إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حديث "الصباح".. المعارضة.. تعددت فرصها وتراكمت إخفاقاتها

 

بقلم: سفيان رجب

بعد أكثر من عقد من الثورة التونسية، ورغم الفرص العديدة التي أُتيحت لها، لم تتمكن المعارضة في تونس من ترسيخ وجودها كقوة سياسية مؤثرة وفاعلة في البلاد. فشل متواصل على الرغم من وصول بعض الأحزاب المعارضة إلى سدة الحكم في مراحل مختلفة بعد الثورة، مما يطرح تساؤلات حول أسباب تعثرها المستمر وفشلها السياسي، وخاصة انحدارها وهزائمها في كل الاستحقاقات الانتخابية التي مرت بها البلاد.

فمنذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق عام 2011، حظيت المعارضة التونسية بفرص ثمينة لتقديم نفسها كبديل سياسي قادر على تحقيق تطلعات الشعب. إذ تمكنت بعض الأحزاب التي كانت في المعارضة من تشكيل حكومات أو المشاركة فيها، من ذلك حركة النهضة التي مسكت بزمام السلطة بعد انتخابات 2011 وشاركت في التحالفات بعد ذلك. كذلك حزب نداء تونس الذي حقق فوزاً كاسحاً في انتخابات 2014 وقاد المشهد السياسي في تلك المرحلة.

لكن ورغم هذه الفرص التاريخية، بدأت هذه الأحزاب المعارضة في التلاشي والذوبان نتيجة ضعف رؤاها وانعدام خططها وبرامجها ومحدودية أفقها، إضافة الى انقساماتها الداخلية. فقد فشلت "المعارضة-الحاكمة" في إدارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بعد الثورة، ما جعل شعبيتها تتآكل تدريجياً، وظهرت في المشهد كقوى غير قادرة على تلبية مطالب الشارع.

لقد فشلت المعارضة التونسية، حتى عندما بلغت السلطة، في إثبات نفسها نتيجة افتقارها إلى رؤية واضحة. فبدلاً من التركيز على تقديم بدائل سياسية واقتصادية واقعية، اكتفى العديد من الأحزاب المعارضة وشخصياتها بتوجيه النقد للسلطة الحاكمة دون تقديم حلول ملموسة للأزمات المتفاقمة. مما أفقدها مصداقيتها في عيون الناخبين.

كما أن البحث عن السلطة بأي ثمن والتركيز فقط على استغلال الفرص المتاحة لتحقيق مكاسب فردية على حساب الوطن والمجموعة وبناء الدولة والاستقرار أفشل المعارضة في كل خياراتها وممارساتها. وحتى عندما أتيحت لها الفرصة للحكم، فشلت في التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي زادت تفاقماً بعد الثورة. هذا دون الحديث عن غياب القيادة الكاريزمية وافتقار المعارضة إلى شخصيات قيادية تتمتع بالقدرة على تجميع الشعب حول مشروع وطني وحتى رموز المعارضة أثبتت التجارب والواقع أنها غالبًا ما تنشغل بالخلافات الشخصية أو الحزبية على حساب المصلحة الوطنية وتقديم بدائل سياسية حقيقية وشاملة تكون قادرة على المقارعة وإثبات النفس وشد الجمهور وإعادة بناء الجسور بينها وبين الشارع. وهو ما يقتضي اليوم خلق زعامات جديدة تغلب الجانب الوطني على الجانب التهديمي، قادرة على المعارضة البناءة التي يمكن أن يستفيد منها الحاكم من أجل الإصلاح والتقدم وتقديم رؤى تساعد على الاستقرار والتنمية.

فكل ديمقراطية تحتاج الى معارضة تلعب دورها الوطني كقوة سياسية فاعلة، تقدمّ برامج تلامس الواقع وتستجيب لطموحات الشعب وتحاول أن تقدم البدائل التي يمكن أن تأخذ بها السلطة إذا ما رأت إيجابياتها وإمكانية مساهمتها في الإصلاح والنمو والتقدم بعيدا عن دور المعارضة التقليدية والرفض والانتقاد، وهو الدور الذي تميزت به المعارضة التونسية ماضيا وحاضرا وربما مستقبلا والذي جعلها منحصرة في كل استحقاق انتخابي في نسبة الصفر فاصل.

 

 

 

 

 

بقلم: سفيان رجب

بعد أكثر من عقد من الثورة التونسية، ورغم الفرص العديدة التي أُتيحت لها، لم تتمكن المعارضة في تونس من ترسيخ وجودها كقوة سياسية مؤثرة وفاعلة في البلاد. فشل متواصل على الرغم من وصول بعض الأحزاب المعارضة إلى سدة الحكم في مراحل مختلفة بعد الثورة، مما يطرح تساؤلات حول أسباب تعثرها المستمر وفشلها السياسي، وخاصة انحدارها وهزائمها في كل الاستحقاقات الانتخابية التي مرت بها البلاد.

فمنذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق عام 2011، حظيت المعارضة التونسية بفرص ثمينة لتقديم نفسها كبديل سياسي قادر على تحقيق تطلعات الشعب. إذ تمكنت بعض الأحزاب التي كانت في المعارضة من تشكيل حكومات أو المشاركة فيها، من ذلك حركة النهضة التي مسكت بزمام السلطة بعد انتخابات 2011 وشاركت في التحالفات بعد ذلك. كذلك حزب نداء تونس الذي حقق فوزاً كاسحاً في انتخابات 2014 وقاد المشهد السياسي في تلك المرحلة.

لكن ورغم هذه الفرص التاريخية، بدأت هذه الأحزاب المعارضة في التلاشي والذوبان نتيجة ضعف رؤاها وانعدام خططها وبرامجها ومحدودية أفقها، إضافة الى انقساماتها الداخلية. فقد فشلت "المعارضة-الحاكمة" في إدارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بعد الثورة، ما جعل شعبيتها تتآكل تدريجياً، وظهرت في المشهد كقوى غير قادرة على تلبية مطالب الشارع.

لقد فشلت المعارضة التونسية، حتى عندما بلغت السلطة، في إثبات نفسها نتيجة افتقارها إلى رؤية واضحة. فبدلاً من التركيز على تقديم بدائل سياسية واقتصادية واقعية، اكتفى العديد من الأحزاب المعارضة وشخصياتها بتوجيه النقد للسلطة الحاكمة دون تقديم حلول ملموسة للأزمات المتفاقمة. مما أفقدها مصداقيتها في عيون الناخبين.

كما أن البحث عن السلطة بأي ثمن والتركيز فقط على استغلال الفرص المتاحة لتحقيق مكاسب فردية على حساب الوطن والمجموعة وبناء الدولة والاستقرار أفشل المعارضة في كل خياراتها وممارساتها. وحتى عندما أتيحت لها الفرصة للحكم، فشلت في التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي زادت تفاقماً بعد الثورة. هذا دون الحديث عن غياب القيادة الكاريزمية وافتقار المعارضة إلى شخصيات قيادية تتمتع بالقدرة على تجميع الشعب حول مشروع وطني وحتى رموز المعارضة أثبتت التجارب والواقع أنها غالبًا ما تنشغل بالخلافات الشخصية أو الحزبية على حساب المصلحة الوطنية وتقديم بدائل سياسية حقيقية وشاملة تكون قادرة على المقارعة وإثبات النفس وشد الجمهور وإعادة بناء الجسور بينها وبين الشارع. وهو ما يقتضي اليوم خلق زعامات جديدة تغلب الجانب الوطني على الجانب التهديمي، قادرة على المعارضة البناءة التي يمكن أن يستفيد منها الحاكم من أجل الإصلاح والتقدم وتقديم رؤى تساعد على الاستقرار والتنمية.

فكل ديمقراطية تحتاج الى معارضة تلعب دورها الوطني كقوة سياسية فاعلة، تقدمّ برامج تلامس الواقع وتستجيب لطموحات الشعب وتحاول أن تقدم البدائل التي يمكن أن تأخذ بها السلطة إذا ما رأت إيجابياتها وإمكانية مساهمتها في الإصلاح والنمو والتقدم بعيدا عن دور المعارضة التقليدية والرفض والانتقاد، وهو الدور الذي تميزت به المعارضة التونسية ماضيا وحاضرا وربما مستقبلا والذي جعلها منحصرة في كل استحقاق انتخابي في نسبة الصفر فاصل.

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews