إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

10محاولات انتحار حرقا في شهرين.. عالم اجتماع يفسّر الظاهرة لـ"الصباح نيوز"..

 * الانتحار حرقا تحول الى أقوى انواع الاحتجاج الاجتماعي والتمرد على الواقع

* الانتحار حرقا يمكن ان ينتشر ويمكن تسميته حينها ب"عدوى الانتحار"

* رسالة الشاب المنتحر حرقا لفت الانتباه من المجتمع لنيل تعاطفه لصبح من فاشل يعيش على الهامش إلى بطل 

 
تكررت خلال الأسابيع القليلة الماضية حالات اضرام النار في الأجساد، ومهما اختلفت الأسباب والدوافع، إلا أن الحل الذي اتخذه هؤلاء جميعا هو الحاق أكبر أذى بالنفس التي أمر الله بحفظها.
وفي حصيلة أولية لمختلف الحالات التي سجلت خلال الشهرين الأخيرين فإنه تم تسجيل 10حالات منها 4 حصلت بولاية القيروان وكان للعنصر النسائي حضور فيها بثلاث حالات.
 
أولى الحالات سجلت في يوم 18ديسمبر 2024، اذ اضرم شاب من ولاية تطاوين النار في جسده ليفارق الحياة بعد نقله للمستشفى الجهوي متاثرا بجروحه. 
 
واقعة أخرى مماثلة حصلت يوم 22 ديسمبر 2024 بالقيروان، وتمثلت في وفاة شاب متأثرا بجروحه بعد أن اضرم النار في جسده. 
وفي يوم 29 من نفس الشهر ببنزرت، تعمد امرأة في اضرام النار في جسدها أمام مقر عملها بأحد مصانع المدينة. 
ومع بداية السنة الحالية وفي يوم 4 جانفي 2025 بالمنشية بالقيروان، شاب يضرم النار في جسده امام المارة مما تسبب له في حروق بليغة. 
ويوم 20 من نفس الشهر بالشوايحية القيروان شاب ايضا يضرم النار في جسده ويتعرض الى جروح من الدرجة الثالثة. 
وفي 28 من نفس الشهر ايضا بالمنشية بالقيروان، امراة تضرم النار في جسدها خلف مقر المعتمدية القيروان الشمالية. 
وفي الشهر الحالي (فيفري) سجلت اربع حالات، أولها بسبيطلة من ولاية القصرين طفلة 13سنة تضرم النار في جسدها داخل المدرسة الاعدادية التي تدرس بها. 
ويوم 3 فيفري الجاري، كهل يضرم النار في جسده بباب المحكمة الابتدائية بصفاقس، وفي يوم6 فيفري الجاري، بحي الرياض سوسة شاب يضرم النار في جسده أمام مركز الأمن. 
ويوم 7 من نفس الشهر، كهل يضرم النار في جسده امام احد المستشفيات بالعاصمة وقد فارق الحياة اليوم الأحد.
 
احتجاج اجتماعي 
سعيا لتسليط الضوء على هاته الحالات اتصلت "الصباح نيوز" بالمختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي، الذي قال ان حادثة حرق الشاب نفسه أمام المركز الأمني بمدينة سوسة خاصة، مثلت محاولة لاعادة واقعة إضرام البوعزيزي في نفسه التي أضرم عبرها الثورة التونسية. 
واضاف الطويلي ان الانتحار حرقا لدى البعض تحول من أقوى انواع الاحتجاج الاجتماعي والتمرد على الواقع، وفي غياب أدوات الاحتجاج الفاعلة يصبح الجسد وسيلة لإيصال رسالة وإطلاق صرخة احتجاجية قوية عبر إحداث الصدمة للجميع وإجبارهم على الانتباه لحالة الحرق وإيذاء الذات.
 
واوضح محدثنا انه أصبح للانتحار حرقا رمزية للاحتجاج ضمن القهر الاجتماعي ورسالة موجهة إلى المجتمع والدولة وهو ما جعل مثل هذه الحوادث تتكرر في تونس ومن اشهرها حادثة حرق لاعب منتخب كرة القدم السابق نزار العيساوي لنفسه.
 
عدوى الانتحار 
وشدد محدثنا على أن حالات الانتحار يمكن ان تنتشر بما يمكن تسميته ب"عدوى الانتحار" خاصة عندما يتم تغطيتها بشكل إعلامي مكثف وغير مسؤول مع إبراز التعاطف مع المنتحر وتقديمه كضحية.
 كما أن الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب والقهر أو الفقر أو البطالة يمكنهم أن يتماهوا مع المنتحر أو مع حشود المبررين والمتعاطفين ليجدوا في تقليد سلوكه وسيلة للهروب من المعاناة او التعبير عنها.
 
دور تفشي المخدرات في انتشار العنف 
وخلص محدثنا الى ان تفشي ظاهرة المخدرات والحبوب الكيميائية بين الشباب المهمشين له دور كبير في ارتفاع منسوب العنف لإيذاء الآخر عبر "البراكاج" مثلا أو إيذاء الذات عبر تشليط النفس بآلة حادة.. وهي ظاهرة متفشية لدى شباب الأحياء الشعبية ويصل هذا الإيذاء إلى التفكير في الانتحار حرقا عندما يكون للشاب رسالة يريد إيصالها إلى المجتمع او الدولة ونيل اهتمام الآخرين وتسليط الضوء عليه. 
واعتبر ان "الانتحار حرقا" هو الفعل الذي اعتمده أحد المهمشين لإشعال ثورة وللقيام بتغيير جذري على المستوى المحلي والدولي وقدمه الإعلام لسنوات عديدة كشهيد وبطل، ولذا يبقى هذا الفعل الانتحاري في نظر العديد من المهمشين فعلا يمكنه تغيير المجتمع، كما يمكنه أن يغير نظرة ذلك المجتمع إلى الشاب المنتحر من شاب فاشل يعيش على الهامش إلى بطل يمكنه نيل التعاطف من شريحة واسعة من المجتمع.. 
 
سعيدة الميساوي
10محاولات انتحار حرقا في شهرين.. عالم اجتماع يفسّر الظاهرة  لـ"الصباح نيوز"..

 * الانتحار حرقا تحول الى أقوى انواع الاحتجاج الاجتماعي والتمرد على الواقع

* الانتحار حرقا يمكن ان ينتشر ويمكن تسميته حينها ب"عدوى الانتحار"

* رسالة الشاب المنتحر حرقا لفت الانتباه من المجتمع لنيل تعاطفه لصبح من فاشل يعيش على الهامش إلى بطل 

 
تكررت خلال الأسابيع القليلة الماضية حالات اضرام النار في الأجساد، ومهما اختلفت الأسباب والدوافع، إلا أن الحل الذي اتخذه هؤلاء جميعا هو الحاق أكبر أذى بالنفس التي أمر الله بحفظها.
وفي حصيلة أولية لمختلف الحالات التي سجلت خلال الشهرين الأخيرين فإنه تم تسجيل 10حالات منها 4 حصلت بولاية القيروان وكان للعنصر النسائي حضور فيها بثلاث حالات.
 
أولى الحالات سجلت في يوم 18ديسمبر 2024، اذ اضرم شاب من ولاية تطاوين النار في جسده ليفارق الحياة بعد نقله للمستشفى الجهوي متاثرا بجروحه. 
 
واقعة أخرى مماثلة حصلت يوم 22 ديسمبر 2024 بالقيروان، وتمثلت في وفاة شاب متأثرا بجروحه بعد أن اضرم النار في جسده. 
وفي يوم 29 من نفس الشهر ببنزرت، تعمد امرأة في اضرام النار في جسدها أمام مقر عملها بأحد مصانع المدينة. 
ومع بداية السنة الحالية وفي يوم 4 جانفي 2025 بالمنشية بالقيروان، شاب يضرم النار في جسده امام المارة مما تسبب له في حروق بليغة. 
ويوم 20 من نفس الشهر بالشوايحية القيروان شاب ايضا يضرم النار في جسده ويتعرض الى جروح من الدرجة الثالثة. 
وفي 28 من نفس الشهر ايضا بالمنشية بالقيروان، امراة تضرم النار في جسدها خلف مقر المعتمدية القيروان الشمالية. 
وفي الشهر الحالي (فيفري) سجلت اربع حالات، أولها بسبيطلة من ولاية القصرين طفلة 13سنة تضرم النار في جسدها داخل المدرسة الاعدادية التي تدرس بها. 
ويوم 3 فيفري الجاري، كهل يضرم النار في جسده بباب المحكمة الابتدائية بصفاقس، وفي يوم6 فيفري الجاري، بحي الرياض سوسة شاب يضرم النار في جسده أمام مركز الأمن. 
ويوم 7 من نفس الشهر، كهل يضرم النار في جسده امام احد المستشفيات بالعاصمة وقد فارق الحياة اليوم الأحد.
 
احتجاج اجتماعي 
سعيا لتسليط الضوء على هاته الحالات اتصلت "الصباح نيوز" بالمختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي، الذي قال ان حادثة حرق الشاب نفسه أمام المركز الأمني بمدينة سوسة خاصة، مثلت محاولة لاعادة واقعة إضرام البوعزيزي في نفسه التي أضرم عبرها الثورة التونسية. 
واضاف الطويلي ان الانتحار حرقا لدى البعض تحول من أقوى انواع الاحتجاج الاجتماعي والتمرد على الواقع، وفي غياب أدوات الاحتجاج الفاعلة يصبح الجسد وسيلة لإيصال رسالة وإطلاق صرخة احتجاجية قوية عبر إحداث الصدمة للجميع وإجبارهم على الانتباه لحالة الحرق وإيذاء الذات.
 
واوضح محدثنا انه أصبح للانتحار حرقا رمزية للاحتجاج ضمن القهر الاجتماعي ورسالة موجهة إلى المجتمع والدولة وهو ما جعل مثل هذه الحوادث تتكرر في تونس ومن اشهرها حادثة حرق لاعب منتخب كرة القدم السابق نزار العيساوي لنفسه.
 
عدوى الانتحار 
وشدد محدثنا على أن حالات الانتحار يمكن ان تنتشر بما يمكن تسميته ب"عدوى الانتحار" خاصة عندما يتم تغطيتها بشكل إعلامي مكثف وغير مسؤول مع إبراز التعاطف مع المنتحر وتقديمه كضحية.
 كما أن الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب والقهر أو الفقر أو البطالة يمكنهم أن يتماهوا مع المنتحر أو مع حشود المبررين والمتعاطفين ليجدوا في تقليد سلوكه وسيلة للهروب من المعاناة او التعبير عنها.
 
دور تفشي المخدرات في انتشار العنف 
وخلص محدثنا الى ان تفشي ظاهرة المخدرات والحبوب الكيميائية بين الشباب المهمشين له دور كبير في ارتفاع منسوب العنف لإيذاء الآخر عبر "البراكاج" مثلا أو إيذاء الذات عبر تشليط النفس بآلة حادة.. وهي ظاهرة متفشية لدى شباب الأحياء الشعبية ويصل هذا الإيذاء إلى التفكير في الانتحار حرقا عندما يكون للشاب رسالة يريد إيصالها إلى المجتمع او الدولة ونيل اهتمام الآخرين وتسليط الضوء عليه. 
واعتبر ان "الانتحار حرقا" هو الفعل الذي اعتمده أحد المهمشين لإشعال ثورة وللقيام بتغيير جذري على المستوى المحلي والدولي وقدمه الإعلام لسنوات عديدة كشهيد وبطل، ولذا يبقى هذا الفعل الانتحاري في نظر العديد من المهمشين فعلا يمكنه تغيير المجتمع، كما يمكنه أن يغير نظرة ذلك المجتمع إلى الشاب المنتحر من شاب فاشل يعيش على الهامش إلى بطل يمكنه نيل التعاطف من شريحة واسعة من المجتمع.. 
 
سعيدة الميساوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews