إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محل اتفاقيات وحلم مستثمرين ورجال أعمال.. مناطق للتجارة الحرة بين تونس والجزائر وليبيا في انتظار التجسيم الفعلي

 

تونس- الصباح

مرة أخرى، يطفو على السطح ملف المناطق التجارية الحرة الحدودية خاصة بين تونس والجزائر وليبيا، الذي كثر الحديث عنه، منذ عدة سنوات، وتعددت في شأنه اللقاءات الدبلوماسية الرسمية، والاتفاقيات والمذكرات السياسية الثنائية منها أو الثلاثية.. في انتظار مرورها إلى التنفيذ حتى ترى النور..

والجديد في هذا الملف، هو تجديد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تأكيده على أن بلاده "ستقيم في وقت قريب منطقة تجارة حرة مع النيجر ثم مع تونس وليبيا، وذلك للتصدي للمضاربة."

وقال مؤخرا في لقائه مع وسائل الإعلام المحلية، أن الهدف من إحداث مناطق التجارة الحرة مع البلدان المجاورة، هو "لوضع حل ناجع يتصدى للمضاربة في السلع، مشيرا الى "نجاح هذه المنطقة الحرة مع الجارة موريتانيا" .

ولم يحدد تبون موعدا ثابتا لبدء إحداث مشروع منطقة للتبادل الحر مع تونس، واكتفى بالتأكيد على أن الأمر سيتحقق قبل نهاية العام الجاري. علما أن المناطق الحدودية المرشحة لاحتضان مثل هذا المشروع الذي طال انتظاره تقع في ولاية القصرين، وأخرى في ولاية توزر (حزوة)..

ويأتي تصريح الرئيس الجزائري، بعد أسابيع قليلة من نداء أصدرته ثلاثة اتحادات ومجالس تونسية وليبية وجزائرية تمثل رجال الأعمال والأعراف في البلدان المذكورة، دعت من خلاله حكومات الدول الثلاث إلى الإسراع في تنفيذ خطة لإنشاء مناطق التبادل التجاري الحر، وتسهيل خطوط نقل السلع وتطوير التنمية في المناطق الحدودية.

وناقشت اتحادات رجال الأعمال والهيئات القيادية لمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والاتحاد العام لغرف الصناعة والتجارة في ليبيا، في منتدى اقتصادي عقد بالجزائر العاصمة في 23 جويلية 2024 خطة تستعجل إقامة مناطق للتبادل التجاري الحر وإنشاء مناطق صناعية ذكية بالمناطق الحدودية المشتركة، "بما يساعد على تطوير مناخ الأعمال بهذه المناطق ويحولها إلى فضاء جاذب للاستثمار ولإقامة مشاريع مشتركة مجددة ومبتكرة"، وفق البيان الختامي للمنتدى.

ودعا البيان الختامي للقاء إلى "رفع جميع العراقيل الميدانية والمالية تشجيعاً للاستثمار المشترك مع الاستغلال الأمثل للإمكانات اللوجستية المتاحة، دعماً لانسيابية السلع والمنتجات بين الدول الثلاث، والسعي لتوحيد الإجراءات الميدانية الكفيلة بتسهيل انسياب السلع وتسهيل التعاملات المالية البيئية، مع خلق بنك معلومات اقتصادي موحد".

وكانت قمة ثلاثية عقدت في تونس في شهر أفريل 2024 اتفق فيها رؤساء الدول الثلاث على الإسراع في إحداث مناطق تجارية حرة بينها..

وحثت الهيئات التجارية والاقتصادية، الحكومات على ضرورة "وضع تصور يسمح بالاستفادة من المزايا المتاحة بالمناطق الحدودية ولاسيما تلك المتعلقة بالمواد الأولية والطاقات التقليدية والمتجددة، بما يعزز القدرة التنافسية للمؤسسات المشتركة ويدعم قدراتها التصديرية، نحو الأسواق الإفريقية وغيرها من الأسواق العالمية"، وبعث مشاريع تنموية كبرى في عدد من المجالات والمناطق ذات الأولوية، لتعزيز مقومات التنمية الشاملة، و"بحث إقامة شراكات ومشاريع استثمارية ذات قيمة مضافة عالية، بين الفاعلين الاقتصاديين من القطاعين الخاص والعام بالدول الثلاث، لا سيما على مستوى المناطق الحدودية".

وتعتبر فكرة إحداث مناطق تجارية حرة على تخوم الحدود المشتركة بين البلدان المغاربية، قديمة، تعود إلى سنوات ماضية، حتى قبل 2010، لكنها لم تخرج عن نطاق دراسات الجدوى، وعن مجال الاتفاق السياسي البروتوكولي بين البلدان الثلاث..

وحاولت حكومات متعاقبة في تونس تحريك ملف إحداث المناطق الحرة بين تونس والجزائر من جهة، وبين تونس وليبيا من جهة أخرى، لكنها عجزت عن الإيفاء بتعهداتها لعدة أسباب منها غياب الإرادة السياسية.

ومن أبرز المناطق الحدودية المرشحة لاحتضان المناطق الحرة، نذكر منطقة واقعة في ولاية القصرين على الحدود مع الجزائر، والثانية بمنطقة الشوشة بولاية مدنين على بعد خمسة كلم من ليبيا. والهدف الرئيسي من وراء إحداثها الحد من نزيف التجارة الموازية واحتواء ظاهرة التهريب، والحد من التهرب الجبائي الناشط على الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا.

وكان عدد من الاتفاقيات بين تونس والجزائر قد أمضي في الفترة الأخيرة، جلها تضمنت تعهدات بإحداث مشاريع مشتركة بين البلدين وإحداث مناطق تجارية حرة بالقرب من المعابر الحدودية، على غرار الاتفاق الذي تمخض عن أشغال الدورة الأولى للجنة الثانية المشتركة بين تونس والجزائر لتنمية المناطق الحدودية بين البلدين، والتي عقدت في نهاية جانفي 2024، ونص على إحداث مشروعات مشتركة للبنية التحتية بالولايات الحدودية في إطار سعيها لمقاومة التهريب، واعتماد خريطة طريق تتضمن استحداث منطقة مشتركة للتبادل الحر بمحافظة الوادي الجزائرية ومنطقة حزوة من ولاية توزر.

ونفس الأمر بين تونس وليبيا، إذ أمضى وزيرا تجارة تونس وليبيا في سبتمبر 2022 على اتفاقية إنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة بمعبر رأس جدير تنص على رفع القيود على مواطني البلدين وتسهيل إجراءات دخول السلع بين البلدين..

يذكر أن نتائج دراسات سابقة أظهرت أن المحروقات هي أبرز المواد المهربة من الجزائر وليبيا.

وتتسبب عمليات التهريب في ركود القطاع الاقتصادي والتجاري المنظم والقانوني، وفقدان الكثير من مواطن الشغل. ويقدر حجم التجارة الموازية بأنه يمثل قرابة 50 بالمائة من مجمل رقم المعاملات القطاع التجاري..

فيما أكدت دراسة أعدها البنك الدولي أن ظاهرة التهريب بين البلدان الثلاث استفحلت في السنوات الأخيرة وتكلف تونس خسارة تقدر بأكثر من مليار دولار سنويا من العائدات الجبائية الضائعة. فيما يتكبد الاقتصاد الوطني خسائر بنحو 12 بالمائة من مجمل المداخيل الجبائية المهدرة سنويا، وأن البضائع المهربة نحو تونس تمثل نحو 5 بالمائة من مجمل واردات تونس من الخارج..

رفيق بن عبد الله

محل اتفاقيات وحلم مستثمرين ورجال أعمال..   مناطق للتجارة الحرة بين تونس والجزائر وليبيا في انتظار التجسيم الفعلي

 

تونس- الصباح

مرة أخرى، يطفو على السطح ملف المناطق التجارية الحرة الحدودية خاصة بين تونس والجزائر وليبيا، الذي كثر الحديث عنه، منذ عدة سنوات، وتعددت في شأنه اللقاءات الدبلوماسية الرسمية، والاتفاقيات والمذكرات السياسية الثنائية منها أو الثلاثية.. في انتظار مرورها إلى التنفيذ حتى ترى النور..

والجديد في هذا الملف، هو تجديد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تأكيده على أن بلاده "ستقيم في وقت قريب منطقة تجارة حرة مع النيجر ثم مع تونس وليبيا، وذلك للتصدي للمضاربة."

وقال مؤخرا في لقائه مع وسائل الإعلام المحلية، أن الهدف من إحداث مناطق التجارة الحرة مع البلدان المجاورة، هو "لوضع حل ناجع يتصدى للمضاربة في السلع، مشيرا الى "نجاح هذه المنطقة الحرة مع الجارة موريتانيا" .

ولم يحدد تبون موعدا ثابتا لبدء إحداث مشروع منطقة للتبادل الحر مع تونس، واكتفى بالتأكيد على أن الأمر سيتحقق قبل نهاية العام الجاري. علما أن المناطق الحدودية المرشحة لاحتضان مثل هذا المشروع الذي طال انتظاره تقع في ولاية القصرين، وأخرى في ولاية توزر (حزوة)..

ويأتي تصريح الرئيس الجزائري، بعد أسابيع قليلة من نداء أصدرته ثلاثة اتحادات ومجالس تونسية وليبية وجزائرية تمثل رجال الأعمال والأعراف في البلدان المذكورة، دعت من خلاله حكومات الدول الثلاث إلى الإسراع في تنفيذ خطة لإنشاء مناطق التبادل التجاري الحر، وتسهيل خطوط نقل السلع وتطوير التنمية في المناطق الحدودية.

وناقشت اتحادات رجال الأعمال والهيئات القيادية لمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والاتحاد العام لغرف الصناعة والتجارة في ليبيا، في منتدى اقتصادي عقد بالجزائر العاصمة في 23 جويلية 2024 خطة تستعجل إقامة مناطق للتبادل التجاري الحر وإنشاء مناطق صناعية ذكية بالمناطق الحدودية المشتركة، "بما يساعد على تطوير مناخ الأعمال بهذه المناطق ويحولها إلى فضاء جاذب للاستثمار ولإقامة مشاريع مشتركة مجددة ومبتكرة"، وفق البيان الختامي للمنتدى.

ودعا البيان الختامي للقاء إلى "رفع جميع العراقيل الميدانية والمالية تشجيعاً للاستثمار المشترك مع الاستغلال الأمثل للإمكانات اللوجستية المتاحة، دعماً لانسيابية السلع والمنتجات بين الدول الثلاث، والسعي لتوحيد الإجراءات الميدانية الكفيلة بتسهيل انسياب السلع وتسهيل التعاملات المالية البيئية، مع خلق بنك معلومات اقتصادي موحد".

وكانت قمة ثلاثية عقدت في تونس في شهر أفريل 2024 اتفق فيها رؤساء الدول الثلاث على الإسراع في إحداث مناطق تجارية حرة بينها..

وحثت الهيئات التجارية والاقتصادية، الحكومات على ضرورة "وضع تصور يسمح بالاستفادة من المزايا المتاحة بالمناطق الحدودية ولاسيما تلك المتعلقة بالمواد الأولية والطاقات التقليدية والمتجددة، بما يعزز القدرة التنافسية للمؤسسات المشتركة ويدعم قدراتها التصديرية، نحو الأسواق الإفريقية وغيرها من الأسواق العالمية"، وبعث مشاريع تنموية كبرى في عدد من المجالات والمناطق ذات الأولوية، لتعزيز مقومات التنمية الشاملة، و"بحث إقامة شراكات ومشاريع استثمارية ذات قيمة مضافة عالية، بين الفاعلين الاقتصاديين من القطاعين الخاص والعام بالدول الثلاث، لا سيما على مستوى المناطق الحدودية".

وتعتبر فكرة إحداث مناطق تجارية حرة على تخوم الحدود المشتركة بين البلدان المغاربية، قديمة، تعود إلى سنوات ماضية، حتى قبل 2010، لكنها لم تخرج عن نطاق دراسات الجدوى، وعن مجال الاتفاق السياسي البروتوكولي بين البلدان الثلاث..

وحاولت حكومات متعاقبة في تونس تحريك ملف إحداث المناطق الحرة بين تونس والجزائر من جهة، وبين تونس وليبيا من جهة أخرى، لكنها عجزت عن الإيفاء بتعهداتها لعدة أسباب منها غياب الإرادة السياسية.

ومن أبرز المناطق الحدودية المرشحة لاحتضان المناطق الحرة، نذكر منطقة واقعة في ولاية القصرين على الحدود مع الجزائر، والثانية بمنطقة الشوشة بولاية مدنين على بعد خمسة كلم من ليبيا. والهدف الرئيسي من وراء إحداثها الحد من نزيف التجارة الموازية واحتواء ظاهرة التهريب، والحد من التهرب الجبائي الناشط على الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا.

وكان عدد من الاتفاقيات بين تونس والجزائر قد أمضي في الفترة الأخيرة، جلها تضمنت تعهدات بإحداث مشاريع مشتركة بين البلدين وإحداث مناطق تجارية حرة بالقرب من المعابر الحدودية، على غرار الاتفاق الذي تمخض عن أشغال الدورة الأولى للجنة الثانية المشتركة بين تونس والجزائر لتنمية المناطق الحدودية بين البلدين، والتي عقدت في نهاية جانفي 2024، ونص على إحداث مشروعات مشتركة للبنية التحتية بالولايات الحدودية في إطار سعيها لمقاومة التهريب، واعتماد خريطة طريق تتضمن استحداث منطقة مشتركة للتبادل الحر بمحافظة الوادي الجزائرية ومنطقة حزوة من ولاية توزر.

ونفس الأمر بين تونس وليبيا، إذ أمضى وزيرا تجارة تونس وليبيا في سبتمبر 2022 على اتفاقية إنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة بمعبر رأس جدير تنص على رفع القيود على مواطني البلدين وتسهيل إجراءات دخول السلع بين البلدين..

يذكر أن نتائج دراسات سابقة أظهرت أن المحروقات هي أبرز المواد المهربة من الجزائر وليبيا.

وتتسبب عمليات التهريب في ركود القطاع الاقتصادي والتجاري المنظم والقانوني، وفقدان الكثير من مواطن الشغل. ويقدر حجم التجارة الموازية بأنه يمثل قرابة 50 بالمائة من مجمل رقم المعاملات القطاع التجاري..

فيما أكدت دراسة أعدها البنك الدولي أن ظاهرة التهريب بين البلدان الثلاث استفحلت في السنوات الأخيرة وتكلف تونس خسارة تقدر بأكثر من مليار دولار سنويا من العائدات الجبائية الضائعة. فيما يتكبد الاقتصاد الوطني خسائر بنحو 12 بالمائة من مجمل المداخيل الجبائية المهدرة سنويا، وأن البضائع المهربة نحو تونس تمثل نحو 5 بالمائة من مجمل واردات تونس من الخارج..

رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews