رقم مفزع كشف عنه البنك المركزي التونسي، في نشرية صادرة عنه امس 7 جويلية 2021، وهو بلوغ قائم الدين العمومي 98 مليار دينار، رقم يكشف أن الأزمة الحالية التي يعيشها الاقتصاد تهدد بإفلاس وشيك للدولة التي تبحث عن مصادر مالية جديدة وسط أزمة سياسية تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي الذي يزداد تعقيداً وصعوبة حيث أوصلت هذه الخلافات البلاد إلى حالة من الشلل الاقتصادي الكلي.
مؤشرات صادمة
وقد أفضى ضعف معدل النمو الذي كان سلبيا مع نهاية العام الماضي 2020 ونهاز 9 – بالمائة إلى تفاقم العجز في ميزانية الدولة بـ14 بالمائة خلال العام المنقضي ، وبأكثر من 7 في المائة متوقعة مع نهاية العام الحالي 2021 وفق توقعات الميزانية الا أن هذا الرقم يمكن أن يكون اعلى من هذا بكثير بالنظر إلى تراجع صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية وتفاقم عجز الميزان التجاري وخاصة نسبة النمو السلبية التي تم تسجيلها خلال الثلاثي الاول من العام الحالي بنسبة 3 – بالمائة في حين أن قانون المالية توقع تسجيل نسبة نمو ايجابية بـ 4 بالمائة على كامل العام، كل هذا في ظل الانفاق المتزايد مع تفاقم أزمة تفشي فيروس كورونا وانهيار الانتاج وتراجع التصدير وتواصل تقهقر مؤشرات القطاع السياحي إذ تراجعت المداخيل الى غاية 20 جوان الفارط بـ34 بالمائة، كل هذا في ظل الوضع الوبائي الخطير.
لا يجب ان ننسى هنا معطى مهما وهو ضعف الاستثمار الداخلي ولا سيما الخارجي الذي انخفض بنسبة 31 بالمائة خلال شهر ماي من السنة الحالية، بالإضافة إلى تراجع الادخار الوطني الذي سجل خلال العام 2020 نزولا حادا الى 4 بالمائة وفق مؤشرات عن البنك المركزي وهي النسبة الأسوأ في العشرية الأخيرة ففي العام 2010 كانت نسبة الادخار من الدخل الوطني المتاح 21.1 بالمائة لينزل الى 10.9 بالمائة في 2015.
ارتفاع الدين بـ400 بالمائة
بالنسبة للدين العمومي فقد واصل قائم الدين العمومي ارتفاعه ليناهز 98 مليار دينار، مع موفى افريل 2021 ، اي بزيادة بقيمة 4,8 مليار دينار مقارنة بالمستوى المسجل في نهاية سنة 2020، حسب نشرية البنك المركزي التونسي حول "التطورات الاقتصادية والنقدية والافاق على المدى المتوسط (جويلية 2021)
ويعود هذا الارتفاع الهام في قائم الدين العمومي الى تطور حجم قائم الدين الداخلي الذي ناهز 37 مليار دينار اي بارتفاع بنسبة 16,2 بالمائة أي بقيمة 5,107 مليار دينار.
هذا وبلغت الدفوعات بعنوان خدمة الدين بلغت 3,867 مليار دينار مع موفى افريل 2021 اي بتراجع بنسبة 4,6 بالمائة، وقد تم تسديد حجم دين داخلي بقيمة 1,705 مليار دينار مقابل 1,837 مليار دينار في نهاية شهر افريل 2020.
وقد تم تسديد ديون خارجية بقيمة جملية بلغت 2,162 مليار دينار مع موفى افريل 2021 مقابل 2,215 مليار دينار خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
وفي ما يتعلق بتمويل حاجيات الخزينة فقد سجل اللجوء الى موارد الاقتراض سواء الداخلي اوالخارجي تناميا، خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية، ليبلع إجمالي القروض 4,289 مليار دينار اي بارتفاع بنسبة 33,9 بالمائة مقارنة مع نتائج السنة الفارطة.
فقد عرفت الديون الخارجية تطورا هاما خلال هذه الفترة حيث مرت من 922 مليون دينار الى 1985 مليون دينار في حين ان الموارد الداخلية حافظت على نفس المستوى المسجل في السنة الفارطة، فالمديونية العمومية الجارية ارتفعت من 25,639 مليار دينار سنة 2010 إلى 94,069 مليار دينار مع موفى سنة 2020 و 98 مليار دينار مع موفى شهر أفريل 2021.
مسار الافلاس المحقق
ويعتبر الخبراء أن المخاوف الناتجة عن تفاقم الدين العمومي لا ترجع إلى ضخامة الديون فحسب، وإنما تعود كذلك إلى الإشكاليات المتصلة بهيكلته وكلفته وكيفية استخدامه وإدارته من قبل المصالح الحكومية، لا سيما وان هذه الديون الخارجية الذي تحصلت عليها الدولة باتت تصرف لتسديد خدمة الدين الخارجي بمعنى أن الدولة تتداين لخلاص الديون، وهذا التصرف علاوة على أنه يدفع البلاد إلى الإفلاس فهو أيضا يتنافى مع المبادئ الأساسية للديون التي يجب ان تكون مشفوعة بدراسات جدوى تثبت مردوديتها في استثمارات تخلق الثروة وتمكن من تسديد خدمة الدين في آجالها المحددة وهو ما جعل بلادنا تخرج من دائرة اهتمام المانحين حيث فقد تونس ثقتهم كونها لم تعد قادرة على ادارة ديونها واستثمارتها لتحقيق التنمية والنمو.
ورجح خبراء أنه إذا ما تم احتساب ديون المؤسسات العمومية، لا سيما تلك التي تحصلت عليها بضمان الدولة، فإن الحجم الجملي الحقيقي للدين العمومي سيفوق، على الاقل، 140 مليار دينار ما يجعله يتجاوز بكثير حجم الناتج المحلي الخام، ما يعني أن الدولة فعلا في حالة افلاس غير معلن، علما وأن تونس في حاجة لاقتراض حوالي 13 مليار دينار في ما تبقى من العام الحالي لتسديد الديون الخارجية وتوفير موارد لتغطية نفقاتها.
حنان قيراط
رقم مفزع كشف عنه البنك المركزي التونسي، في نشرية صادرة عنه امس 7 جويلية 2021، وهو بلوغ قائم الدين العمومي 98 مليار دينار، رقم يكشف أن الأزمة الحالية التي يعيشها الاقتصاد تهدد بإفلاس وشيك للدولة التي تبحث عن مصادر مالية جديدة وسط أزمة سياسية تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي الذي يزداد تعقيداً وصعوبة حيث أوصلت هذه الخلافات البلاد إلى حالة من الشلل الاقتصادي الكلي.
مؤشرات صادمة
وقد أفضى ضعف معدل النمو الذي كان سلبيا مع نهاية العام الماضي 2020 ونهاز 9 – بالمائة إلى تفاقم العجز في ميزانية الدولة بـ14 بالمائة خلال العام المنقضي ، وبأكثر من 7 في المائة متوقعة مع نهاية العام الحالي 2021 وفق توقعات الميزانية الا أن هذا الرقم يمكن أن يكون اعلى من هذا بكثير بالنظر إلى تراجع صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية وتفاقم عجز الميزان التجاري وخاصة نسبة النمو السلبية التي تم تسجيلها خلال الثلاثي الاول من العام الحالي بنسبة 3 – بالمائة في حين أن قانون المالية توقع تسجيل نسبة نمو ايجابية بـ 4 بالمائة على كامل العام، كل هذا في ظل الانفاق المتزايد مع تفاقم أزمة تفشي فيروس كورونا وانهيار الانتاج وتراجع التصدير وتواصل تقهقر مؤشرات القطاع السياحي إذ تراجعت المداخيل الى غاية 20 جوان الفارط بـ34 بالمائة، كل هذا في ظل الوضع الوبائي الخطير.
لا يجب ان ننسى هنا معطى مهما وهو ضعف الاستثمار الداخلي ولا سيما الخارجي الذي انخفض بنسبة 31 بالمائة خلال شهر ماي من السنة الحالية، بالإضافة إلى تراجع الادخار الوطني الذي سجل خلال العام 2020 نزولا حادا الى 4 بالمائة وفق مؤشرات عن البنك المركزي وهي النسبة الأسوأ في العشرية الأخيرة ففي العام 2010 كانت نسبة الادخار من الدخل الوطني المتاح 21.1 بالمائة لينزل الى 10.9 بالمائة في 2015.
ارتفاع الدين بـ400 بالمائة
بالنسبة للدين العمومي فقد واصل قائم الدين العمومي ارتفاعه ليناهز 98 مليار دينار، مع موفى افريل 2021 ، اي بزيادة بقيمة 4,8 مليار دينار مقارنة بالمستوى المسجل في نهاية سنة 2020، حسب نشرية البنك المركزي التونسي حول "التطورات الاقتصادية والنقدية والافاق على المدى المتوسط (جويلية 2021)
ويعود هذا الارتفاع الهام في قائم الدين العمومي الى تطور حجم قائم الدين الداخلي الذي ناهز 37 مليار دينار اي بارتفاع بنسبة 16,2 بالمائة أي بقيمة 5,107 مليار دينار.
هذا وبلغت الدفوعات بعنوان خدمة الدين بلغت 3,867 مليار دينار مع موفى افريل 2021 اي بتراجع بنسبة 4,6 بالمائة، وقد تم تسديد حجم دين داخلي بقيمة 1,705 مليار دينار مقابل 1,837 مليار دينار في نهاية شهر افريل 2020.
وقد تم تسديد ديون خارجية بقيمة جملية بلغت 2,162 مليار دينار مع موفى افريل 2021 مقابل 2,215 مليار دينار خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
وفي ما يتعلق بتمويل حاجيات الخزينة فقد سجل اللجوء الى موارد الاقتراض سواء الداخلي اوالخارجي تناميا، خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية، ليبلع إجمالي القروض 4,289 مليار دينار اي بارتفاع بنسبة 33,9 بالمائة مقارنة مع نتائج السنة الفارطة.
فقد عرفت الديون الخارجية تطورا هاما خلال هذه الفترة حيث مرت من 922 مليون دينار الى 1985 مليون دينار في حين ان الموارد الداخلية حافظت على نفس المستوى المسجل في السنة الفارطة، فالمديونية العمومية الجارية ارتفعت من 25,639 مليار دينار سنة 2010 إلى 94,069 مليار دينار مع موفى سنة 2020 و 98 مليار دينار مع موفى شهر أفريل 2021.
مسار الافلاس المحقق
ويعتبر الخبراء أن المخاوف الناتجة عن تفاقم الدين العمومي لا ترجع إلى ضخامة الديون فحسب، وإنما تعود كذلك إلى الإشكاليات المتصلة بهيكلته وكلفته وكيفية استخدامه وإدارته من قبل المصالح الحكومية، لا سيما وان هذه الديون الخارجية الذي تحصلت عليها الدولة باتت تصرف لتسديد خدمة الدين الخارجي بمعنى أن الدولة تتداين لخلاص الديون، وهذا التصرف علاوة على أنه يدفع البلاد إلى الإفلاس فهو أيضا يتنافى مع المبادئ الأساسية للديون التي يجب ان تكون مشفوعة بدراسات جدوى تثبت مردوديتها في استثمارات تخلق الثروة وتمكن من تسديد خدمة الدين في آجالها المحددة وهو ما جعل بلادنا تخرج من دائرة اهتمام المانحين حيث فقد تونس ثقتهم كونها لم تعد قادرة على ادارة ديونها واستثمارتها لتحقيق التنمية والنمو.
ورجح خبراء أنه إذا ما تم احتساب ديون المؤسسات العمومية، لا سيما تلك التي تحصلت عليها بضمان الدولة، فإن الحجم الجملي الحقيقي للدين العمومي سيفوق، على الاقل، 140 مليار دينار ما يجعله يتجاوز بكثير حجم الناتج المحلي الخام، ما يعني أن الدولة فعلا في حالة افلاس غير معلن، علما وأن تونس في حاجة لاقتراض حوالي 13 مليار دينار في ما تبقى من العام الحالي لتسديد الديون الخارجية وتوفير موارد لتغطية نفقاتها.