تونس- الصباح
أقدم خلال الأسبوع الجاري عونا أمن على وضع حد لحياتهما حيث لم يفصل بين الحادثتين سوى ظرف زمني وجيز لا يتجاوز 72 ساعة ولا تعد هاتان الحادثتان منعزلتان لانتحار أمنيين فقد سبق أن أقدم خلال السنة الحالية أو حتى في السنوات الفارطة أعوان أمن على الانتحار مما يطرح عديد التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء إقدامهم على هذه العملية.
فقد أقدم يوم الأربعاء الفارط عون أمن يبلغ من العمر 37 سنة وهو اب لثلاثة أطفال على الانتحار بطلقات من سلاحة الإداري داخل وحدة عمله بمرناق بولاية بنعروس وقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببنعروس بفتح بحث تحقيقي للكشف عن ملابسات وفاة العون وقد تم التفطن الى الحادثة بعد ان سمع أعوان أمن داخل مقر أمني بمرناق صوت طلقات نارية داخل المقر وبتوجههم إلى مكان الطلقات عثروا على زميلهم المباشر بنفس الوحدة جثة هامدة بعد إصابته بعدة طلقات من سلاحه الناري.
اثر هذه الحادثة وتحديدا أمس الأول أقدم عون أمن ثان على الانتحار بواسطة سلاحه بثكنة العوينة وقد نشرت نقابة موظفي الإدارة العامة للمصالح المشتركة على صفحتها الرسمية على "فايسبوك".
تدوينة اثر الحادثة جاء فيها "هذا هو الخطر الحقيقي الذي حذّرنا منه.. أين نحن من الإحاطة النفسية والاجتماعية والمهنية لمنتسبي المؤسسة الأمنية... خيرة شبابنا وسواعدنا راحت ضريبة تجاهل أهمية التأطير والإصغاء لمشاغل الأمنيين....".
وفي ذات الإطار أقدم خلال شهر أوت الفارط كذلك عون حرس يبلغ من العمر 27 سنة على الانتحار برصاصة من سلاحه الشخصي بمقر عمله بولاية سليانة، كما أقدم خلال شهر ماي الفارط عون أمن يبلغ من العمر 42 سنة بالعاصمة بإطلاق رصاصتين على نفسه واحدة على مستوى البطن وأخرى على مستوى الرأس بمقر عمله.
وخلال شهر أفريل من سنة 2020 أقدم عون أمن يعمل بنادي الفروسية بالإدارة العامة لوحدات التدخّل على الانتحار شنقا بواسطة حبل تعمّد ربطه بشجرة تقع بسفح واد بالقرب من الملعب الأولمبي برادس، وقد ذكرت زوجته بأنّها اتصلت بالوحدات الأمنية ببن عروس وأعلمت عن مغادرة زوجها محل سكناه بالمدينة الجديدة إلى وجهة غير معلومة وبحوزته حبل.
ضغط العمل..
وفي هذا السياق ذكر رياض الرزقي كاتب عام مساعد مكلف بالإعلام بالنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي في تصريح لـ "الصباح" بأن حوادث الانتحار في صفوف الأمنيين هي حوادث متكررة نتيجة ضغط العمل ونقص العتاد البشري والمادي بوزارة الداخلية حيث يتم التعويل على الموارد البشرية مما يؤدي إلى استنزاف الطاقة البشرية، فالانتشار الأمني في دول أوروبية تعوضه كاميرات تم تركيزها للغرض ولكن في تونس يتم التعويل على أعوان الأمن في كل المهام كما أن الأمني يعمل تحت الضغط باعتباره يكون معرضا للمحاسبة الشديدة من أجل أخطاء لم يرتكبها لان العمل لا يتم وفق منظومة أمنية صحيحة كما انه لا وجود لإستراتيجية واضحة في العمل، فالمسؤولون يقومون باستنزاف الموارد البشرية للتغطية على الثغرات والضحية في ذلك هو عون الأمن والإطار الأمني.
قلة الإحاطة الاجتماعية
وأكد الرزقي أن من ابرز العوامل التي تدفع بأعوان الأمن إلى الانتحار كذلك كثرة ساعات العمل التي قد تصل إلى 14 ساعة في اليوم بالإضافة الى قلة الاحاطة الاجتماعية والمشاكل المادية وضغط العمل مؤكدا بأن كل هذه الإشكاليات التي تواجه عون الامن هي في آخر اهتمامات وزارة الداخلية فعون الامن مكلف بمهام مختلفة في نفس اليوم رغم ان المقابل المادي ضئيل، كما انه في بعض المراكز يتم تعويض النقص في العتاد والسيارات بتكثيف عدد أعوان الأمن مما يؤدي الى استنزاف طاقة الامني ويجعله لا يركز في عمله ولا يكون حرفيا.
وأكد الرزقي بأنه منذ اندلاع الثورة والى حدود اليوم هناك غياب لرؤية تنظيم صلب وزارة الداخلية والاستغلال الامثل لاعوان الامن.
واوضح بأن مسألة الإقالات والتغييرات للوزراء صلب وزارة الداخلية أثرت على انعدام عملية الاصلاح باعتبار ان كل وزير يقضي فترة زمنية قصيرة على رأس الوزارة لا تكفيه بدوره للقيام باصلاحات او وضع خطة مستقبلية تمتد لسنوات مما خلف فوضى متواصلة .
فاطمة الجلاصي