إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد اعلان رئيس الجمهورية عن مشاريع ضخمة.. نحو تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين تونس والصين

 

باحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل لـ"الصباح":  الصين تعتبر الاستثمار في تونس جزءًا من إستراتيجيتها الأوسع

تونس-الصباح

أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللقاء الذي جمعه، يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 بقصر قرطاج، بكمال المدّوري، رئيس الحكومة، عن جملة من مشاريع النصوص المتعلقة بعدد من المشاريع الكبرى ومن بينها مشروع أمر يتعلق بإحداث مؤسسة مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان وبضبط تنظيمها الإداري والمالي وطرق تسييرها بعد أن تم الاتفاق على توقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية الصين الشعبية تتعلق بهذا المشروع.

كما تعرض رئيس الجمهورية خلال اللقاء إلى اقتناء عدد من حافلات النقل العمومي في أسرع الأوقات والى مشروع القطار السريع الذي يربط بين شمال تونس وجنوبها ومشروع إعادة تهيئة الحي الأولمبي بالمنزه فضلا عن عدد من المشاريع الأخرى في إطار التعاون بين تونس والصين، ويندرج ذلك تجسيدا لاتفاق إقامة علاقات شراكة إستراتيجية بين البلدين خلال زيارة الدولة التي أداها رئيس الجمهورية إلى الصين خلال الفترة الممتدة من 28 ماي إلى 1 جوان 2024 والتي تلتلها خلال الشهر الحالي وتحديدا من 2 إلى غاية 6 سبتمبر زيارة رئيس الحكومة كمال المدّوري إلى بيكين وتُوّجت بإقامة علاقات شراكة إستراتيجية بين تونس والصين، إلى جانب إبرام عدد من الاتفاقيات الأخرى بين البلدين تعلقت بجملة من مجالات التعاون وفي مقدّمتها النقل والصحة والبنية التحتية.

 وقد أعلن رئيس الجمهورية في لقاء سابق أنه قد تم تذليل كل الصعوبات للانطلاق في إنجاز هذه المشاريع، وعلى هذا الأساس يبدو أن توجه الديبلوماسية التونسية شرقا أصبح واقعا .

ومثل الهدف الأبرز بالنسبة لتونس منذ فترة وذلك في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة إذ تحاول تونس تنويع علاقاتها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية لأكثر من هدف لتعدل بوصلتها إلى الشرق مع وجود مجالات تعاون عديدة مع الصين واليابان وروسيا.. مع الحفاظ على علاقاتها التقليدية .

القمة العربية الصينية بالرياض فتحت الباب

وقد كانت مشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد في القمة العربية الصينية التي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض في 9 ديسمبر 2022 منطلقا لهذا التوجه خاصة مع وجود، دعوات إلى انتهاج دبلوماسية جديدة من خلال تعزيز الانفتاح على الشرق وخاصة نحو بيكين إلى جانب الشراكة الإستراتيجية القوية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

ويعد التوجه شرقا والشراكة خاصة مع الصين أحد الحلول لأزمة تونس وخاصة الاقتصادية التي حالت دون تقدم العديد من المشاريع الكبرى على غرار مشروع المدينة الصحية بالقيروان، فتنويع الشراكات ضروري لأن الوضع الذي يمر به العالم يشهد تغيرات كبيرة على مستوى موازين القوى، ما يجعل أمام تونس إمكانية استغلال الوضع والأزمة الحالية التي يعرفها الجميع لتحويلها إلى فرصة حقيقية لاسيما وأن الصين تعد قوة اقتصادية، ولا يوجد أي مانع يحول دون التعامل أو إقامة شراكة معها، والإعلان عن عدد من المشاريع التي ستنجزها الصين من المرجح أن يكون تمهيدا لاستثمارات كبرى بعيدا عن منطق الهيمنة الذي تتعامل به الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وخير دليل موقف الرئيس الصيني "شي جينبينغ" الذي أكد خلال القمة العربية بالرياض "دعم بلاده لإتباع تونس مسار تنمية يتلاءم مع ظروفها" وأن بلاده "ترفض التدخل الخارجي في شؤون تونس الداخلية".

بدائل عن صندوق النقد

وتعتبر الشراكات الجديدة مع الصين خطوة للحصول على تمويلات ودعم فني ولوجستي من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي انضمت إليه تونس والذي يعد خير بديل لصندوق النقد الدولي.

وفي هذا الصدد أكد وسام الأسود الباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل لـ"الصباح" أن الصين وبقية الدول الأعضاء بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB يدركون الأهمية الجيوسياسية والجيوإستراتيجية لتونس التي تتميز بموقع استراتيجي يجعلها نقطة تلاق بين أوروبا وإفريقيا، ثم الشرق الأدنى وأمريكا الشمالية والجنوبية، وهذا يجعلها ذات أهمية إستراتيجية كبيرة خصوصا للصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، خاصة وأن الصين تسعى إلى تعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي في المنطقة من خلال استثمارات في البنية التحتية والموانئ والمشروعات الأخرى التي ستستفيد منها لتحقيق مشروعها "طريق الحرير"، لاسيما وأن بلادنا تتميز بقربها الجغرافي من أوروبا الذي يمكن أن يفتح للصين بوابة مهمة على الأسواق الأوروبية، وأيضا على الأسواق الإفريقية.

وبين وسام الأسود أن الصين – وبشكل أدق- تعتبر الاستثمار في تونس جزءًا من إستراتيجيتها الأوسع لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية ودول البحر الأبيض المتوسط.

 وبين أن استثمارات الصين في تونس يمكنها أن تشمل مجالات عديدة وعلى رأسها الطاقة والنقل والتكنولوجيا. واعتبر أن من أبرز المشاريع التي يهم الجانب الصيني القيام بها في بلادنا ميناء المياه العميقة بالنفيضة، والذي يمكن أن يعزز الربط التجاري بين آسيا وأوروبا خاصة وأن حوالي 25% من حجم التبادل التجاري البحري العالمي يمر أمام تونس وتحديدا من أمام واجهة بنزرت، ما يعني أن وجود منصة لوجستية متطورة يمكن أن يحقق غايات اقتصادية كبيرة للصين وتونس، ما جعل الصين ترى في تونس شريكًا استراتيجيًا هامًا وهذا جعلها تسعى إلى تعزيز استثماراتها فيها لتحقيق أهدافها الاقتصادية وذلك في إطار شراكة متوازنة قوامها المنفعة المتبادلة.

وكشف وسام الأسود الأستاذ بجامعة "السربون" والباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل أنه ومن خلال عديد اللقاءات التي قام بها كأستاذ وباحث مع الأكاديميين والخبراء الصينيين، أكدوا جميعا على الأهمية الجيوإستراتيجية للبلاد التونسية والدور الاقتصادي الإقليمي والدولي الذي يمكن أن تلعبه تونس إذا ما توفرت الظروف السياسية والاجتماعية لذلك.

معتبرا أن تفعيل انضمام تونس إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية من شأنه دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، شريطة الاستفادة من الفرص المتاحة بطريقة فعالة ومستدامة.

وبين أنه وفي حال قرر البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB الاستثمار في تونس فإن هناك العديد من القطاعات ذات الأولوية التي ستستفيد من هذه التمويلات، على اعتبار أن البنك يركز على تمويل مشاريع البنية التحتية التي تساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة.

تعاون في عدة مجالات

وقد أسفر التعاون التونسي الصيني عن إنجاز عدد من المشاريع الصينية في تونس على غرار الأكاديمية الدبلوماسية الدولية والمستشفى الجامعي بصفاقس والمركب الثقافي والشبابي ببن عروس، بالإضافة إلى التعاون في مجالات أخرى على غرار المجال الصحي من خلال البعثات الصحية الصينية بالعديد من المناطق لمجموعة من الأطباء التابعين إلى البعثة الطبية الصينية العاملة ببلادنا الذين نظموا عددا من العيادات لفائدة عدد من المرضى في اختصاصي طب الأطفال والنساء والتوليد مع تمكين بعض المستشفيات من أجهزة طبية عصرية تعمل بالأشعة فوق البنفسجية.

حنان قيراط

 

 

 

 

 

 

 

    بعد اعلان رئيس الجمهورية عن مشاريع ضخمة..   نحو تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين تونس والصين

 

باحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل لـ"الصباح":  الصين تعتبر الاستثمار في تونس جزءًا من إستراتيجيتها الأوسع

تونس-الصباح

أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللقاء الذي جمعه، يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 بقصر قرطاج، بكمال المدّوري، رئيس الحكومة، عن جملة من مشاريع النصوص المتعلقة بعدد من المشاريع الكبرى ومن بينها مشروع أمر يتعلق بإحداث مؤسسة مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان وبضبط تنظيمها الإداري والمالي وطرق تسييرها بعد أن تم الاتفاق على توقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية الصين الشعبية تتعلق بهذا المشروع.

كما تعرض رئيس الجمهورية خلال اللقاء إلى اقتناء عدد من حافلات النقل العمومي في أسرع الأوقات والى مشروع القطار السريع الذي يربط بين شمال تونس وجنوبها ومشروع إعادة تهيئة الحي الأولمبي بالمنزه فضلا عن عدد من المشاريع الأخرى في إطار التعاون بين تونس والصين، ويندرج ذلك تجسيدا لاتفاق إقامة علاقات شراكة إستراتيجية بين البلدين خلال زيارة الدولة التي أداها رئيس الجمهورية إلى الصين خلال الفترة الممتدة من 28 ماي إلى 1 جوان 2024 والتي تلتلها خلال الشهر الحالي وتحديدا من 2 إلى غاية 6 سبتمبر زيارة رئيس الحكومة كمال المدّوري إلى بيكين وتُوّجت بإقامة علاقات شراكة إستراتيجية بين تونس والصين، إلى جانب إبرام عدد من الاتفاقيات الأخرى بين البلدين تعلقت بجملة من مجالات التعاون وفي مقدّمتها النقل والصحة والبنية التحتية.

 وقد أعلن رئيس الجمهورية في لقاء سابق أنه قد تم تذليل كل الصعوبات للانطلاق في إنجاز هذه المشاريع، وعلى هذا الأساس يبدو أن توجه الديبلوماسية التونسية شرقا أصبح واقعا .

ومثل الهدف الأبرز بالنسبة لتونس منذ فترة وذلك في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة إذ تحاول تونس تنويع علاقاتها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية لأكثر من هدف لتعدل بوصلتها إلى الشرق مع وجود مجالات تعاون عديدة مع الصين واليابان وروسيا.. مع الحفاظ على علاقاتها التقليدية .

القمة العربية الصينية بالرياض فتحت الباب

وقد كانت مشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد في القمة العربية الصينية التي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض في 9 ديسمبر 2022 منطلقا لهذا التوجه خاصة مع وجود، دعوات إلى انتهاج دبلوماسية جديدة من خلال تعزيز الانفتاح على الشرق وخاصة نحو بيكين إلى جانب الشراكة الإستراتيجية القوية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

ويعد التوجه شرقا والشراكة خاصة مع الصين أحد الحلول لأزمة تونس وخاصة الاقتصادية التي حالت دون تقدم العديد من المشاريع الكبرى على غرار مشروع المدينة الصحية بالقيروان، فتنويع الشراكات ضروري لأن الوضع الذي يمر به العالم يشهد تغيرات كبيرة على مستوى موازين القوى، ما يجعل أمام تونس إمكانية استغلال الوضع والأزمة الحالية التي يعرفها الجميع لتحويلها إلى فرصة حقيقية لاسيما وأن الصين تعد قوة اقتصادية، ولا يوجد أي مانع يحول دون التعامل أو إقامة شراكة معها، والإعلان عن عدد من المشاريع التي ستنجزها الصين من المرجح أن يكون تمهيدا لاستثمارات كبرى بعيدا عن منطق الهيمنة الذي تتعامل به الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وخير دليل موقف الرئيس الصيني "شي جينبينغ" الذي أكد خلال القمة العربية بالرياض "دعم بلاده لإتباع تونس مسار تنمية يتلاءم مع ظروفها" وأن بلاده "ترفض التدخل الخارجي في شؤون تونس الداخلية".

بدائل عن صندوق النقد

وتعتبر الشراكات الجديدة مع الصين خطوة للحصول على تمويلات ودعم فني ولوجستي من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي انضمت إليه تونس والذي يعد خير بديل لصندوق النقد الدولي.

وفي هذا الصدد أكد وسام الأسود الباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل لـ"الصباح" أن الصين وبقية الدول الأعضاء بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB يدركون الأهمية الجيوسياسية والجيوإستراتيجية لتونس التي تتميز بموقع استراتيجي يجعلها نقطة تلاق بين أوروبا وإفريقيا، ثم الشرق الأدنى وأمريكا الشمالية والجنوبية، وهذا يجعلها ذات أهمية إستراتيجية كبيرة خصوصا للصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، خاصة وأن الصين تسعى إلى تعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي في المنطقة من خلال استثمارات في البنية التحتية والموانئ والمشروعات الأخرى التي ستستفيد منها لتحقيق مشروعها "طريق الحرير"، لاسيما وأن بلادنا تتميز بقربها الجغرافي من أوروبا الذي يمكن أن يفتح للصين بوابة مهمة على الأسواق الأوروبية، وأيضا على الأسواق الإفريقية.

وبين وسام الأسود أن الصين – وبشكل أدق- تعتبر الاستثمار في تونس جزءًا من إستراتيجيتها الأوسع لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية ودول البحر الأبيض المتوسط.

 وبين أن استثمارات الصين في تونس يمكنها أن تشمل مجالات عديدة وعلى رأسها الطاقة والنقل والتكنولوجيا. واعتبر أن من أبرز المشاريع التي يهم الجانب الصيني القيام بها في بلادنا ميناء المياه العميقة بالنفيضة، والذي يمكن أن يعزز الربط التجاري بين آسيا وأوروبا خاصة وأن حوالي 25% من حجم التبادل التجاري البحري العالمي يمر أمام تونس وتحديدا من أمام واجهة بنزرت، ما يعني أن وجود منصة لوجستية متطورة يمكن أن يحقق غايات اقتصادية كبيرة للصين وتونس، ما جعل الصين ترى في تونس شريكًا استراتيجيًا هامًا وهذا جعلها تسعى إلى تعزيز استثماراتها فيها لتحقيق أهدافها الاقتصادية وذلك في إطار شراكة متوازنة قوامها المنفعة المتبادلة.

وكشف وسام الأسود الأستاذ بجامعة "السربون" والباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل أنه ومن خلال عديد اللقاءات التي قام بها كأستاذ وباحث مع الأكاديميين والخبراء الصينيين، أكدوا جميعا على الأهمية الجيوإستراتيجية للبلاد التونسية والدور الاقتصادي الإقليمي والدولي الذي يمكن أن تلعبه تونس إذا ما توفرت الظروف السياسية والاجتماعية لذلك.

معتبرا أن تفعيل انضمام تونس إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية من شأنه دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، شريطة الاستفادة من الفرص المتاحة بطريقة فعالة ومستدامة.

وبين أنه وفي حال قرر البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB الاستثمار في تونس فإن هناك العديد من القطاعات ذات الأولوية التي ستستفيد من هذه التمويلات، على اعتبار أن البنك يركز على تمويل مشاريع البنية التحتية التي تساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة.

تعاون في عدة مجالات

وقد أسفر التعاون التونسي الصيني عن إنجاز عدد من المشاريع الصينية في تونس على غرار الأكاديمية الدبلوماسية الدولية والمستشفى الجامعي بصفاقس والمركب الثقافي والشبابي ببن عروس، بالإضافة إلى التعاون في مجالات أخرى على غرار المجال الصحي من خلال البعثات الصحية الصينية بالعديد من المناطق لمجموعة من الأطباء التابعين إلى البعثة الطبية الصينية العاملة ببلادنا الذين نظموا عددا من العيادات لفائدة عدد من المرضى في اختصاصي طب الأطفال والنساء والتوليد مع تمكين بعض المستشفيات من أجهزة طبية عصرية تعمل بالأشعة فوق البنفسجية.

حنان قيراط

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews