إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كلام مباح.. وتستمر النكبة ...

 

تونس - الصباح

كان لقائي الوحيد معه في إحدى دورات معرض الشارقة الدولي للكتاب يتجول بين الأروقة ويتحدث لزوار المكان .. وشاءت الصدفة أن ألتقيه وكنت أحمل بين مشترياتي من الكتب أحدث رواياته آنذاك "سينالكول" (الصادرة في سنة 2012) .. من المربك لقاء كاتب هو للكثير من قرائه أكثر من اسم مهم في عالم الأدب العربي أسلوبا وتجربة وتنوعا ..

نسمات الربيع العربي في ذاك الزمن لم تفقد - في أعماقنا - هواءها المنعش بعد .. وفي نظرة الكاتب اللبناني الكبير حين علم أني من تونس بريق ومزيج من مشاعر الأمل والألم .. تساءلت حينها هل أعاد له الربيع العربي أحلام التحرر أم ذكره بآلام الشتات الفلسطيني ..

رحيله الأحد 15 سبتمبر 2024 في لحظة فارقة من تاريخنا العربي ونحن على أعتاب كارثة إنسانية على أراضي "فلسطين" وفي مخاض وطني وإنساني وقيّمي عسير يحمل من الرمزية الكثير ..

يقول المقربون من فقيد الأدب العربي أنه كان يكتب عن بيروت للمسرح وهو على فراش المرض ويخط ورقات من رواية لم تكتمل وهو يشاهد نزيف "غزة" على شاشات التلفزيون .. ورغم المرض "العضال" ظل قلمه مستميتا على صفحات "القدس العربي" حتى النفس الأخير ..

ما يمنح إلياس خوري حق "الخلود" في ذاكرتنا لا مواقفه المدافعة في كتاباته عن القضايا العادلة والوجع الفلسطيني و"همّ" الوطن الضائع .. وبيروت الهائمة على صفيح ساخن من الحروب والعواصف السياسية فحسب وإنمّا قدرته الفائقة على الاستماتة لأجل كلمة الحق دون أن يحيد عن مواقفه الفكرية والإنسانية في ظل عالم تحكمه أنظمة دكتاتورية وتحركه أموال الفساد وطغيان الأقوى ..

انتمائه لحركة "فتح" بعد النكسة (1967) وهو في فورة شبابه ونضاله مع رفقاء القلم محمود درويش وإدوارد سعيد كما كتاباته في مجلة "شؤون فلسطينية" و"ذكريات الشعب" لمؤسسة البحوث العربية في بيروت وعلى صفحات جريدة "الكرمل" منحته الاستثناء في مشهد ثقافي عربي يتلوّن حسب أهواء الحكام ...

هو ذاك اللبناني الفلسطيني الهوى، من كتب قصة الشتات في بُعدها الإنساني الأسمى عبر ورقات "باب الشمس" الرواية التي أسرت كاميرا المخرج المصري يسري نصر الله وخلدت شخوصا عابرين للزمن الفلسطيني ..

"غاندي الصغير" في رحلته البيروتية .. تناقضات الحياة والتوأم كريم ونسيم في "سينالكول" أو عبثية الحرب وطفولة "يالو" .. هي بعض الشخوص من رصيد روائي وقصصي ثري لكاتب مجدد في تجربته السردية وغزير الإنتاج بين الأدب والدراسات النقدية مرورا بالكتابة المسرحية والصحافة الثقافية ..

 لقد وجد إلياس خوري في عوالم الكلمة صدى لمواقفه الحرة ومتنفسا يشفي جروح الوطن وهموم العرب .. وكم هي عديدة هذه المواقف وفي تونس لعّلنا لم ننسى بعد كلمته في اختتام أيام قرطاج السينمائية سنة 2006 برئاسة فريد بوغدير حين شدد على حرية التعبير باعتبارها أسمى حالات الابداع ...

يترك إلياس خوري أثره أينما حل فابن النكبة ولد في مخاض 1948 ورحل وهو يختبر آلام الوطن وموت الشهداء وانهيار قيم الإنسانية .. يؤمن الياس خوري بأن الموتى يخاطبون الأحياء كما تقول احدى شخصيات رواياته .. من هناك أين يكمن سلام الروح لعّله يحادثنا عن الإنسانية الحق وقيم العدالة والرحمة والتسامح بين بشر شوهت عقولهم الحروب ومتعة الاستقواء والطغيان.

نجلاء قموع

 

 

 

 

 

 

 

 

تونس - الصباح

كان لقائي الوحيد معه في إحدى دورات معرض الشارقة الدولي للكتاب يتجول بين الأروقة ويتحدث لزوار المكان .. وشاءت الصدفة أن ألتقيه وكنت أحمل بين مشترياتي من الكتب أحدث رواياته آنذاك "سينالكول" (الصادرة في سنة 2012) .. من المربك لقاء كاتب هو للكثير من قرائه أكثر من اسم مهم في عالم الأدب العربي أسلوبا وتجربة وتنوعا ..

نسمات الربيع العربي في ذاك الزمن لم تفقد - في أعماقنا - هواءها المنعش بعد .. وفي نظرة الكاتب اللبناني الكبير حين علم أني من تونس بريق ومزيج من مشاعر الأمل والألم .. تساءلت حينها هل أعاد له الربيع العربي أحلام التحرر أم ذكره بآلام الشتات الفلسطيني ..

رحيله الأحد 15 سبتمبر 2024 في لحظة فارقة من تاريخنا العربي ونحن على أعتاب كارثة إنسانية على أراضي "فلسطين" وفي مخاض وطني وإنساني وقيّمي عسير يحمل من الرمزية الكثير ..

يقول المقربون من فقيد الأدب العربي أنه كان يكتب عن بيروت للمسرح وهو على فراش المرض ويخط ورقات من رواية لم تكتمل وهو يشاهد نزيف "غزة" على شاشات التلفزيون .. ورغم المرض "العضال" ظل قلمه مستميتا على صفحات "القدس العربي" حتى النفس الأخير ..

ما يمنح إلياس خوري حق "الخلود" في ذاكرتنا لا مواقفه المدافعة في كتاباته عن القضايا العادلة والوجع الفلسطيني و"همّ" الوطن الضائع .. وبيروت الهائمة على صفيح ساخن من الحروب والعواصف السياسية فحسب وإنمّا قدرته الفائقة على الاستماتة لأجل كلمة الحق دون أن يحيد عن مواقفه الفكرية والإنسانية في ظل عالم تحكمه أنظمة دكتاتورية وتحركه أموال الفساد وطغيان الأقوى ..

انتمائه لحركة "فتح" بعد النكسة (1967) وهو في فورة شبابه ونضاله مع رفقاء القلم محمود درويش وإدوارد سعيد كما كتاباته في مجلة "شؤون فلسطينية" و"ذكريات الشعب" لمؤسسة البحوث العربية في بيروت وعلى صفحات جريدة "الكرمل" منحته الاستثناء في مشهد ثقافي عربي يتلوّن حسب أهواء الحكام ...

هو ذاك اللبناني الفلسطيني الهوى، من كتب قصة الشتات في بُعدها الإنساني الأسمى عبر ورقات "باب الشمس" الرواية التي أسرت كاميرا المخرج المصري يسري نصر الله وخلدت شخوصا عابرين للزمن الفلسطيني ..

"غاندي الصغير" في رحلته البيروتية .. تناقضات الحياة والتوأم كريم ونسيم في "سينالكول" أو عبثية الحرب وطفولة "يالو" .. هي بعض الشخوص من رصيد روائي وقصصي ثري لكاتب مجدد في تجربته السردية وغزير الإنتاج بين الأدب والدراسات النقدية مرورا بالكتابة المسرحية والصحافة الثقافية ..

 لقد وجد إلياس خوري في عوالم الكلمة صدى لمواقفه الحرة ومتنفسا يشفي جروح الوطن وهموم العرب .. وكم هي عديدة هذه المواقف وفي تونس لعّلنا لم ننسى بعد كلمته في اختتام أيام قرطاج السينمائية سنة 2006 برئاسة فريد بوغدير حين شدد على حرية التعبير باعتبارها أسمى حالات الابداع ...

يترك إلياس خوري أثره أينما حل فابن النكبة ولد في مخاض 1948 ورحل وهو يختبر آلام الوطن وموت الشهداء وانهيار قيم الإنسانية .. يؤمن الياس خوري بأن الموتى يخاطبون الأحياء كما تقول احدى شخصيات رواياته .. من هناك أين يكمن سلام الروح لعّله يحادثنا عن الإنسانية الحق وقيم العدالة والرحمة والتسامح بين بشر شوهت عقولهم الحروب ومتعة الاستقواء والطغيان.

نجلاء قموع

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews