذلك بعد إعلان المعارضة النقابية الدخول فعليا في اعتصام مفتوح في ساحة محمد علي الحامي بالعاصمة بداية من اليوم وتزامنا مع ذكرى أحداث 26 جانفي 1978، التي كان للاتحاد دور فاعل وريادي في سياقاتها وأطوارها.
جاء الإعلان عن اتخاذ المعارضة النقابية خطوة جديدة في تحركاتها ضد المركزية النقابية أثناء وقفة جماعية نظمتها، أمس السبت، أمام المسرح البلدي بالعاصمة بمناسبة إحياء ذكرى أحداث 26 جانفي 1978، ليعلن الطيب بوعايشة المسؤول عن «الملتقى النقابي لترسيخ الممارسة النقابية الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة الشغيلة»، في تصريح إعلامي، عن تمسك المعارضة النقابية بمطلبها المتمثل في رحيل المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل معلنا في نفس الإطار عن أن الاعتصام المفتوح سيكون حضوريا ليلا ونهارا بساحة محمد علي وذلك بتنصيب خيمة للمعتصمين فضلا عن بعث هيئة متحدثة باسم المعتصمين لتصدر بيانات حول التطورات والمواقف المرتبطة بهذا الاعتصام.
تأتي هذه الخطوة الجديدة في سياق تداعيات الأزمة القائمة في أوساط المنظمة الشغيلة بعد أيام قليلة من إعلان الأعضاء الخمسة في المكتب التنفيذي المعارضة، في ندوة صحفية، عن التمسك بالمطالبة باستكمال أشغال المجلس الوطني والتعجيل بإجراء المؤتمر الوطني للمنظمة. خاصة وأن نفس المجموعة سبق لها أن أعلنت وحددت تاريخا للدخول في اعتصام مفتوح بمقر الاتحاد إلى حد التوصل إلى اتفاق مع أعضاء المكتب التنفيذي العشرة وفي مقدمتهم الأمين العام نورالدين الطبوبي، يقضي بتنظيم مؤتمر انتخابي استثنائي في غضون شهر جوان المقبل لكن بعد ذلك كان التراجع عن قرار الدخول في الاعتصام الذي كان مقررا ليوم 5 جانفي الجاري. وقد أكدت عدة جهات أن تعليق ذلك القرار وإرجاء تنفيذه جاء في إطار دخول مبادرات «صلح» على خط الأطراف «المختلفة» بقيادة الأمين العام السابق للاتحاد حسين العباسي وغيره من قياديي المنظمة الشغيلة، بهدف تقريب وجهات النظر وحلحلة الأزمة من أجل المحافظة على صرح المنظمة الشغيلة وإنقاذها من منزلقات الأزمة لاسيما في ظل ما يشهده العالم من تغيرات كانت لها تداعيات على الأوضاع المدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بلادنا. إلا أن هذه المبادرات باءت بالفشل لاسيما بعد تواتر تسريب «تسجيل صوتي للأمين العام للمنظمة» ساهم في توتير الأجواء، الأمر الذي دفع أحد عناصر الخماسي المعارض من المكتب التنفيذي وهو صلاح الدين السالمي إلى دعوة الطبوبي لتقديم استقالته، فيما اعتبر الطاهر البرباري الأمين العام المساعد، وأحد عناصر الخماسي المعارض، تسريب المكالمة الهاتفية للأمين العام تلك كان بهدف تذكية فتيل الفتنة و«إسقاط» مبادرة الصلح ومحاولة تقريب وجهات نظر الأطراف المختلفة داخل المكتب التنفيذي من قبل أطراف هدفها إفشال ما تم التوصل له من توافقات.
ليتقاطع بذلك المنتدى النقابي المعارض مع المعارضة النقابية حول نفس المسافة الرافضة لوجود المكتب التنفيذي الحالي لاتحاد الشغل، وإن اختلفت العبارات والتسميات. إذ أكد أنور قدور، الأمين العام المساعد في الندوة الصحفية التي عقدها الخماسي المعارض للمكتب التنفيذي أن مسألة دخول أعضاء المكتب التنفيذي الخمسة في اعتصام مفتوح بمقر المنظمة مازالت مطروحة وسيتم الإعلان عن موعد هذا الاعتصام لاحقا مشيرا إلى أن هناك رأيا آخر يطرح دخول كافة أعضاء المجلس الوطني، الموقعين على عريضة استكمال أشغال المجلس، في هذا الاعتصام.
فيما اختار المنتدى النقابي المعارض وأعضاء مبادرة تصحيح العمل النقابي، الدخول مباشرة في هذا الاعتصام المفتوح بساحة محمد علي الحامي أمام المقر الرئيسي للمنظمة الشغيلة إثر إعلان ذلك يوم أمس مع المطالبة بالعودة إلى قوانين الإتحاد وعقد مؤتمر يفرز قيادة جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن تجمع المعارضة النقابية التي قررت الدخول في هذا الاعتصام يضم ثلاثة هياكل هي «الملتقى النقابي لترسيخ الممارسة الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة» وهو الهيكل الأساسي إضافة إلى «مبادرة تصحيح العمل النقابي» و»المبادرة التأسيسية للمعارضة النقابية».
وتدعو هذه المعارضة إلى ضرورة تنظيم مؤتمر انتخابي بإشراف هيئة مستقلة محايدة يتم تشكيل تركيبتها وفق قاعدة وشروط محدّدة يتم ضبطها لاحقا.
لتدخل بذلك الأزمة القائمة في أوساط المنظمة الشغيلة منعرجا خطيرا وقد يكون حاسما في ظل توسع دائرة المعارضة لسياسية المكتب التنفيذي الحالي ورفض المؤتمر 24 المنبثق عنه وما تبعه من مؤتمر استثنائي انتظم في جويلية 2021 بسوسة، أدت مخرجاته وتحديدا تنقيح الفصل 20 ، لإثارة جدل ومنه حدوث شرخ صلب العائلة النقابية لتنقسم إلى شقوق، شكلت الأزمة القائمة حاليا إحدى نتائج تداعياتها.
ورغم تأكيد الطاهر البرباري، الأمين العام المساعد للاتحاد وأحد المعارضين النقابيين، أمس أثناء مشاركته في أشغال ندوة الإطارات في القطاع الخاص بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة، أن ما يحدث داخل الاتحاد حاليا يعد صحيا ويخدم مشروع إصلاح المنظمة الشغيلة، إلا أنه يعتبر الخلافات داخل الإتحاد جوهرية بالأساس وتتعلّق بكيفية بناء منظمة قوية تستجيب للمتغيرات المحلية والدولية. مشددا في نفس الإطار على ما أكده بقية أعضاء الخماسي المعارض من تمسك بضرورة تغيير آليات عمل المنظمة ومراجعة القوانين التي لم تعد صالحة، باعتبار الإشكاليات على مستوى تطبيق القانون الأساسي والنظام الداخلي وما يتطلبه الأمر من إدخال تغيير جذري صلب الاتحاد، وهو في جزء منه ما يتقاطع مع مطالب منتدى المعارضة النقابية.
لذلك تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تؤول إليه تطورات الأزمة القائمة في الاتحاد، إما بالحسم في مآلات الأزمة أو مزيد تأزيم الوضع على نحو قد يضع صرح المنظمة الشغيلة في الميزان.
نزيهة الغضباني
يبدو أن الوضع داخل الاتحاد العام التونسي للشغل قد أدرك منعرجا خطيرا غير مسبوق في تاريخ المنظمة الشغيلة التي احتفلت منذ أيام قليلة بذكرى تأسيسها التاسعة والسبعين، وسط أجواء خيمت عليها الأزمة القائمة في مستويات مختلفة داخل هياكل هذه المنظمة الوطنية العريقة والكبرى، في ظل توسع دوائر المعارضة والخلافات إلى مستويات مختلفة، وتواصل ما وصفه البعض من فترات «فراغ وتجاذبات»، وذلك بعد إعلان المعارضة النقابية الدخول فعليا في اعتصام مفتوح في ساحة محمد علي الحامي بالعاصمة بداية من اليوم وتزامنا مع ذكرى أحداث 26 جانفي 1978، التي كان للاتحاد دور فاعل وريادي في سياقاتها وأطوارها.
جاء الإعلان عن اتخاذ المعارضة النقابية خطوة جديدة في تحركاتها ضد المركزية النقابية أثناء وقفة جماعية نظمتها، أمس السبت، أمام المسرح البلدي بالعاصمة بمناسبة إحياء ذكرى أحداث 26 جانفي 1978، ليعلن الطيب بوعايشة المسؤول عن «الملتقى النقابي لترسيخ الممارسة النقابية الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة الشغيلة»، في تصريح إعلامي، عن تمسك المعارضة النقابية بمطلبها المتمثل في رحيل المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل معلنا في نفس الإطار عن أن الاعتصام المفتوح سيكون حضوريا ليلا ونهارا بساحة محمد علي وذلك بتنصيب خيمة للمعتصمين فضلا عن بعث هيئة متحدثة باسم المعتصمين لتصدر بيانات حول التطورات والمواقف المرتبطة بهذا الاعتصام.
تأتي هذه الخطوة الجديدة في سياق تداعيات الأزمة القائمة في أوساط المنظمة الشغيلة بعد أيام قليلة من إعلان الأعضاء الخمسة في المكتب التنفيذي المعارضة، في ندوة صحفية، عن التمسك بالمطالبة باستكمال أشغال المجلس الوطني والتعجيل بإجراء المؤتمر الوطني للمنظمة. خاصة وأن نفس المجموعة سبق لها أن أعلنت وحددت تاريخا للدخول في اعتصام مفتوح بمقر الاتحاد إلى حد التوصل إلى اتفاق مع أعضاء المكتب التنفيذي العشرة وفي مقدمتهم الأمين العام نورالدين الطبوبي، يقضي بتنظيم مؤتمر انتخابي استثنائي في غضون شهر جوان المقبل لكن بعد ذلك كان التراجع عن قرار الدخول في الاعتصام الذي كان مقررا ليوم 5 جانفي الجاري. وقد أكدت عدة جهات أن تعليق ذلك القرار وإرجاء تنفيذه جاء في إطار دخول مبادرات «صلح» على خط الأطراف «المختلفة» بقيادة الأمين العام السابق للاتحاد حسين العباسي وغيره من قياديي المنظمة الشغيلة، بهدف تقريب وجهات النظر وحلحلة الأزمة من أجل المحافظة على صرح المنظمة الشغيلة وإنقاذها من منزلقات الأزمة لاسيما في ظل ما يشهده العالم من تغيرات كانت لها تداعيات على الأوضاع المدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بلادنا. إلا أن هذه المبادرات باءت بالفشل لاسيما بعد تواتر تسريب «تسجيل صوتي للأمين العام للمنظمة» ساهم في توتير الأجواء، الأمر الذي دفع أحد عناصر الخماسي المعارض من المكتب التنفيذي وهو صلاح الدين السالمي إلى دعوة الطبوبي لتقديم استقالته، فيما اعتبر الطاهر البرباري الأمين العام المساعد، وأحد عناصر الخماسي المعارض، تسريب المكالمة الهاتفية للأمين العام تلك كان بهدف تذكية فتيل الفتنة و«إسقاط» مبادرة الصلح ومحاولة تقريب وجهات نظر الأطراف المختلفة داخل المكتب التنفيذي من قبل أطراف هدفها إفشال ما تم التوصل له من توافقات.
ليتقاطع بذلك المنتدى النقابي المعارض مع المعارضة النقابية حول نفس المسافة الرافضة لوجود المكتب التنفيذي الحالي لاتحاد الشغل، وإن اختلفت العبارات والتسميات. إذ أكد أنور قدور، الأمين العام المساعد في الندوة الصحفية التي عقدها الخماسي المعارض للمكتب التنفيذي أن مسألة دخول أعضاء المكتب التنفيذي الخمسة في اعتصام مفتوح بمقر المنظمة مازالت مطروحة وسيتم الإعلان عن موعد هذا الاعتصام لاحقا مشيرا إلى أن هناك رأيا آخر يطرح دخول كافة أعضاء المجلس الوطني، الموقعين على عريضة استكمال أشغال المجلس، في هذا الاعتصام.
فيما اختار المنتدى النقابي المعارض وأعضاء مبادرة تصحيح العمل النقابي، الدخول مباشرة في هذا الاعتصام المفتوح بساحة محمد علي الحامي أمام المقر الرئيسي للمنظمة الشغيلة إثر إعلان ذلك يوم أمس مع المطالبة بالعودة إلى قوانين الإتحاد وعقد مؤتمر يفرز قيادة جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن تجمع المعارضة النقابية التي قررت الدخول في هذا الاعتصام يضم ثلاثة هياكل هي «الملتقى النقابي لترسيخ الممارسة الديمقراطية واحترام قوانين المنظمة» وهو الهيكل الأساسي إضافة إلى «مبادرة تصحيح العمل النقابي» و»المبادرة التأسيسية للمعارضة النقابية».
وتدعو هذه المعارضة إلى ضرورة تنظيم مؤتمر انتخابي بإشراف هيئة مستقلة محايدة يتم تشكيل تركيبتها وفق قاعدة وشروط محدّدة يتم ضبطها لاحقا.
لتدخل بذلك الأزمة القائمة في أوساط المنظمة الشغيلة منعرجا خطيرا وقد يكون حاسما في ظل توسع دائرة المعارضة لسياسية المكتب التنفيذي الحالي ورفض المؤتمر 24 المنبثق عنه وما تبعه من مؤتمر استثنائي انتظم في جويلية 2021 بسوسة، أدت مخرجاته وتحديدا تنقيح الفصل 20 ، لإثارة جدل ومنه حدوث شرخ صلب العائلة النقابية لتنقسم إلى شقوق، شكلت الأزمة القائمة حاليا إحدى نتائج تداعياتها.
ورغم تأكيد الطاهر البرباري، الأمين العام المساعد للاتحاد وأحد المعارضين النقابيين، أمس أثناء مشاركته في أشغال ندوة الإطارات في القطاع الخاص بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة، أن ما يحدث داخل الاتحاد حاليا يعد صحيا ويخدم مشروع إصلاح المنظمة الشغيلة، إلا أنه يعتبر الخلافات داخل الإتحاد جوهرية بالأساس وتتعلّق بكيفية بناء منظمة قوية تستجيب للمتغيرات المحلية والدولية. مشددا في نفس الإطار على ما أكده بقية أعضاء الخماسي المعارض من تمسك بضرورة تغيير آليات عمل المنظمة ومراجعة القوانين التي لم تعد صالحة، باعتبار الإشكاليات على مستوى تطبيق القانون الأساسي والنظام الداخلي وما يتطلبه الأمر من إدخال تغيير جذري صلب الاتحاد، وهو في جزء منه ما يتقاطع مع مطالب منتدى المعارضة النقابية.
لذلك تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تؤول إليه تطورات الأزمة القائمة في الاتحاد، إما بالحسم في مآلات الأزمة أو مزيد تأزيم الوضع على نحو قد يضع صرح المنظمة الشغيلة في الميزان.