إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محمد القوماني لـ "الصباح نيوز".. الانتخابات المُبكّرة مجرّد اعلانات سياسية ولهذا نسعى للتوافق.. والنهضة لا تتهرّب من الحكم

 

اعتبر محمد القوماني النائب في مجلس نواب الشعب والقيادي في حركة النهضة في الحوار التالي لـ "الصباح نيوز" أن كل توافق يبقى هشّ لأنه لم يُبن على مصارحات حقيقية

 وحدّد دوافع سعي النهضة للتوافق سواء مع الترويكا أو السبسي أو حاليا مع الحزام الحكومي شارحا أسباب ميل النهضة الى نظام حكم برلماني، مُقرّا بوجود صعوبات حقيقية للتوافق مع رئيس الجمهورية وأن التوافق يقوم على الحلول الوسطى، وأن سعيد يريد حوارا على المقاس، مُبيّنا أن الاخفاق الأساسي في جائحة كورونا يتحمّله وزير الصحة والتقصير يشمل الحكومة وأن النهضة لم تتهرّب من الحكم مُشيرا الى أن النهضة لم تتهرّب من الحكم وأنه "من حسن حظنا مع سعيد والسبسي لم نكن في حكم رئاسي"، مُبرزا أن المؤتمر القادم لحركة النهضة يحتمل الخلافات بين المؤتمرين النهضاويين، لافتا الى أن العنف المادي في البرلمان يبقى أكبر مظهر للعنف المرفوض والمُدان، وأن الانتخابات المُبكّرة لا تتوفّر شروطها وهي مجرد اعلانات سياسية.

وفي ما يلي فحوى الحوار

ماهو سبب حرص حركة النهضة دائما على التوافق في كل مرّة؟

حرص النهضة على التوافق نابع من استحضار مقتضيات الانتقال الديمقراطي من مرحلة الاستبداد الى المرحلة الانتقالية، فالمرحلة الانتقالية تقتضي جمع ما أمكن من القوة لمواجهة المشاكل المستعصية واشراك أغلب الأطراف في التشخيص وايجاد الحلول والحرص على الوحدة الوطنية في ظل مخاطر الانقسام والمؤامرات الداخلية والخارجية.

على أن التوافق اقتضاه النظام الانتخابي الذي تم ارساؤه في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة واستمر في المجلس الوطني التأسيسي، ولا يزال معمول به الى الآن، وهو نظام انتخابي لا يسمح أن يفوز حزب بأغلبية تُمكّنه من الحكم بمفرده وهو نظام انتخابي يحرص على اشراك الطيف الواسع من خلال أكبر البقايا، نظام وُضع للمجلس الوطني التأسيسي لكنه استمر مع مجلس نيابي مستقرّ وهذا فيه تناقض، فالنهضة دائما تكون الأولى في الانتخابات لكنها ليست أغلبية.

اذن هل في هذا دعوة لتغيير النظام الانتخابي؟

نعم، وفي انتظار تغيير النظام الانتخابي وهو موضوع حوار في اللجنة البرلمانية المُختصّة، وفي انتظار التوافق عليه اذ ليس بالأمر السهل، لوجود جوانب عديدة هناك رغبة في تغييرها لكن لا توجد توافق الى حدّ في اتجاهها، ويبقى التوافق بمعنى التفاهم السياسي مدخل لمعالجة القضايا الظرفية بما فيها تزكية الحكومة أو تمرير مشاريع في البرلمان أو حتى التهدئة السياسية.

لكن التوافق لم يدم سواء في الترويكا أو أواخر عهد السبسي أو حتى الآن بوجود نوع من الارباك في العمل الحكومي؟

بكل صراحة، التوافق أتى بنتائج في مرحلة الترويكا أعطى امكانية لأغلبية حتى مرّت المرحلة، والتوافق بين الغنوشي والسبسي ومن خلاله بين النهضة والنداء أعطى استقرارا لأربع سنوات وفرصة لتجنب البلاد مسارات سيئة ذهبت فيها تجارب أخرى، لكن كل توافق يبقى هشّ لأنه الى حدّ الآن التوافقات لم تُبن على مصارحات حقيقية وعلى حوار فكري جذري حول مثلا الخلاف بين الدساترة والاسلاميين، فالتوافق الحقيقي هو التوافق الوطني حول اتفاق على تشخيص أهم معضلات البلاد والخيارات الكبرى في الداخل والخارج، ولم يقع الى الآن التوافق على مشروع وطني وهو المشكل الأكبر في تونس.

هل ترى أن التوافق صعب مع رئيس الجمهورية في ظل الأزمة الحالية وتفاقمها؟

أنا متأكد أن هناك رغبة في التفاهم مع رئيس الجمهورية لكن يوجد صعوبات حقيقية أهمها أن رئيس الجمهورية الى الآن يُكرّر في كل تصريحاته أنه يرفض الحلول الوسطى في حين أن التوافق يقوم على الحلول الوسطى، وهو متمسك برفضه للمنظومة السياسية والحزبية والانتخابية، ويرفض أيضا الحوار والعمل مع كتل نيابية هي حليفة لحركة النهضة، وهو حين يرفض مثلا قلب تونس وينعتهم باللصوص بطريقة غير مباشرة أو يرفض ائتلاف الكرامة ويريد أن يُقيم حوارا على المقاس وبالضرورة هذا يتناقض مع حركة النهضة، مع ذلك يبقى الحرص على منطقة وسطى مع الرئيس لأنه فاعل سياسي رئيسي بحكم موقعه في الدستور سيكون أمرا ايجابيا.

لكن العديد من قيادات النهضة نعتت قلب تونس قبل التحالف معه بالفساد؟

صحيح، وذلك خلال الحملة الانتخابية التشريعية، وتم تبادل اتهامات وتراشق بين النهضة وقلب تونس، على أن قلب تونس صرّح أيضا أثناء الحملة أنه ضدّ التحالف مع النهضة ويعمل على مشروع مضاد لها، لكن تلك أجواء الانتخابات التي تسود فيها بعض الشعارات الشعبوية نوعا ما، لكن بعد ذلك اتفق الطرفان منذ أول جلسة في البرلمان، واستمر هذا التفاهم واستمر وصمد الى الآن خلال دورتين نيابيتين، واستطاع أن يضفي نوع من الاستقرار في البرلمان ويضمن تمرير عديد القوانين وحتى تشكيل حكومات وتعديل قوانين، وهو توافق ناجح.

هل ترى أن الحكومة لم تحسن التعامل مع جائحة كورونا؟

تماما، أقدرّ أن الحكومة الى الآن أداؤها أقل من المطلوب لمكافحة وباء كورونا التي اشتدت ضراوة مع المتحوّرات الجديدة، وأعتقد أن الاخفاق الأساسي يتحمل وزير الصحة وأتته العديد من الانتقادات من الهيئة العلمية ومن زملائه في الاختصاص، وهو لا يبدو على انسجام مع رئيس الحكومة، على أن وزير الصحة تمت اقالته عمليا خلال التحوير الوزاري لكن وقع الابقاء عليه لضرورات عملية، لكن التقصير ليس منه فقط ويشمل سياسة الحكومات من الفخفاخ الى الآن أخطأت في التعامل مع موضوع التلاقيح، حيث تم العمل أكثر على منظومة الوقاية واغفال مسارات جلب التلاقيح، ومجلس النواب لم يصادق على الاتفاقية الدولية على حماية الجهات المُصنّعة للتلاقيح الا في شهر جانفي ولم تدخل تونس منظومة "كوفاكس" التابعة لمنظمة الصحة العالمية رسميا الا بعد جانفي، وهو ما جعلنا نواجه السلالات المتحورة التي علاجها الرئيسي توسيع التلاقيح وبالتالي المعالجات الجزئية من خلال التوعية بالبروتوكول او الحجر الجزئي ستبقى معالجات دون المطلوب، والحل الجذري في جلب التلاقيح.

ألا يُعتبر سعي النهضة المُستمرّ للتوافق تهرّبا منها الحكم ومن تحمل المسؤولية؟  

هذا غير صحيح، لأن النهضة بعد انتخابات 2019، دعت الى حكومة سياسية تترأسها هي، لكن تم رفض أن يكون رئيس الحكوم من النهضة، وحكومة الجملي على نواقصها تم اسقاطها في البرلمان، فالنهضة لا تتهرّب من الحكم، لكنها تعلم أنها لا تستطيع أن تحكم بمفردها لأن الناخبين لم يعطوها الأغلبية بل تحصلّت على المرتبة الأولى فقط وهي أقل من ربع البرلمان، ولو كانت تتهرّب من الحكم لما دخلت فيه وهي مشاركة في جميع الحكومات، وحتى ان لم تشارك في حكومة المشيشي فهي أكبر حزب عبّر عن دعمه لها ويعمل على تقويتها.

لماذا تميل النهضة الى نظام برلماني في صورة تغيير النظام السياسي؟

فعلا، النهضة تميل الى النظام البرلماني الكامل أو المُعدّل، وتعتبر أن تجربة تونس مع الأنظمة الرئاسوية تجربة سيئة، وتعتقد أن توزيع السلطة مركزيا مثل توزيعها أفقيا من خلال اللا مركزية والحكم المحلي هي من الخيارات المتساوقة مع الثورة، والخطأ ليس في النظام السياسي انما المشكلة في عدم استكمال المنظومة الدستورية وضعف الأحزاب السياسية وعدم الانسجام بين نتائج الانتخابات وتركيبة الحكومة، وأزمة الثقة بين الأطراف السياسية والمناكفات وعدم الاستقرار الذي أدى الى كل هذا الضعف وليس النظام السياسي.

ومن حسن حظنا في تجربتين مع السبسي وسعيد لم نكن في نظام رئاسي، لأنه لو كنا في نظام رئاسي لكانت مشكلة ما سُمي بالخلافة والوراثة مع ابن السبسي أكبر، ولكان قيس سعيد بنزعته السلطوية الظاهرة الآن في وضعية تسمح له بالانفراد بالحكم لكانت النتائج كارثية.

هل تجد أن تونس جاهزة في هذا الوضع الراهن لنظام حكم برلماني؟

تونس مقارنة بالثورات العربية هي الوحيدة التي بقيت ضمن الخيار الديمقراطي، رغم كل الحملات لتي حدثت داخليا وخارجيا ضدّ المنظومة ما بعد الثورة وصمدت باجراء أربع انتخابات، والى الآن البرلمان بصفته رمز النظام الساسي الجديد ورمز التعددية السياسية مايزال صامدا رغم كل محاولات الارباك والصورة السيئة التي يريد البعض ارسائها من داخله، والى حدّ ندفع كلفة الديمقراطية وهي كلفة باهضة، وما أضعف الديمقراطية الاخفاق الاقتصادي والاجتماعي، فلو نجحت الحكومات في الاصلاحات الاقتصادية وفي رفع منسوب التنمية لأصبح المواطنون يمجّدون المنظمومة السياسية صباحا مساء، فكل الديمقراطيات الناجحة في العالم هي دول غنية.

ما هو موقفك من العنف الذي حصل في البرلمان الذي وصل الى حدّ العنف المادي؟

الأجواء المحتقنة في البرلمان حتى في الفترة النيابية السابقة واستمرّت أكثر في الفترة النيابية الحالية، أظهرت الكثير من مشاهد العنف المُدانة والمرفوضة، رأينا من استهداف محمد الناصر على المنصة سابقا، والكلام غير اللائق، الى العنف المُسلّط على الأغلبية من الأقلية حزب الدستوري الحر على غرار اعتلاء المنصة ومنع الكلمات وافتكاك كاميرا القناة الوطنية، لكن يبقى العنف المادي المباشر باللكم أو غيره هو أكبر مظهر للعنف المرفوض.

ماهي توقعاتك للمؤتمر القادم لحركة النهضة رقم 11 المؤجل بسبب كورونا وهل سيشهد خلافات جديدة؟

المؤتمر المُقرّر عقده نهاية هذا العام، ما يزال يحتمل الخلافات لأنه الى الآن لم تظهر ورقات المؤتمر المضمونية المتعلّقة بالانتقال القيادي أو الخيارات الجديدة أو التحالفات أو الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، تم تشكيل مكتب تنفيذي توافقي وتهدئة الجبهة الداخلية للنهضة لكن الخلافات لا تزال موجودة ولن يحسمها طبعا الا المؤتمر من خلال التصويت.

 ما مدى تأييدك للدعوات لانتخابات سابقة لأوانها؟

الانتخابات التشريعية أو الرئاسية المبكّرة هي فرضية دستورية الآن لا تتوفّر شروطها، اذ لا تكون الا بحل البرلمان الحالي بعد أن يشفل في التصويت لمرّتين للحكومة وهي حالة مُتعذّرة، ولا يوجد أي طرف يمكنه حل البرلمان الحالي لا رئيس الجمهورية ولا غيره ولا المتظاهرون في الشارع، اذ يُحلّ بآلية دستورية معروفة، وأيضا رئيس الجمهورية المُنتخب شرعيته قائمة، ولا أحد يستطيع أن يدعو الى انتخابات رئاسية الا طبقا للائحة لوم حسب الفصل 88، فالدعوة للانتخابات المُبكّرة مجرد اعلانات سياسية وليست فرضيات قابلة للاجراء، مع أنه قد يكون في وقت ما الانتخابات المُبكّرة اذا نضجت وتوفّرت شروطها الدستورية احدى الحلول للخروج من الوضع السياسي المأزقي.

درصاف اللموشي

    محمد القوماني لـ "الصباح نيوز".. الانتخابات المُبكّرة مجرّد اعلانات سياسية ولهذا نسعى للتوافق.. والنهضة لا تتهرّب من الحكم

 

اعتبر محمد القوماني النائب في مجلس نواب الشعب والقيادي في حركة النهضة في الحوار التالي لـ "الصباح نيوز" أن كل توافق يبقى هشّ لأنه لم يُبن على مصارحات حقيقية

 وحدّد دوافع سعي النهضة للتوافق سواء مع الترويكا أو السبسي أو حاليا مع الحزام الحكومي شارحا أسباب ميل النهضة الى نظام حكم برلماني، مُقرّا بوجود صعوبات حقيقية للتوافق مع رئيس الجمهورية وأن التوافق يقوم على الحلول الوسطى، وأن سعيد يريد حوارا على المقاس، مُبيّنا أن الاخفاق الأساسي في جائحة كورونا يتحمّله وزير الصحة والتقصير يشمل الحكومة وأن النهضة لم تتهرّب من الحكم مُشيرا الى أن النهضة لم تتهرّب من الحكم وأنه "من حسن حظنا مع سعيد والسبسي لم نكن في حكم رئاسي"، مُبرزا أن المؤتمر القادم لحركة النهضة يحتمل الخلافات بين المؤتمرين النهضاويين، لافتا الى أن العنف المادي في البرلمان يبقى أكبر مظهر للعنف المرفوض والمُدان، وأن الانتخابات المُبكّرة لا تتوفّر شروطها وهي مجرد اعلانات سياسية.

وفي ما يلي فحوى الحوار

ماهو سبب حرص حركة النهضة دائما على التوافق في كل مرّة؟

حرص النهضة على التوافق نابع من استحضار مقتضيات الانتقال الديمقراطي من مرحلة الاستبداد الى المرحلة الانتقالية، فالمرحلة الانتقالية تقتضي جمع ما أمكن من القوة لمواجهة المشاكل المستعصية واشراك أغلب الأطراف في التشخيص وايجاد الحلول والحرص على الوحدة الوطنية في ظل مخاطر الانقسام والمؤامرات الداخلية والخارجية.

على أن التوافق اقتضاه النظام الانتخابي الذي تم ارساؤه في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة واستمر في المجلس الوطني التأسيسي، ولا يزال معمول به الى الآن، وهو نظام انتخابي لا يسمح أن يفوز حزب بأغلبية تُمكّنه من الحكم بمفرده وهو نظام انتخابي يحرص على اشراك الطيف الواسع من خلال أكبر البقايا، نظام وُضع للمجلس الوطني التأسيسي لكنه استمر مع مجلس نيابي مستقرّ وهذا فيه تناقض، فالنهضة دائما تكون الأولى في الانتخابات لكنها ليست أغلبية.

اذن هل في هذا دعوة لتغيير النظام الانتخابي؟

نعم، وفي انتظار تغيير النظام الانتخابي وهو موضوع حوار في اللجنة البرلمانية المُختصّة، وفي انتظار التوافق عليه اذ ليس بالأمر السهل، لوجود جوانب عديدة هناك رغبة في تغييرها لكن لا توجد توافق الى حدّ في اتجاهها، ويبقى التوافق بمعنى التفاهم السياسي مدخل لمعالجة القضايا الظرفية بما فيها تزكية الحكومة أو تمرير مشاريع في البرلمان أو حتى التهدئة السياسية.

لكن التوافق لم يدم سواء في الترويكا أو أواخر عهد السبسي أو حتى الآن بوجود نوع من الارباك في العمل الحكومي؟

بكل صراحة، التوافق أتى بنتائج في مرحلة الترويكا أعطى امكانية لأغلبية حتى مرّت المرحلة، والتوافق بين الغنوشي والسبسي ومن خلاله بين النهضة والنداء أعطى استقرارا لأربع سنوات وفرصة لتجنب البلاد مسارات سيئة ذهبت فيها تجارب أخرى، لكن كل توافق يبقى هشّ لأنه الى حدّ الآن التوافقات لم تُبن على مصارحات حقيقية وعلى حوار فكري جذري حول مثلا الخلاف بين الدساترة والاسلاميين، فالتوافق الحقيقي هو التوافق الوطني حول اتفاق على تشخيص أهم معضلات البلاد والخيارات الكبرى في الداخل والخارج، ولم يقع الى الآن التوافق على مشروع وطني وهو المشكل الأكبر في تونس.

هل ترى أن التوافق صعب مع رئيس الجمهورية في ظل الأزمة الحالية وتفاقمها؟

أنا متأكد أن هناك رغبة في التفاهم مع رئيس الجمهورية لكن يوجد صعوبات حقيقية أهمها أن رئيس الجمهورية الى الآن يُكرّر في كل تصريحاته أنه يرفض الحلول الوسطى في حين أن التوافق يقوم على الحلول الوسطى، وهو متمسك برفضه للمنظومة السياسية والحزبية والانتخابية، ويرفض أيضا الحوار والعمل مع كتل نيابية هي حليفة لحركة النهضة، وهو حين يرفض مثلا قلب تونس وينعتهم باللصوص بطريقة غير مباشرة أو يرفض ائتلاف الكرامة ويريد أن يُقيم حوارا على المقاس وبالضرورة هذا يتناقض مع حركة النهضة، مع ذلك يبقى الحرص على منطقة وسطى مع الرئيس لأنه فاعل سياسي رئيسي بحكم موقعه في الدستور سيكون أمرا ايجابيا.

لكن العديد من قيادات النهضة نعتت قلب تونس قبل التحالف معه بالفساد؟

صحيح، وذلك خلال الحملة الانتخابية التشريعية، وتم تبادل اتهامات وتراشق بين النهضة وقلب تونس، على أن قلب تونس صرّح أيضا أثناء الحملة أنه ضدّ التحالف مع النهضة ويعمل على مشروع مضاد لها، لكن تلك أجواء الانتخابات التي تسود فيها بعض الشعارات الشعبوية نوعا ما، لكن بعد ذلك اتفق الطرفان منذ أول جلسة في البرلمان، واستمر هذا التفاهم واستمر وصمد الى الآن خلال دورتين نيابيتين، واستطاع أن يضفي نوع من الاستقرار في البرلمان ويضمن تمرير عديد القوانين وحتى تشكيل حكومات وتعديل قوانين، وهو توافق ناجح.

هل ترى أن الحكومة لم تحسن التعامل مع جائحة كورونا؟

تماما، أقدرّ أن الحكومة الى الآن أداؤها أقل من المطلوب لمكافحة وباء كورونا التي اشتدت ضراوة مع المتحوّرات الجديدة، وأعتقد أن الاخفاق الأساسي يتحمل وزير الصحة وأتته العديد من الانتقادات من الهيئة العلمية ومن زملائه في الاختصاص، وهو لا يبدو على انسجام مع رئيس الحكومة، على أن وزير الصحة تمت اقالته عمليا خلال التحوير الوزاري لكن وقع الابقاء عليه لضرورات عملية، لكن التقصير ليس منه فقط ويشمل سياسة الحكومات من الفخفاخ الى الآن أخطأت في التعامل مع موضوع التلاقيح، حيث تم العمل أكثر على منظومة الوقاية واغفال مسارات جلب التلاقيح، ومجلس النواب لم يصادق على الاتفاقية الدولية على حماية الجهات المُصنّعة للتلاقيح الا في شهر جانفي ولم تدخل تونس منظومة "كوفاكس" التابعة لمنظمة الصحة العالمية رسميا الا بعد جانفي، وهو ما جعلنا نواجه السلالات المتحورة التي علاجها الرئيسي توسيع التلاقيح وبالتالي المعالجات الجزئية من خلال التوعية بالبروتوكول او الحجر الجزئي ستبقى معالجات دون المطلوب، والحل الجذري في جلب التلاقيح.

ألا يُعتبر سعي النهضة المُستمرّ للتوافق تهرّبا منها الحكم ومن تحمل المسؤولية؟  

هذا غير صحيح، لأن النهضة بعد انتخابات 2019، دعت الى حكومة سياسية تترأسها هي، لكن تم رفض أن يكون رئيس الحكوم من النهضة، وحكومة الجملي على نواقصها تم اسقاطها في البرلمان، فالنهضة لا تتهرّب من الحكم، لكنها تعلم أنها لا تستطيع أن تحكم بمفردها لأن الناخبين لم يعطوها الأغلبية بل تحصلّت على المرتبة الأولى فقط وهي أقل من ربع البرلمان، ولو كانت تتهرّب من الحكم لما دخلت فيه وهي مشاركة في جميع الحكومات، وحتى ان لم تشارك في حكومة المشيشي فهي أكبر حزب عبّر عن دعمه لها ويعمل على تقويتها.

لماذا تميل النهضة الى نظام برلماني في صورة تغيير النظام السياسي؟

فعلا، النهضة تميل الى النظام البرلماني الكامل أو المُعدّل، وتعتبر أن تجربة تونس مع الأنظمة الرئاسوية تجربة سيئة، وتعتقد أن توزيع السلطة مركزيا مثل توزيعها أفقيا من خلال اللا مركزية والحكم المحلي هي من الخيارات المتساوقة مع الثورة، والخطأ ليس في النظام السياسي انما المشكلة في عدم استكمال المنظومة الدستورية وضعف الأحزاب السياسية وعدم الانسجام بين نتائج الانتخابات وتركيبة الحكومة، وأزمة الثقة بين الأطراف السياسية والمناكفات وعدم الاستقرار الذي أدى الى كل هذا الضعف وليس النظام السياسي.

ومن حسن حظنا في تجربتين مع السبسي وسعيد لم نكن في نظام رئاسي، لأنه لو كنا في نظام رئاسي لكانت مشكلة ما سُمي بالخلافة والوراثة مع ابن السبسي أكبر، ولكان قيس سعيد بنزعته السلطوية الظاهرة الآن في وضعية تسمح له بالانفراد بالحكم لكانت النتائج كارثية.

هل تجد أن تونس جاهزة في هذا الوضع الراهن لنظام حكم برلماني؟

تونس مقارنة بالثورات العربية هي الوحيدة التي بقيت ضمن الخيار الديمقراطي، رغم كل الحملات لتي حدثت داخليا وخارجيا ضدّ المنظومة ما بعد الثورة وصمدت باجراء أربع انتخابات، والى الآن البرلمان بصفته رمز النظام الساسي الجديد ورمز التعددية السياسية مايزال صامدا رغم كل محاولات الارباك والصورة السيئة التي يريد البعض ارسائها من داخله، والى حدّ ندفع كلفة الديمقراطية وهي كلفة باهضة، وما أضعف الديمقراطية الاخفاق الاقتصادي والاجتماعي، فلو نجحت الحكومات في الاصلاحات الاقتصادية وفي رفع منسوب التنمية لأصبح المواطنون يمجّدون المنظمومة السياسية صباحا مساء، فكل الديمقراطيات الناجحة في العالم هي دول غنية.

ما هو موقفك من العنف الذي حصل في البرلمان الذي وصل الى حدّ العنف المادي؟

الأجواء المحتقنة في البرلمان حتى في الفترة النيابية السابقة واستمرّت أكثر في الفترة النيابية الحالية، أظهرت الكثير من مشاهد العنف المُدانة والمرفوضة، رأينا من استهداف محمد الناصر على المنصة سابقا، والكلام غير اللائق، الى العنف المُسلّط على الأغلبية من الأقلية حزب الدستوري الحر على غرار اعتلاء المنصة ومنع الكلمات وافتكاك كاميرا القناة الوطنية، لكن يبقى العنف المادي المباشر باللكم أو غيره هو أكبر مظهر للعنف المرفوض.

ماهي توقعاتك للمؤتمر القادم لحركة النهضة رقم 11 المؤجل بسبب كورونا وهل سيشهد خلافات جديدة؟

المؤتمر المُقرّر عقده نهاية هذا العام، ما يزال يحتمل الخلافات لأنه الى الآن لم تظهر ورقات المؤتمر المضمونية المتعلّقة بالانتقال القيادي أو الخيارات الجديدة أو التحالفات أو الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، تم تشكيل مكتب تنفيذي توافقي وتهدئة الجبهة الداخلية للنهضة لكن الخلافات لا تزال موجودة ولن يحسمها طبعا الا المؤتمر من خلال التصويت.

 ما مدى تأييدك للدعوات لانتخابات سابقة لأوانها؟

الانتخابات التشريعية أو الرئاسية المبكّرة هي فرضية دستورية الآن لا تتوفّر شروطها، اذ لا تكون الا بحل البرلمان الحالي بعد أن يشفل في التصويت لمرّتين للحكومة وهي حالة مُتعذّرة، ولا يوجد أي طرف يمكنه حل البرلمان الحالي لا رئيس الجمهورية ولا غيره ولا المتظاهرون في الشارع، اذ يُحلّ بآلية دستورية معروفة، وأيضا رئيس الجمهورية المُنتخب شرعيته قائمة، ولا أحد يستطيع أن يدعو الى انتخابات رئاسية الا طبقا للائحة لوم حسب الفصل 88، فالدعوة للانتخابات المُبكّرة مجرد اعلانات سياسية وليست فرضيات قابلة للاجراء، مع أنه قد يكون في وقت ما الانتخابات المُبكّرة اذا نضجت وتوفّرت شروطها الدستورية احدى الحلول للخروج من الوضع السياسي المأزقي.

درصاف اللموشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews