إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تسريبات وحديث عن «غرف مظلمة» وانقلابات دون محاسبة!!

تداعيات‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬المتردي‭ ‬والأداء‭ ‬الهزيل‭ ‬للسلطات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬دواليب‭ ‬الدولة‭ ‬منذ‭ ‬انتخابات‭ ‬2019‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الأزمات‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تأزيم‭ ‬الأوضاع‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬وخلق‭ ‬مناخا‭ ‬سياسيا‭ ‬متعفنا،‭ ‬فاهتزاز‭ ‬وهشاشة‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬ساهما‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬هوة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتهم‭ ‬وخلق‭ ‬أزمة‭ ‬ثقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والسياسي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬

يأتي‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تطور‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬وتقنيات‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة‭ ‬وهامش‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬المكسب،‭ ‬وحرب‭ ‬الابتزاز‭ ‬والمخاتلة‭ ‬والترصد‭ ‬والتصيد‭ ‬والمحاصصة‭ ‬والمصالح‭ ‬الضيقة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ظاهرة‭ ‬بل‭ ‬حقيقة‭ ‬مميزة‭ ‬للطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬الأخلاق‭ ‬والثقة‭ ‬التي‭ ‬تميزها‭.‬

إذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬اليوم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬‮«‬الغرف‭ ‬المظلمة‮»‬‭ ‬والأجندات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬وتدخلها‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الوطني‭ ‬وتهديدها‭ ‬للسيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمؤامرات‭ ‬والانقلابات‭ ‬والتدخل‭ ‬الخارجي،‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬وفي‭ ‬كنف‭ ‬السرية‭ ‬وفي‭ ‬أطر‭ ‬ضيقة،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬مواضيع‭ ‬تتناول‭ ‬وتتطارح‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأوساط‭ ‬وعلى‭ ‬العلن‭ ‬ويتم‭ ‬تجنيد‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للترويج‭ ‬لها‭. ‬وما‭ ‬انفكت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار،‭ ‬بقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬صدقيتها‭ ‬من‭ ‬زيفها،‭ ‬تتداول‭ ‬وتطفو‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأحداث‭ ‬بشكل‭ ‬متواتر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬احتدت‭ ‬الأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬ممثلي‭ ‬رأس‭ ‬السلطات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬وفي‭ ‬مستوى‭ ‬الكتل‭ ‬البرلمانية‭ ‬والأحزاب‭. ‬وذلك‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تحديدا‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬المتردي‭ ‬والمأزوم‭ ‬الذي‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭.‬

فتواتر‭ ‬‮«‬السقطات‮»‬‭ ‬السياسية‭ ‬وتكرر‭ ‬محاولات‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬والتنطع‭ ‬وتواصل‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬افتكاك‭ ‬‮«‬الصلاحيات‮»‬‭ ‬بين‭ ‬رؤساء‭  ‬الجمهورية‭ ‬والحكومة‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬مقابل‭ ‬غياب‭ ‬برامج‭ ‬ومبادرات‭ ‬الدولة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬وعجز‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬والفاعلة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬او‭ ‬المطلوبة‭ ‬والمنتظرة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬وغياب‭ ‬إرادة‭ ‬عملية‭ ‬وواضحة‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬بايجابية‭ ‬مع‭ ‬المبادرات‭ ‬والمشاريع‭ ‬الإصلاحية‭ ‬المقترحة‭ ‬في‭ ‬الغرض‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬او‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬كلها‭ ‬عوامل‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الأزمات‭.‬

الحرب‭ ‬على‭ ‬المجهول

لذلك‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬تسريب‭ ‬أخبار‭ ‬وأحاديث‭ ‬لقاءات‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالغرف‭ ‬المظلمة‭ ‬أو»الماكينات‮»‬‭ ‬الخفية‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬دواليب‭ ‬الدولة‭ ‬مثلما‭ ‬يروج‭ ‬لذلك‭ ‬البعض،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬العادي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭. ‬والدليل‭ ‬ان‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬كان‭ ‬بدوره‭ ‬لا‭ ‬يفوت‭ ‬مناسبة‭ ‬دون‭ ‬الحديث‭ ‬والإشارة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭  ‬‮«‬المجهول‮»‬‭ ‬وما‭ ‬يشكله‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬الإفصاح‭ ‬او‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬كنهه‭ ‬وكشف‭ ‬حقيقته‭ ‬وتقديم‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأجندات‭ ‬الخطيرة‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬الرقابية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭ ‬قائمة‭ ‬الذات‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬ومقاومة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬عبر‭ ‬تهديد‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬السواء‭. ‬ولكن‭ ‬الكل‭ ‬يتهرب‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬أما‭ ‬بسبب‭ ‬العجز‭  ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬المناورات‭ ‬والابتزاز‭ ‬او‭ ‬بالرغبة‭ ‬في‭ ‬بقاء‭ ‬الوضع‭ ‬والحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هما‭ ‬عليه‭. ‬بحت‭ ‬الوقت‭.‬

نفس‭ ‬‮«‬المجهول‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬المحرك‭ ‬لبعض‭ ‬النواب‭ ‬بالبرلمان‭ ‬لاعتماد‭ ‬مكيدة‭ ‬الغدر‭ ‬والخيانة‭ ‬وتسجيل‭ ‬أحاديث‭ ‬جانبية‭ ‬خلسة‭ ‬قصد‭ ‬التنكيل‭ ‬بخصومهم‭ ‬السياسيين‭ ‬وفضح‭ ‬مشروعهم‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬المحرك‭ ‬لفضح‭ ‬دور‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬متحكمة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭ ‬والسيادة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لزعزعة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الخصوم‭ ‬السياسيين‭ ‬وفتح‭ ‬واجهة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬والحروب‭ ‬القائمة‭  ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬اليوم‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬اختار‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬تصفية‭ ‬الخصوم‭ ‬خاصة‭ ‬الفرقاء‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬خطورة‭ ‬ويصعب‭ ‬ترويضهم‭ ‬أو‭ ‬مهادنتهم‭ ‬وتركيعهم‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التهديدات‭ ‬بالتصفيق‭ ‬الجسدية‭ ‬لبعض‭ ‬السياسيين‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬منجي‭ ‬الرحوي‭ ‬النائب‭ ‬البرلمان‭ ‬عن‭ ‬الوطنيين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وعبير‭ ‬موسي‭ ‬رئيسة‭ ‬كتلة‭ ‬الدستور‭ ‬ي‭ ‬الحر‭. ‬ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬تواتر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مخططات‭ ‬انقلابية‭ ‬ومؤامرات‭ ‬تهدف‭ ‬للابعاد‭ ‬والعزل‭ ‬والإقصاء‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬الالتفاف‭ ‬حول‭ ‬مشاريع‭ ‬وبرامج‭ ‬إنقاذ‭ ‬استعجالية‭ ‬كفيلة‭ ‬بحلحلة‭ ‬جوانب‭ ‬من‭ ‬كومة‭ ‬الازمات‭ ‬والإشكاليات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتظر‭ ‬التأجيل‭ ‬والتراخي‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬معها‭. ‬ولكن‭ ‬تحويل‭ ‬معطيات‭ ‬خاصة‭ ‬بهياكل‭ ‬الدولة‭ ‬او‭ ‬اخرى‭ ‬استخباراتية‭ ‬إلى‭ ‬التداول‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الملأ‭ ‬بشكل‭ ‬يجعل‭ ‬المواطن‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬والمستجدات‭. ‬فاهتزاز‭ ‬وضعف‭ ‬صورة‭  ‬الدولة‭ ‬كما‭ ‬يقدمها‭ ‬سياسيو‭ ‬اليوم،‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬للجميع‭ ‬لنهش‭ ‬‮«‬كيانها‮»‬‭ ‬ومحاولة‭ ‬ضربها‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هياكل‭ ‬الدولة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المعنية‭ ‬بالأمن‭ ‬القومي‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬والمهاترات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أشبه‭ ‬بملهاة‭ ‬للجميع‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬والمسائل‭ ‬الحارقة‭ ‬وتغطية‭ ‬للعجز‭ ‬والوهن‭ ‬للطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬وانسداد‭ ‬كل‭ ‬آفاق‭ ‬التواصل‭ ‬والعمل‭ ‬والإصلاح‭.‬

◗‭ ‬نزيهة‭ ‬الغضباني

تداعيات‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬المتردي‭ ‬والأداء‭ ‬الهزيل‭ ‬للسلطات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬دواليب‭ ‬الدولة‭ ‬منذ‭ ‬انتخابات‭ ‬2019‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الأزمات‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تأزيم‭ ‬الأوضاع‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬وخلق‭ ‬مناخا‭ ‬سياسيا‭ ‬متعفنا،‭ ‬فاهتزاز‭ ‬وهشاشة‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬ساهما‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬هوة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتهم‭ ‬وخلق‭ ‬أزمة‭ ‬ثقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والسياسي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬

يأتي‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تطور‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬وتقنيات‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة‭ ‬وهامش‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬المكسب،‭ ‬وحرب‭ ‬الابتزاز‭ ‬والمخاتلة‭ ‬والترصد‭ ‬والتصيد‭ ‬والمحاصصة‭ ‬والمصالح‭ ‬الضيقة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ظاهرة‭ ‬بل‭ ‬حقيقة‭ ‬مميزة‭ ‬للطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬الأخلاق‭ ‬والثقة‭ ‬التي‭ ‬تميزها‭.‬

إذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬اليوم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬‮«‬الغرف‭ ‬المظلمة‮»‬‭ ‬والأجندات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬وتدخلها‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الوطني‭ ‬وتهديدها‭ ‬للسيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمؤامرات‭ ‬والانقلابات‭ ‬والتدخل‭ ‬الخارجي،‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬وفي‭ ‬كنف‭ ‬السرية‭ ‬وفي‭ ‬أطر‭ ‬ضيقة،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬مواضيع‭ ‬تتناول‭ ‬وتتطارح‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأوساط‭ ‬وعلى‭ ‬العلن‭ ‬ويتم‭ ‬تجنيد‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للترويج‭ ‬لها‭. ‬وما‭ ‬انفكت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار،‭ ‬بقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬صدقيتها‭ ‬من‭ ‬زيفها،‭ ‬تتداول‭ ‬وتطفو‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأحداث‭ ‬بشكل‭ ‬متواتر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬احتدت‭ ‬الأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬ممثلي‭ ‬رأس‭ ‬السلطات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬وفي‭ ‬مستوى‭ ‬الكتل‭ ‬البرلمانية‭ ‬والأحزاب‭. ‬وذلك‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تحديدا‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬المتردي‭ ‬والمأزوم‭ ‬الذي‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭.‬

فتواتر‭ ‬‮«‬السقطات‮»‬‭ ‬السياسية‭ ‬وتكرر‭ ‬محاولات‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬والتنطع‭ ‬وتواصل‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬افتكاك‭ ‬‮«‬الصلاحيات‮»‬‭ ‬بين‭ ‬رؤساء‭  ‬الجمهورية‭ ‬والحكومة‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬مقابل‭ ‬غياب‭ ‬برامج‭ ‬ومبادرات‭ ‬الدولة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬وعجز‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬والفاعلة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬او‭ ‬المطلوبة‭ ‬والمنتظرة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬وغياب‭ ‬إرادة‭ ‬عملية‭ ‬وواضحة‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬بايجابية‭ ‬مع‭ ‬المبادرات‭ ‬والمشاريع‭ ‬الإصلاحية‭ ‬المقترحة‭ ‬في‭ ‬الغرض‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬او‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬كلها‭ ‬عوامل‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الأزمات‭.‬

الحرب‭ ‬على‭ ‬المجهول

لذلك‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬تسريب‭ ‬أخبار‭ ‬وأحاديث‭ ‬لقاءات‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالغرف‭ ‬المظلمة‭ ‬أو»الماكينات‮»‬‭ ‬الخفية‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬دواليب‭ ‬الدولة‭ ‬مثلما‭ ‬يروج‭ ‬لذلك‭ ‬البعض،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬العادي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭. ‬والدليل‭ ‬ان‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬كان‭ ‬بدوره‭ ‬لا‭ ‬يفوت‭ ‬مناسبة‭ ‬دون‭ ‬الحديث‭ ‬والإشارة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭  ‬‮«‬المجهول‮»‬‭ ‬وما‭ ‬يشكله‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬الإفصاح‭ ‬او‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬كنهه‭ ‬وكشف‭ ‬حقيقته‭ ‬وتقديم‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأجندات‭ ‬الخطيرة‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬الرقابية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭ ‬قائمة‭ ‬الذات‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬ومقاومة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬عبر‭ ‬تهديد‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬السواء‭. ‬ولكن‭ ‬الكل‭ ‬يتهرب‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬أما‭ ‬بسبب‭ ‬العجز‭  ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬المناورات‭ ‬والابتزاز‭ ‬او‭ ‬بالرغبة‭ ‬في‭ ‬بقاء‭ ‬الوضع‭ ‬والحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هما‭ ‬عليه‭. ‬بحت‭ ‬الوقت‭.‬

نفس‭ ‬‮«‬المجهول‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬المحرك‭ ‬لبعض‭ ‬النواب‭ ‬بالبرلمان‭ ‬لاعتماد‭ ‬مكيدة‭ ‬الغدر‭ ‬والخيانة‭ ‬وتسجيل‭ ‬أحاديث‭ ‬جانبية‭ ‬خلسة‭ ‬قصد‭ ‬التنكيل‭ ‬بخصومهم‭ ‬السياسيين‭ ‬وفضح‭ ‬مشروعهم‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬المحرك‭ ‬لفضح‭ ‬دور‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬متحكمة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭ ‬والسيادة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لزعزعة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الخصوم‭ ‬السياسيين‭ ‬وفتح‭ ‬واجهة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬والحروب‭ ‬القائمة‭  ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬اليوم‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬اختار‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬تصفية‭ ‬الخصوم‭ ‬خاصة‭ ‬الفرقاء‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬خطورة‭ ‬ويصعب‭ ‬ترويضهم‭ ‬أو‭ ‬مهادنتهم‭ ‬وتركيعهم‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التهديدات‭ ‬بالتصفيق‭ ‬الجسدية‭ ‬لبعض‭ ‬السياسيين‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬منجي‭ ‬الرحوي‭ ‬النائب‭ ‬البرلمان‭ ‬عن‭ ‬الوطنيين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وعبير‭ ‬موسي‭ ‬رئيسة‭ ‬كتلة‭ ‬الدستور‭ ‬ي‭ ‬الحر‭. ‬ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬تواتر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مخططات‭ ‬انقلابية‭ ‬ومؤامرات‭ ‬تهدف‭ ‬للابعاد‭ ‬والعزل‭ ‬والإقصاء‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬الالتفاف‭ ‬حول‭ ‬مشاريع‭ ‬وبرامج‭ ‬إنقاذ‭ ‬استعجالية‭ ‬كفيلة‭ ‬بحلحلة‭ ‬جوانب‭ ‬من‭ ‬كومة‭ ‬الازمات‭ ‬والإشكاليات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتظر‭ ‬التأجيل‭ ‬والتراخي‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬معها‭. ‬ولكن‭ ‬تحويل‭ ‬معطيات‭ ‬خاصة‭ ‬بهياكل‭ ‬الدولة‭ ‬او‭ ‬اخرى‭ ‬استخباراتية‭ ‬إلى‭ ‬التداول‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الملأ‭ ‬بشكل‭ ‬يجعل‭ ‬المواطن‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬والمستجدات‭. ‬فاهتزاز‭ ‬وضعف‭ ‬صورة‭  ‬الدولة‭ ‬كما‭ ‬يقدمها‭ ‬سياسيو‭ ‬اليوم،‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬للجميع‭ ‬لنهش‭ ‬‮«‬كيانها‮»‬‭ ‬ومحاولة‭ ‬ضربها‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هياكل‭ ‬الدولة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المعنية‭ ‬بالأمن‭ ‬القومي‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬والمهاترات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أشبه‭ ‬بملهاة‭ ‬للجميع‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬والمسائل‭ ‬الحارقة‭ ‬وتغطية‭ ‬للعجز‭ ‬والوهن‭ ‬للطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬وانسداد‭ ‬كل‭ ‬آفاق‭ ‬التواصل‭ ‬والعمل‭ ‬والإصلاح‭.‬

◗‭ ‬نزيهة‭ ‬الغضباني