إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والتظاهرات الفولكلورية.. أية علاقة وأي معنى؟

بقلم نوفل سلامة 

 

المشكلة في أن الذي يحصل في هذه الذكرى الدينية يؤكد أننا نعيش فقدان المعنى وأزمة في المفاهيم حادة وخلط كبير بين الأجواء الروحانية الإيمانية والممارسات التي تكرس الخرافة والدروشة

 

إذا تركنا جانبا النقاش القديم الجديد والذي يعود كل مرة بمناسبة ذكرى مولد رسول الإسلام محمد بن عبد الله حول شرعية أو عدم شرعية الاحتفاء بمولده على اعتبار وأن الرسول لم يثبت عنه أنه احتفل بيوم ولادته ولا فعل ذلك صحابته من بعده .. وإذا تركنا جانبا النقاش الآخر الذي نجده في أقوال فقهاء الإسلام القدامى حول الإجابة على سؤال البدعة والسنة في الاحتفال بهذه المناسبة العزيزة على قلب كل مسلم من منطلق وجهة النظر التي تقول بأن أعياد الإسلام ومناسباتهم الاحتفالية هي مضبوطة بنصوص شرعية ثابتة وأن الدين لا يقبل الزيادة فيه بإدخال عوائد لم تنقل إلينا بالتواتر عن زمن الإسلام المبكر وفترة الإسلام النقي الصافي ، إذا تركنا كل ذلك جانبا وسلمنا بأنه لا ضير ولا مانع من الاحتفال بيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم من منطلق التذكير بسيرة هذا الرسول العظيم والتحدث بمناقبه وإظهار قيمته التي قد يغفل عنها الكثير من جيل اليوم بفعل الزمن والحياة السريعة ومشاغل الحياة التي ألهت الكثير من المسلمين وأبعدتهم عن دينهم فلم يبق لهم من هذا الانتماء الإيماني إلا الاسم والتاريخ وبعض العوائد والتقاليد الإسلامية والتاريخ القديم الذي نقرأه في الكتب ونشاهده فيما تبقى من مسلسلات تاريخية دينية قديمة تعود إلى عقود من الزمن، فإن الذي لفت انتباهنا أن الاحتفال بهذه المناسبة قد خرج في السنوات الأخيرة عن مقصده وابتعد عن المغزى من هذا الاحتفال وتعدى مسألة الخلاف الفكري والشرعي حول مبدأ الاحتفال في حد ذاته إلى مسألة خطيرة علقت بهذه المناسبة تمثلت في دخول الفن الفلكلوري والعروض الفنية التي لا علاقة لها بمسألة المولد النبوي الشريف وسجلت حضورها في مختلف التظاهرات الدينية التي تقام بهذه المناسبة حيث رأينا أن عددا من الهيئات الثقافية بمختلف جهات البلاد المشرفة على تنظيم هذه التظاهرات الدينية تخصص عروضا فولكلورية على غرار عرض " السطنبالي " الذي له خصوصيته وايقاعه الموسيقي الخاص الذي لا يتفق مع هذه المناسبة الدينية التي تفرض جوا إيمانيا معروفا لا يتماشى معه إيقاع موسيقى البانقا وغناء السطنبالي وهو عرض فرجوي يمزج بين الخرافة والتاريخ الزنجي ويحكي تاريخ الزنوج مع العبودية والأسطورة الشعبية المعروفة في بلادنا بقصة " بوسعدية " التي تقول الرواية المتداولة أن أحد ملوك مالي خطف تجار الرقيق ابنته سعدية من بيتها فتنكر في ملابس غريبة من صوف وأشرطة من الفرو والرّيش والحديد وغطى وجهه بقناع مكشوف العينين مزدان بأصداف البحر حاملا بيديه الشقاشق مردداً هتافات عله يجدها حتى وصل إلى تونس التي عُرفت في التاريخ القديم بكونها سوقاً لتجارة العبيد من مختلف أصقاع الدنيا .

المشكلة التي تعترضنا ونحن نسجل التحول الحاصل في الاحتفال بذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الخلاف الديني حول شرعية الاحتفال وحول تنظيم أوقات للمدائح والأذكار وتلاوة القرآن والمسامرات الدينية في المساجد والجوامع وقراءة قصيدة البردة للإمام البصيري إلى تحوله إلى سوق تجارية ومناسبة لعرض المنتجات من الصناعات التقليدية وتنظيم المعارض وزيارة مقام الأولياء الصالحين والتبرك بهم إلى العروض الصاخبة التي كانت محل انتقاد في السنة الفارطة وعمل منظمو الاحتفال بالمولد النبوي بمدينة القيروان تجنبها هذا العام وأخذوا كل الاحتياطات حتى لا تتسرب عروض فنية لا علاقة بها بهذه المناسبة وفيها تشويه واضح لروح المولد النبوي الشريف ،والمشكلة في أن الذي يحصل في هذه الذكرى الدينية يؤكد أننا نعيش فقدان المعنى وأزمة في المفاهيم حادة وخلط كبير بين الأجواء الروحانية الايمانية والممارسات التي تكرس الخرافة والدروشة والبعد عن قيمة الدين الحق ومعنى الانتماء للإسلام في نقائه وصفائه كما جاء في نصوصه المقدسة والممارسة التاريخية في زمن الإسلام الأول والإسلام المبكر .

المشكلة أن الذي يحدث مع الكثير من التظاهرات الاحتفالية التي تقام يكرس المظاهر الفرجوية ويركز على معنى الإبهار والاستعراض وهي كلها تصرفات وأفعال وسلوكيات تنتهي إلى انتاج وصناعة أفراد بعيدين كل البعد عن معنى المسلم كما تم تقديمه في النصوص المقدسة كتابا وسنة وممارسة تاريخية ويفك الارتباط مع الهوية الدينية الحقيقية في مقابل هوية دينية أخرى البعد الخيالي والبعد الأسطوري والممارسة الشعبية والطقوس الفرجوية والمعنى الفولكلوري هو المهيمن والطاغي عليها ليطرح بجدية سؤال أية صورة لمسلم اليوم في ظل هذه التحولات التي تعرفها أعيادنا واحتفالاتنا ؟ وأي معنى للمسلم في سياق التطور الغريب والعجيب لإحياء ذكرى شخصية غيرت وجه العالم ومسار التاريخ الإنساني لتلتصق حياته وكل ما أنجزه بعروض فرجوية فولكلورية تقوم على الخرافة والشعوذة وتروج للأسطورة والخيال ولمعنى الالهاء والملهاة في غياب تام لاستحضار لكل الإنجازات العظيمة التي قام بها والتي بفضلها بقي هذا الدين صامدا رغم كل محاولات تشويهه وتخويف الناس منه ليبقى السؤال عالقا أية علاقة وأي معنى لكل التظاهرات الفنية الفرجوية التي تقام بمناسبة مولد سيد الخلق ومعلم البشرية  مع المغزى والمعني الحقيقي الذي كان وراء الاحتفاء بهذه الذكرى ؟

 

 

 

 

الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والتظاهرات الفولكلورية.. أية علاقة وأي معنى؟

بقلم نوفل سلامة 

 

المشكلة في أن الذي يحصل في هذه الذكرى الدينية يؤكد أننا نعيش فقدان المعنى وأزمة في المفاهيم حادة وخلط كبير بين الأجواء الروحانية الإيمانية والممارسات التي تكرس الخرافة والدروشة

 

إذا تركنا جانبا النقاش القديم الجديد والذي يعود كل مرة بمناسبة ذكرى مولد رسول الإسلام محمد بن عبد الله حول شرعية أو عدم شرعية الاحتفاء بمولده على اعتبار وأن الرسول لم يثبت عنه أنه احتفل بيوم ولادته ولا فعل ذلك صحابته من بعده .. وإذا تركنا جانبا النقاش الآخر الذي نجده في أقوال فقهاء الإسلام القدامى حول الإجابة على سؤال البدعة والسنة في الاحتفال بهذه المناسبة العزيزة على قلب كل مسلم من منطلق وجهة النظر التي تقول بأن أعياد الإسلام ومناسباتهم الاحتفالية هي مضبوطة بنصوص شرعية ثابتة وأن الدين لا يقبل الزيادة فيه بإدخال عوائد لم تنقل إلينا بالتواتر عن زمن الإسلام المبكر وفترة الإسلام النقي الصافي ، إذا تركنا كل ذلك جانبا وسلمنا بأنه لا ضير ولا مانع من الاحتفال بيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم من منطلق التذكير بسيرة هذا الرسول العظيم والتحدث بمناقبه وإظهار قيمته التي قد يغفل عنها الكثير من جيل اليوم بفعل الزمن والحياة السريعة ومشاغل الحياة التي ألهت الكثير من المسلمين وأبعدتهم عن دينهم فلم يبق لهم من هذا الانتماء الإيماني إلا الاسم والتاريخ وبعض العوائد والتقاليد الإسلامية والتاريخ القديم الذي نقرأه في الكتب ونشاهده فيما تبقى من مسلسلات تاريخية دينية قديمة تعود إلى عقود من الزمن، فإن الذي لفت انتباهنا أن الاحتفال بهذه المناسبة قد خرج في السنوات الأخيرة عن مقصده وابتعد عن المغزى من هذا الاحتفال وتعدى مسألة الخلاف الفكري والشرعي حول مبدأ الاحتفال في حد ذاته إلى مسألة خطيرة علقت بهذه المناسبة تمثلت في دخول الفن الفلكلوري والعروض الفنية التي لا علاقة لها بمسألة المولد النبوي الشريف وسجلت حضورها في مختلف التظاهرات الدينية التي تقام بهذه المناسبة حيث رأينا أن عددا من الهيئات الثقافية بمختلف جهات البلاد المشرفة على تنظيم هذه التظاهرات الدينية تخصص عروضا فولكلورية على غرار عرض " السطنبالي " الذي له خصوصيته وايقاعه الموسيقي الخاص الذي لا يتفق مع هذه المناسبة الدينية التي تفرض جوا إيمانيا معروفا لا يتماشى معه إيقاع موسيقى البانقا وغناء السطنبالي وهو عرض فرجوي يمزج بين الخرافة والتاريخ الزنجي ويحكي تاريخ الزنوج مع العبودية والأسطورة الشعبية المعروفة في بلادنا بقصة " بوسعدية " التي تقول الرواية المتداولة أن أحد ملوك مالي خطف تجار الرقيق ابنته سعدية من بيتها فتنكر في ملابس غريبة من صوف وأشرطة من الفرو والرّيش والحديد وغطى وجهه بقناع مكشوف العينين مزدان بأصداف البحر حاملا بيديه الشقاشق مردداً هتافات عله يجدها حتى وصل إلى تونس التي عُرفت في التاريخ القديم بكونها سوقاً لتجارة العبيد من مختلف أصقاع الدنيا .

المشكلة التي تعترضنا ونحن نسجل التحول الحاصل في الاحتفال بذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الخلاف الديني حول شرعية الاحتفال وحول تنظيم أوقات للمدائح والأذكار وتلاوة القرآن والمسامرات الدينية في المساجد والجوامع وقراءة قصيدة البردة للإمام البصيري إلى تحوله إلى سوق تجارية ومناسبة لعرض المنتجات من الصناعات التقليدية وتنظيم المعارض وزيارة مقام الأولياء الصالحين والتبرك بهم إلى العروض الصاخبة التي كانت محل انتقاد في السنة الفارطة وعمل منظمو الاحتفال بالمولد النبوي بمدينة القيروان تجنبها هذا العام وأخذوا كل الاحتياطات حتى لا تتسرب عروض فنية لا علاقة بها بهذه المناسبة وفيها تشويه واضح لروح المولد النبوي الشريف ،والمشكلة في أن الذي يحصل في هذه الذكرى الدينية يؤكد أننا نعيش فقدان المعنى وأزمة في المفاهيم حادة وخلط كبير بين الأجواء الروحانية الايمانية والممارسات التي تكرس الخرافة والدروشة والبعد عن قيمة الدين الحق ومعنى الانتماء للإسلام في نقائه وصفائه كما جاء في نصوصه المقدسة والممارسة التاريخية في زمن الإسلام الأول والإسلام المبكر .

المشكلة أن الذي يحدث مع الكثير من التظاهرات الاحتفالية التي تقام يكرس المظاهر الفرجوية ويركز على معنى الإبهار والاستعراض وهي كلها تصرفات وأفعال وسلوكيات تنتهي إلى انتاج وصناعة أفراد بعيدين كل البعد عن معنى المسلم كما تم تقديمه في النصوص المقدسة كتابا وسنة وممارسة تاريخية ويفك الارتباط مع الهوية الدينية الحقيقية في مقابل هوية دينية أخرى البعد الخيالي والبعد الأسطوري والممارسة الشعبية والطقوس الفرجوية والمعنى الفولكلوري هو المهيمن والطاغي عليها ليطرح بجدية سؤال أية صورة لمسلم اليوم في ظل هذه التحولات التي تعرفها أعيادنا واحتفالاتنا ؟ وأي معنى للمسلم في سياق التطور الغريب والعجيب لإحياء ذكرى شخصية غيرت وجه العالم ومسار التاريخ الإنساني لتلتصق حياته وكل ما أنجزه بعروض فرجوية فولكلورية تقوم على الخرافة والشعوذة وتروج للأسطورة والخيال ولمعنى الالهاء والملهاة في غياب تام لاستحضار لكل الإنجازات العظيمة التي قام بها والتي بفضلها بقي هذا الدين صامدا رغم كل محاولات تشويهه وتخويف الناس منه ليبقى السؤال عالقا أية علاقة وأي معنى لكل التظاهرات الفنية الفرجوية التي تقام بمناسبة مولد سيد الخلق ومعلم البشرية  مع المغزى والمعني الحقيقي الذي كان وراء الاحتفاء بهذه الذكرى ؟

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews