يبدو أن رياضتنا مريضة وعليلة، زادت عللها وتعمقت أوجاعها، وباتت تنخرها الأمراض وشتى أنواع الفيروسات، في ظل خيبات منتخباتنا المتتالية في أغلب التظاهرات القارية والدولية، وتراجع أداء عناصرنا الوطنية في مختلف الاختصاصات، وتعمق المشاكل التي تعصف بالهياكل والجامعات الرياضية، مما يقتضي العودة إلى مربع "الصفر"، والإسراع بمراجعة جذرية للمنظومة الرياضية.
هذا الوضع الكارثي يفرض دون شك التعجيل بتعديل البوصلة، والإسراع بعملية تشخيص دقيقة وعميقة، بعيدا عن كل الحسابات والأجندات وتبادل الاتهامات، بما يمكن من إيجاد حلول واقعية وجذرية، تعيد للرياضة التونسية إشعاعها، الذي فقدته على مدى السنوات الماضية، فلا يعقل أن تعيش الجماهير الرياضية نكسة تلو الأخرى، وتتجرع في كل مرة المرارة، دون وضع حد للإخفاقات، ومعالجة الأسباب والمسببات.
ولاشك أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، وضع إصبعه على مكمن الداء، لما أكد خلال لقائه وزير الشباب والرياضة الصادق المورالي أول أمس، أن قطاع الرياضة نخره الفساد والتخريب، وأن عددا من الهياكل الرياضية تحتاج إلى مراجعة جذرية لأن الوضع الحالي في عديد الهياكل وضع هجين، بل أن حديثه كان في الصميم، لما قال إن "السمسرة المقنعة بعقود تُبرم ولا تُعمّر أحيانا سوى بضع ساعات لا يستفيد منها إلا من كان وسيطا دخيلا في إبرامها"، باعتبار أن المصلحية والمحسوبية والعقلية الغنائمية طغت على المشهد الرياضي.
والواقع أن السمسرة في القطاع الرياضي، بمختلف اختصاصاته وتفرعاته، ليست من سيناريوهات القيل والقال، ولا ضربا من الخيال، وإنما رائحتها تفوح من زوايا أغلب الهياكل الرياضية. وكثيرا ما كان "السماسرة" يحكمون بأحكامهم، ويتدخلون في التشكيلات الأساسية لمنتخباتنا الوطنية، لتلميع صورة هذا اللاعب أو تسهيل صفقة ذاك، ولعل من الغريب أن يطالب أحد المدربين بأكثر من مليار، تدفع من أموال المجموعة الوطنية، في تعاقد عجيب، طرح ألف سؤال وسؤال، لاسيما أنه لم يشارك في تدريب المنتخب الوطني ولو لدقيقة واحدة.
ومن البديهي أن يكون لهذه "اللخبطة" والممارسات العشوائية، تداعياتها الكارثية على المنتخب الوطني، الذي ظهر خلال المقابلات الأخيرة بأداء باهت، وتراجع مردوده بشكل محير، إلى حد انحنى أمام منتخبات ضعيفة بملعب رادس بالذات، فما معنى أن ينهزم ضد منتخبي غامبيا ومدغشقر بتلك الصورة المذلة، التي شوهت سمعة كرة القدم التونسية، لتتهاوى مكانتها إلى "القاع" والحضيض، وهذا ما ينطبق على منتخبي كرة اليد والكرة الطائرة، وغيرها من المنتخبات التي فقدت إشعاعها القاري والدولي.
صور سوداء وصادمة، ومشاهد قاتمة ومخجلة، نعيش على وقعها أسبوعيا، وتصلنا تفاصيلها من الملاعب والقاعات الرياضية، عنف وتخريب وكر وفر ودماء، وما ينجر عنها من تتبعات وإيقافات وأجواء مشحونة، كثيرا ما تكون حديث الشارع الرياضي، وتلقي بظلالها على الشأن الوطني، ننام ونصحو على أخبار الإقالات، والتلويح بالاستقالات وتبادل الاتهامات، والصراعات و"حروب" البيانات، في ساحة رياضية تمزقها الصراعات، وتفتك بها التجاذبات.
اليوم، قبل الحديث عن الإصلاحات الضرورية، يجب الاعتراف بالفشل، أولا وقبل كل شيء، لأن الفشل تمدد على جميع المستويات، فلا ننسى، أن جامعتنا غارقة في "وحل" المشاكل، بطولتنا ضعيفة وهزيلة، بنيتنا التحتية كارثية، ملاعبنا خارج الخدمة، هياكلنا الرياضية تراوح بين العشوائية والارتجالية..، وهو ما يتطلب مراجعة جذرية للمنظومة الرياضية برمتها، تنبني على تطهير الجامعات الرياضية، وضبط إستراتيجية للمنتخبات الوطنية، والإسراع بالمصادقة على مشروع القانون الأساسي للهياكل الرياضية، ولابد من إيجاد حلول واقعية، لأعمال الشغب في الملاعب الرياضة التي ضربت ومازالت تضرب في الصميم الروح الرياضية، وتخلق دمارا للمنشآت الرياضية، دون أن ننسى دور الإعلام، لاسيما بعد أن تحولت "البلاتوهات" الرياضية إلى حلبة صراع، تشعل فتيل الخلافات، وتغذي التشنج وتعمق الأجواء المشحونة بطبعها.
ومهما كان الواقع مرّا ومريرا، فإنه يتحتم على مختلف الأطراف تحمل مسؤولياتها، في اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة، بما يمكن من وضع حد لهذا النزيف، لإنقاذ الرياضة التونسية وإعادة إشعاعها وتألقها قاريا وإقليميا ودوليا.
محمد صالح الربعاوي
يبدو أن رياضتنا مريضة وعليلة، زادت عللها وتعمقت أوجاعها، وباتت تنخرها الأمراض وشتى أنواع الفيروسات، في ظل خيبات منتخباتنا المتتالية في أغلب التظاهرات القارية والدولية، وتراجع أداء عناصرنا الوطنية في مختلف الاختصاصات، وتعمق المشاكل التي تعصف بالهياكل والجامعات الرياضية، مما يقتضي العودة إلى مربع "الصفر"، والإسراع بمراجعة جذرية للمنظومة الرياضية.
هذا الوضع الكارثي يفرض دون شك التعجيل بتعديل البوصلة، والإسراع بعملية تشخيص دقيقة وعميقة، بعيدا عن كل الحسابات والأجندات وتبادل الاتهامات، بما يمكن من إيجاد حلول واقعية وجذرية، تعيد للرياضة التونسية إشعاعها، الذي فقدته على مدى السنوات الماضية، فلا يعقل أن تعيش الجماهير الرياضية نكسة تلو الأخرى، وتتجرع في كل مرة المرارة، دون وضع حد للإخفاقات، ومعالجة الأسباب والمسببات.
ولاشك أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، وضع إصبعه على مكمن الداء، لما أكد خلال لقائه وزير الشباب والرياضة الصادق المورالي أول أمس، أن قطاع الرياضة نخره الفساد والتخريب، وأن عددا من الهياكل الرياضية تحتاج إلى مراجعة جذرية لأن الوضع الحالي في عديد الهياكل وضع هجين، بل أن حديثه كان في الصميم، لما قال إن "السمسرة المقنعة بعقود تُبرم ولا تُعمّر أحيانا سوى بضع ساعات لا يستفيد منها إلا من كان وسيطا دخيلا في إبرامها"، باعتبار أن المصلحية والمحسوبية والعقلية الغنائمية طغت على المشهد الرياضي.
والواقع أن السمسرة في القطاع الرياضي، بمختلف اختصاصاته وتفرعاته، ليست من سيناريوهات القيل والقال، ولا ضربا من الخيال، وإنما رائحتها تفوح من زوايا أغلب الهياكل الرياضية. وكثيرا ما كان "السماسرة" يحكمون بأحكامهم، ويتدخلون في التشكيلات الأساسية لمنتخباتنا الوطنية، لتلميع صورة هذا اللاعب أو تسهيل صفقة ذاك، ولعل من الغريب أن يطالب أحد المدربين بأكثر من مليار، تدفع من أموال المجموعة الوطنية، في تعاقد عجيب، طرح ألف سؤال وسؤال، لاسيما أنه لم يشارك في تدريب المنتخب الوطني ولو لدقيقة واحدة.
ومن البديهي أن يكون لهذه "اللخبطة" والممارسات العشوائية، تداعياتها الكارثية على المنتخب الوطني، الذي ظهر خلال المقابلات الأخيرة بأداء باهت، وتراجع مردوده بشكل محير، إلى حد انحنى أمام منتخبات ضعيفة بملعب رادس بالذات، فما معنى أن ينهزم ضد منتخبي غامبيا ومدغشقر بتلك الصورة المذلة، التي شوهت سمعة كرة القدم التونسية، لتتهاوى مكانتها إلى "القاع" والحضيض، وهذا ما ينطبق على منتخبي كرة اليد والكرة الطائرة، وغيرها من المنتخبات التي فقدت إشعاعها القاري والدولي.
صور سوداء وصادمة، ومشاهد قاتمة ومخجلة، نعيش على وقعها أسبوعيا، وتصلنا تفاصيلها من الملاعب والقاعات الرياضية، عنف وتخريب وكر وفر ودماء، وما ينجر عنها من تتبعات وإيقافات وأجواء مشحونة، كثيرا ما تكون حديث الشارع الرياضي، وتلقي بظلالها على الشأن الوطني، ننام ونصحو على أخبار الإقالات، والتلويح بالاستقالات وتبادل الاتهامات، والصراعات و"حروب" البيانات، في ساحة رياضية تمزقها الصراعات، وتفتك بها التجاذبات.
اليوم، قبل الحديث عن الإصلاحات الضرورية، يجب الاعتراف بالفشل، أولا وقبل كل شيء، لأن الفشل تمدد على جميع المستويات، فلا ننسى، أن جامعتنا غارقة في "وحل" المشاكل، بطولتنا ضعيفة وهزيلة، بنيتنا التحتية كارثية، ملاعبنا خارج الخدمة، هياكلنا الرياضية تراوح بين العشوائية والارتجالية..، وهو ما يتطلب مراجعة جذرية للمنظومة الرياضية برمتها، تنبني على تطهير الجامعات الرياضية، وضبط إستراتيجية للمنتخبات الوطنية، والإسراع بالمصادقة على مشروع القانون الأساسي للهياكل الرياضية، ولابد من إيجاد حلول واقعية، لأعمال الشغب في الملاعب الرياضة التي ضربت ومازالت تضرب في الصميم الروح الرياضية، وتخلق دمارا للمنشآت الرياضية، دون أن ننسى دور الإعلام، لاسيما بعد أن تحولت "البلاتوهات" الرياضية إلى حلبة صراع، تشعل فتيل الخلافات، وتغذي التشنج وتعمق الأجواء المشحونة بطبعها.
ومهما كان الواقع مرّا ومريرا، فإنه يتحتم على مختلف الأطراف تحمل مسؤولياتها، في اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة، بما يمكن من وضع حد لهذا النزيف، لإنقاذ الرياضة التونسية وإعادة إشعاعها وتألقها قاريا وإقليميا ودوليا.