أنهى رئيس الجمهورية قيس سعيد، كل ما قيل من تخمينات وتصريحات وتأويلات بشأن من توسط في هذا » اللقاء « الذي وُصف بـ » الإيجابي « والذي جمعه برئيس البرلمان راشد الغنوشي، أكد رئيس الجمهورية ، في حديثه الى الأمين العام لحركة الشعب، بقوله أن »لا هناك وساطة ولا وسيط ولا هناك حلول وسطى « .. وذلك خلال لقاء جمعهما مساء أول أمس، وذلك عقب نشر مقطع فيديو لراشد الغنوشي، في حوار له مع عدد من قيادات وشباب حركة النهضة في الخارج، قال فيه إنه "كان سيخرج في الإعلام يوم الأربعاء المنقضي للحديث عن أخطاء رئيس الجمهورية في تعطيل التحوير الوزاري وقانون المحكمة الدستورية". وتابع أنه "عدل عن ذلك عندما عرضت عليه فكرة اللقاء" مشيرا الى أنهم بصدد »البحث «عما وصفه بـ»الوفاقات «.
واذا كان قيس سعيد في لقائه الأخير أعاد الأزمة إلى المربع الأول، مفنّدا صحة ما قيل حول اذابة الجليد بينه وبين رئيس البرلمان او حول تنازله وقبوله بالحوار، حيث تحدث في ذلك اللقاء على أن مشكلته ليست مع الأشخاص ولكن مع المنظومة القائمة التي قال انها ما زالت تُنكل بالتونسيين.. كما تحدث على كون هناك أشخاص مكانهم اليوم السجن لأنهم عبثوا بما وصفه بمقدرات الشعب، مذكرا أن من يسرق أصبح مدّعيا رغم وجود تقارير تدينه وان المتضرر بات اليوم ملاحقا، في تلميح صريح لقضية نبيل القروي، وهو ما يعيد الازمة الى نقطة الصفر، حيث أن رئيس الجمهورية ينظر الى بعض الأطراف السياسية اليوم كفاسدين لا يجب الحوار معهم، وهو ما يعني ضمنيا انه لن يقبل بالحوار مع قلب تونس كما تريد ذلك حركة النهضة، وانه ما يزال يتمسك بشروط الحوار الأولى..
وفي مقابل ذلك، بدأت الأحزاب تناقش وتقترح تصوراتها للحوار الوطني خاصة في علاقة بحكومة مشيشي، حيث تكاد كل الأطراف بما في ذلك الحزام السياسي الداعم لها تجمع على فشلها وبدأ بعضها ولو سرا يفكر في من سيخلفها، ولكن تختلف التصورات بشأن من سيخلف هشام مشيشي، وإذا كانت أحزاب الحزام السياسي او أحزاب الوسادة تبحث لها عن موقع في الحكومة القادمة التي تريدها سياسية وعن حصتها من الحكومة الجديدة، فان أحزاب المعارضة بعضها يعارض الفكرة من الأساس ولا يهتم الى كل التطورات الحاصلة، والبعض الآخر يبدي استعدادا للحوار والمشاركة بشان ذلك لكن دون الالتزام بشروط تفرضها النهضة منذ البداية.
الأزمة لم تغادر مربع الصفر
بعد الحديث بإسهاب خلال اليومين الماضيين، على أن اللقاء بين سعيد والغنوشي كان إيجابيا، وبداية لإذابة الجليد بين الرجلين، كما اعتبره البعض بداية حقيقية للحوار الوطني، عاد حديث قيس سعيد مع أمين العام لحركة الشعب ليؤكد أن الأزمة لم تغادر بعد المربع الأول.
حيث اعتبر قيس سعيد انه يجب الاتفاق أولا على مسائل تتعلق بحقوق الشعب التونسي وان »القضية اليوم في تونس هي قضية اقتصادية واجتماعية، ولكن تم الانحراف بهذا المسار الاقتصادي والاجتماعي منذ 14 جانفي فأصبحت القضية قضية هوية ودين وصوم « مؤكدا أن : »تونس ذات نظامين، نظام خفي يتحكم في البلاد، ونظام ظاهر « دون ان يوضح ماذا يقصد بالنظام الظاهر ..كما أشار سعيد قائلا: »أنا لا أسعى لتصفية حسابات بالرغم من أن هناك أشخاصا مكانهم السجن لأنهم عبثوا بمقدرات الشعب التونسي « . كما تساءل سعيد ،قائلا : » تمّ الاتفاق حول حوار، السؤال المطروح على ماذا سنتحاور؟ « . دون أن يشرح أكثر كما اعتبر أن الدستور الحالي »قائم على التعطيل، أنا أعطلك وأنت تعطلني، ونحن غير مستعدين أن نجعل حق الشعب التونسي محل مقايضة أو مساومة « لافتا إلى أن »من يريد أن يتحدث عن الحوار الوطني فإن القضايا والحلول واضحة، المشكلة في الخيارات الوطنية، والخيارات النابعة من إرادة الشعب التونسي « وهذه الكلمة لسعيد التي حمّلها كالعادة برسائل ضمنية تؤكد مرة أخرى ان سعيد يتمسك بمواقفه الأولى في علاقة بالحوار الوطني ويرفض التوافق بالصيغة التي تطرحها حركة النهضة.
سياسية الأيادي الممدودة..
أصدر أمس مكتب رئيس حركة النهضة بلاغا توضيحيا على خلفية، ما وصفه، بالتعاليق المتداولة حول مقتطف من حوار داخلي لرئيس الحركة راشد الغنوشي مع عدد من قيادات وشباب حركة النهضة في الخارج.
وشدد البلاغ على أن الغنوشي لم يذكر أن إلغاء حواره مع احدى القنوات التلفزية الوطنية جاء بطلب من رئيس الجمهورية، أو أي جهة أخرى، فقد كان قراره الشخصي، وقد اتخذه بناء على تقييم الوضع بعد انفتاح آفاق الحوار للخروج من الازمة السياسية الراهنة. كما أدان بشدة ما اعتبرها كل المحاولات لتحريف كلام الغنوشي او تحميله ما لا يحتمل، وقال البلاغ أن البيان جاء في سياق »تثمين الحوار وسياسة الأيادي الممدودة «..
وسياسية الأيادي الممدودة هذه التي شدد عليها البلاغ وأكد رئيس كتلة حركة النهضة ونائب رئيسها، نور الدين البحيري، الذي أكد أن النهضة ما تزال تحسن الظن برئيس الجمهورية وهي تمد له يدها للحوار، قائلا أنّ حزب حركة النّهضة يدعم الحوار ويدعو مرارا وتكرارا من أجله، قائلا:"نحن مع الحوار بين مؤسسات الدولة والتعاون والانسجام بينها وماناش مرتاحين ومتألمين أنو مؤسسات الدولة تعيش الصّراع هذا" وفق تعبيره... وفي المقابل فان النهضة التي تتمتع بأغلبية برلمانية ستعقد مع حلفائها في البرلمان جلسة عامة للتداول في مسألة عدم ختم رئيس الجمهورية لقانون المحكمة الدستورية.
وهذه الجلسة يمكن أن تؤجج الأزمة السياسية بين رئيس الجمهورية والبرلمان وخاصة حركة النهضة وأحزاب الحزام البرلماني، والتي طالما اتهمت سعيد بأنه يعطل سير دواليب الدولة.
ولكن آلية التعطيل التي يستعملها قيس سعيد ضمن صلاحياته الدستورية، يرى البعض أنها سياسية واعية من رئيس الجمهورية للنيل من خصومه وخاصة حركة النهضة..
ويبقى بذلك الوضع السياسي مستقرا في حالة التعفن رغم محاولات الأيام الأخيرة من بعض الشخصيات لإذابة الجليد بين سعيد والغنوشي.
صراعات ومحاصصات..
قبل الحسم حتى في مصير حكومة مشيشي، انطلقت بعض القيادات السياسية والأحزاب في الحديث عمن سيخلف حكومة هشام مشيشي، وطرحت حركة النهضة فكرة الحكومة السياسية ولكن مع الإبقاء على هشام مشيشي، وهي الفكرة التي ترفضها عدة أحزاب برلمانية، ومنها حزب تحيا تونس حيث أكد وليد جلاد أنه "لا بد من برنامج واضح" وانهم ضد حكومة محاصصة حزبية ،وأن حزبه مع حكومة سياسية ولكن ليس بشروط حركة النهضة، في حين قال زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب، إن "النهضة مازالت تناور وتبحث عن إعادة انتشار وتقاسم للسلطة، وما عليها إلا الاختيار بين تشكيل حكومة سياسية تتحمل مسؤولية نتائجها وحدها أو الذهاب إلى حوار تحت إشراف رئاسة الجمهورية مشروط برحيل الحكومة الحالية ومحاسبتها "، مشيرا الى أن حركة الشعب ترفض الجلوس على طاولة الحوار من أجل تقاسم السلطة وأنه في حال غياب الحوار الحقيقي على السياسيين في تونس اتخاذ قرار شجاع بالذهاب لانتخابات مبكرة تعتبر مغامرة غير محسوبة في ظل ظروف البلاد الراهنة، وفق تعبيره.
في حين اعتبر النائب عن الحزب الدستوري الحر، مجدي بوذينة، أن الحوار هو ضرب من احياء العظام وهي رميم وانه إعادة تدوير لمنظومة الحكم الفاشلة في البلاد وذلك في تصريح لموقع "سكاي نيوز"، في المقابل أكد القيادي في حزب قلب تونس فؤاد ثامر أن الحديث عن حكومة سياسية يرأسها مشيشي أو غيره ليست مطروحة بالنسبة لحزبه في الوقت الراهن، مشددا على أن حزبه لازال متمسكا بحكومة مشيشي وضرورة استكمال ترتيبات التحوير الوزاري الأخير وتولي الوزراء الجدد مهامهم صلب هذه الحكومة. كما أشار فؤاد ثامر أن حزبه قلب تونس ضد مبادرة حكومة سياسية، وضد وضع أي شروط مسبقة على انطلاق الحوار، وضد تغيير حكومة مشيشي بأي ثمن كان قبل استكمال ترتيبات تولي الوزراء الجدد المعينين في التحوير الوزاري الأخير مهامهم.
وشدد ثامر على أن وضع شروط مسبقة للحوار الوطني على غرار مبادرة رئيس حركة النهضة التي من بين بنودها "حكومة سياسية يرأسها المشيشي" هي رسالة واضحة لإفشال الحوار، مشيرا إلى أن القرار النهائي بخصوص شكل الحكومة وطريقة حل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد اليوم تبقى من مشمولات مخرجات الحوار الوطني.
النهضة والبحث عن البقاء في المعادلة..
تناور حركة النهضة بكل قوة وبكل ما تملك من دهاء سياسي، حتى لا تخرج منهزمة في معركتها مع قيس سيعد، كما تحاول بشتى الطرق ان تبقى في قلب المعادلة السياسية حتى بعد رحيل هشام مشيشي الذي تتمسك به بقوة ولكن اغلب المتابعين للشأن العام، يؤكدون أن تمسك النهضة بمشيشي ليس من منطلق مبدئي ولكن لأنه اليوم يعتبر الورقة الرابحة في يدها والتي يمكن ان تحرج بها رئيس الجمهورية كما يمكنها من خلالها اجبار سعيد على التنازل والقبول بـ"الوفاق" معها وهو المصطلح الجديد الذي باتت الحركة تستعمله عوضت عن مصطلح "التوافق".. ورغم تأكيدات حركة النهضة على لسان المستشار الخاص لرئيسها راشد الغنوشي، سامي الطريقي، بأن حزبهم لا يخشى الذهاب إلى الانتخابات إذا فشلت الحلول الدستورية، إلا أن ذلك لا يعني أنه ليس لحركة النهضة مخاوف حقيقية من الذهاب الى انتخابات مبكرة ، خاصة وانها غير ضامنة الفوز بوجود خصمها المباشر الحزب الدستوري الحر الذي يحاصرها شعبيا وميدانيا.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
أنهى رئيس الجمهورية قيس سعيد، كل ما قيل من تخمينات وتصريحات وتأويلات بشأن من توسط في هذا » اللقاء « الذي وُصف بـ » الإيجابي « والذي جمعه برئيس البرلمان راشد الغنوشي، أكد رئيس الجمهورية ، في حديثه الى الأمين العام لحركة الشعب، بقوله أن »لا هناك وساطة ولا وسيط ولا هناك حلول وسطى « .. وذلك خلال لقاء جمعهما مساء أول أمس، وذلك عقب نشر مقطع فيديو لراشد الغنوشي، في حوار له مع عدد من قيادات وشباب حركة النهضة في الخارج، قال فيه إنه "كان سيخرج في الإعلام يوم الأربعاء المنقضي للحديث عن أخطاء رئيس الجمهورية في تعطيل التحوير الوزاري وقانون المحكمة الدستورية". وتابع أنه "عدل عن ذلك عندما عرضت عليه فكرة اللقاء" مشيرا الى أنهم بصدد »البحث «عما وصفه بـ»الوفاقات «.
واذا كان قيس سعيد في لقائه الأخير أعاد الأزمة إلى المربع الأول، مفنّدا صحة ما قيل حول اذابة الجليد بينه وبين رئيس البرلمان او حول تنازله وقبوله بالحوار، حيث تحدث في ذلك اللقاء على أن مشكلته ليست مع الأشخاص ولكن مع المنظومة القائمة التي قال انها ما زالت تُنكل بالتونسيين.. كما تحدث على كون هناك أشخاص مكانهم اليوم السجن لأنهم عبثوا بما وصفه بمقدرات الشعب، مذكرا أن من يسرق أصبح مدّعيا رغم وجود تقارير تدينه وان المتضرر بات اليوم ملاحقا، في تلميح صريح لقضية نبيل القروي، وهو ما يعيد الازمة الى نقطة الصفر، حيث أن رئيس الجمهورية ينظر الى بعض الأطراف السياسية اليوم كفاسدين لا يجب الحوار معهم، وهو ما يعني ضمنيا انه لن يقبل بالحوار مع قلب تونس كما تريد ذلك حركة النهضة، وانه ما يزال يتمسك بشروط الحوار الأولى..
وفي مقابل ذلك، بدأت الأحزاب تناقش وتقترح تصوراتها للحوار الوطني خاصة في علاقة بحكومة مشيشي، حيث تكاد كل الأطراف بما في ذلك الحزام السياسي الداعم لها تجمع على فشلها وبدأ بعضها ولو سرا يفكر في من سيخلفها، ولكن تختلف التصورات بشأن من سيخلف هشام مشيشي، وإذا كانت أحزاب الحزام السياسي او أحزاب الوسادة تبحث لها عن موقع في الحكومة القادمة التي تريدها سياسية وعن حصتها من الحكومة الجديدة، فان أحزاب المعارضة بعضها يعارض الفكرة من الأساس ولا يهتم الى كل التطورات الحاصلة، والبعض الآخر يبدي استعدادا للحوار والمشاركة بشان ذلك لكن دون الالتزام بشروط تفرضها النهضة منذ البداية.
الأزمة لم تغادر مربع الصفر
بعد الحديث بإسهاب خلال اليومين الماضيين، على أن اللقاء بين سعيد والغنوشي كان إيجابيا، وبداية لإذابة الجليد بين الرجلين، كما اعتبره البعض بداية حقيقية للحوار الوطني، عاد حديث قيس سعيد مع أمين العام لحركة الشعب ليؤكد أن الأزمة لم تغادر بعد المربع الأول.
حيث اعتبر قيس سعيد انه يجب الاتفاق أولا على مسائل تتعلق بحقوق الشعب التونسي وان »القضية اليوم في تونس هي قضية اقتصادية واجتماعية، ولكن تم الانحراف بهذا المسار الاقتصادي والاجتماعي منذ 14 جانفي فأصبحت القضية قضية هوية ودين وصوم « مؤكدا أن : »تونس ذات نظامين، نظام خفي يتحكم في البلاد، ونظام ظاهر « دون ان يوضح ماذا يقصد بالنظام الظاهر ..كما أشار سعيد قائلا: »أنا لا أسعى لتصفية حسابات بالرغم من أن هناك أشخاصا مكانهم السجن لأنهم عبثوا بمقدرات الشعب التونسي « . كما تساءل سعيد ،قائلا : » تمّ الاتفاق حول حوار، السؤال المطروح على ماذا سنتحاور؟ « . دون أن يشرح أكثر كما اعتبر أن الدستور الحالي »قائم على التعطيل، أنا أعطلك وأنت تعطلني، ونحن غير مستعدين أن نجعل حق الشعب التونسي محل مقايضة أو مساومة « لافتا إلى أن »من يريد أن يتحدث عن الحوار الوطني فإن القضايا والحلول واضحة، المشكلة في الخيارات الوطنية، والخيارات النابعة من إرادة الشعب التونسي « وهذه الكلمة لسعيد التي حمّلها كالعادة برسائل ضمنية تؤكد مرة أخرى ان سعيد يتمسك بمواقفه الأولى في علاقة بالحوار الوطني ويرفض التوافق بالصيغة التي تطرحها حركة النهضة.
سياسية الأيادي الممدودة..
أصدر أمس مكتب رئيس حركة النهضة بلاغا توضيحيا على خلفية، ما وصفه، بالتعاليق المتداولة حول مقتطف من حوار داخلي لرئيس الحركة راشد الغنوشي مع عدد من قيادات وشباب حركة النهضة في الخارج.
وشدد البلاغ على أن الغنوشي لم يذكر أن إلغاء حواره مع احدى القنوات التلفزية الوطنية جاء بطلب من رئيس الجمهورية، أو أي جهة أخرى، فقد كان قراره الشخصي، وقد اتخذه بناء على تقييم الوضع بعد انفتاح آفاق الحوار للخروج من الازمة السياسية الراهنة. كما أدان بشدة ما اعتبرها كل المحاولات لتحريف كلام الغنوشي او تحميله ما لا يحتمل، وقال البلاغ أن البيان جاء في سياق »تثمين الحوار وسياسة الأيادي الممدودة «..
وسياسية الأيادي الممدودة هذه التي شدد عليها البلاغ وأكد رئيس كتلة حركة النهضة ونائب رئيسها، نور الدين البحيري، الذي أكد أن النهضة ما تزال تحسن الظن برئيس الجمهورية وهي تمد له يدها للحوار، قائلا أنّ حزب حركة النّهضة يدعم الحوار ويدعو مرارا وتكرارا من أجله، قائلا:"نحن مع الحوار بين مؤسسات الدولة والتعاون والانسجام بينها وماناش مرتاحين ومتألمين أنو مؤسسات الدولة تعيش الصّراع هذا" وفق تعبيره... وفي المقابل فان النهضة التي تتمتع بأغلبية برلمانية ستعقد مع حلفائها في البرلمان جلسة عامة للتداول في مسألة عدم ختم رئيس الجمهورية لقانون المحكمة الدستورية.
وهذه الجلسة يمكن أن تؤجج الأزمة السياسية بين رئيس الجمهورية والبرلمان وخاصة حركة النهضة وأحزاب الحزام البرلماني، والتي طالما اتهمت سعيد بأنه يعطل سير دواليب الدولة.
ولكن آلية التعطيل التي يستعملها قيس سعيد ضمن صلاحياته الدستورية، يرى البعض أنها سياسية واعية من رئيس الجمهورية للنيل من خصومه وخاصة حركة النهضة..
ويبقى بذلك الوضع السياسي مستقرا في حالة التعفن رغم محاولات الأيام الأخيرة من بعض الشخصيات لإذابة الجليد بين سعيد والغنوشي.
صراعات ومحاصصات..
قبل الحسم حتى في مصير حكومة مشيشي، انطلقت بعض القيادات السياسية والأحزاب في الحديث عمن سيخلف حكومة هشام مشيشي، وطرحت حركة النهضة فكرة الحكومة السياسية ولكن مع الإبقاء على هشام مشيشي، وهي الفكرة التي ترفضها عدة أحزاب برلمانية، ومنها حزب تحيا تونس حيث أكد وليد جلاد أنه "لا بد من برنامج واضح" وانهم ضد حكومة محاصصة حزبية ،وأن حزبه مع حكومة سياسية ولكن ليس بشروط حركة النهضة، في حين قال زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب، إن "النهضة مازالت تناور وتبحث عن إعادة انتشار وتقاسم للسلطة، وما عليها إلا الاختيار بين تشكيل حكومة سياسية تتحمل مسؤولية نتائجها وحدها أو الذهاب إلى حوار تحت إشراف رئاسة الجمهورية مشروط برحيل الحكومة الحالية ومحاسبتها "، مشيرا الى أن حركة الشعب ترفض الجلوس على طاولة الحوار من أجل تقاسم السلطة وأنه في حال غياب الحوار الحقيقي على السياسيين في تونس اتخاذ قرار شجاع بالذهاب لانتخابات مبكرة تعتبر مغامرة غير محسوبة في ظل ظروف البلاد الراهنة، وفق تعبيره.
في حين اعتبر النائب عن الحزب الدستوري الحر، مجدي بوذينة، أن الحوار هو ضرب من احياء العظام وهي رميم وانه إعادة تدوير لمنظومة الحكم الفاشلة في البلاد وذلك في تصريح لموقع "سكاي نيوز"، في المقابل أكد القيادي في حزب قلب تونس فؤاد ثامر أن الحديث عن حكومة سياسية يرأسها مشيشي أو غيره ليست مطروحة بالنسبة لحزبه في الوقت الراهن، مشددا على أن حزبه لازال متمسكا بحكومة مشيشي وضرورة استكمال ترتيبات التحوير الوزاري الأخير وتولي الوزراء الجدد مهامهم صلب هذه الحكومة. كما أشار فؤاد ثامر أن حزبه قلب تونس ضد مبادرة حكومة سياسية، وضد وضع أي شروط مسبقة على انطلاق الحوار، وضد تغيير حكومة مشيشي بأي ثمن كان قبل استكمال ترتيبات تولي الوزراء الجدد المعينين في التحوير الوزاري الأخير مهامهم.
وشدد ثامر على أن وضع شروط مسبقة للحوار الوطني على غرار مبادرة رئيس حركة النهضة التي من بين بنودها "حكومة سياسية يرأسها المشيشي" هي رسالة واضحة لإفشال الحوار، مشيرا إلى أن القرار النهائي بخصوص شكل الحكومة وطريقة حل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد اليوم تبقى من مشمولات مخرجات الحوار الوطني.
النهضة والبحث عن البقاء في المعادلة..
تناور حركة النهضة بكل قوة وبكل ما تملك من دهاء سياسي، حتى لا تخرج منهزمة في معركتها مع قيس سيعد، كما تحاول بشتى الطرق ان تبقى في قلب المعادلة السياسية حتى بعد رحيل هشام مشيشي الذي تتمسك به بقوة ولكن اغلب المتابعين للشأن العام، يؤكدون أن تمسك النهضة بمشيشي ليس من منطلق مبدئي ولكن لأنه اليوم يعتبر الورقة الرابحة في يدها والتي يمكن ان تحرج بها رئيس الجمهورية كما يمكنها من خلالها اجبار سعيد على التنازل والقبول بـ"الوفاق" معها وهو المصطلح الجديد الذي باتت الحركة تستعمله عوضت عن مصطلح "التوافق".. ورغم تأكيدات حركة النهضة على لسان المستشار الخاص لرئيسها راشد الغنوشي، سامي الطريقي، بأن حزبهم لا يخشى الذهاب إلى الانتخابات إذا فشلت الحلول الدستورية، إلا أن ذلك لا يعني أنه ليس لحركة النهضة مخاوف حقيقية من الذهاب الى انتخابات مبكرة ، خاصة وانها غير ضامنة الفوز بوجود خصمها المباشر الحزب الدستوري الحر الذي يحاصرها شعبيا وميدانيا.