كشفت الزيارة الميدانية التي قام بها وزير الصحة مصطفى الفرجاني الى عدد من المؤسسات الصحية بجهة صفاقس وخاصة معاينته للمستشفى بئر علي بن خليفة، أوّل أمس، حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في علاقة بالمؤسسات الاستشفائية بسبب تهاون المسؤولين وإهمالهم لواجبهم ووظيفتهم، جعل التقصير في أداء الخدمة الصحية، خرابا معمّما على أكثر من جهة وأفضى طوال السنوات الماضية الى تراجع كبير في منظومة الصحة العمومية وتضاعف معاناة المرضى رغم توفّر الاعتمادات المالية، أحيانا، التي تسمح بتجويد الخدمة الصحية والتي هي خدمة عمومية أساسية وحقّ دستوري لا يمكن تجاوزه أو التهاون فيه..
والزيارات الميدانية التي يقوم بها وزير الصحة والإجراءات الفورية المتخذة سواء بمحاسبة من أخلّ بواجبه المهني أو باتخاذ قرارات لتحسين الخدمة الصحية تعتبر مسعى مهما لإنهاء معاناة المرضى في أكثر من جهة خاصة وأن تلك الزيارات تأتي بعد دراسة لواقع الخدمة الصحية بمختلف الجهات وتتنزّل في إطار سلسلة من الزيارات انطلقت من ولاية جندوبة ولن تنتهي حتما بالزيارة الأخيرة لولاية صفاقس..
ومن القرارات اللافتة التي أعلنها وزير الصحة مصطفى الفرجاني من جهة صفاقس نجد إعلانه عن توجّه الدولة الى إقرار قوافل صحية دائمة في مختلف الجهات تقرّب الخدمة الصحية من المواطنين وخاصة طبّ الاختصاص الذي ما زال يمثّل غيابه مشكلة كبيرة في اغلب جهات الجمهورية وخاصة الجهات الداخلية، بالإضافة الى حديث الوزير عن انكباب الوزارة على إعداد مشروع قانون يجرّم الاعتداء على مهنيي الصحة بما في ذلك العنف اللفظي الذي يطال أعوان الصحة ويؤثّر على وضع المرضى خاصة في أقسام الاستعجالي وذلك في إطار خطة متكاملة للوزارة وبدعم من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لإعادة هيكلة قطاع الصحة بما يتوافق مع حاجيات المرضى وحقهم في خدمة صحية تحفظ كرامتهم.
التصدّي للعنف وتقريب الخدمة الصحية
قانون زجر الاعتداءات على مهنيي الصحة وتجريم الاعتداءات بما في ذلك الاعتداء بالعنف اللفظي الذي أعلن عنه وزير الصحة مصطفى الفرجاني أول أمس مشيرا الى أن الوزارة بصدد الاشتغال على هذا القانون يعتبر من المطالب الأساسية التي كانت تطالب بها الإطارات الطبية وشبه الطبية خاصة في أقسام الاستعجالي حيث ترتفع وتيرة العنف بشكل ملحوظ وكذلك المنظمة التونسية للأطباء الشبان والتي طالما طالبت في بلاغات رسمية لها على اثر تكرار حوادث العنف ضدّ الأطباء والإطارات شبه الطبية وكل مهنيي الصحة..
حيث شهدت بعض المستشفيات وخاصة الأقسام الاستعجالية في السنوات الأخيرة حوادث عنف على غاية من الخطورة مثل ذلك الاعتداء الذي تعرضت له طبيبتان مقيمتان بمستشفى بنزرت من طرف عون أمن في ديسمبر 2021 أو الاعتداء الخطير الذي تم تسجيله على تقني وممرضة بمستشفى سبيطلة من طرف احد الأشخاص بعد وفاة والده بالمستشفى ودخوله في حالة هيستيرية وغيرها من الاعتداءات المتكرّرة والتي تتم الإحالة فيها وملاحقة مرتكبيها على خلفية الاعتداء على موظف عمومي أثناء تأدية مهامه وفق ما ينصّ عليه الفصل 125 من المجلة الجزائية من أنه "يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا كل من يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها".
إلا أن الهياكل المهنية في قطاع الصحة مثل المنظمة التونسية للأطباء الشبان ونقابة الأطباء الاستشفائيين الجامعيين ونقابة أطباء الصحة العمومية ونقابة أعوان الصحة، طالبت دائما بضرورة تطبيق القانون والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب وتسريع النظر في قانون تجريم الاعتداء على إطارات الصحة.. وهو المطلب الذي تبنته وزارة الصحة اليوم مع الوزير مصطفى الفرجاني وتسعى الى ترجمته الى مشروع قانون يجرّم كل أشكال الاعتداءات على مهنيي الصحة ووفق مصادرنا، فان هذا القانون سيكون جاهزا خلال الأسابيع القادمة حتى يتم القطع نهائيا مع هذه الظاهرة المتكرّرة خاصة في أقسام الاستعجالي والتي تؤثر بشكل سيء على البيئة الصحية وعلى الخدمة الصحية وعلى سلامة الإطارات الطبية العاملة وعلى المرضى الذين يحتاجون إلى الهدوء والى خدمة صحية في مناخ بعيد عن التشنّج.
ومن الحلول التي اقترحها وزير الصحة في زيارته الميدانية الى وحدات صحية بجهة صفاقس التوجّه نحو مستشفيات ميدانية والاعتماد على قوافل صحية دائمة وعلى مدار العام لتجاوز النقص الحاصل في قرب الخدمة الصحية وطبّ الاختصاص. ويأتي ذلك في إطار التوجّه الذي أعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيد لإعادة بناء المرفق العمومي الصحي باعتبار "أن الصحة حق من حقوق الإنسان وأن الصحة كما تبنّت ذلك المنظمة العالمية للصحة يجب أن تكون دون حدود"، وفق ما ورد في بلاغ الرئاسة.
وإعادة بناء وهيكلة قطاع الصحة العمومية يحتاج الى استغلال كل الإمكانيات المتاحة مع الحرص على تطوير الخدمات الصحية وما إقرار القوافل الصحية الدائمة إلا سعي لتكريس هذا التوجّه خاصة وأن فكرة القوافل الصحية أثبتت فاعليتها خاصة في علاقة بطب الاختصاص حيث كانت دائما مناسبة بالنسبة للمرضى في الجهات التي لا تتوفّر فيها بعض الاختصاصات الطبية وكذلك في التجمّعات السكنية المعزولة لتلقي الخدمة الطبية الضرورية وفي ظروف صحية ملائمة. ودون شكّ أنه اليوم ومع تردّي الخدمة الصحية في بعض الجهات لاعتبارات مختلفة ستكون تلك القوافل حلاّ مهما في الإحاطة بالمرضى والكشف والتقصي المبكّر عن بعض الأمراض وتقديم الرعاية والعناية لمن يحتاجها دون أن يضطر لقطع مسافات طويلة للحصول على هذه الخدمة في مستشفيات العاصمة أو بعض المستشفيات الجهوية الجامعية. وقد أكد وزير الصحة مصطفى الفرجاني في زيارته الأخيرة الى صفاقس، أنه يتم الآن وبتوجيهات من رئيس الجمهورية إعادة بناء النظام الصحي بكل مكوناته مضيفا "أن تونس تعيش حالة إصلاحات جذرية وشاملة للمنظومة الصحية بجميع مكوناتها من هياكل صحية ونظام إداري وتحفيز للأطباء والممرضين وتمويل الصحة والأمن الدوائي" وفق قوله.
كما تعهّد وزير الصحة بأنه سيتم إحداث مستشفى ميداني ببئر علي بن خليفة متعدد الاختصاصات خلال الأسابيع القادمة، تكون فيه قاعة عمليات جراحية، بما يضمن توفير الخدمات الصحية وتقريبها من الأهالي.. ومن المؤكّد أن مناطق أخرى من الجمهورية ستنسج على هذا المنوال في انتظار إعادة هيكلة وإصلاح كل المستشفيات الجهوية والمحلية. وهو مشروع يحتاج إرادة ووقتا وجهدا وإمكانيات مادية هامة واستغلالا جيّدا للموارد ولتمويلات المرصودة بشكل مسبق.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
كشفت الزيارة الميدانية التي قام بها وزير الصحة مصطفى الفرجاني الى عدد من المؤسسات الصحية بجهة صفاقس وخاصة معاينته للمستشفى بئر علي بن خليفة، أوّل أمس، حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في علاقة بالمؤسسات الاستشفائية بسبب تهاون المسؤولين وإهمالهم لواجبهم ووظيفتهم، جعل التقصير في أداء الخدمة الصحية، خرابا معمّما على أكثر من جهة وأفضى طوال السنوات الماضية الى تراجع كبير في منظومة الصحة العمومية وتضاعف معاناة المرضى رغم توفّر الاعتمادات المالية، أحيانا، التي تسمح بتجويد الخدمة الصحية والتي هي خدمة عمومية أساسية وحقّ دستوري لا يمكن تجاوزه أو التهاون فيه..
والزيارات الميدانية التي يقوم بها وزير الصحة والإجراءات الفورية المتخذة سواء بمحاسبة من أخلّ بواجبه المهني أو باتخاذ قرارات لتحسين الخدمة الصحية تعتبر مسعى مهما لإنهاء معاناة المرضى في أكثر من جهة خاصة وأن تلك الزيارات تأتي بعد دراسة لواقع الخدمة الصحية بمختلف الجهات وتتنزّل في إطار سلسلة من الزيارات انطلقت من ولاية جندوبة ولن تنتهي حتما بالزيارة الأخيرة لولاية صفاقس..
ومن القرارات اللافتة التي أعلنها وزير الصحة مصطفى الفرجاني من جهة صفاقس نجد إعلانه عن توجّه الدولة الى إقرار قوافل صحية دائمة في مختلف الجهات تقرّب الخدمة الصحية من المواطنين وخاصة طبّ الاختصاص الذي ما زال يمثّل غيابه مشكلة كبيرة في اغلب جهات الجمهورية وخاصة الجهات الداخلية، بالإضافة الى حديث الوزير عن انكباب الوزارة على إعداد مشروع قانون يجرّم الاعتداء على مهنيي الصحة بما في ذلك العنف اللفظي الذي يطال أعوان الصحة ويؤثّر على وضع المرضى خاصة في أقسام الاستعجالي وذلك في إطار خطة متكاملة للوزارة وبدعم من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لإعادة هيكلة قطاع الصحة بما يتوافق مع حاجيات المرضى وحقهم في خدمة صحية تحفظ كرامتهم.
التصدّي للعنف وتقريب الخدمة الصحية
قانون زجر الاعتداءات على مهنيي الصحة وتجريم الاعتداءات بما في ذلك الاعتداء بالعنف اللفظي الذي أعلن عنه وزير الصحة مصطفى الفرجاني أول أمس مشيرا الى أن الوزارة بصدد الاشتغال على هذا القانون يعتبر من المطالب الأساسية التي كانت تطالب بها الإطارات الطبية وشبه الطبية خاصة في أقسام الاستعجالي حيث ترتفع وتيرة العنف بشكل ملحوظ وكذلك المنظمة التونسية للأطباء الشبان والتي طالما طالبت في بلاغات رسمية لها على اثر تكرار حوادث العنف ضدّ الأطباء والإطارات شبه الطبية وكل مهنيي الصحة..
حيث شهدت بعض المستشفيات وخاصة الأقسام الاستعجالية في السنوات الأخيرة حوادث عنف على غاية من الخطورة مثل ذلك الاعتداء الذي تعرضت له طبيبتان مقيمتان بمستشفى بنزرت من طرف عون أمن في ديسمبر 2021 أو الاعتداء الخطير الذي تم تسجيله على تقني وممرضة بمستشفى سبيطلة من طرف احد الأشخاص بعد وفاة والده بالمستشفى ودخوله في حالة هيستيرية وغيرها من الاعتداءات المتكرّرة والتي تتم الإحالة فيها وملاحقة مرتكبيها على خلفية الاعتداء على موظف عمومي أثناء تأدية مهامه وفق ما ينصّ عليه الفصل 125 من المجلة الجزائية من أنه "يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا كل من يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها".
إلا أن الهياكل المهنية في قطاع الصحة مثل المنظمة التونسية للأطباء الشبان ونقابة الأطباء الاستشفائيين الجامعيين ونقابة أطباء الصحة العمومية ونقابة أعوان الصحة، طالبت دائما بضرورة تطبيق القانون والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب وتسريع النظر في قانون تجريم الاعتداء على إطارات الصحة.. وهو المطلب الذي تبنته وزارة الصحة اليوم مع الوزير مصطفى الفرجاني وتسعى الى ترجمته الى مشروع قانون يجرّم كل أشكال الاعتداءات على مهنيي الصحة ووفق مصادرنا، فان هذا القانون سيكون جاهزا خلال الأسابيع القادمة حتى يتم القطع نهائيا مع هذه الظاهرة المتكرّرة خاصة في أقسام الاستعجالي والتي تؤثر بشكل سيء على البيئة الصحية وعلى الخدمة الصحية وعلى سلامة الإطارات الطبية العاملة وعلى المرضى الذين يحتاجون إلى الهدوء والى خدمة صحية في مناخ بعيد عن التشنّج.
ومن الحلول التي اقترحها وزير الصحة في زيارته الميدانية الى وحدات صحية بجهة صفاقس التوجّه نحو مستشفيات ميدانية والاعتماد على قوافل صحية دائمة وعلى مدار العام لتجاوز النقص الحاصل في قرب الخدمة الصحية وطبّ الاختصاص. ويأتي ذلك في إطار التوجّه الذي أعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيد لإعادة بناء المرفق العمومي الصحي باعتبار "أن الصحة حق من حقوق الإنسان وأن الصحة كما تبنّت ذلك المنظمة العالمية للصحة يجب أن تكون دون حدود"، وفق ما ورد في بلاغ الرئاسة.
وإعادة بناء وهيكلة قطاع الصحة العمومية يحتاج الى استغلال كل الإمكانيات المتاحة مع الحرص على تطوير الخدمات الصحية وما إقرار القوافل الصحية الدائمة إلا سعي لتكريس هذا التوجّه خاصة وأن فكرة القوافل الصحية أثبتت فاعليتها خاصة في علاقة بطب الاختصاص حيث كانت دائما مناسبة بالنسبة للمرضى في الجهات التي لا تتوفّر فيها بعض الاختصاصات الطبية وكذلك في التجمّعات السكنية المعزولة لتلقي الخدمة الطبية الضرورية وفي ظروف صحية ملائمة. ودون شكّ أنه اليوم ومع تردّي الخدمة الصحية في بعض الجهات لاعتبارات مختلفة ستكون تلك القوافل حلاّ مهما في الإحاطة بالمرضى والكشف والتقصي المبكّر عن بعض الأمراض وتقديم الرعاية والعناية لمن يحتاجها دون أن يضطر لقطع مسافات طويلة للحصول على هذه الخدمة في مستشفيات العاصمة أو بعض المستشفيات الجهوية الجامعية. وقد أكد وزير الصحة مصطفى الفرجاني في زيارته الأخيرة الى صفاقس، أنه يتم الآن وبتوجيهات من رئيس الجمهورية إعادة بناء النظام الصحي بكل مكوناته مضيفا "أن تونس تعيش حالة إصلاحات جذرية وشاملة للمنظومة الصحية بجميع مكوناتها من هياكل صحية ونظام إداري وتحفيز للأطباء والممرضين وتمويل الصحة والأمن الدوائي" وفق قوله.
كما تعهّد وزير الصحة بأنه سيتم إحداث مستشفى ميداني ببئر علي بن خليفة متعدد الاختصاصات خلال الأسابيع القادمة، تكون فيه قاعة عمليات جراحية، بما يضمن توفير الخدمات الصحية وتقريبها من الأهالي.. ومن المؤكّد أن مناطق أخرى من الجمهورية ستنسج على هذا المنوال في انتظار إعادة هيكلة وإصلاح كل المستشفيات الجهوية والمحلية. وهو مشروع يحتاج إرادة ووقتا وجهدا وإمكانيات مادية هامة واستغلالا جيّدا للموارد ولتمويلات المرصودة بشكل مسبق.