لا يكاد يمر يوم دون أن يسجل فيه اعتداء على وسائل النقل العمومي إما بتعمّد الرشق بالحجارة أو تهشيم البلّور وإتلاف أنظمة التحكم الإلكتروني لأبواب عربات المترو، وتعكس هذه الاعتداءات المتكررة على الممتلكات العامة في تونس علاقة التشنج والتعامل غير المسؤول مع كل ما هو عمومي.
ويبدو أن عقلية الإهمال السائدة ليست أمرا مستجدا بل هو إرث سلوكي وردة فعل طبيعية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها التونسي اليوم، كما أن تكرر الاعتداءات على أسطول النقل في تونس وتسبب العمليات التخريبية في تعطيل نشاط المرفق العمومي للنقل يترجم الإحساس بالغضب تجاه تردي الخدمات في تونس.
وقد كشف الرئيس المدير العام لنقل تونس عبد الرؤوف الصالح أنّ الاعتداءات المتكرّرة واليومية على وسائل النقل التابعة للشركة تتسبّب في خسائر مادية كبيرة فضلا عن تعطيل تنقّل مستخدمي الحافلات والمترو.
وقدّر رئيس مدير عام نقل تونس في تصريح لـ"موزاييك اف ام" هذه الخسائر بمعدل يناهز 1500 دينار يوميا على مستوى البلور فقط، دون اعتبار الخسائر الأخرى الناجمة عن تعطيل نظام التحكّم الآلي في الأبواب وتخريب المعدات الأخرى لعربات المترو والحافلات من قبل ''شريحة صغيرة'' من مستعملي وسائل النقل العمومي.
ولا تقف عقلية "رزق البيليك" عند وسائل النقل العمومي فمثلا عندما نتوقف عند شكل التعامل مع السيارات الإدارية في تونس نكتشف حجم التجاوزات حيث أن بعض السيارات تسند لغير مستحقيها بالإضافة الى أسطول السيارات الإدارية الضخم والذي يتجاوز 95 ألف سيارة وعربة، فضلا عن حوالي 15,5 ألف سيارة معطبة ومحالة على عدم الاستعمال.
وعلى هذا الأساس قامت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بوضع منظومة وطنية مندمجة للتصرف في السيارات الإدارية وهي تعمل على تحيين دليل الإجراءات الخاص بالتصرف في هذه السيارات ليشمل بعض المعطيات المستجدة فيما يتعلق بالشراءات.
وحول سيطرة عقلية الإهمال أو التعامل اللامسؤول أو ما يعرف بالعامية "برزق البيليك" في التعامل مع الأملاك العامة على ذهنية التونسي اعتبر صفوان الطرابلسي الباحث في علم الاجتماع أن لكلمة "البيليك" جذور تعود الى سلطة الباي، حيث أن وقتها كان عامة الناس أو جزء كبير منهم لديه مشكل مع السلطة التي تفرض عليهم دفع الجباية أو الضرائب وتفتك ممتلكاتهم، مما ساهم في تغذية الإحساس بالنقمة تجاه الممتلكات العامة أو إهمالها وتواصلت هذه العقلية الى الآن رغم تقلصها في فترات معينة ولارتباطها بأحداث أو سياقات سياسية .
كما أرجع الباحث في علم الاجتماع في حديثه لـ"الصباح" ذلك الى الفوارق الجهوية التي ساهمت في إنتاج علاقة متشنجة مع الأملاك العامة على الأقل بالإهمال هذا بالإضافة الى أن التونسي لديه ارتباط أعمق بمحيطه الخاص يختلف عن تعامله ونظرته الى المحيط العام المشترك وهذا نتاج المنظومات القمعية التي مر بها وهي التي خلقت قطيعة بينه وبين الأملاك العامة وهذا ساهمت فيه الدولة بشكل مباشر وغير مباشر.
وحسب محدثنا فإنه للتصالح مع الأملاك العامة على الدولة ان تلعب دورها من ناحية التوعية والاستثمار وتحسين الخدمات.
وشدد القانون العقوبات على المعتدين على أملاك الدولة وجاء ذلك في الفصل 130 من مجلة أملاك الدولة التي نصت على فرض عقوبة بـ3 سنوات سجنا وخطية مالية بـ5 آلاف دينار ضد كل من يعتدي على ملك من أملاك الدولة سواء كان منقولا أو عقارا بدون صفة وبأي طريقة كانت.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
لا يكاد يمر يوم دون أن يسجل فيه اعتداء على وسائل النقل العمومي إما بتعمّد الرشق بالحجارة أو تهشيم البلّور وإتلاف أنظمة التحكم الإلكتروني لأبواب عربات المترو، وتعكس هذه الاعتداءات المتكررة على الممتلكات العامة في تونس علاقة التشنج والتعامل غير المسؤول مع كل ما هو عمومي.
ويبدو أن عقلية الإهمال السائدة ليست أمرا مستجدا بل هو إرث سلوكي وردة فعل طبيعية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها التونسي اليوم، كما أن تكرر الاعتداءات على أسطول النقل في تونس وتسبب العمليات التخريبية في تعطيل نشاط المرفق العمومي للنقل يترجم الإحساس بالغضب تجاه تردي الخدمات في تونس.
وقد كشف الرئيس المدير العام لنقل تونس عبد الرؤوف الصالح أنّ الاعتداءات المتكرّرة واليومية على وسائل النقل التابعة للشركة تتسبّب في خسائر مادية كبيرة فضلا عن تعطيل تنقّل مستخدمي الحافلات والمترو.
وقدّر رئيس مدير عام نقل تونس في تصريح لـ"موزاييك اف ام" هذه الخسائر بمعدل يناهز 1500 دينار يوميا على مستوى البلور فقط، دون اعتبار الخسائر الأخرى الناجمة عن تعطيل نظام التحكّم الآلي في الأبواب وتخريب المعدات الأخرى لعربات المترو والحافلات من قبل ''شريحة صغيرة'' من مستعملي وسائل النقل العمومي.
ولا تقف عقلية "رزق البيليك" عند وسائل النقل العمومي فمثلا عندما نتوقف عند شكل التعامل مع السيارات الإدارية في تونس نكتشف حجم التجاوزات حيث أن بعض السيارات تسند لغير مستحقيها بالإضافة الى أسطول السيارات الإدارية الضخم والذي يتجاوز 95 ألف سيارة وعربة، فضلا عن حوالي 15,5 ألف سيارة معطبة ومحالة على عدم الاستعمال.
وعلى هذا الأساس قامت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بوضع منظومة وطنية مندمجة للتصرف في السيارات الإدارية وهي تعمل على تحيين دليل الإجراءات الخاص بالتصرف في هذه السيارات ليشمل بعض المعطيات المستجدة فيما يتعلق بالشراءات.
وحول سيطرة عقلية الإهمال أو التعامل اللامسؤول أو ما يعرف بالعامية "برزق البيليك" في التعامل مع الأملاك العامة على ذهنية التونسي اعتبر صفوان الطرابلسي الباحث في علم الاجتماع أن لكلمة "البيليك" جذور تعود الى سلطة الباي، حيث أن وقتها كان عامة الناس أو جزء كبير منهم لديه مشكل مع السلطة التي تفرض عليهم دفع الجباية أو الضرائب وتفتك ممتلكاتهم، مما ساهم في تغذية الإحساس بالنقمة تجاه الممتلكات العامة أو إهمالها وتواصلت هذه العقلية الى الآن رغم تقلصها في فترات معينة ولارتباطها بأحداث أو سياقات سياسية .
كما أرجع الباحث في علم الاجتماع في حديثه لـ"الصباح" ذلك الى الفوارق الجهوية التي ساهمت في إنتاج علاقة متشنجة مع الأملاك العامة على الأقل بالإهمال هذا بالإضافة الى أن التونسي لديه ارتباط أعمق بمحيطه الخاص يختلف عن تعامله ونظرته الى المحيط العام المشترك وهذا نتاج المنظومات القمعية التي مر بها وهي التي خلقت قطيعة بينه وبين الأملاك العامة وهذا ساهمت فيه الدولة بشكل مباشر وغير مباشر.
وحسب محدثنا فإنه للتصالح مع الأملاك العامة على الدولة ان تلعب دورها من ناحية التوعية والاستثمار وتحسين الخدمات.
وشدد القانون العقوبات على المعتدين على أملاك الدولة وجاء ذلك في الفصل 130 من مجلة أملاك الدولة التي نصت على فرض عقوبة بـ3 سنوات سجنا وخطية مالية بـ5 آلاف دينار ضد كل من يعتدي على ملك من أملاك الدولة سواء كان منقولا أو عقارا بدون صفة وبأي طريقة كانت.